يكتمل وصول 2 مليون حاج بمشعر عرفات في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهم يتقاطرون إليه في زمان واحد لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى؛ لأداء ركن الحج الأعظم، وهو الوقوف على صعيد عرفة الطاهر، ومن فاته عرفة فاته الحج.
والحجاج يأتون إلى هذه البقعة الطاهرة وقد اشرأبت أعناقهم، وتوحدت قلوبهم، في مشهد إيماني مهيب، ملبين لله تعالى، رافعين أكف الضراعة إليه عز وجل، طالبين المغفرة والرحمة، والأمل يحدوهم أن يغفر لهم، ويعودوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، حيث يصلون الظهر والعصر قصراً وجمعاً بأذان وإقامتين، ويدعون بما تيسر لهم تأسياً واقتداءً بسنة خير البشر سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام.
ويباهي رب العالمين بأهل عرفات أهل السماء، كما ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا".
أين يقع عرفات
عرفات المشعر الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم، وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة، الذي يبلغ ارتفاعه (30) متراً، ويمكن الوصول إلى قمته عبر (91) درجة، وبوسطه شاخص طوله (4) أمتار ، فيما يحيط بعرفات قوس من الجبال ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة المكرمة والطائف شرق مكة بنحو (15)كيلو مترًا وعلى بعد (10) كيلومترات من مشعر منى و(6) كيلومترات من المزدلفة بمساحة تقدر بـ (10,4) كيلومتر مربع.
وبعرفة جبلها المشهور وهو أكمة صغيرة يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف وليس الوقوف على الجبل خاصة من واجبات الحج لقوله صلى الله عليه وسلم: "وقفت ها هنا بعرفة وعرفة كلها موقف".
فضل يوم عرفة
وليوم عرفة فضل عظيم، إذ ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، وذلك في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة". وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
تطوير جبل الرحمة
وشهدت المناطق المجاورة لجبل الرحمة في حج هذا العام 1443هـ إطلاق مشروع تطوير وتحسين المناطق المجاورة لجبل الرحمة، وذلك ضمن مبادرة معالجة التشوه البصري بالمشاعر المقدسة، سعياً للارتقاء بالخدمات والمرافق لتجويد الخدمة المقدمة لمرتادي المنطقة المحيطة بجبل الرحمة طوال العام، بشكل يتواكب مع متطلبات العصر.
ويحتوي المشروع على حزمة من الخدمات التي سترتقي بالمكان وتجعله أكثر راحة، إذ تبلغ مساحته 200 ألف متر مربع، وإنشاء مواقف عامة للباصات وأخرى لسيارات الزائرين، وتطوير دورات المياه الحالية، وإنشاء دورات مياه جديدة، إلى جانب إنارة الجبل والمنطقة المحيطة به، وتطوير وتحسين أعمدة تلطيف المناخ ومشارب المياه.
كما سيوفر المشروع مناطق خضراء وجلسات ومساحات لرياضة المشي، إضافة لنقاط بيع مطاعم وكافيهات، وعمل منظومة إرشادية، ومنصات لقنوات التلفزيون، وإنشاء أبراج مراقبة أمنية، وتجهيز مواقع مخصصة للجهات الحكومية التي تخدم الحاج والزائر.