لطالما استهوى السفر والطيران الكثير منا، لكن عندما يكون الطيران عسكرياً وحربياً فإن الأمر مختلف أيما اختلاف، فهو مزيج بين المعرفة والخبرة والبطولة والمغامرة والتفاني في خدمة الأوطان، هذا ما يكشفه اللقاء الخاص الذي أجرته «ضفاف الخليج» مع اللواء ركن طيار متقاعد صابر السويدان القائد السابق للقوة الجوية الكويتية.
تنوع مصادر الأسلحة
وقد انطلق لقاؤنا مع السويدان بسؤاله حول تنوع مصادر الأسلحة في القوات الجوية الخليجية وهو ما أجاب عنه بقوله إن التنوع «يسانده رأي معارض ورأي موافق، فالمساند يرى أن توحيد مصادر تلك الأسلحة يخلق تناغماً بين الخليج حيث يمكن أن تكون قطع الغيار والذخائر وتدريب الطيارين والفنية موحدة المصدر وتسهل من عمليات التبادل حيث الحاجة، وكذلك ستساهم في تقليل الكلفة بصورة كبيرة وتجعل من القوات الجوية تتعامل مع مصدر واحد بدلاً من عدة مصادر.
بينما يرى الرأي المعارض بأنه من الخطر وضع جميع البيض في سلة واحدة لأنه في حال الخلاف مع المصدر الوحيد ووقف الإمدادات منه ستصاب القوات الجوية بشلل، وهو مشابه لما حدث مثلاً لإسرائيل في ستينات القرن الماضي عندما أوقف الرئيس الفرنسي شارل ديغول إمدادات قطع الغيار والأسلحة والذخائر، بعد اعتداء إسرائيل على مطار بيروت، كما أن كل دولة خليجية تختلف متطلبات تسليحها عن الأخرى بحكم الحجم وعدد السكان وإمكانية تشغيل أنظمة تسليح معقدة، ولكن في المقابل يمكن توحيد مصدر الدول، فمثلاً يمكن الاعتماد على النظام الغربي في شراء أسلحة القوة الجوية، بحكم أن دول حلف شمال الأطلسي تستخدم نظاماً موحداً لتشغيل وتصنيع وتذخير الطائرات، فيمكن في هذه الحالة رغم تنويع مصادر الأسلحة أن يكون عامل التوحيد موجوداً، وكمثال سواء كانت الطائرات التي تشتريها إحدى دول الخليج العربي من فرنسا أو بريطانيا أو أي دولة أوروبية أخرى ضمن نطاق حلف شمال الأطلسي، فهي تستخدم نفس نظام التعليق على القنابل والمعروف باسم TER/MER، وكذلك نظام التعليق ذو 14 إنش 14 Inch Suspension، وهكذا بالنسبة لبقية الأنظمة».
وأردف السويدان «أما رأيي الشخصي هو عدم تشتيت الجهد في الشراء من مصادر كثيرة، والاعتماد على مصدرين أو ثلاثة لأن تنوع منظومات التسليح الكثيرة، والتي تختلف من دولة إلى أخرى، تتطلب جهداً في التدريب والعمليات والصيانة، وتطلب كفاءة عالية للتعامل مع مصادر مختلفة في التسليم».
صفقات أسلحة جديدة
وأفاد السويدان بوجود صفقات أسلحة جديدة في دول مجلس التعاون، فقبل أيام في معرض ايدكس في دولة الإمارات العربية تم التوقيع على صفقات، كما أن بعض الدول الخليجية بصدد التوقيع على صفقات لطائرات ومنظومات دفاع جوي ورادارات وسفن صاروخية ودبابات ومدرعات للقوات البرية، وجميع تلك الصفقات تتميز بأنها الأحداث والأفضل في الترسانة الغربية، رغم شراء بعض المنظومات الشرقية من روسيا لبعض دول المجلس إلا أنها أيضاً تصنف بأنها أفضل ما هو موجود في ترسانة روسيا وأوكرانيا.
الطائرات بدون طيار
وفي حديث حول الطائرات بدون طيار بين السويدان أنه «لا شك بأن التغيرات التي حدثت في السنوات الماضية بطريقة القتال ومنظومات الأسلحة وتطور المفاهيم الرقمية، قد أحدثت ثورة في عالم القتال، حيث شاهدنا تلك التغيرات في أول حرب رقمية في التاريخ عام 1991 في حرب تحرير الكويت، ثم استخدام مبدأ الرعب والصدفة في حرب تحرير العراق عام 2003، وفي المدة الأخيرة ازدادت ويتم استخدام الطائرات بدون طيار في المعارك وفي الضربات الاستباقية التي جرت في أفغانستان وباكستان واليمن، كون تلك الطائرات تستطيع التحليق لفترات زمنية طويلة بدون الحاجة إلى التزود بالوقود بالجو، وهي رخيصة الثمن ولا يوجد خطر على الطيارين إذا أسقطت كما أنها تعمل بدون أن يكتشفها الأعداء، خاصة المناطق الإرهابية، وقد رأينا أخيراً كيف قام النظام الإيراني باستخدام طائرات بدون طيار بصفة كبيرة في المنطقة، وعموماً تستطيع تلك الطائرات بدون طيار في حال استخدامها في الخليج أن تقدم خدمات عديدة فهي قادرة على التصوير الجوي ونقل صورة متواصلة للأهداف والأماكن المراد مراقبتها، كما أنها إذا تم تسليحها تستطيع مهاجمة أهداف مختارة بدقة وبدون الخوف من فقدان الطيارين».
جاهزية القوات الخليجية وميزان القوة مع إيران
ولم يفتنا أن نقف على جاهزية القوات الخليجية التي حدثنا عنها السويدان قائلاً «منذ نهاية حرب تحرير الكويت عام 1991 ودول الخليج العربية تحقق تقدماً حقيقياً في جاهزية القوات الجوية، كما أنها كانت تعد وتجهز تلك القوات خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وقد ازدادت الحاجة إلى تقوية وتحديث القوات الجوية في الخليج العربية بعد بروز الخطر الإيراني من خلال شراء أحدث منظومات الأسلحة والاعتماد على الأمن الجماعي، وقد أثبتت التجارب الحية سواء أثناء الحرب العراقية الإيرانية أو أثناء حرب تحرير العراق بتفوق وجاهزية القوات الجوية لدول مجلس التعاون، لكونها تمتلك ترسانة أحدث الطائرات والمنظومات الأسلحة وتتمتع بتدريب عالي الكفاءة، كما أن الطيارين يمتازون بقدرات عملياتية عالية وذات مستوى رفيع نتيجة التدريب الجيد وكفاءة الطائرات، ولعل المستوى الباهر الذي ظهرت به القوات الجوية الخليجية المشاركة في عملية عاصفة الحزم في اليمن أبرز مثال على ذلك التفوق».
وأردف «إنه عند المقارنة بين دول مجلس التعاون وإيران في مجال القوة الجوية سنرى أن الدول الخليجية تتفوق على إيران من ناحية الطائرات الحديثة المزودة بأفضل المعدات، وامتياز الطيارين بالكفاءة العملياتية مقارنة بالسلاح الجوي الإيراني الذي يستخدم طائرات عتيقة من زمان الشاه، ولم يستطيع الخروج بثورة التدريب الذي اعتاد عليه قبل وجود الحظر الاقتصادي، ويمكن أن نقول إن إيران ربما تتفوق في مجال الصواريخ البالستية التي تمتلك أعداداً كبيرة منها وتقوم بين الحين والآخر بإطلاق مجموعة منها، بالتعاون مع كوريا الشمالية، ولكن نقطة الضعف التي تعاني منها القوات الجوية الإيرانية مقارنة بدول الخليج هي عدم وجود نظام قيادة وسيطرة وإدارة المعركة C41bM الأمر المتوفر لدول الخليج العربية».
الحملة الجوية على اليمن
وفي وقفة مع السويدان حول أهم الدروس المستفادة من حرب اليمن قال، «لقد أثبتت حرب اليمن التخطيط الجيد للحملة الجوية ونجاحه في التنفيذ، كما ضمنت بداية العملية المفاجأة الكاملة بوقت الهجوم، وكانت قائمة الأهداف واضحة ولم يتم إصابة أي منشأة مدنية، ورغم وجود عدة طائرات مختلفة لدول مختلفة إلا أن قيادة التحالف استطاعت السيطرة على الأجواء وكانت أوامر الطيران القتالية «ATO» واضحة وسلسة وسهلة التطبيق، وقد استطاع التحالف منذ الساعة الأولى لبدء الحملة الحصول على التفوق الجوي ومن ثم السيادة الجوية حسبما كان مخططاً. وفضلاً عن هذا فقد أكدت هذه الحرب على أهمية الإعداد المسبق لمسرح العمليات وخاصة مع الأعداد الكبيرة من الأفراد والمعدات من الدول المشاركة الذين احتشدوا حيث اتضح رغم ذلك قدرة وقوة البنية التحتية للقواعد الجوية السعودية، إلى جانب أهمية توفر وسائل نقل جوية وبحرية وبرية من أجل تسهيل نقل القوات خاصة للدول التي تشارك من خارج قواعدها ولا تملك وسائل نقل استراتيجي، وهو ما يتطلب توفير نقل استراتيجي «جوي/ بحري» لنقل أحجام مختلفة من المعدات في أقل وقت ممكن».
وأضاف السويدان «لا ننسى أيضاً، أهمية نظام القيادة والسيطرة حيث إنها المرة الأولى التي تشارك فيها عدة قوات جوية في مسرح العمليات وهو ما يتطلب من أجل القيادة والسيطرة المستمرة وضع إجراءات العمل المستديمة لمركز العمليات الذي يدير المعركة الجوية. وقد كانت المعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها قبل الهجوم دقيقة وحاسمة في تدمير قائمة الأهداف، كما أعطت الحملة الجوية الطيارين مرونة في قصف الأهداف مع تفادي قصف أهداف مدنية أو إصابتها عن طريق النيران الصديقة مما سهل مهمتهم، إلى جانب أسلوب القنص الحر الذي كان سلساً وسهلاً للطيارين لقصف أهداف غير مخطط لها، وأثبتت القوة الجوية الملكية السعودية علو كعبها في القتال الليلي وهو من الأمور الصعبة في الطيران نظراً لكون العمليات الجوية في بداية الأسابيع الأولى قد ركزت على القتال والقصف الليلي. وقد ساهمت طائرات التحالف المميزة والمزودة بتسليح متقدم في نجاح الهجوم الجوي، وشكلت بعض الخروقات الأمنية لبعض الأفراد من بعض الدول خللاً أمنياً».
وأردف بقوله «لقد بينت حرب اليمن معدلات ودقة الإصابة العاليين للأهداف الحوثية قيمة التدريب الجيد لطياري التحالف ومقدرتهم الفائقة على التكتيك المستخدم لطائرات التحالف في تقليص فقدان الطائرات لأسباب قد تكون فنية، وأنه على الرغم من وجود قواعد اشتباك موحدة لدول الخليج إلا أن اشتراك دول من خارج المجلس كان يتطلب إجراءات تنسيق جديدة لدعم قواعد الاشتباك الخاصة بالحملة الجوية في اليمن، كما تبين وجود ضعف لبعض الدول في مجال المراقبة والاستطلاع وتبادل المعلومات والدعم اللوجستي وإعادة تزويد الطائرات بالوقود، فضلاً عن أن عدم وجود جدول زمني لانتهاء العمليات سبب مشاكل لوجستية لبعض الدول، ولكن المرحلة الأولى من الحملة الجوية قد حققت نجاحاً كبيراً ملحوظاً».
تمرين حسم العقبان
ومع قرب انطلاق «تمرين حسم العقبان» حدثنا عنه السويدان مشيراً إلى أنه أحد التمارين المشتركة التي تقوم بها وحدات مختلفة من دول الخليج في الكويت في شهر مارس، بقصد تحسين خطط الردع لتلك الدول، وتجربة التعاون العسكري المشترك وتبادل الخبرات، حيث تستمر فعالياته لمدة خمسة أيام، وتستضيفه في نسخته الـ14 التي سخر الجيش الكويتي فيها جميع الإمكانيات لإنجاح التمرين، وسيقام التمرين في البر والبحر والجو، ويعتبر هذا التمرين من أكبر التمارين العسكرية الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي، ويركز على إدارة العمليات المشتركة والتنسيق في أمور عدة، مثل الدفاع بالصواريخ البالستية وطرق محاربة الإرهاب، ورفع الجاهزية القتالية وقياس القدرة على إدارة الأزمات، كما سيعزز من التعاون على مستوى الدفاع الإقليمي بين دول الخليج والدول الشقيقة والصديقة، حيث ستشارك وزارات وهيئات كويتية مدنية بالتمرين، إلى جانب دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية.
الفحوصات الطبية للطيارين
ولفت السويدان إلى أن أسلوب الحياة الجديدة للشباب قد أثر بصورة كبيرة على مقدرتهم الصحية للتأهل كطيارين، فمثلاً من ملاحظتي أثناء خدمتي في القوة الجوية، معاناة الكثير من الشباب من مشكلة النظر، بسبب الاستخدام المكثف للكمبيوتر والأجهزة اللوحية التلفونات النقالة، بعكس الأجيال السابقة التي لم تكن تعاني من مشكلة النظر بسبب عدم وجود تلك الأجهزة، حينها ورغم الادعاء بأن تحسين النظر قد تم تجاوزه بعمليات الليزر والليزك إلا أن ذلك لا يعفي من الحاجة إلى وجود شباب مؤهل الصحية بالكامل لاجتياز فحوصات الطيران الكثيفة، ومن ضمنها تحسين النظر بإجراء عمليات للعين على الرغم من قيام بعد الدول من ضمنها الولايات المتحدة في قبول الطيارين الذين يقومون بتعديل نظرهم بالعمليات المحسنة.
وألقينا مراسينا..
بعد جولة جوية حربية ماتعة، وقفنا فيها على بعض الرؤى العسكرية الجوية وأسرارها، مع آمر قاعدة علي السالم الجوية، أقرب قاعدة للحدود العراقية. قاد القتال فيها وأخرج طائرات الميراج والغزال للتصدي للغزو، واستمر يقود قتال شرس حتى سقطت القاعدة بعد تدمير مدارج الهبوط وتحول طائرات القاعدة كلها للمطارات السعودية، حيث أسره العراقيون في يوم الجمعة 3 أغسطس 1990، وأخذوه كأسير حرب لمدة سبعة أشهر. ضيفنا اليوم ألّف عدّة كتب مع رفيقه في السلاح د.ظافر العجمي، منها «تاريخ القوة الجوية الكويتية» و«تاريخ الجيش الكويتي»، ومؤلفات أخرى.
تنوع مصادر الأسلحة
وقد انطلق لقاؤنا مع السويدان بسؤاله حول تنوع مصادر الأسلحة في القوات الجوية الخليجية وهو ما أجاب عنه بقوله إن التنوع «يسانده رأي معارض ورأي موافق، فالمساند يرى أن توحيد مصادر تلك الأسلحة يخلق تناغماً بين الخليج حيث يمكن أن تكون قطع الغيار والذخائر وتدريب الطيارين والفنية موحدة المصدر وتسهل من عمليات التبادل حيث الحاجة، وكذلك ستساهم في تقليل الكلفة بصورة كبيرة وتجعل من القوات الجوية تتعامل مع مصدر واحد بدلاً من عدة مصادر.
بينما يرى الرأي المعارض بأنه من الخطر وضع جميع البيض في سلة واحدة لأنه في حال الخلاف مع المصدر الوحيد ووقف الإمدادات منه ستصاب القوات الجوية بشلل، وهو مشابه لما حدث مثلاً لإسرائيل في ستينات القرن الماضي عندما أوقف الرئيس الفرنسي شارل ديغول إمدادات قطع الغيار والأسلحة والذخائر، بعد اعتداء إسرائيل على مطار بيروت، كما أن كل دولة خليجية تختلف متطلبات تسليحها عن الأخرى بحكم الحجم وعدد السكان وإمكانية تشغيل أنظمة تسليح معقدة، ولكن في المقابل يمكن توحيد مصدر الدول، فمثلاً يمكن الاعتماد على النظام الغربي في شراء أسلحة القوة الجوية، بحكم أن دول حلف شمال الأطلسي تستخدم نظاماً موحداً لتشغيل وتصنيع وتذخير الطائرات، فيمكن في هذه الحالة رغم تنويع مصادر الأسلحة أن يكون عامل التوحيد موجوداً، وكمثال سواء كانت الطائرات التي تشتريها إحدى دول الخليج العربي من فرنسا أو بريطانيا أو أي دولة أوروبية أخرى ضمن نطاق حلف شمال الأطلسي، فهي تستخدم نفس نظام التعليق على القنابل والمعروف باسم TER/MER، وكذلك نظام التعليق ذو 14 إنش 14 Inch Suspension، وهكذا بالنسبة لبقية الأنظمة».
وأردف السويدان «أما رأيي الشخصي هو عدم تشتيت الجهد في الشراء من مصادر كثيرة، والاعتماد على مصدرين أو ثلاثة لأن تنوع منظومات التسليح الكثيرة، والتي تختلف من دولة إلى أخرى، تتطلب جهداً في التدريب والعمليات والصيانة، وتطلب كفاءة عالية للتعامل مع مصادر مختلفة في التسليم».
صفقات أسلحة جديدة
وأفاد السويدان بوجود صفقات أسلحة جديدة في دول مجلس التعاون، فقبل أيام في معرض ايدكس في دولة الإمارات العربية تم التوقيع على صفقات، كما أن بعض الدول الخليجية بصدد التوقيع على صفقات لطائرات ومنظومات دفاع جوي ورادارات وسفن صاروخية ودبابات ومدرعات للقوات البرية، وجميع تلك الصفقات تتميز بأنها الأحداث والأفضل في الترسانة الغربية، رغم شراء بعض المنظومات الشرقية من روسيا لبعض دول المجلس إلا أنها أيضاً تصنف بأنها أفضل ما هو موجود في ترسانة روسيا وأوكرانيا.
الطائرات بدون طيار
وفي حديث حول الطائرات بدون طيار بين السويدان أنه «لا شك بأن التغيرات التي حدثت في السنوات الماضية بطريقة القتال ومنظومات الأسلحة وتطور المفاهيم الرقمية، قد أحدثت ثورة في عالم القتال، حيث شاهدنا تلك التغيرات في أول حرب رقمية في التاريخ عام 1991 في حرب تحرير الكويت، ثم استخدام مبدأ الرعب والصدفة في حرب تحرير العراق عام 2003، وفي المدة الأخيرة ازدادت ويتم استخدام الطائرات بدون طيار في المعارك وفي الضربات الاستباقية التي جرت في أفغانستان وباكستان واليمن، كون تلك الطائرات تستطيع التحليق لفترات زمنية طويلة بدون الحاجة إلى التزود بالوقود بالجو، وهي رخيصة الثمن ولا يوجد خطر على الطيارين إذا أسقطت كما أنها تعمل بدون أن يكتشفها الأعداء، خاصة المناطق الإرهابية، وقد رأينا أخيراً كيف قام النظام الإيراني باستخدام طائرات بدون طيار بصفة كبيرة في المنطقة، وعموماً تستطيع تلك الطائرات بدون طيار في حال استخدامها في الخليج أن تقدم خدمات عديدة فهي قادرة على التصوير الجوي ونقل صورة متواصلة للأهداف والأماكن المراد مراقبتها، كما أنها إذا تم تسليحها تستطيع مهاجمة أهداف مختارة بدقة وبدون الخوف من فقدان الطيارين».
جاهزية القوات الخليجية وميزان القوة مع إيران
ولم يفتنا أن نقف على جاهزية القوات الخليجية التي حدثنا عنها السويدان قائلاً «منذ نهاية حرب تحرير الكويت عام 1991 ودول الخليج العربية تحقق تقدماً حقيقياً في جاهزية القوات الجوية، كما أنها كانت تعد وتجهز تلك القوات خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وقد ازدادت الحاجة إلى تقوية وتحديث القوات الجوية في الخليج العربية بعد بروز الخطر الإيراني من خلال شراء أحدث منظومات الأسلحة والاعتماد على الأمن الجماعي، وقد أثبتت التجارب الحية سواء أثناء الحرب العراقية الإيرانية أو أثناء حرب تحرير العراق بتفوق وجاهزية القوات الجوية لدول مجلس التعاون، لكونها تمتلك ترسانة أحدث الطائرات والمنظومات الأسلحة وتتمتع بتدريب عالي الكفاءة، كما أن الطيارين يمتازون بقدرات عملياتية عالية وذات مستوى رفيع نتيجة التدريب الجيد وكفاءة الطائرات، ولعل المستوى الباهر الذي ظهرت به القوات الجوية الخليجية المشاركة في عملية عاصفة الحزم في اليمن أبرز مثال على ذلك التفوق».
وأردف «إنه عند المقارنة بين دول مجلس التعاون وإيران في مجال القوة الجوية سنرى أن الدول الخليجية تتفوق على إيران من ناحية الطائرات الحديثة المزودة بأفضل المعدات، وامتياز الطيارين بالكفاءة العملياتية مقارنة بالسلاح الجوي الإيراني الذي يستخدم طائرات عتيقة من زمان الشاه، ولم يستطيع الخروج بثورة التدريب الذي اعتاد عليه قبل وجود الحظر الاقتصادي، ويمكن أن نقول إن إيران ربما تتفوق في مجال الصواريخ البالستية التي تمتلك أعداداً كبيرة منها وتقوم بين الحين والآخر بإطلاق مجموعة منها، بالتعاون مع كوريا الشمالية، ولكن نقطة الضعف التي تعاني منها القوات الجوية الإيرانية مقارنة بدول الخليج هي عدم وجود نظام قيادة وسيطرة وإدارة المعركة C41bM الأمر المتوفر لدول الخليج العربية».
الحملة الجوية على اليمن
وفي وقفة مع السويدان حول أهم الدروس المستفادة من حرب اليمن قال، «لقد أثبتت حرب اليمن التخطيط الجيد للحملة الجوية ونجاحه في التنفيذ، كما ضمنت بداية العملية المفاجأة الكاملة بوقت الهجوم، وكانت قائمة الأهداف واضحة ولم يتم إصابة أي منشأة مدنية، ورغم وجود عدة طائرات مختلفة لدول مختلفة إلا أن قيادة التحالف استطاعت السيطرة على الأجواء وكانت أوامر الطيران القتالية «ATO» واضحة وسلسة وسهلة التطبيق، وقد استطاع التحالف منذ الساعة الأولى لبدء الحملة الحصول على التفوق الجوي ومن ثم السيادة الجوية حسبما كان مخططاً. وفضلاً عن هذا فقد أكدت هذه الحرب على أهمية الإعداد المسبق لمسرح العمليات وخاصة مع الأعداد الكبيرة من الأفراد والمعدات من الدول المشاركة الذين احتشدوا حيث اتضح رغم ذلك قدرة وقوة البنية التحتية للقواعد الجوية السعودية، إلى جانب أهمية توفر وسائل نقل جوية وبحرية وبرية من أجل تسهيل نقل القوات خاصة للدول التي تشارك من خارج قواعدها ولا تملك وسائل نقل استراتيجي، وهو ما يتطلب توفير نقل استراتيجي «جوي/ بحري» لنقل أحجام مختلفة من المعدات في أقل وقت ممكن».
وأضاف السويدان «لا ننسى أيضاً، أهمية نظام القيادة والسيطرة حيث إنها المرة الأولى التي تشارك فيها عدة قوات جوية في مسرح العمليات وهو ما يتطلب من أجل القيادة والسيطرة المستمرة وضع إجراءات العمل المستديمة لمركز العمليات الذي يدير المعركة الجوية. وقد كانت المعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها قبل الهجوم دقيقة وحاسمة في تدمير قائمة الأهداف، كما أعطت الحملة الجوية الطيارين مرونة في قصف الأهداف مع تفادي قصف أهداف مدنية أو إصابتها عن طريق النيران الصديقة مما سهل مهمتهم، إلى جانب أسلوب القنص الحر الذي كان سلساً وسهلاً للطيارين لقصف أهداف غير مخطط لها، وأثبتت القوة الجوية الملكية السعودية علو كعبها في القتال الليلي وهو من الأمور الصعبة في الطيران نظراً لكون العمليات الجوية في بداية الأسابيع الأولى قد ركزت على القتال والقصف الليلي. وقد ساهمت طائرات التحالف المميزة والمزودة بتسليح متقدم في نجاح الهجوم الجوي، وشكلت بعض الخروقات الأمنية لبعض الأفراد من بعض الدول خللاً أمنياً».
وأردف بقوله «لقد بينت حرب اليمن معدلات ودقة الإصابة العاليين للأهداف الحوثية قيمة التدريب الجيد لطياري التحالف ومقدرتهم الفائقة على التكتيك المستخدم لطائرات التحالف في تقليص فقدان الطائرات لأسباب قد تكون فنية، وأنه على الرغم من وجود قواعد اشتباك موحدة لدول الخليج إلا أن اشتراك دول من خارج المجلس كان يتطلب إجراءات تنسيق جديدة لدعم قواعد الاشتباك الخاصة بالحملة الجوية في اليمن، كما تبين وجود ضعف لبعض الدول في مجال المراقبة والاستطلاع وتبادل المعلومات والدعم اللوجستي وإعادة تزويد الطائرات بالوقود، فضلاً عن أن عدم وجود جدول زمني لانتهاء العمليات سبب مشاكل لوجستية لبعض الدول، ولكن المرحلة الأولى من الحملة الجوية قد حققت نجاحاً كبيراً ملحوظاً».
تمرين حسم العقبان
ومع قرب انطلاق «تمرين حسم العقبان» حدثنا عنه السويدان مشيراً إلى أنه أحد التمارين المشتركة التي تقوم بها وحدات مختلفة من دول الخليج في الكويت في شهر مارس، بقصد تحسين خطط الردع لتلك الدول، وتجربة التعاون العسكري المشترك وتبادل الخبرات، حيث تستمر فعالياته لمدة خمسة أيام، وتستضيفه في نسخته الـ14 التي سخر الجيش الكويتي فيها جميع الإمكانيات لإنجاح التمرين، وسيقام التمرين في البر والبحر والجو، ويعتبر هذا التمرين من أكبر التمارين العسكرية الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي، ويركز على إدارة العمليات المشتركة والتنسيق في أمور عدة، مثل الدفاع بالصواريخ البالستية وطرق محاربة الإرهاب، ورفع الجاهزية القتالية وقياس القدرة على إدارة الأزمات، كما سيعزز من التعاون على مستوى الدفاع الإقليمي بين دول الخليج والدول الشقيقة والصديقة، حيث ستشارك وزارات وهيئات كويتية مدنية بالتمرين، إلى جانب دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية.
الفحوصات الطبية للطيارين
ولفت السويدان إلى أن أسلوب الحياة الجديدة للشباب قد أثر بصورة كبيرة على مقدرتهم الصحية للتأهل كطيارين، فمثلاً من ملاحظتي أثناء خدمتي في القوة الجوية، معاناة الكثير من الشباب من مشكلة النظر، بسبب الاستخدام المكثف للكمبيوتر والأجهزة اللوحية التلفونات النقالة، بعكس الأجيال السابقة التي لم تكن تعاني من مشكلة النظر بسبب عدم وجود تلك الأجهزة، حينها ورغم الادعاء بأن تحسين النظر قد تم تجاوزه بعمليات الليزر والليزك إلا أن ذلك لا يعفي من الحاجة إلى وجود شباب مؤهل الصحية بالكامل لاجتياز فحوصات الطيران الكثيفة، ومن ضمنها تحسين النظر بإجراء عمليات للعين على الرغم من قيام بعد الدول من ضمنها الولايات المتحدة في قبول الطيارين الذين يقومون بتعديل نظرهم بالعمليات المحسنة.
وألقينا مراسينا..
بعد جولة جوية حربية ماتعة، وقفنا فيها على بعض الرؤى العسكرية الجوية وأسرارها، مع آمر قاعدة علي السالم الجوية، أقرب قاعدة للحدود العراقية. قاد القتال فيها وأخرج طائرات الميراج والغزال للتصدي للغزو، واستمر يقود قتال شرس حتى سقطت القاعدة بعد تدمير مدارج الهبوط وتحول طائرات القاعدة كلها للمطارات السعودية، حيث أسره العراقيون في يوم الجمعة 3 أغسطس 1990، وأخذوه كأسير حرب لمدة سبعة أشهر. ضيفنا اليوم ألّف عدّة كتب مع رفيقه في السلاح د.ظافر العجمي، منها «تاريخ القوة الجوية الكويتية» و«تاريخ الجيش الكويتي»، ومؤلفات أخرى.