- الخزاعي: استغلال الأطفال في الانتخابات أصبح مشروعاً قانونياً

- فولاذ: استغلال الطفل وزجه في العمل السياسي أمر غير سليم ومذموم

..

فاطمة يتيم



انتقد مواطنون ظاهرة استغلال أطفال في عمر الزهور ضمن حملات انتخابية لبعض المرشحين الخائضين لغمار الانتخابات النيابية والبلدية.

وقال مواطنون لـ "الوطن"، إن وجود أطفال صغار وقاصرين ضمن الحملات الدعائية لا يجدي نفعاً في إقناع مواطنٍ بالمرشح، فهم يجوبون الشوارع والأحياء ويكلفون بتوزيع المنشورات الإعلانية لصالح بعض المرشحين، على الرغم من أنهم لا يستطيعون منح المرشح صوتاً، غير أن الاستعانة بهم يأتي في سياق ملء فراغ الكم العددي الضئيل الذي تشهده بعض الحملات، الشيء الذي بعث على إمتعاض واستياء المواطنين حيال هذا الاستغلال الفادح للأطفال.



وأضافوا أن هذا ما شهدته الانتخابات النيابية والبلدية، في دوراتها الأربع، حيث يتم استغلال طاقات الأطفال والمراهقين دون الخامسة عشرة من العمر من المترشحين، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع صوراً لأطفال يشاركون في الحملات الانتخابية، ويقومون بتوزيع منشورات بعض المرشحين في الانتخابات السابقة، وهو ما أثار انتقادات واسعة من قبل المواطنين.

وأوضحوا أنه يصبح الموضوع أكثر خطورة وتعقيداً، إذا ما علمنا أن بعض المرشحين قد يلجؤون إلى تشغيل القاصرين بمقابل مادي في حملاتهم الانتخابية، مما يطرح سؤالاً عريضاً حول حماية الطفولة من الاستغلال السياسي والانتخابي، كما يساءل الجمعيات السياسية، التي تسمح لبعض مرشحيها بارتكاب هذا الجرم في حق الطفولة.

من جهته قال المستشار والخبير السياسي د. أحمد الخزاعي، "إن استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية سواء من قبل مستقلين أو جمعيات سياسية، أصبح أمراً قانونياً حالياً، حيث صدر تشريع قبل فترة بسيطة بخصوص هذا الموضوع، وشرع مشاركة الأطفال في الحملات الانتخابية، بينما في السابق كان ممنوعاً قانونياً".



وأردف "من وجهة نظري فأنا ضد استغلال الأطفال، لأنه ضد حرية وحقوق الطفل، فهو يعتبر عملاً مذموماً عامة"، مشيراً إلى أن البعض منهم يحصلون على مبلغ مادي مقابل توزيعهم إعلانات المرشحين.

من جانبه قال رئيس جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان فيصل فولاذ، "قمنا برصد موضوع استغلال الأطفال منذ الفترات السابقة في الانتخابات من خلال مركز نزاهة لمراقبة الانتخابات والتابع لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان، سواء كان الاستغلال من المعارضة والأعمال الإرهابية، أو من المرشحين الذي يستغلونهم ليقفوا عند الشوارع ويعملون على توزيع المنشورات والملصقات، أو يدخلون البيوت لتوزيعها".

وأضاف "إن استغلال الطفل وزجه في العمل السياسي أمر غير سليم ومذموم من قبل الأغلبية من الناس، خاصة أن بعض المرشحين يدفعون مبلغ 5 أو 10 دنانير للطفل ويستغله"، متأملاً عدم استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية القادمة وإبعاد الأطفال عن الأعمال السياسية.



وأردف فولاذ، "من المتوقع أن في يوم الاقتراع 24 نوفمبر، يتم استغلال الأطفال من قبل الطرف المقاطع للانتخابات، من خلال غلق الشوارع وحرق الإطارات وغيرها".

وأكد فولاذ على أن، "في جميع الأحوال إن اتفاقية الطفل الدولية وقانون الطفل في البحرين واضح، وتم التصدي لقانون مشروعية استغلال الأطفال في الانتخابات، لأن عمالة الطفل ممنوعة، لذلك من الخطأ تشريع مثل هذا القانون، ونحن ننتقد أيضاً الموافقة التي تمت في مجلس النواب والشورى ونعترض عليها، لأنها سلاح ذو حدين، فمثل ما تم استغلالهم في فترة الانتخابات سوف يتم استغلالهم في مواقف أخرى، مما يؤدي إلى زيادة وانتشار هذه الظاهرة في البحرين".



وأشار إلى أن، بعض الجهات شرعت قانون جواز مشاركة الأطفال في الحملات الانتخابية، حيث رفضت قانونا ينص على حظر استغلال الأطفال في الدعاية الانتخابية وفي سائر إجراءات الانتخابات ومراحلها بكافة صورها وأشكالها.

ويذكر أن لجنة المرأة والطفل البرلمانية بررت ذلك، أن إشراك الطفل في الانتخابات، جزء من أدوات التربية السياسية في سياق عملية تأهيلية للممارسة الديمقراطية في المستقبل بما لا يمثل استغلالا لهم، الأمر الذي يغرس فيهم الروح الوطنية وينمي مفاهيم الانتماء وحب الوطن، وأن بعض حالات اشتراك الأطفال وتفاعلهم مع العملية الانتخابية قد يعد محوراً للتربية السياسية، وتثقيف الطفل بالممارسات الديمقراطية، وغرس الروح الوطنية، وتنمية احترامه للقيم الوطنية والديمقراطية.



من جهتها قالت المحامية فاتن الحداد، "من ناحية قد يعد دمج الطفل في العملية الانتخابية لتثقيفه بالعمل السياسي والممارسات الديمقراطية، ولكن بالمقابل قد يعد هذا الاستغلال منافي لقانون العمل في القطاع الأهلي رقم (36) لسنة 2012، إن كان الطفل أصغر من خمس عشرة سنة حيث أجاز القانون تشغيل الحدث الذي بلغ خمس عشرة سنة، واشترط وجوب موافقة الولي أو الوصي على تشغيل الحدث.

وأضافت الحداد، "ويجدر الإشارة هنا إلى أنه في منتصف هذه السنة رفضت لجنة المرأة والطفل بمجلس النواب مشروع بقانون "يحظر إشراك أو تشغيل الأطفال في الدعاية الانتخابية أو في سائر إجراءات الانتخابات النيابية والبلدية، إلا بموافقة ولي الطفل أو من يقوم مقامه".



وسعى المشرع البحريني من خلال المادة (60) من القانون رقم (37) لسنة 2012 بإصدار قانون الطفل إلى توفير حماية قانونية للطفل من بعض مظاهر الاستغلال السياسي ونص "يحظر استغلال الأطفال في التجمعات والمسيرات والمظاهرات التي يكون الغرض منها سياسياً"، إلا أنه لم يتطرق بصريح العبارة للانتخابات وإنما قد يدرج ضمنها طالما كان الغرض سياسي، ولا يجب أن يخل ذلك بالحقوق المدرجة في اتفاقية حقوق الطفل والتي انضمت لها البحرين في العام ١٩٩١.

ويرى المواطن زياد محمد، أنه ليس من حق المرشحين استغلال هؤلاء الأطفال، مبررا أن إرادة القاصر منعدمة، مضيفا أنه رغم عدم وجود ما يمنع من خروج الأطفال في الحملات الانتخابية في القانون، إلا أن المنطق يقتضي أن لا يسمح للأطفال بالخروج في حملات انتخابية لا يعرفون عنها شيئاً، فضلاً عن كون هذه الحملات تقع فيها مناوشات وأحياناً مواجهات بين أنصار بعض المرشحين، مما يشكل خطورة على سلامتهم.



ومن جهتها قالت المواطنة خلود محمد، أن حضور بعض الأطفال في تجمعات حزبية مع آبائهم وأولياء أمورهم، وتشغيل الأطفال في الحملات الانتخابية نظير مقابل مادي، الأمر خطير ويدخل في إطار تشغيل الأطفال والقاصرين.

واعتبرت خلود، أن لجوء بعض مرشحي الانتخابات للقاصرين من أجل توزيع منشوراتهم، يدل على الانحدار والتردي الذي وصلت إليه السياسة في البحرين، "فكيف لمرشح أو جمعية يدعون أنهم يريدون خدمة الناس، وهم لا يتوفر لديهم حتى قواعد ومناضلين قادرين على القيام بالحملة الانتخابية، وإقناع الناس بالبرنامج الانتخابي".



وقالت المواطنة شيخة الذوادي، إن حقوق الطفل تتطلب حماية خاصة تختلف عن باقي الحقوق لأن الطفل يجب تنشئته وتربيته في كنف السلام والأمن، وإبعاده عن مظاهر الاستغلال التي قد تعرّضه للخطر، أو وجوده في موضع التجاذبات السياسية.