أكد جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن القمة الأولى المشتركة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي تعكس إدراك كلا الجانبين بأهمية تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بينهما، والتي من شأنها أن تحقق للجانبين أهدافهما المنشودة والارتقاء بالشراكة الاستراتيجية بينهما إلى آفاق أرحب في مختلف الأصعدة.
جاء ذلك خلال القمة الأولى المشتركة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي لأصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء دول مجلس التعاون والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، برئاسة مشتركة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، دولة الرئاسة الحالية لمجلس التعاون، وشارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، اليوم الأربعاء، في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وفي مستهل كلمته قدم الأمين العام الشكر والتقدير، إلى معالي السيد شارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، على استضافة الاتحاد الأوروبي للقمة التاريخية الأولى بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، والتي جاء انعقادها انطلاقًا من الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين وامتدادًا لعلاقات الصداقة والتعاون بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، وتعزيزًا لفرص النمو والازدهار والاستقرار في كلا المنطقتين.
وذكر خلال الكلمة أنه طبقًا لاتفاقية التعاون التي أبرمها الجانبان في عام 1988، وبرنامج العمل المشترك للفترة 2022-2027، والمتضمن آليات ومقترحات بناءة للتعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها من المجالات الأخرى، مما يعتبر مصدر فخر لهذه العلاقة المتميزة هو تبوؤها لمكانة عالية على العديد من الأصعدة، منها التنسيق السياسي، والتعاون في مجال الطاقة، والأكاديمي، والصحي والثقافي، وأن الشراكة الاستراتيجية تحمل الكثير من الإمكانيات لتحقيق مستويات أعلى من التكامل الاقتصادي، والسياسي والأمني وتعزيز التواصل بين شعوبنا، وهذه القمة التاريخية سوف تدفع بعجلة هذا التكامل لتحقيق ما نتطلع إليه جميعاً.
كما أشار الأمين العام، إلى أن التهديدات والتحديات التي تواجه عالمنا اليوم تتطلب ديمومة التشاور والعمل الجماعي لمواصلة التعاون بين دولنا في المجالات كافة لتحقيق الأمن والنماء والاستقرار للمنطقتين وللعالم أجمع.
كما أكد بأن قطاع غزة يعيش تحت وطأة حرب تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية، يدفع ثمنها المدنيون الفلسطينيون الأبرياء، وإننا وفي الوقت الذي نشعر فيه بالألم والمرارة لما يرزح تحته الشعب الفلسطيني الشقيق من جرائم بحقه، فإننا نؤكد في هذا الصدد على موقف مجلس التعاون الذي طالما يدعو إلى ضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، والسماح بدخول فرق الإغاثة الإنسانية دون قيود، كما نؤكد الرفض القاطع للتهجير القسري للمدنيين في قطاع غزة، وضرورة الالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وهذا يتطلب منا اتخاذ التدابير اللازمة للدفع بالجهود الجماعية لوقف هذه الحرب، والضغط على إسرائيل للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
وفي سياق متصل أضاف معاليه أن عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة أدى إلى التصعيد المتزايد في الأراضي الفلسطينية وامتداد رقعة الحرب إلى الأراضي اللبنانية، وما تشهده منطقة البحر الأحمر، واستهداف السفن التجارية والناقلات العابرة، مما أضر بسلاسل الإمداد التجارية، وكبدت الدول المصدرة والمستهلكة الكثير من الخسائر، ورفعت أسعار السلع على المستهلكين بشكل كبير، ولطالما أكد مجلس التعاون على أهمية خفض التصعيد والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتغليب الحلول السياسية ولغة الحوار والمفاوضات، وتجنيب المنطقة والعالم مزيدًا من عدم الاستقرار ومن أخطار الحروب والدمار وآثارها على شعوب المنطقة والعالم، وإن إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط
لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود 1967م، هو السبيل الوحيد لأمن واستقرار المنطقة.
واكد الأمين العام، على استمرار جهود دول مجلس التعاون لإنهاء الأزمة في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، ومنها الدور القيّم والكبير للمملكة العربية السعودية ودولة قطر، وجهودهما المستمرة من خلال التنسيق المتواصل مع الشركاء الدوليين، واللجنة الوزارية برئاسة المملكة العربية السعودية، والتي تم تشكيلها بناءً على نتائج القمة العربية الإسلامية الاستثنائية، مجددين التشديد على أهمية مبادرة "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، التي أطلقتها المملكة العربية السعودية بمشاركةِ دولٍ عربية وإسلامية والشركاء الأوروبيين، والذي يهدف إلى الوصول إلى الدولة الفلسطينية، انسجامًا مع القرارات الأممية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
كما استذكر معاليه خلال كلمته أن مجلس التعاون أكد دائمًا في أوكرانيا، على احترام مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والحفاظ على النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول، وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، لقد قامت دول مجلس التعاون بجهود لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، لوقف إطلاق النار، وحل الأزمة سياسيًا، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع من خلال المفاوضات، الى جانب جهودها في تبادل الأسرى بين الجانبين.
كما توجه خلال كلمته، بخالص الشكر والتقدير لشارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، على جهوده القيادية المتميزة ودوره الفاعل في تعزيز العلاقات بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، مشيداً برؤيته ودعمه المستمر، كان له الأثر الكبير في تطوير شراكتنا الاستراتيجية، وتعزيز التعاون مع منطقتنا، ومثمنًا في الوقت ذاته جهود السيد جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية، المتميزة وإسهاماته الكبيرة في تعزيز العلاقات بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، خلال فترة توليه منصبه، وأن دورهم الريادي كان له بصمة واضحة في دفع عجلة الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين، و أن إرثهما سيظل ملهمًا لتعزيز الحوار والتعاون بين منطقتينا.
وفي ختام كلمته أعرب عن تطلعه، بكل أمل وثقة إلى أن تكون هذه القمة التاريخية محطة انطلاقة إضافية لتعميق التعاون والشراكة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، من جانب، وأن تُثمر عن نتائج تعزز الاستقرار والازدهار في منطقتينا وكافة دول العالم، من جانب آخر، فإن مستقبل التعاون بيننا واعد، ونمتلك إمكانيات كبيرة لتحقيق تطلعات شعوبنا نحو المزيد من التكامل الاقتصادي، والسياسي، والأمني، آملًا معاليه بأن تُمهّد هذه القمة الطريق نحو مستقبل أرحب، يحقق آمالنا المشتركة في بناء عالم أكثر سلامًا ورخاءً.