تصوير - سهيل الوزير:
مؤشرات تغيير يشهدها المجتمع البحريني بين تجربة وليدة بدأت في 2002 وبين متغيرات طرأت في المشهد الاجتماعي والانتخابي في 2018.. ويعتبر واقع المرأة وحضورها بـ24 مترشحة برلمانية و8 مترشحات للمجلس البلدي أحد أهم المتغيرات التي نفصل فيها في ندوة خاصة مع عدد من مترشحات 2018 .. بمزيج بين الشابة والخبيرة وصاحبة الخبرة الطويلة.. فبين النموذجين ثمة الكثير من التفاصيل التي تستحق التوقف عندها.
تحديات المرأة.. وقدرتها على خوض غمار أقوى وأشد وأسخن المنافسات ألا وهو التنافس لنيل مقعد المجلس النيابي.. كان محل نقاش مطول .. فحسب المشاركات فهن يجمعن على أنه إن كان الناخب يحتكم للكفاءة فقط بتجرد تام كان للمرأة نصيب قوي حتما في التشكيل المرتقب ، ولكن ثمة منافسة قوية من جهة وموازنات تتداخل فيها القوى الاجتماعية والاقتصادية والمزاج العام لكل دائرة.
بين كل ذلك .. تحدثت ضيفات الوطن في ندوة مفتوحة امتازت بانسجام الاطروحات - رغم اختلافهن - وتوحد القراءات لمواطن الضعف التي تتطلب التغيير في المجتمع.. فإلى التفاصيل..
*ما الذي تغير في الواقع الانتخابي من 2002 حتى 2018 .. سياسيا وعلى صعيد المرأة؟
زينب عبد الأمير: كان البرلمان في 2002 يمتاز بوجود عناصر نوعية من محامين وسياسيين وفي 2006 صار في أقوى تشكيل له.. بعد ذلك بدأت حالة الضعف في البرلمان وعزوف فئة أدت إلى وصول من لا يمثل المنطقة، ولا زلنا نعاني من تبعات ما حدث أيام الأزمة، لأنه أثر على المشهد السياسي وأدى إلى ضعف البرلمان، فهناك دوائر لم تمثل.. أما عن تشكيل 2018 أتمنى أن يكون بأقوى شكل .. كما أتمنى من الجميع المشاركة وعدم المقاطعة.
نسرين معروف: المشروع الاصلاحي هو مشروع جلالة الملك ، وكان يمثل الانطلاقة القوية للبرلمان.. وكان البرلمان جزء مهم من المشروع الاصلاحي، وكانت البدايات حلم عايشه الجميع، ويعتبر أول فصلين بداية قوية للبرلمان، ولكن بعد ذلك أدت تداعيات الأزمة في البحرين إلى وجود نتاج سياسي قائم على التكسب الشخصي دون حس وطني، وإذا غاب الحس الوطني عن أي عمل سيكون الأداء ضعيفا بطبيعة الحال.. من هنا نقول أن 2018 يجب أن يكون بداية جديدة قوامها القوة في الاختيار والعمل الوطني.. لمست تحولا في أفكار الناس من خلال جلساتي وتلمست تحولا من فكرة العزوف عن التصويت إلى رغبة جديدة في تصحيح الاختيار ، لذا فإن الوعي الانتخابي بدأ يزداد ونتلمس ذلك على أرض الواقع.
الوعي بالعمل البلدي والنيابي
صباح الدوسري : في البداية لم نكن نعرف الفرق بين التجربتين، كان هناك خلط، والناخب لم يكن يستطيع التغيير، أما الناخب اليوم فقد بدأ يعرف الفرق بين المجلسين، وفي 2006 استمرينا وكان الوعي يزداد، ومع الأسف هناك كثر ممن لم يكتبوا برنامجهم الانتخابي، ومع الاسف هناك مستشارين يكتبون بل إن بعض المرشحين غير قادرين على مناقشة ما كتب في برامجهم.. أيضا من خلال تجربتي وكوني مرشحة وعضو مجلس بلدي سابق، كنت أعد برنامجا واقعيا قابل للتحقق، وعندما نظمت عدت لقاءات مع الأهالي لمتابعة ما تم انجازه، لم يكن الناس بقدر من الاهتمام على المتابعة كما أن اللقاء لا يحظى بالتفاعل الجماهيري المطلوب، والأهم لا يوجد من الناخبين من يحضر البرنامج معه ولا يوجد من يبدأ بالمحاسبة على النقاط، من هنا نقول إننا بحاجة إلى نقلة نوعية في كيفية متابعة النائب والعمل على محاسبته على أدائه، فهو ممثل للناس .. لذا أدعو للاحتفاظ بالبرنامج الانتخابي وأن تكون هناك برامج واقعية قابلة للتحقق لا حبر على ورق.. فالنائب لا يملك العصى السحرية.. وأرى أنه رغم وصولنا إلى 2018 إلا أن هناك خلطا واضحا بين محاور البرنامج البلدي والنيابي، أيضا نود التأكيد على أن الصلاحيات التي يمتلكها النائب محدودة، ونريد العمل بل ونطالب بزيادتها طبعا، لذا نريد من البرلمان القادم زيادة الصلاحيات قدر الامكان من أجل التغيير الحقيقي.. فلو كان العضو النيابي مساندا للبلدي لكان الأداء أفضل، أيضا لدينا وزراء لا يستقبلون البلديين بل يستقبلون النيابيين فقط وهذه مشكلة في حد ذاتها.
نحتاج للفكر والرؤية
هنادي الجودر: بصراحة أطمح لأكون أول رئيسة برلمان تكون (سيدة).. وسواء كنت أنا أو أي عنصر نسائي قوي سيدخل.. وبشكل عام وبعد الاحباطات التي عاشها الناس من أداء المجلس السابق، أطرح فكرة رغم أنني قانونية وأستاذة حقوق انسان - إلا أن شرط القراءة والكتابة لم يعد كافيا للدخول في المجلس النيابي وأيضا الترشح، فمخرجات هذا الأمر أدى إلى تمثيل ضعيف، وهنا تكمن المشكلة، نحن نحتاج إلى فكر ورؤية وقدرة على قراءة الواقع ، لدينا تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وقد تغيرت حظوظ المرأة اليوم، وأصبح تواجدها أقوى ، وأعتقد أن هذه الدورة ستكون دورة المرأة.. ولدي أمل في ذلك.
نعاني من مشكلة أسعار النفط وتأثيرها على الوضع الاقتصادي في البحرين، لذا لا نريد أن يمتد التأثير للمكتسبات المعيشية للمواطن.. أريد الدفاع عنها وعدم المساس بها، أيضا نحن نتحدث عن إدارة لمشاكلنا بطريقة لا تضر بالمواطن.. أيضا أريد أن أبين أن خطة الحكومة لا تمر إلا إذا كانت طلبات النواب مستوفاة فيها، فالسياسة فن الممكن .. ولعب دور أكبر وأكثر فاعلية لنواب بات حاجة تصب في تجاه نضج التجربة... لا نريد صداما بل نريد موائمة وتوافق في حل قضايانا.
برأيي وكوني قانونية أتبنى فكرة تطوير التشريعات، فلدينا وعي عام إلى حد كبير في الحاجة إلى وجود المتخصص، ولكن أيضا لا يزال اسقاط هذا الفكر على اختيار صحيح لا يزال بحاجة إلى وعي أكبر وهنا تأتي مسئولية الناخب.
نقلة نوعية للبحرين
هدى المحمود: في 2002 ، كان المشروع في بدايته، وكان تقديم المشروع الاصلاحي يمثل حراكا اجتماعيا سياسيا رائعا، فكان جلالة الملك يطمح لنقل البحرين نقلة نوعية، وقد مثل الاجماع على الميثاق نقطة تحول حقيقية بتصويت الشعب، أيضا دستورنا كفل حق المرأة في الترشيح والتصويت وهو ما سبقنا فيه الأمم، ولا يجب أن نتغافل عن ما تحقق من منجزات حقيقية مقارنة بعمر الشعوب في العالم، ومن حكم تخصصي هناك فجوة بين تغيير الفكر والتغيير المادي، وأرى أن جلالة الملك كان طموحه أكبر من الناس ولكن الناس لم يستوعبوا هذه الفكرة، والتجربة البرلمانية تراكمية، وقد مر غيرنا بمئات السنين ولا زالوا لم يصلوا إلى التجربة الكاملة.. الحراك الاجتماعي جميل، وحراك المرأة جميل وأطمح إلى 25 بالمئة للتمثيل يكون للنساء. والمستقبل مبشر بالخير ، فهناك اصرارا حقيقيا من المرأة.. وسواء وصلت أم لم تصل المرأة فهي موجودة وهذا يكفي، و16 سنة تجربة عمرها قصير جدا للحكم والتغيير وإحداث الفارق، لذا لابد من تراكم الخبرات، وعلى الشعب أن لا يخذلوا التجربة.. بل العمل مع الناس ومن أجل الناس.. فاليوم تغير وعي الناخب وأصبح يهتم بالنوعية.
ملامسة الواقع
فاطمة عباس: المشروع الاصلاحي مثمر.. ولا يمكن الوقوف دون العمل من أجله، وعي الناخب تغير اليوم وإن كان هناك برود في التفاعل الشعبي مع البرلمان، ولكن لابد من التأكيد على فكرة التمثيل أولا والحضور في البرلمان بشكل فاعل ومغاير، نريد الاجتهاد ونمتلك حب الاصرار ، نريد الانتاج، وأطمح لمجلس 2018 أن يكون قادرا على التغيير والإضافة، لذا نريد مخرجات وانجازات تضيف للبحرين والمواطن.. خاصة أن وعي المواطن في تغير.. ومن تجربتي السابقة في المجالس البلدية أعتقد أن المرأة قادرة على ملامسة الواقع بشكل عميق والعمل على تغييره بكل ما تملك من قوة، وترشحي اليوم للبرلمان يأتي لاستكمال هذا العمل الذي بدأته منذ سنوات طويلة.
برلمانيون بصامون
مريم الرويعي: أتفق مع جميع ما طرح من زميلاتي.. ففي 2014 نزلت نماذج دافعها الكسب المادي، وكان مستواهم واضح، لذلك على من يريد الوصول للبرلمان العمل من أجل البحرين، فقد كان الكتاب ينادون بالاستغناء عن البرلمان إذا كانت هذه عناصره، فقد كان بعضهم أشبه بالبرلمانيين البصامين دون حراك شعبي حقيقي، ودون تغيير واقعي، كما أن المناقشات والأداء العام لم يكن يمثل صوت الشعب، لذلك لابد من وقفة مراجعة ، فمثلا هناك من نادى لإلغاء المجالس البلدية واستبدالها بالأمانات، وهذا طرح لا نؤيده، فالتجربة البرلمانية لن تتعمق إلا من خلال الممارسة.. من 2002 كان هناك عدم معرفة بأهمية البرلمان ولم يعرفوا الفرق بين البلدي والنيابي.. وهناك مناطق متباينه.. كما إن خصوصية الدوائر تؤثر على التشكيل.. فهناك الكثير من القضايا التي أثرت على رأي الشارع، ومن خلال مناقشاتي مع الناس في دائرتي فإنني أدعو إلى المشاركة الإيجابية في كل الأحوال رغبة منا في احداث فارق في حياة الناس.
في 2014 نزلت بعض العناصر بدون دافع الحس الوطني، بل نزلوا من أجل التكسب المادي، ولا نعمم، ولكني خضت التجربة لمرتين في منطقة واحدة، وأشعر أن الوعي تطور بالنسبة للمترشح، ولكن التطور نسبي، فالموجود كان ضحلا وضعيفا قد أدى إلى مخرجات ضعيفة، والممثلين لم يعملوا لصالح المواطنين، وأطلق عليهم البصامين.
تجربتنا جديدة
رؤى الحايكي: بصفتي برلمانية سابقة ومترشحة حالية أرى أن التجربة نضجت، والدليل انتقاد المواطن للبرلمان، وقدرته على التفاعل الايجابي، فهناك أمورا كثيرة تطورت ورفعت من مستوى وعي الناخب، وتداخلت، فالتطور التكنولوجي مثلا أدى إلى تغير سلوك الناس، أيضا لعبت الصحافة دورا كبيرا على مستوى الطرح والرقابة والتغطية، وهذا كله يصب أو ينعكس على الشارع.. كل ذلك وغيره أدى إلى تغير في فكر الناخب، ووسط كل ذلك لابد من التأكيد على أهمية وجود البرلمان واستمراره، لما يمثله من ثقل على المستوى العالمي، كما لا يمكن أبدا الاستسلام لمن يريد وقف هذا الحراك السياسي الذي ينضج مع الاستمرار والنضج في الاختيار.
عندما أقارن تجربة البحرين بتجارب عريقة فنحن لا نزال تجربة حديثة، ودورنا اليوم يكمن في تعزيز دور البرلمان بصفته صوت الشعب، وعلى الجميع تقوية هذا الدور.. أتكلم بشكل حيادي ليس كوني برلمانية ولا مترشحة، أتكلم عن مبدأ وطني ، ولابد من الإشارة إلى أن جميع قضايا المواطنين طرحت في البرلمان سواء في وقته أو في جلسة لاحقه، وأضرب مثالا بقضية موضوع التقاعد، حيث وصل القانون قبل فض دور الانعقاد بأسبوعين، والبرلمان أوصل صوته.
أيضا اقول أنه لا يمكن التسليم لفكرة إلغاء البرلمان، بل يجب التحدث عن التنسيق والتعاون الداخلي بين النواب.. فالنواب مختلفين في الآراء، ويصعب توحيد الرأي، والتغيير لن يحصل إلا بالوقوف وقفة واحدة وفي ظل تبني رأي واحد.. كيف الشارع يتفق على قضية ، والنواب يختلف، يعني أن هناك وجهات نظر.. أيضا نحن أمام مسئولية نقل رأي الدائرة وليس فكر النائب الشخصي، وهذه مسألة جدلية.. هل أنقل رأي الشارع أيا كان أم أنقل رأي النائب من موقعه بين الشعب والحكومة.
إن دور النائب يجب أن يتمثل بشرح المواقف، ويكون في حوار مجتمعي حول القضايا، للتمهيد قبل التصويت على أي أمر حساس، ولابد من تفهم الشارع، وللاقناع يجب بذل الجهود.. وموضوع الضريبة مثالا هو موضوع خليجي لا يمكن رفضه، لابد من آلية ومهنية وخطوات تعزز العلاقة بين الناس والنائب وبين الناس والنواب من زملائه، وأيضا النائب والحكومة.. كلها مواجهات واختلافات في الآراء يجب أن يقودها الحوار.. وهنا الفرق بين من يرى الأداء من الداخل وبين من يرى الأمور من الداخل.
* نقاط القوة وخصوصية الدوائر ونقاش البرامج الانتخابية غدا في الجزء الثاني من الندوة
-- - - - -- - - -- - - -- - - -- - - - -- - - - -- - -- - -- - -
المشاركات في الندوة:
1- رؤى الحايكي نائب في برلمان 2014 ومترشحة في الدائرة السابعة بالمحافظة الجنوبية
2- صباح الدوسري عضو مجلس بلدي سابق ومترشحة في الدائرة السابعة بمحافظة المحرق
3- هدى المحمود مترشحة في الدائرة الثانية بمحافظة المحرق
4- فاطمة عباس القطري عضو مجلس بلدي سابق ومترشحة للبرلمان في الدائرة الثانية بالمحافظة الشمالية
5- زينب عبدالأمير مترشحة سابقة وحالية في الدائرة السابعة بمحافظة العاصمة
6- مريم الرويعي مترشحة للمرة الثالثة للمجلس النيابي في الدائرة الخامسة بالمحافظة الشمالية
7- نسرين معروف مترشحة في الدائرة الأولى المحافظة الجنوبية للمرة الأولى
8- هنادي الجودر مترشحة الدائرة الخامسة في محافظة المحرق للمرة الأولى
* ثمة معتذرات عن الندوة