علمت «عكاظ»، أن محكمة الاستئناف الجزائية في مكة المكرمة، أصدرت أمس (الثلاثاء)، حكماً جديداً في قضية رافعة الحرم، يقضي بإدانة شركة بن لادن بالإهمال ومخالفة قواعد السلامة وتغريمها 20 مليون ريال وعدم إدانتها بالديات الشرعية. وقضى الحكم بسجن 3 متهمين 6 أشهر لكل منهم، وتغريم كل مدان 30 ألف ريال، كما قضى الحكم بسجن 4 مهندسين مدة 3 أشهر لكل متهم وتغريم كل فرد 15 ألف ريال بعد إدانتهم بالإهمال ومخالفة قواعد السلامة.
وتضمن الحكم البراءة لأربعة من التهم المنسوبة إليهم، وانقضاء الدعوى الجزائية ضد متهم بعد وفاته، طبقاً لنظام الإجراءات الجزائية. وبحسب مصادر مطلعة، فإن الجلسة عقدت عبر الاتصال المرئي عن بعد بحضور أطراف الدعوى. ونقلت مصادر «عكاظ»، أن الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف نهائية، ما لم يتم تقديم طلب نقض أمام المحكمة العليا طبقاً للإجراءات النظامية.
ونقلت مصادر «عكاظ»، أن المحكمة العليا أصدرت قراراً في سقوط الرافعة الحديدية في يوم (الجمعة) 27/11/1436هـ، وتضمن نقض الحكم السابق بالبراءة الصادر من محكمة الاستئناف قبل عام، وتقرر إعادة القضية مجدداً لدائرة قضائية لتحكم فيها من جديد.
وبحسب مصادر «عكاظ»، جاء في قرار نقض المحكمة العليا، أنه وبدراسة الدائرة للقضية، وما أجري فيها من تحقيقات وما صدر بها من أحكام، وبعد الاطلاع على ما اشتملت عليه مرفقات المعاملة من مخاطبات لممثل وزارة المالية بطلب إزالة الرافعة لانتفاء الحاجة إليها، وحيث لم يتبين أن الشركة المشغلة للمشروع قدمت ما يثبت السماح ببقاء الرافعة قائمة منصوبة بنص صريح من مالك المشروع أو الاستشاري المشرف، واستندت في ذلك على تأويل بعض الجمل الواردة في المخاطبات وعلى السكوت اللاحق، ولأنه لا يُنسب إلى ساكت قول، ولأن المنع آخر ما تم التصريح به فإن واجب المتابعة وطلب الإذن يقع على عاتقها. وأضافت المحكمة في تسبيبها على فرض وجود الإذن ببقاء الرافعة، فإنه لم يُتحقق بشكل كاف من جواز بقاء ذراعها مرفوعة وعدم إنزال الذراع نظراً إلى أن زمن حدوث الحادثة كان في فترة موسم الحج وخلال المدة المقررة لإيقاف العمل حفاظاً على الحجاج والمعتمرين وحرصاً على سلامتهم وأمنهم، ولأن مقياس تحديد سرعة الرياح المثبت في الرافعة يتوقف عند عدم استخدامها، ولما ورد في كتيب تعليمات الرافعة من وجوب إنزال الذراع لدواعي السلامة إذا لم تكن الظروف الجوية واضحة، وما ورد فيه أن إنزال ذراع الرافعة يتطلب وقتاً كافياً وظروفاً ملائمة.
وبما أن مقتضى الواجب الشرعي أن يؤخذ بأعلى درجات الاحتياط لنفوس الحجيج مراعاة لكثافة أعدادهم وطبيعة الزمان وطول فترة التوقف خلال الموسم ومراعاة لتقلبات الأحوال الجوية خلال تلك الفترة، ولخطر الواقعة وعظيم أثرها، وما وقع بسببها من ضرر في الأنفس والأموال في البيت الحرام الذي جعله مثابة للناس وأمناً، أوضحت المحكمة العليا في قرار النقض: «ولما تبين خلال نظر القضية من عدم البحث الكافي بشأن وجود تنبيه بشأن الحالة الجوية المتصلة بالواقعة من حيث اتجاه الرياح وسرعتها، ومتى صدر هذا التنبيه وكيفية إبلاغه لذوي الشأن، مع أهمية ذلك وأثره البالغ، وحيث إن المحكمة العليا في قرارها السابق قد نبهت على وجوب التمحيص والتحقيق مع كل من يتوجه بحقه التقصير في إزالة الرافعة، وتركها مدة تزيد على الحاجة الفعلية إليها في موقع مكتظ بالأرواح البشرية، ويرتاده المسلمون من كل مكان، وفي موسم عظيم، وكل من أهمل في متابعة ذلك من جميع الجهات المعنية بالمشروع، ومدى تأثير هذا التقصير في الحادث، وإذا تبينت مسؤولية أشخاص آخرين فيعاملون وفق ما قررته المادة التاسعة عشرة من نظام الإجراءات الجزائية، وألا يتوقف الفصل في هذه القضية على ما ينتهي إليه الأمر في غيرهم لإمكان تعدد أسباب المحاسبة الجزائية، وحيث إن انتفاء الشبهة في التعدي وتعمد إيقاع الضرر وإيذاء الغير لا يلزم منه رفع المؤاخذة عمن قام به سبب ذلك بالتفريط تقصيراً أو إهمالاً».
وأضافت المحكمة العليا: «ولأن المتقرر شرعاً في المحاسبة الجزائية عمومها لمرتكبي الأفعال المجرمة سواء كانوا مباشرين أو متسببين بقدر الفعل الثابت في حق كل منهم، ولا يقال بامتناع محاسبة المتسبب جزائياً سواء مع وجود المباشر أو عدمه أو امتناع مساءلته، فالمحاسبة الجزائية ليست كالضمان لاختلاف وجه المسؤولية فيما بينهما، والشخصية المعنوية تحاسب جزائياً متى تم الفعل لمصلحتها وضمن توجه إدارتها، ولأن ما نسب إلى بقية المدعى عليهم لا يتوقف في ثبوته على وجود محاضر ضبط وإنما يجب على المحكمة التحقق من التهمة بحق كل منهم بناء على ما سبق في لائحة الدعوى من أدلة وقرائن ولم يسبب الحكم بشأن ذلك تسبيباً مفصلاً، ولوجوب تسبيب الأحكام التسبيب الشامل لجميع أجزاء الحكم، وأن يكون مفصلاً موضحاً لما حصل من الدائرة القضائية من جهد في البحث وإمعان النظر تحقيقاً للمقصود من التسبيب بناء على المادة 181 من نظام الإجراءات الجزائية، ولكون الموضوع بحالته غير صالح للحكم من قبل المحكمة العليا، قررت الدائرة نقض الحكم، وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف بمنطقة مكة المكرمة لتحكم فيها من جديد من غير من نظرها».
عمال تشغيل.. أميون !
ذكرت لائحة الاتهام للمدعي العام، أن بعض عمال تشغيل وتركيب الروافع والمفتشين العاملين في الموقع تنقصهم الكفاءة، وهناك نماذج لعمال معتمدين لتشغيل الروافع مع أنهم أميون، كما أنه لم تقدم أي أدلة موثقة لفريق التحقيق لإثبات مستوى الكفاءة والتدريب، واتهمت اللائحة المقاول، بأنه يعاني نقصاً في اعتماد عمال أكفاء للتشغيل والتحميل والمناولة بسبب تعدد جنسيات العمال ولغاتهم وتباين مستويات كفاءتهم وغياب برنامج تدريب واعتماد واضح لهم. وكشفت لائحة الاتهام أن تقريراً لشركة متخصصة أبرز مخاوف عديدة بشأن السلامة في جوانب عالية المخاطر تتصل بأعمال الرفع بمشاريع الجهة المشغلة بمكة المكرمة، ومن ضمنها مشروع توسعة المطاف، وعدم التجاوب مع خطابات وزارة المالية المطالبة بإزالة الرافعة لعدم الحاجة لها، إضافة إلى عدم وجود رخصة استخدام فحص للرافعة التي سقطت وعدم توافر دليل تشغيل مترجم باللغة العربية بمقصورة الرافعة التي سقطت وعدم تزويدهما بتقارير عن أحوال الطقس عند التشغيل.
وأكدت لائحة الاتهام، أن مشغل الروافع لم يقدم معلومات محددة حول سرعة الرياح التي يجب عندها إيقاف تشغيل الروافع، فيما أطلقت الأرصاد وحماية البيئة في الأيام قبلها تنبؤها عن احتمال هبوب رياح، ولكن لم يتم اتخاذ اللازم ما يدل على ضعف التواصل والمتابعة من قبل مسؤولي السلامة.لماذا توقف نظام منع التصادم ؟
لفتت اللائحة إلى أنه لم يتم تزويد مشغل الرافعة ومسؤولي السلامة بنشرة أو توقعات الأحوال الجوية، وهو أمر ضروري لتشغيل الروافع. في حين لم يكن دليل تشغيل الرافعة موجوداً في مقصورة الرافعة، كما لفتت اللائحة إلى أن الأشهر السابقة من الحادثة شهدت عدداً من الحوادث التي وقعت أو كادت أن تقع، ومر الأمر دون اتخاذ إجراءات تصحيحية على أرض الواقع أو الخروج بدروس مستفادة، ولم يصدر أي منشور تحذيري ولم يتم تبادل أي دروس مستفادة، مع أن الروافع في منطقة المطاف مزودة بأنظمة لمنع التصادم، لاسيما أن النظام متوقف عن العمل دون مبرر واضح ولا توجد خطط لإعادة تفعيله، كما تبين أن كثيراً من الروافع مختلفة الأنواع في الموقع غير مستخدمة وبعضها خارج الخدمة منذ وقت طويل ما قد يؤدي إلى تصادمها.
تفاصيل سقوط الرافعة
قرر المدعي العام، أمام المحكمة، أن سقوط الرافعة المجنزرة التابعة لمجموعة بن لادن السعودية، عند الساعة 18:05 مساء الجمعة 27/11/1436 المرتكزة على قاعدة تثبيت بالساحة الشرقية للمسجد الحرام، وهي بحالة توقف بزاوية 87 درجة، حيث هوى المرفاع (الذراعي الشبكي) على الجزء العلوي من المسجد الحرام، فيما استقر الذراع الرئيسي على دعامات الدرابزين الخرسانية؛ بسبب تعرضها لرياح هابطة بسرعة 80 كم/س تقريباً، نتج عنها وفاة 110 شهداء وإصابة 209 أشخاص بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة وتلفيات مادية بمبنى الحرم المكي الشريف، وقرر الادعاء توجيه التهم لمجموعة بن لادن بالإهمال والتقصير وعدم اتخاذ مسؤولي السلامة ومديري المشروع ما يجب عليهم من الحيطة والحذر في متابعة الأحوال الجوية وفق مراحل التنبيهات الصادرة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والتفاعل معها بإجراءات احتياطية تكفل سلامة الموقع ومرتاديه أو تقليل المخاطر والآثار الناجمة عن الحادثة أثناء مباشرتها للأعمال الإنشائية الموكلة لها في توسعة المطاف بالحرم المكي الشريف.
وقدم المتهمون مذكرات دافعوا فيها عن سلامة موقفهم، وأن الحادث كان بسبب رياح قوية، وأن الإجراءات الخاصة بالسلامة كانت متوفرة.
20 مليون ريال غرامة على شركة بن لادن
سجن 3 متهمين6 أشهر لكل منهم
تغريم كل مدان 30 ألف ريال
سجن 4 مهندسين 3 أشهر لكل متهم
براءة 4 من التهم المنسوبة إليهم
انقضاء «الدعوى» ضد متهم بعد وفاته