ريانة النهام
قال المستشار د.مال الله الحمادي إن "بعض النواب يلجؤون إلى التعدي على اختصاصات المجالس البلدية لتغطية فشلهم في مجلس النواب فينجزون بعض الأمور الخدمية ليقنعوا الناخبين بأنهم خدموا الدائرة"، معتبراً ذلك "خطأ كبيراً".
وقدم الحمادي مؤخراً محاضرة بعنوان "العلاقة بين المجالس البلدية ومجلس النواب" ضمن البرنامج الوطني للانتخابات 2018 "درب" الذي أطلقه معهد البحرين لتنمية السياسية. وشهدت المحاضرة حضور بعض المترشحين منهم محمد العليوي وحنان بن عربي وأحمد المقهوي وعلي النايم.
وبين الحمادي مدى التداخل الحاصل بين اختصاصات العضو البلدي والنائب، موضحاً أن "القانون فصل بين اختصاصاتهما بشكل واضح، وما يحدث نتيجة جهل بعضهم بالاختصاصات".
تمايز الاختصاصات
وأضاف الحمادي أن "اختصاصات العضو النيابي تتلخص في وظيفيتن أساسيتين هما التشريع والرقابة. والمقصود بالرقابة جزآن الوظيفة السياسية التي تتركز في الرقابة على الحكومة من حيث السؤال والاستجواب وطرح الثقة بالوزير وعدم التعاون مع الحكومة ومناقشة برنامج الحكومة وجميعها وسائل رقابية على السلطة التنفيذية، أما الوظيفة المالية فهي عند إقرار الميزانية العامة وعقد القروض وجميع مايتعلق بالأمور المالية تكون من اختصاص السلطة التشريعية وبالذات مجلس النواب. وفيما يتعلق بالوظيفة التشريعية فيستطيع من خلالها مجلس النواب التقدم باقتراح بتعديل الدستور واقتراح بقوانين جديدة واقتراح بتعديل قوانين قائمة وأن يوافق على المراسيم والقوانين التي تصدر خلال فترة غياب المجلسين، فله الحق بقبول أو رفض مراسيم بقانون".
وعن العضو البلدي قال الحمادي "في البداية يجب أن نعلم أن البلديات تتكون من جزئين هما المجلس البلدي والجهاز البلدي، وهي بجزئيها تتبع السلطة التنفيذية، لأن الخدمات من اختصاص الحكومة لكن طبقاً لنظام اللا مركزية الإدارية تأخذ بعض الدول بنظام الانتخاب لمشاركة الشعب باختيار مرشحيه لتقديم الخدمات في منطقته، لكون سكان الدائرة اعلم باحتياجاتها فطبقاً لهذا النظام يتم الانتخاب ووضع الخطط لتطوير فيها".
وأضاف "عضو المجلس البلدي يقدم الخدمات ويمثل الدائرة التي ترشح فيها، وصحيح أن المجالس البلدية منتخبة لكنها يجب أن تتقيد بالسياسة العامة للدولة بما فيها السياسة الاقتصادية".
وأكد أن المجالس البلدية تعمل على قراراتها باستقلال ولا يتدخل أحد في اختصاصها، لكن هناك رقابة تسمى "رقابة وصائية" وهي للتأكد من أن القرارات التي تتخذ لا تخالف القانون أو السياسة العامة لدولة.
ولفت إلى أن اختصاصات العضو البلدي "تتمثل في السعي لتقديم الخدمات الأساسية للدائرة ثم الانتقال إلى تحقيق جزء من الرفاهية المطلوبة. ونلاحظ أن لكل بلدية خصوصية معينة لذلك هناك لوائح داخلية تختلف من مجلس إلى آخر".
وعن الفرق بين العضو النيابي والبلدي، قال الحمادي "العضو النيابي ينفذ برامج تشمل الوطن عكس العضو البلدي الذي ينفذ برامج تخص دائرته، فالنيابي يمثل الوطن وبالتالي يشرع ويراقب الحكومة في سبيل مصلحة الوطن ككل ولا يراعي بشكل خاص مصلحة أهالي دائرته، بعكس العضو البلدي".
مجالات التعاون
وأشار الحمادي إلى أهمية التعاون بالذات للعضو النيابي، محدداً عدة أوجه للتعاون بين العضوين "أولها ما يتعلق بالتشريع إذ يستطيع النائب بالتنسيق مع العضو البلدي أن يعدل من القوانين القائمة ذات العلاقة، وبالمثل قانون البلديات، وبذلك يستطع النائب الجلوس مع البلدي ومناقشة بعض المواد الموجودة في قانون البلديات على سبيل المثال لتعديلها، فيتقدم باقتراح بقانون لتعديل هذه المواد. وإذا كانت هناك حاجة لإصدار قوانين جديدة لا بد أن يتعاونا ليقدم النائب القانون. كما يستطيع الأخير أن يرفض مرسوماً بقانون رأى أنه سيحد كثيراً من سلطات المجالس البلدية وسيؤثر على أدائها".
وعن الأدوات الرقابية والسياسية، أوضح الحمادي "يأتي ذلك على سبيل المثال من خلال توجيه أسئلة للوزراء وللوزير المعني بالبلديات إن كان هناك قصور تجاه المجالس البلدية، فيمكن أن يمارس النائب دوره الرقابي ويوجه أسئلة للوزير المعني بشأن أي من اختصاصات وأعمال المجالس البلدية، وربما يصل الأمر إلى طرح الثقة بالوزير. كما يستطيع النائب تشكيل لجان تحقيق تتعلق بالأمور البلدية أو طرح موضوع عام للمناقشة أو طرح موضوع عدم التعاون مع الحكومة لو وصلت الأمور إلى حد يتطلب هذا الإجراء. وحتى الوظيفة المالية يمكن التعاون فيها من خلال إقرار برنامج الحكومة".
وأضاف المستشار أن من المشكلات التي تعرقل التعاون بين الجهتين هو عدم فهم الاختصاصات، وضعف بعض النواب في العمل النيابي ومحاولة التغطية على هذا من خلال العمل البلدي، وقلة صلاحيات المجالس البلدية، واستغلال العمل البلدي لتحقيق نجاح في العمل النيابي، وكثرة استخدام الاقتراحات برغبة من قبل النائب مما يؤثر على العمل البلدي واختصاصات العضو البلدي، ضارباً بعض الأمثلة من المجالس السابقة كاقتراح برغبة بدراسة مشكلة التخلص من مخلفات المنزلية والنفايات وهي من صلب اختصاصات المجالس البلدية، واقتراح برغبة بشأن وضع ضوابط على محلات ومقاهي الانترنت، واقتراح برغبة بمعالجة مشكلة مواقف كافية للسيارات، واقتراح برغبة بشأن الإسراع باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من تلوث خليج توبلي، و جميعها منصوص عليها في المادة 19 من قانون البلديات، لكن يأتي بعض النواب ويتقدمون بها كاقتراحات برغبة ويسحبون البساط من تحت العضو البلدي.
4 نتائج لعدم التعاون
وعن نتائج عدم التعاون، قال الحمادي "أولًا هدر المال العام في إنجاز مشاريع لا تلبي الاحتياجات الحقيقية أو المحلية فإذا عمل النائب على مشاريع دون التعاون مع البلدي فإن مشاريعه ربما تكون غير ملبية لاحتياجات المنطقة. وثانياً تنفيذ مشاريع قد تحل جزءاً من المشكلة لكنها تخلق مشكلة أخرى لأن البلدي أعلم بالمنطقة فيجب التعاون معه. وثالثاً انعدام الاستثمارات الاجنبية أو حتى المحلية في حال عدم التعاون. ورابعاً احتمال زيادة المشاكل ذات الطابع المحلي مما قد يهدد أمن وسلامة الناس".
ولخص الحمادي ثمرات التعاون بين النائب والبلدي بتطوير البنية التحتية للمناطق وبالتالي حل مشكلاتها، واستثمار الموارد البلدية بالصورة الأمثل، وجذب استثمارات أجنبيية للبلد، وتوفير فرص عمل لشباب، وتنشيط السياحة وتقديم الخدمة والرفاهية للمواطن".
وأضاف "إذا كان هناك قصور أو عرقلة في قانون البلديات، يتعين على النائب والبلدي الجلوس معاً ووضع يدهما على تلك المواد التي تعرقل العمل البلدي ومحاولة تعديله، وإعادة النظر في آلية تقديم الطلبات والرغبات بألا تكون من اختصاصات البلدي".