الاقتصادية السعودية
بعد 100 عام تقريبا من إطلاق هنري فورد لطراز "تي" للعامة، عملت شركات التصنيع الأوروبية على توفير سيارات ميسورة التكلفة على نطاق واسع، مع طرح سيارات المدينة الحديثة في العقد الأول من القرن الـ21.
تجديد سيارة "فيات" من طراز "باندا" في 2003 وإطلاق "فولكسفاجن" لطراز "سوبر ميني أب" بعد بضعة أعوام – كلتاهما بسعر أقل من عشرة آلاف يورو – تمثلان مجموعة من السيارات الرخيصة التي ساعدت ذوي الدخل المحدود على شراء سيارات جديدة حتى في أعقاب الأزمة المالية.
ما زالت هذه الطرازات رائجة، إذ تمثل ما يقارب من 7% من السوق الأوروبية كل عام، وحتى مدة قريبة ساعدت على إبقاء سعر السيارات المستعملة الكبيرة تحت السيطرة أيضا.
حاليا، مع انخفاض الأجور بالقيمة الحقيقية تقريبا في كل مكان في العالم المتقدم بسبب التضخم المستمر الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا، المتضررون بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية معرضون لعدم القدرة على دخول سوق السيارات الجديدة بالكامل. هذه المرة، لا تبدي معظم الشركات المصنعة الكبيرة اهتماما كبيرا بالمساعدة.
كان بالفعل هناك نقص في السيارات الصغيرة والسيارات الصغيرة جدا ميسورة التكلفة قبل الحرب الروسية الأوكرانية. في مواجهة النقص الحاد في أشباه الموصلات بسبب جائحة كوفيد - 19، أعطت الشركات المصنعة الأولوية لصنع السيارات عالية الجودة، ما ساعد أمثال مرسيدس بنز وفولكسفاجن على جني أرباح ضخمة على الرغم من بيع سيارات أقل بشكل عام. أخذ المستثمرون ذلك بعين الاعتبار، وضغطوا على مجموعات السيارات للتخلي عن وضع سقف للميزانية المخصصة إلى الأبد.
نتيجة لذلك، انخفضت أعداد سيارات المدينة المصنعة في أوروبا كل عام من 1.13 مليون في 2019 إلى 787 ألفا في 2021، وفقا لتحليل أجرته "إل إم سي أوتوموتف". الأسوأ من ذلك، هو أنه من المقرر أن ينخفض العدد، إلى 584 ألفا بحلول منتصف العقد، بينما وضعت العلامات التجارية جانبا أكثر من نصف الطرازات العادية المتوافرة حاليا.
أوضح مديرون تنفيذيون أنهم لا يركزون على السيارات العادية. فصلت مرسيدس علامتها التجارية "سمارت" لتنضم إلى مشروع مشترك مع شركة جيلي الصينية في 2019، بينما أطلقت "أوبل"، العلامة التجارية لـ "ستيلانتس"، سياراتها "كارل" و"آدم" الصغيرة قبل الجائحة.
لن تستبدل فولكسفاجن طراز "أب" عندما تصل إلى نهاية دورتها، بينما أوقفت مجموعة رينو سيارة "توينجو". كرر رئيس العلامة التجارية الفرنسية لوكا دي ميو ما قاله الكثير من مديري السيارات الآخرين مشيرا إلى تكاليف الامتثال لقواعد انبعاث المحركات الأكثر صرامة التي فرضها الاتحاد الأوروبي كعائق للربح الضئيل بالفعل الذي حققته السيارات الرخيصة.
المشترون الذين تحولوا إلى السيارات المستعملة سيجدون صفقات قليلة هناك أيضا. مثلا، ارتفع سعر سيارة أوبل أسترا المستعملة، ألفي يورو تقريبا في الـ12 شهرا حتى شباط (فبراير)، إلى 12322 ألف يورو، وفقا لبيانات "أوتو سكوت 24"، موقع أوروبي رائد في الإعلانات المبوبة.
التحول السريع إلى السيارات الكهربائية يهدد بالقضاء على السيارات ميسورة التكلفة إلى الأبد. فولكسفاجن، التي تنفق 52 مليار يورو على السيارات الكهربائية في أكبر استثمار من نوعه، تراجعت عن إنتاج طراز يعمل بالبطارية بسعر 20 ألف يورو حتى حلول 2025.
الشركة، التي تواجه أيضا منافسة شرسة من السيارات الكهربائية الأصغر والأرخص التي ينتجها منافسون صينيون، تمتلك التكنولوجيا، لكن لا يمكنها إنجاح اقتصادات مثل هذه السيارة. صرح أحد موظفي فولكسفاجن التنفيذيين لفاينانشيال تايمز: "سنكون على الأرجح موجودين في قطاع (السيارات الكهربائية الصغيرة جدا)، لكننا لا نراه مربحا جدا، لذا هذا ليس المكان الذي نطمح أن نكون فيه".
اعتاد المديرون في الشركة أن يعرضوا رسما بيانيا يبين انخفاض تكاليف البطارية بمرور الوقت، بينما ارتفعت تكاليف محركات الاحتراق، ما أدى إلى تحقيق تكافؤ بحلول منتصف العقد. من شبه المؤكد أن الحرب الأوكرانية أفسدت تلك المعادلة.
ارتفعت تكاليف البطارية العادية إلى ما يقارب من سبعة آلاف دولار لكل سيارة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وفقا لتحليل أجرته "آي إتش إس ماركت"، والسبب يرجع جزئيا إلى ارتفاع أسعار النيكل والكوبالت والليثيوم، الذي وصل إلى 36 في المائة و125 في المائة و750 في المائة على التوالي في الـ12 شهرا حتى كانون الثاني (يناير) 2022.
حتى صناع السيارات الكهربائية الصغيرة المدعومون في الصين تأثروا بالأزمة، ما يجعل الصادرات إلى أوروبا أقل احتمالا أسبوعيا. أشارت يونيس لي، محللة المركبات في شركة برينستون، إلى أن "جريت وول موتورز" قد توقفت عن أخذ طلبات سيارات المدينة "أورا بلاك كات" و"أورا وايت كات" – التي يراوح ثمنها بين ثمانية آلاف يورو وعشرة آلاف يورو – في منتصف شباط (فبراير). جاء هذا بعد أن كشف رئيس العلامة التجارية دونج يو دونج أن الشركة تخسر عشرة آلاف رنمينبي (1600 دولار) لكل سيارة تباع. قال لي: "نحن نتوقع من بعض علامات السيارات الكهربائية الصغيرة جدا أن تغادر السوق".
في 1909، وعدت "فورد" وعدا شهيرا بأن "تضفي طابعا ديمقراطيا على السيارة". لم تقم الحربان العالميتان بردعها من الاقتراب من ذلك الهدف. هذه المرة، يبدو أن الصراع طويل الأمد في أوروبا سيدفع ارتفاعا دام عقدا طويلا في ملكية السيارات في الاتجاه المعاكس.
بعد 100 عام تقريبا من إطلاق هنري فورد لطراز "تي" للعامة، عملت شركات التصنيع الأوروبية على توفير سيارات ميسورة التكلفة على نطاق واسع، مع طرح سيارات المدينة الحديثة في العقد الأول من القرن الـ21.
تجديد سيارة "فيات" من طراز "باندا" في 2003 وإطلاق "فولكسفاجن" لطراز "سوبر ميني أب" بعد بضعة أعوام – كلتاهما بسعر أقل من عشرة آلاف يورو – تمثلان مجموعة من السيارات الرخيصة التي ساعدت ذوي الدخل المحدود على شراء سيارات جديدة حتى في أعقاب الأزمة المالية.
ما زالت هذه الطرازات رائجة، إذ تمثل ما يقارب من 7% من السوق الأوروبية كل عام، وحتى مدة قريبة ساعدت على إبقاء سعر السيارات المستعملة الكبيرة تحت السيطرة أيضا.
حاليا، مع انخفاض الأجور بالقيمة الحقيقية تقريبا في كل مكان في العالم المتقدم بسبب التضخم المستمر الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا، المتضررون بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية معرضون لعدم القدرة على دخول سوق السيارات الجديدة بالكامل. هذه المرة، لا تبدي معظم الشركات المصنعة الكبيرة اهتماما كبيرا بالمساعدة.
كان بالفعل هناك نقص في السيارات الصغيرة والسيارات الصغيرة جدا ميسورة التكلفة قبل الحرب الروسية الأوكرانية. في مواجهة النقص الحاد في أشباه الموصلات بسبب جائحة كوفيد - 19، أعطت الشركات المصنعة الأولوية لصنع السيارات عالية الجودة، ما ساعد أمثال مرسيدس بنز وفولكسفاجن على جني أرباح ضخمة على الرغم من بيع سيارات أقل بشكل عام. أخذ المستثمرون ذلك بعين الاعتبار، وضغطوا على مجموعات السيارات للتخلي عن وضع سقف للميزانية المخصصة إلى الأبد.
نتيجة لذلك، انخفضت أعداد سيارات المدينة المصنعة في أوروبا كل عام من 1.13 مليون في 2019 إلى 787 ألفا في 2021، وفقا لتحليل أجرته "إل إم سي أوتوموتف". الأسوأ من ذلك، هو أنه من المقرر أن ينخفض العدد، إلى 584 ألفا بحلول منتصف العقد، بينما وضعت العلامات التجارية جانبا أكثر من نصف الطرازات العادية المتوافرة حاليا.
أوضح مديرون تنفيذيون أنهم لا يركزون على السيارات العادية. فصلت مرسيدس علامتها التجارية "سمارت" لتنضم إلى مشروع مشترك مع شركة جيلي الصينية في 2019، بينما أطلقت "أوبل"، العلامة التجارية لـ "ستيلانتس"، سياراتها "كارل" و"آدم" الصغيرة قبل الجائحة.
لن تستبدل فولكسفاجن طراز "أب" عندما تصل إلى نهاية دورتها، بينما أوقفت مجموعة رينو سيارة "توينجو". كرر رئيس العلامة التجارية الفرنسية لوكا دي ميو ما قاله الكثير من مديري السيارات الآخرين مشيرا إلى تكاليف الامتثال لقواعد انبعاث المحركات الأكثر صرامة التي فرضها الاتحاد الأوروبي كعائق للربح الضئيل بالفعل الذي حققته السيارات الرخيصة.
المشترون الذين تحولوا إلى السيارات المستعملة سيجدون صفقات قليلة هناك أيضا. مثلا، ارتفع سعر سيارة أوبل أسترا المستعملة، ألفي يورو تقريبا في الـ12 شهرا حتى شباط (فبراير)، إلى 12322 ألف يورو، وفقا لبيانات "أوتو سكوت 24"، موقع أوروبي رائد في الإعلانات المبوبة.
التحول السريع إلى السيارات الكهربائية يهدد بالقضاء على السيارات ميسورة التكلفة إلى الأبد. فولكسفاجن، التي تنفق 52 مليار يورو على السيارات الكهربائية في أكبر استثمار من نوعه، تراجعت عن إنتاج طراز يعمل بالبطارية بسعر 20 ألف يورو حتى حلول 2025.
الشركة، التي تواجه أيضا منافسة شرسة من السيارات الكهربائية الأصغر والأرخص التي ينتجها منافسون صينيون، تمتلك التكنولوجيا، لكن لا يمكنها إنجاح اقتصادات مثل هذه السيارة. صرح أحد موظفي فولكسفاجن التنفيذيين لفاينانشيال تايمز: "سنكون على الأرجح موجودين في قطاع (السيارات الكهربائية الصغيرة جدا)، لكننا لا نراه مربحا جدا، لذا هذا ليس المكان الذي نطمح أن نكون فيه".
اعتاد المديرون في الشركة أن يعرضوا رسما بيانيا يبين انخفاض تكاليف البطارية بمرور الوقت، بينما ارتفعت تكاليف محركات الاحتراق، ما أدى إلى تحقيق تكافؤ بحلول منتصف العقد. من شبه المؤكد أن الحرب الأوكرانية أفسدت تلك المعادلة.
ارتفعت تكاليف البطارية العادية إلى ما يقارب من سبعة آلاف دولار لكل سيارة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وفقا لتحليل أجرته "آي إتش إس ماركت"، والسبب يرجع جزئيا إلى ارتفاع أسعار النيكل والكوبالت والليثيوم، الذي وصل إلى 36 في المائة و125 في المائة و750 في المائة على التوالي في الـ12 شهرا حتى كانون الثاني (يناير) 2022.
حتى صناع السيارات الكهربائية الصغيرة المدعومون في الصين تأثروا بالأزمة، ما يجعل الصادرات إلى أوروبا أقل احتمالا أسبوعيا. أشارت يونيس لي، محللة المركبات في شركة برينستون، إلى أن "جريت وول موتورز" قد توقفت عن أخذ طلبات سيارات المدينة "أورا بلاك كات" و"أورا وايت كات" – التي يراوح ثمنها بين ثمانية آلاف يورو وعشرة آلاف يورو – في منتصف شباط (فبراير). جاء هذا بعد أن كشف رئيس العلامة التجارية دونج يو دونج أن الشركة تخسر عشرة آلاف رنمينبي (1600 دولار) لكل سيارة تباع. قال لي: "نحن نتوقع من بعض علامات السيارات الكهربائية الصغيرة جدا أن تغادر السوق".
في 1909، وعدت "فورد" وعدا شهيرا بأن "تضفي طابعا ديمقراطيا على السيارة". لم تقم الحربان العالميتان بردعها من الاقتراب من ذلك الهدف. هذه المرة، يبدو أن الصراع طويل الأمد في أوروبا سيدفع ارتفاعا دام عقدا طويلا في ملكية السيارات في الاتجاه المعاكس.