العين الاخبارية
يقاسي العراق ويلات تقلبات النفط التي أثرت على حاضره ومستقبل أجياله، وهو هم دفعه للتحرك مجددا في إطار التخلص من اقتصاد النفط الريعي.
وتعاني البلاد منذ نحو عقدين من اندثار وتراجع القطاع الخاص وغياب الصناعة الوطنية مما فتح الباب على مصراعيه أمام المستورد الأجنبي.
وكانت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد أعلنت في العام الماضي، عن إعداد حزمة قوانين جديدة تهدف إلى تطوير عمل القطاع الخاص ليكون عصبا رئيسيا في مجال استراتيجية التخفيف من الفقر والبطالة في البلاد ومشاركة القطاع العام المسؤولية.
ورغم أن العراق يمتلك مصانع ومعامل تابعة لشركات القطاع العام في العراق تبلغ نحو 227 مصنعا، إلا أن أعداد العاملين فيها لا يتجاوز 140 شخصا فقط بحسب بيانات وزارة الصناعة والمعادن.
وحتى عام 2003، كان القطاع الخاص يشكل نحو 23% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في العراق، إلا أن فوضى التخطيط وغياب الاستراتيجيات ما بعد ذلك التاريخ دفع بالبلاد إلى أن تكون المستهلك الأكبر للبضائع المستوردة.
وزير التخطيط خالد البتال، وخلال ترأسه الجلسة الرابعة لمجلس تطوير القطاع الخاص، أمس الأربعاء، بحسب بيان رسمي، أكد أن الوزارة تعمل بجدية عالية من أجل تذليل جميع الصعوبات والتحديات التي تواجه عملية التحول وتمكين هذا القطاع الحيوي، من خلال تحديد وتشخيص المشاكل ومن ثم وضع الحلول والمعالجات المطلوبة لها، مبينا أن" واحدة من المشاكل هو وجود تقاطع في العلاقة بين القطاعين الصناعي والتجاري، وهذا يستدعي التكامل بينهما".
وأضاف البتال، أن "هناك حاجة كبيرة لقطاع مصرفي تنموي فاعل، قادر على تهيئة الأرضية الاستثمارية الخصبة للقطاع الخاص، وتمكينه من تنفيذ السياسات الحكومية التنموية.
ولفت إلى أن "الوزارة بحاجة إلى قرارات جريئة وشجاعة تسهم في تطوير القطاع الخاص، داعيا "ممثلي هذا القطاع الى تحديد ما هو المطلوب من الحكومة لكي تقوم برعاية هذا القطاع".
البتال أشار إلى أن أحد مسارات تطوير القطاع الخاص، وضع خطة انتقالية لبيع وشراء السلع والخدمات التي تقدمها الشركات العامة، مع تقييم لقابلية تلك الشركات على الاستمرار من عدمه، وتصنيفها الى ناجحة ومتعثرة وفاشلة، وتفعيل إجراءات إعادة هيكلتها وتحويلها إلى شركات تعمل بمناهج تجارية.
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح حذر في أكثر من مرة من مغبة الاعتماد على النفط كمورد يتيم في تعضيد موارد الدخل القومي، جراء التغيرات التكنولوجية الحاصلة في العالم والتي تدفع لدخول الطاقة البديلة وضعف الطلب العالمي على الثروة السوداء خلال العقدين المقبلين.
ودخل العراق منتصف عام 2020، أزمة مالية خانقة اضطرته للاقتراض أكثر من مرة لتأمين رواتب موظفي الدولة، جراء انخفاض أسعار النفط وظروف الإغلاق العالمية التي فرضتها تداعيات جائحة كورونا.
من جانبه، يشدد مستشار رئيس الوزراء الاقتصادي مظهر محمد صالح، على ضرورة دعم القطاع الخاص وتمويله للمساهمة في نمو الاقتصاد العراقي.
ويؤكد صالح خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الحكومة الحالية اتخذت خطوات مهمة وفاعلة في تحريك ملف القطاع الخاص الذي عاني الإهمال والتراجع طيلة السنوات الماضية وقد بدأنا نتلمس تلك المدخلات على أرض الواقع ولكن تحتاج إلى عملية تسريع اكبر ".
ويشير صالح إلى أن "إعادة تنشيط القطاع الخاص في العراق سيسهم في حل الكثير من المشكلات المتفاقمة بينها أزمة السكن ومعدلات البطالة وكذلك مستويات الفقر فضلاً عن الإضافة التي تحققها في تحريك البلاد من مستنقع الاقتصاد الريعي".
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي علي الكرخي، إن "تنشيط القطاع الخاص يبدأ من سن التشريعات والقوانين الكفيلة بحماية المنتج المحلي وحصر الاستيرادات الأجنبية بالبضائع والسلع الضرورية التي لا يمكن انتاجها في الداخل، فضلاً عن دعم المشاريع الصناعية والورش الفنية بقروض ميسرة تدفع بها نحو الإنتاج المدروس والمؤشر بحسب الاحتياج".
ويلفت الكرخي، إلى أن الخطوة الأهم في ذلك الأمر، توفير بيئة آمنة وصالح للاستثمار ورؤوس الأموال بما في ذلك إحكام السيطرة على المنافذ والجهات التي تتبع الابتزاز معهم وتحاول بتطويع تلك المشاريع بما يعود بالفائدة عليها على حساب النوعية والصالح العام".