رويترز
طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المشترين الأجانب الخميس، بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل ابتداء من الجمعة وإلا فسيقطع الإمدادات، فيما أعلنت دول أوروبية رفضها للقرار، معتبرة أنه "ابتزاز" وخرق للعقود الموقعة مع روسيا، ورأت الولايات المتحدة في المطالبة الروسية "علامة على يأس موسكو الاقتصادي والمالي".

وذكرت تقارير محلية ألمانية أن برلين تدرس تأميم الشركتين التابعتين لجازبروم وروسنفت الروسيتين في البلاد، وسط مخاوف بشأن إمدادات الطاقة. وتهدف الخطوة الألمانية حال اتخاذها إلى منع انقطاع واسع النطاق للكهرباء إذا واجهت أي من هاتين الشركتين صعوبات بسبب ارتباطهما بروسيا.

وجاء القرار الروسي، الخميس، ليعكس موقفاً روسيا مغايراً أعرب عنه الكرملين، الأربعاء، حين أعلن أن روسيا "لن تطلب على الفور من الدول دفع ثمن الصادرات الروسية من الغاز بالروبل".

ووعد الكرملين، بتحول تدريجي، وقال إن روسيا يجب أن تعمل على فكرة توسعة قائمة صادراتها التي تسدد قيمتها بالروبل، بحسب ما أفادت وكالة "رويترز".

ما الذي يعنيه القرار؟

بحسب تصريحات تلفزيونية للرئيس الروسي، الخميس، فإن مشتري الغاز الروسي سيتوجب عليهم فتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية. ومن هذه الحسابات سيتم سداد المدفوعات المستحقة لإمدادات الغاز ابتداء من الجمعة الموافق الأول من أبريل.

ماذا سيحدث إذا رفضت أوروبا؟

إذا لم تُسدد هذه المدفوعات، فستعتبر روسيا ذلك تخلفاً عن الدفع من جانب المشترين مع كل العواقب المترتبة على ذلك، بحسب ما قال بوتين.

وفي تلك الحالة ستقوم روسيا بـ"وقف العقود الحالية"، إذ اعتبر بوتين أن "لا أحد يبيعنا أي شيء بالمجان، ونحن لن نقوم بأي أعمال خيرية كذلك. بمعنى آخر، سنوقف العقود الحالية".

كما اعتبر بوتين أن الخطوة "ستعزز سيادة روسيا"، مضيفاً أن "الدول الغربية تستخدم النظام المالي سلاحاً، وليس من المنطقي أن تتعامل روسيا بالدولار واليورو في الوقت الذي تُجمّد فيه أصولها بهذه العملات" وفقاً لـ"رويترز".

كيف ترد روسيا على حجة خرق العقود؟

رفضت روسيا أن يكون اشتراط الدفع بالروبل خرقاً للعقود، ونقلت وكالة تاس الروسية الرسمية، عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف قوله، الأربعاء، إن اشتراط الدفع بالروبل بدلاً من الدولار أو اليورو لشراء الطاقة الروسية ليس خرقاً للعقود، ولكنه "تكيّف مع ضغوط لم يسبق لها مثيل".

وقال ريابكوف إنه يأمل أن تغيّر الدول الأوروبية رأيها بشأن الدفع بالروبل وأن تجد "حلاً مبتكراً" للمشكلة.

كيف يؤثر القرار على أوروبا؟

تهدد خطوة بوتين باحتمال خسارة أوروبا أكثر من ثلث إمداداتها من الغاز. ووضعت ألمانيا، وهي أكثر الدول الأوروبية اعتماداً على الغاز الروسي، بالفعل خطة طوارئ قد تؤدي إلى تقنين الاستهلاك في أكبر اقتصاد في أوروبا.

وتعد صادرات الطاقة أقوى سلاح في جعبة بوتين للرد على العقوبات الغربية الشاملة المفروضة على المرتبطين بالكرملين من بنوك وشركات ورجال أعمال وشخصيات سياسية.

ولم يتضح بعد ما إذا كان من الممكن عملياً أن تظل هناك طريقة أمام الشركات الأجنبية لمواصلة الدفع دون استخدام الروبل بعد أن استبعد الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع الكبرى الرضوخ للطلب الروسي سابقاً.

سمح هذا الإجراء مع رفع معدل الفائدة الرئيسية إلى 20%، بإنعاش العملة الروسية. فبعد انهيارها عقب شن الهجوم على أوكرانيا في 24 فبراير، عادت إلى مستويات قريبة من التي كانت قبل الغزو، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

ما موقف ألمانيا؟

وضعت ألمانيا خطة طوارئ قد تؤدي إلى تقنين الاستهلاك، لكنها تحدّت القرار الروسي، إذ أبلغ المستشار الألماني أولاف شولتز، الخميس، نظيره الروسي، بأن بلاده راجعت عقودها مع روسيا بشأن واردات الغاز وستواصل دفع مقابلها باليورو وأحياناً بالدولار.

وأضاف شولتز في مؤتمر صحافي مع نظيره النمساوي كارل نيهامر، أن ألمانيا تأمل أن تتخلى عن واردات النفط والفحم الروسية هذا العام، لكن الأمر سيستغرق وقتاً أطول لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.

وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن روسيا لن تقدر على تقسيم أوروبا، وإن الحلفاء الغربيين مصممون على عدم قبول "الابتزاز" الروسي، وفقاً لـ"رويترز".

وذكرت صحيفة هاندلسبلات الألمانية، الخميس، نقلاً عن مصادر حكومية أن وزارة الاقتصاد الألمانية تدرس تأميم الشركتين التابعتين لجازبروم وروسنفت الروسيتين في البلاد وسط مخاوف بشأن أمن إمدادات الطاقة.

وأشارت الصحيفة إلى مناقشات تجري بين كبار مسؤولي الوزارة والمستشار أولاف شولتز بهدف منع انقطاع واسع النطاق للكهرباء إذا واجهت أي من هاتين الشركتين صعوبات بسبب ارتباطهما بروسيا.

وللشركتين أهمية بالغة في سوق الطاقة الألماني، حيث تدير شركة جازبروم جرمانيا منشآت تخزين كبيرة للغاز، فيما تعتبر شركة روسنفت دويتشلاند طرفاً رئيسياً في أسواق مصافي البترول والديزل والكيروسين، بحسب ما أفادت الصحيفة.

وذكرت هاندلسبلات أن الشركتين تواجهان خطر "الإفلاس التقني" مع ميل البنوك والشركاء التجاريين للنأي بأنفسهم عن الشركات التي تملكها شخصيات روسية منذ أن دخلت العقوبات الغربية ضد روسيا حيز التنفيذ.

ولم يتسنَّ الوصول إلى مسؤولين في جازبروم جرمانيا وروسنفت دويتشلاند ووزارة الاقتصاد الألمانية للتعليق.

فرنسا تستعد للأسوأ

رفضت فرنسا القرار، وأعلن وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، خلال زيارته لبرلين أن فرنسا وألمانيا "تستعدّان" لاحتمال توقف روسيا عن تسليم الغاز.

وقال لومير في مؤتمر صحافي مع وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك "من الممكن أن يستجدّ وضع غداً لن يكون هناك غاز روسي، في ظروف خاصة جداً (...) علينا الاستعداد لهذه السيناريوهات، ونحن نستعدّ لها".

"علامة يأس"

اعتبرت الولايات المتحدة أن مطالبة روسيا للمشترين الأجانب بدفع ثمن الغاز بالروبل علامة على "يأس روسيا الاقتصادي والمالي الناجم عن العقوبات الغربية التي فرضت رداً على غزو أوكرانيا، بحسب ما ذكر المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الخميس.