حبا الله المملكة العربية السعودية الشقيقة بمقومات جغرافية وحضارية واقتصادية عديدة ومتنوعة، مكنتها من تبوؤ مكانة رفيعة بين الدول على مستوى العالم، وأن تكون نقطة ارتكازٍ في قلب العمق العربي والإسلامي، ومحركاً مهماً وفاعلاً في الأحداث على المستوى الإقليمي والدولي بفضل ما تتمتع به من مكانة وثقل استراتيجي وجيوسياسي رفيع، وقوة اقتصادية كبيرة وملهمة، ودبلوماسية حكيمة، طالما ميزّت علاقاتها الخارجية مع الدول على أساسٍ من الاحترام والتعاون المشترك لإرساء السلام والاستقرار في كل بقاع العالم.

إن المكانة المهمة والمتميزة للمملكة العربية السعودية مكّنتها من القيام بدورٍ محوري في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي، كما حفزّتها على استثمار مكامن قوتها الاقتصادية لبناء اقتصاد متنوع ومستدام، وتوظيف موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط القارات الثلاث (أفريقيا وآسيا وأوروبا) في إقامة مشاريع سياحية واستثمارية عملاقة تخدم رؤيتها المستقبلية 2030.

قبلة المسلمين وقلب الأمة العربية..

تفتخر المملكة العربية السعودية بهويتها الإسلامية الراسخة وقوميتها العربية الأصيلة، وبكونها أرض التاريخ وأقدم الحضارات الإنسانية، وقبلة المسلمين الأولى، والأرض التي شرفها الله باحتضان بيته العتيق والحرمين الشريفين، وخصّ قيادتها وأهلها الكرام بخدمة عشرات الملايين من ضيوف الرحمن في مواسم الحج والعمرة وإدارة هذا الحشد الغفير من المسلمين بشكل منظم ويسير.

كما تمثل المملكة العربية السعودية القلب النابض للأمة العربية، والركيزة الرئيسية لاستقرار المنطقة وصمام أمانها في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها، حيث تلعب المملكة عبر قنواتها الدبلوماسية المتوازنة وسياساتها المعتدلة دوراً محورياً للم الشمل العربي وتفعيل العمل العربي المشترك على كافة الأصعدة بما يساهم في إرساء دعائم الاستقرار ويحقق النهضة والتقدم للشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، إلى جانب بذل كافة الجهود وتقديم الدعم اللازم عبر قنوات الحوار والدبلوماسية لحل القضايا والأزمات، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبما يحقق المصالح العربية المشتركة.

مكانة إقليمية ودولية استراتيجية ومؤثرة..

وانطلاقاً من دورها المحوري عربياً وإسلامياً، وعضويتها المؤسسة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية واحتضانها لمقر الأمانة العامة للمجلس في الرياض، ساهمت السعودية بفاعلية وتأثير في وحدة الصف الخليجي والعمل على تعزيز وتعميق ما يربط الدول الأعضاء من اتفاقيات ومواثيق والحفاظ على خصوصية ما يجمع البيت الخليجي ويدفعه لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار كمنظمة إقليمية مؤثرة يجمع قياداتها وشعوبها أواصر محبة وأخوة عنوانها وحدة التاريخ والدم والمصير المشترك.

ونجحت المملكة العربية السعودية في التواجد والتفاعل بقوة داخل المجتمع الإقليمي والدولي عبر دعم قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب والتصدي لكل التهديدات والممارسات المخالفة للقوانين والأعراف الدولية، والانضمام إلى تحالفات وشراكات اقتصادية وأمنية وسياسية لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي، ودعم ومناصرة القضايا والشعوب المستضعفة والنامية عبر المؤسسات والمشروعات الإنسانية والإغاثية والمبادرات التي ترعاها وتشرف عليها المملكة، وخدمة الأهداف الإنمائية المستدامة للألفية الجديدة، والمساهمة في النهوض باقتصادات الدول واستقرار أسواق النفط والطاقة العالمية، إلى جانب المشاركة في جهود الحفاظ على المناخ العالمي.

وعلى مر التاريخ سجلت المملكة العربية السعودية مواقف مشرفة مع الدول التي تربطها علاقات صداقة، حيث جاءت رؤية المملكة 2030 لتستكمل هذا النهج، إذ تميزت بأنها رؤية متكاملة ربطت بين الاقتصاد ومفهوم الوسطية الدينية والحفاظ على البيئة والعلاقات الدولية والسياسة الخارجية والعلاقات مع الدول القائمة على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بصفتها قواعد ثابتة للعلاقات إضافة إلى احترام المواثيق الدولية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وهي جميعها عوامل أكسبت المملكة العربية السعودية احترام وتقدير جميع دول العالم.

وعلى صعيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب الدولي، عملت على تشكيل "التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن" عام 2015م، لاستعادة الشرعية في اليمن والتصدي لمحاولات جماعة الحوثي الإرهابية لزعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة، تبع ذلك في العام نفسه تأسيس المملكة "للتحالف العسكري الإسلامي" بمشاركة نحو 55 دولة إسلامية تحت قيادتها، لمحاربة الإرهاب واجتثاث جذوره في كل بقاع العالم.

ريادة اقتصادية وقوة استثمارية ملهمة..

تعد المملكة العربية السعودية اليوم من أقوى 20 اقتصاداً مؤثراً على مستوى العالم، كما أنها تسعى إلى أن تتبوأ مكانةً أكثر تقدماً بحلول عام 2030م.

وتمثل رؤية السعودية 2030 في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية حفظه الله وبتخطيط وإشراف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، نقلة تاريخية للمملكة الشقيقة إلى حقبة مستقبلية لما بعد النفط، من خلال استراتيجيات تنويع مصادر الدخل الوطني والتخلص من التبعية للذهب الأسود تحت مظلة إصلاحات شاملة وواسعة، مهدت الطريق للمملكة لكي تكون الدولة العربية الوحيدة التي تنضم إلى أكبر تجمع اقتصادي عالمي للدول العشرين ذات الاقتصادات الكبرى والناشئة المعروف بـ (مجموعة العشرين – G20).

وبفضل هذه السياسات والرؤى العالمية نحو المستقبل، استضافت السعودية الاجتماع الخامس عشر لمجموعة العشرين عام 2020، تزامناً مع ذروة تفشي جائحة كورونا، حيث سجلت المملكة خلال رئاستها التاريخية باعتبارها الدولة العربية الأولى في تاريخ مجموعة العشرين التي تترأس الاجتماعات، تأكيداً جديداً على مكانتها الإقليمية والدولية عبر دورها الرئيسي في تحقيق مزيد من التعاون وتوحيد الجهود العالمية وإيجاد الحلول الجماعية والخطط الاستراتيجية الشاملة للتصدي الناجع للجائحة.

موقع استراتيجي متميز يربط القارات وينشر السلام..

تقع المملكة العربية السعودية في ملتقى أهم طرق التجارة العالمية بين القارات الثلاث، آسيا وأوروبا وأفريقيا، وقد عملت القيادة السعودية عبر تعاقب العهود على استثمار هذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي المهم من خلال إبرام شراكات تجارية واقتصادية طويلة الأمد من أجل تعزيز قوة المملكة الاقتصادية ودعم الشركات السعودية لزيادة التصدير، إضافة إلى توظيف موقعها اللوجستي المميز والقريب من مصادر الطاقة لبدء مرحلة جديدة نحو الصناعة والتصدير وإعادة التصدير والشحن إلى جميع دول العالم.

كما استهدفت السعودية وعبر رؤيتها التنموية المستقبلية تنشيط القطاع السياحي بإقامة مشاريع سياحية وترفيهية وحضرية عملاقة في السواحل المطلة على البحر الأحمر، استثماراً لهذا التمركز الفريد لموقعها.

وتزامناً مع الاحتفالات بالذكرى 92 لليوم الوطني السعودي في 23 سبتمبر وإعلان توحيد المملكة، لا يمكن إغفال النجاح الاستثنائي الملهم الذي حققته المملكة العربية السعودية الشقيقة لبناء دولتها الحديثة، وفق رؤية مستقبلية طموحة، واستشراف ثاقب من لدن قيادتها الحكيمة لملامح المستقبل الجديد، ما يمثل نقطة تحول داعمة لتقديم المملكة وشعبها الشقيق للعالم بصورة أكثر انفتاحاً نحو المستقبل مع الحفاظ على الهوية والدين والتراث، وإعادة تقديمهم للعالم بمفهوم عصري يواكب التطور والتنوع والاختلاف.