أسدل إعلان مجموعة "ديدي" الصينية من بورصة نيويورك، الستار على العلاقة الودية بين وول ستريت ومجموعات التكنولوجيا الصينية.ويرى خبراء أن انسحاب "ديدي" هو بداية لتخارجات جديدة قادمة لجميع الشركات الصينية في وول ستريت، والتي تقدر قيمتها السوقية بنحو 2.1 تريليون دولار.وتأتي خطوة "ديدي" غداة حملة واسعة نفّذتها الهيئة الناظمة الصينية قصقصت فيها أجنحة كبرى شركات الإنترنت الأكثر تأثيرا على المستهلكين، بما في ذلك "علي بابا" و"تنسنت".وبعد إعلان الجمعة، تراجعت أسهم الشركات الصينية لتجارة التجزئة على الإنترنت التي يتم تداول أسهمها في بورصة نيويورك مثل "علي بابا" و"جي دي دوت كوم JD.com" و"بنديوديو"، بشكل كبير.الخوف القادموتراجعت أسهم "علي بابا" -- التي دفع وصولها إلى وول ستريت عام 2014 العديد من الشركات الصينية لإدراج أسهمها في نيويورك -- إلى أدنى مستوى لها منذ 5 سنوات فيما سرت شائعات بأن "علي بابا" قد تترك بورصة نيويورك بعد "ديدي".وعمليا، يمكن لحملة أسهم "ديدي تشوتشينغ" في بورصة نيويورك الاحتفاظ بالأسهم حتى بعد انتقالها إلى هونج كونج، وبالتالي لن تختفي استثماراتهم بكل بساطة.وقال مدير المحافظ المالية لدى EMQQ كيفن كارتر إن "الناس يشعرون بخوف شديد من القواعد (الجديدة) والحكومة الصينية.. وأثّر ذلك حقا على ثقة (المستثمرين). الناس يشعرون بالخوف".في الأثناء، أعلنت الهيئات الناظمة لأسواق المال في الولايات المتحدة الخميس تبني قاعدة تسمح بشطب الشركات الأجنبية من البورصة حال فشلها في تقديم البيانات إلى مراجعي الحسابات.وتستهدف الخطوة بشكل أساسي الشركات الصينية وتتطلب منها كشف إن كانت "مملوكة أو خاضعة لسيطرة" الحكومة.وأفاد رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية غاري غنسلر أنه "بينما بذلت أكثر من 50 منطقة اختصاص قضائي جهودا.. للسماح لعمليات التفتيش المطلوبة، فإن منطقتين هما هونج كونج والصين لم تقوما بذلك على مدار تاريخهما"."بيانات حساسة"وانتقدت "ذي غلوبال تايمز"، الصحيفة المقرّبة من الحزب الشيوعي الصيني، القانون الأمريكي الجديد في مقال رأي الجمعة.وأفادت في المقال الذي نُشر من دون توقيع "إذا فرضت الولايات المتحدة شروطا غير متساوية على الأمن القومي في إطار المنافسة بين البلدين عبر مطالبة الشركات الصينية المدرجة تسليم المراجعات الحسابية للتدقيق فيها من أجل التجسس على الوضع الداخلي الصيني وتخزين كميات ضخمة من البيانات الحساسة الموجود بحوزة الشركات الصينية، فلن تقبل الصين بذلك".ويذكر أن معظم هذه الأسهم المدرجة في بورصة نيويورك مملوكة من قبل مؤسسات لا مواطنين.وأفاد رئيس مجموعة "ميسخارت" للخدمات المالية غريغوري فولوكين "يمكن أن تكون لدى بعض الصناديق أسهما يجري تداولها فقط في الأسواق الأمريكية". وأضاف "هذا ما يضغط على الأسهم"."ديدي" مجرد بدايةوبالنسبة للعديد من مراقبي الأسواق، لن تكون "ديدي" آخر مجموعة صينية عملاقة تغادر بورصة نيويورك.وقال فولوكين "الأمر لا يقتصر على ديدي إذ أننا شاهدنا على مدى شهور الحزب الشيوعي يعزز قبضته على الشركات".وبعد وقت قصير من طرح "ديدي" أسهمها في نيويورك، أجرت هيئة رقابة الأمن الإلكتروني الصينية تحقيقا بشأن منصة الحجوزات "فول تراك ألاينس" وموقع "كانجون" للبحث عن الوظائف.كما شددت الحكومة الصينية القواعد بالنسبة للشركات التي توفر خدمة تعليم خاص للعائلات. وأحدث الأمر أضرارا للشركات المدرجة في نيويورك.انسحاب 2 تريليون دولاروتفيد أرقام حكومية أمريكية تعود إلى مايو أيار بأن هناك 248 شركة صينية مدرجة في الولايات المتحدة، يبلغ مجموع قيمتها السوقية 2,1 تريليون دولار.وأفاد خبير الاستراتيجيات لدى "رينسانس كابيتال" ماثيو كينيدي "بعد بداية نشطة للعام، توقفت معظم الشركات الصينية عن دخول أسواق المال الأمريكية منذ يونيو حزيران ، نظرا للعقبات التنظيمية والسياسية في البلدين".وهذا الأسبوع، تراجعت الشركة الصينية الكبيرة للتدريس عبر الإنترنت "سبارك إدوكيشن" عن خطتها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة.وقال فولوكين "بالطريقة التي تبدو فيها الأمور، يمكن القول إنه لن تكون هناك عمليات اكتتاب عام صينية فيما سيتم سحب تلك المنتظرة واحدة تلو الأخرى". وتفيد "رينسانس كابيتال" بوجود 35 شركة تنتظر دورها في الاكتتاب العام.وعبر مغادرتها السوق الأمريكي، تتخلى الشركات الصينية عن قاعدة استثمارية لا مثيل لها في العالم، بوجود 52,5 تريليون دولار كأصول تجري إدارتها، مقارنة بـ7,1 تريليون دولار في الصين، وفق دراسة أجرتها شركة "ماكينزي آند كومباني" الاستشارية.وذكر كارتر أن هذا الضغط السياسي على الشركات الصينية يخلق وضعا فريدا إذ تنهار أهم شركات عالم التكنولوجيا الصينية في أسواق الأسهم، لكن لأسباب لا علاقة لها بتقارير إيراداتها.وقال "ولا تزال هذه الشركات تحقق الأرباح. ولا تزال هذه الأرباح تنمو".وأضاف "نمو العائدات للعام الجاري يتجاوز 30%. ليس لكل شركة، لكن بشكل جماعي نوعا ما. بغض النظر عن مكان الأسهم وأين يجري تداولها، يبقى الوضع كذلك".