دعا محامون الناخبين والمترشحين إلى التفريق بين اختصاصات النائب والعضو البلدي، مشيرين إلى خلط محلوظ بينهما في الواقع العملي رغم الفصل الواضح قانونياً ودستورياً بين صلاحيات كل منهما.
وأكد النائب السابق المستشار القانوني يوسف زينل وجود تداخل في الاختصاصات بين النائب والبلدي في الواقع العملي، خاصة أن بعض النواب يتجهون نحو تقديم الخدمات للمواطنين، رغم درايتهم أن المجلس النيابي معني بالتشريع أساساً إضافة إلى الرقابة والمساءلة السياسية.
وأوضح "بعض النواب يلجؤون إلى تقديم خدمات للناس، أو أن الناس يطلبون منهم ذلك، كون صلاحيات العضو البلدي أقل من النائب، فيلجؤون إلى الأخير بحجة أن الأول لا يستطيع توفير احتياجاتهم. إذاً الموضوع ذو سببين، الأول يرجع للنائب نفسه، الذي يريد ربما أن يرضي أهالي دائرته والكتلة الانتخابية، فيطلق وعوداً خدمية تلامس احتياجات المواطنين وهي من اختصاص البلدي، والثاني هو المواطن الذي يلجأ للنائب في حال عدم قدرة البلدي على تحقيق مطالبه".
وأضاف زينل "المشكلة تكمن في أن النصوص التشريعية أحياناً لا تكون واضحة بالنسبة للبلدي، وفي نفس الوقت لا يوجد نهي للنائب عن ممارسة النشاط الخدمي، وبالتالي فإن المواطنين يلجؤون للنيابي على حساب البلدي أو العكس، لذلك فإن وعي المواطنين لهذه الإشكالية مهم جداً، لأهمية التفريق بين مهام النيابي والبلدي، على اعتبار أن مهامهم مختلفة".
فيما قال النائب السابق المحامي فريد غازي "من الناحية القانونية لا يوجد تداخل في الاختصاصات، إنما الخلط في البرامج الانتخابية وهذا خطأ جسيم لا بد من تصحيحه، فالنائب لديه مهمتان أساسيتان بموجب الدستور، مهمة رقابية وأخرى تشريعية، رقابة برلمانية على أعمال السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة، وتشريع، أما البلدي فلا علاقة له بالتشريع، بل ينفذ الاختصاصات الواردة في القانون في دائرته، وجميعها أعمال بلدية بحتة".
وأضاف "وضع المترشح النيابي اختصاصات بلدية في برنامجه الانتخابي دليل على وجود قصور في الوعي لديه، وقصور في فهم اختصاصات السلطة التشريعية. بينما لم نسمع مترشحين بلديين قالوا إنهم سيشرعون قوانين أو سيراقبون الحكومة".
وأوضح غازي "يجب على الناخب التفريق بين اختصاصات النائب والبلدي. المشكلة الكبيرة التي يتعرض لها عدد من المواطنين تتمثل في انعدام التنسيق بين ممثلي الدائرة ببسبب انتمائهما إلى جمعيتين مختلفتين أحياناً"، مشيرا إلى أن الجهات الثلاث، المجلس البلدي، المجلس النيابي، والحكومة، مطالبة بالتعاون من أجل تحقيق مطالب الناس وحل مشاكلهم".
وأكدت المحامية فاتن الحداد أن "اختصاصات النواب والبلديين واضحة ومحددة في القانون، لكن هناك بعض الأمور التي نطلق عليها “المساحات الرمادية” ويختلف فيها البعض من ناحية توصيف اختصاصات النواب والبلديين، وهي من نواح نظرية فقط، بينما في حالة التطبيق والنواحي العملية فإن الإختلاف واضح وجلي بين الاختصاصات".
وأضافت "قد يعود الخلط لعدم خبرة الكثيرين وخاصة المستجدين منهم في هذا المجال، ويمتد ذلك لوعود النواب والبلديين وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة “وعود النواب” التي لا تدخل ضمن اختصاصهم من جهة وتشكل مخالفة لنصوص القانون من جهة أخرى حين يتم الوعد بالمساعدات والهدايا بأي شكل كما هو موضح بالمادة (25) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب والتي تنص على “يحظر على أي مرشح أن يقدم من خلال قيامه بالدعاية الانتخابية هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو يعد بتقديمها لشخص طبيعي أو اعتباري سواء كان بصورة مباشرة أو بواسطة الغير كما يحظر على أي شخص أن يطلب مثل تلك الهدايا أو التبرعات أو المساعدات أو الوعد بها من أي مرشح". كما يحظر على المترشح تلقي أية أموال للدعاية الانتخابية من أية جهة كانت، حيث أوضحت المادة (31) عقوبتها بالنص “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار ولا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
واقترحت الحداد عقد ورش عمل للمترشحين خاصة المستجدين منهم نظرا لوجود تلك المساحات الرمادية التي تنقل المترشح من اختصاصات النائب إلى العمل البلدي وتنقل الوعود من برنامج انتخابي إلى عطايا مخفية.