ياسمين العقيدات

مع اشتداد حرارة المنافسة في الانتخابات يلاحظ حضور رجال دين في المقرات الانتخابية للمترشحين، فهل هذا ترويج لبعض المترشحين واستغلال للثقل الديني في ترجيح كفة أحد المترشحين بشكل مباشر أو غير مباشر أم إنه ممارسة عادية باعتبار رجل الدين مواطن له الحق في إبداء رأيه؟

عضو جمعية المنبر الإسلامي خالد القطان قال إن "من الجيد حضور رجال الدين مجالس المترشحين و المقرات الانتخابية من الجانب التوعوي فاستخدام رجل الدين كمحاضر لا نجد فيه أي سلبية لأنه كأي محاضر آخر، فقط الاختلاف في المجال، فبعض المترشحين يفضل أن يقدم في مجلسه محاضراً سياسياً وآخرون يفضلون رجال الدين. ومن المهم توعية الناس من الجانب الديني وتذكيرهم بأن الصوت أمانه يجب إعطاؤه للأحق. فالواجبات الوطنية تدرج تحت الأمور الدينية وهذا دور رجال الدين في المقرات و المجالس و غيرها من الأماكن. ومن سلبيات ذلك إمكانية التأثير على اتجاهات المواطن ففي حال استخدم رجل الدين أسلوب التزكية في الانتخابات فذلك يعتبر نوعاً من الإعلان ومن المهم أن يترك الحرية للمواطن في الاختيار".

فيما قال القيادي في جمعية الرابطة الإسلامية أحمد حمادة إن "الاستغلال باسم الدين أو الوطن أو الشعوب هو سلوك وأسلوب شائع في السياسة وأعرافها، ونحن نرفضه ونشدد على رفضه لأنه يفرغ تلك المفهومات والمبادئ والقيم من محتواها، ويجعلها جوفاء يزعق من خلالها الطامحون. فينبغي على مجتمعاتنا ألا تخلط الأمور بعضها بما يحدث الالتباس ويضيع الحدود ويشوش الأفهام والأذهان، فكثير من مشكلاتنا التي نراها اليوم ونعاني منها هي في الحقيقة بسبب التمدد والزحف غير الشرعي للسياسة على حساب المجالات الأخرى، وجعلها تبعاً للسياسة، وسلعة في بورصتها المتقلبة، حتى فقدت الكثير من المجتمعات الهدوء والاستقرار. فلا يصح أن تكون قطاعات كالصحة والتعليم مثلاً تابعةً للمزاج السياسي، بل ينبغي أن نحافظ على مسارات ثابتة للقطاعات التنموية العامة لا تقتحمها السياسة بأي شكل من الأشكال لئلا تؤدي بها إلى الاضطراب".

و اضاف حمادة "يأتي دور عالم الدين بصفته الدينية وليس بكونه مواطناً، فالمرجو والمنشود منه أن يحسن تمثيل الدين، وألا يقبل بوضعه في قالب حزب سياسي أو مزاج سياسي، فعالم الدين يجب أن يكون خزانة العلم والحكمة، وحارس القيم، وحافظ النموذج، والقدوة في الخير، نريد له أن يكون الموجه بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا نرضى له أن يكون عارضاً أو رجل دعاية بأي شكل من الأشكال. و من المهم التأكيد أن عالم الدين هو واحد من أفراد المجتمع، له ما لهم، وعليه ما عليهم، ولا يجوز أن ننقصه حقه في الاختيار والتوجيه على الإطلاق، ولكن دون أن يظهر بمظهر الأداة في سوق السياسة".

وقال المترشح إياد محمد إن "بعض المترشحين يستخدمون علاقاتهم ونشاطهم المجتمعي في توظيف رجال الدين بشكل مباشر وغير مباشر في برامجهم الانتخابية وتكثيف حضورهم للمجالس. وقد يكون هذا الأسلوب ناجحاً في بعض الأحيان ومن الممكن أن يفشل لكن في المجتمعات الاسلامية لرجل الدين رمزية تجعل الناس يثقون به ويتبعون أقواله".

وأضاف إياد أن "من السلبيات أن الناخب يسلم قرار التصويت لرجل الدين دون أن يعرف البرنامج الانتخابي للمترشح ودون التفكير في هموم المواطن ومتطلباته، لهذا فرسالتي لرجال الدين هي النصح بالتصويت لمن يرونه ذا كفاءة و يستحق التصويت".

فيما قال المترشح حسن يوسف "لا شك أن الاستعانة بالأشخاص النافذين والمؤثرين هو أحد الوسائل المهمة من أجل التأثير على الناخبين وكسب أصواتهم، ومن المتوقع طبعاً أن يسعى المترشحون لاستمالة رجال الدين إلى جانبهم، بل ربما يملؤون صدورهم ضد منافسيهم. ومن المتوقع أيضا أن نرى رجال الدين في الخيم الانتخابية للمترشحين، ربما يتحدثون في أمور عامة ولا يروجون للمترشح بشكل مباشر، لكن مجرد حضورهم في الخيمة الانتخابية أو ربما مجرد التقاط الصور إلى جوار مترشح ما، يعتبر بمثابة مباركة من قبلهم له، ورسالة خفية للناس من أجل انتخابه".

وأضاف حسن "هذا يختلف بين دائرة وأخرى، فهناك دوائر تنشط فيها جمعيات دينية ذات أذرع سياسية ولديها ممثلون في مجلس النواب أو محسوبون عليها على الأقل، وغالباً ما يكون القائمين على هذه الجمعيات أئمة مساجد أو مآتم، ولديهم تأثيرهم على الجمهور. ورغم أن القانون منع رجال الدين من استخدام المنبر أو أية وسيلة عامة لغايات سياسية، فمازال هناك ما يمكن تسميته "منطقة رمادية" يشتغل رجال الدين في السياسة من خلالها. وفي هذا الموضوع تطغى السلبيات على الإيجابيات".