في مؤشر على دخول العلاقات العراقية السعودية مرحلة جديدة من التنسيق والتعاون، بعد فجوة استمرت ربع قرن، يتجه البلدان نحو تشكيل مجلس تنسيقي مشترك وإعادة فتح المنافذ الحدودية والنقل الجوي المباشر والتعاون أمنياً واستخبارياً، والمساهمة بإعادة إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش.
فقد اقترحت المملكة العربية السعودية على وفد لوزارة الخارجية العراقية يزور الرياض حالياً برئاسة وكيل وزارة الخارجية الأقدم نزار خير الله تشكيل مجلس تنسيقي عراقي سعودي لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف" الإثنين، إن اجتماعات وفدها في الرياض مع الخارجية السعودية الأحد قد اتسمت بالجدية والبحث المعمق في عدد من القضايا الهامة التي ركزت على فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين والمبنية على الثقة المتبادلة.
وأضاف أن الجانب السعودي اقترح تشكيل "المجلس التنسيقي العراقي السعودي"، إضافة إلى بحث عدد من المواضيع المتعلقة باعادة فتح المنافذ الحدودية والنقل الجوي المباشر وتسهيل الإجراءات الخاصة بالحجاج والمعتمرين العراقيين، وكذلك الزوار السعوديين إلى العتبات المقدسة في العراق.
وأوضح أن المباحثات تناولت فتح آفاق التعاون في مجال النفط والتكرير والطاقة وإعادة إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش وتشجيع الاستثمار وعمل الشركات السعودية داخل العراق، فضلاً عن إيجاد تنسيق أمني في مجال الاستخبارات وتبادل المعلومات مع التأكيد على التعاون بين البلدين داخل جميع المنظمات الدولية والإقليمية وضرورة إيقاف التصريحات الرسمية ذات الطابع التحريضي والعمل على تحقيق زيارات متبادلة عالية المستوى. وأشارالمتحدث الرسمي إلى أن الاجتماعات تطرقت أيضاً إلى عدد من القضايا السياسية الخاصة ببعض دول المنطقة وموقف العراق والسعودية منها.
ويستكمل الوفد العراقي في الرياض حالياً مباحثات بدأها في بغداد أواخر الشهر الماضي وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد قطيعة بين البلدين استمرت حوالي ربع قرن لبحث قضايا محاربة الإرهاب ومساهمة السعودية في الاستثمار وإعادة بناء المناطق المحررة من سيطرة تنظيم.
وتأتي الزيارة استكمالاً لزيارة الجبير لبغداد في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، والتي تم الاتفاق خلالها على حسم عدد من الملفات العالقة، كما أبلغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن تعيين سفير جديد للسعودية في العراق.
ومن جانبه، أشار سعد الحديثي المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء إلى أن الحكومة العراقية تعمل بشكل حثيث على الابتعاد عن سياسة المحاور وفتح آفاق التعاون مع جميع الدول العربية والإقليمية والعالمية. وأوضح أنه بعد الانتصارات على داعش في الموصل تغيرت سياسات الدول باتجاه العراق، حيث رغبت أغلب الدول بالتعاون مع العراق لأنه خط الصد الأول والأخير لدحر داعش
وعقب زيارة الجبير إلى العراق، قال العبادي في 28 من الشهر الماضي إن حكومته تسعى إلى بناء علاقات مع السعودية على أساس المصالح المشتركة. وأكد أن سياسة العراق تهدف إلى حل النزاعات التي تلقي بظلالها على الوضع الداخلي في العراق. وأضاف أن حكومته ترحب وتثمن زيارة وزير الخارجية السعودية عادل الجبير وتعتبرها خطوة نحو عودة العلاقات الوطيدة بين البلدين في وقت تحتاج فيها بلدان المنطقة إلى العمل الجاد بمختلف الأصعدة والمجالات.
وشدد رئيس الوزراء العراقي على أن "السعودية بلد مهم في المنطقة، ونسعى بشكل جاد إلى بناء علاقات معها على أساس المصالح المشتركة، وخلال زيارة الجبير أبدى الوفد المرافق له استعداده للاستثمار في العراق".
وشهدت العلاقات بين العراق والسعودية توتراً خلال الأشهر الأخيرة بعد تقديم بغداد طلباً في أغسطس الماضي إلى الرياض لاستبدال سفيرها ثامر السبهان على خلفية اتهامه من قبل بغداد بالتدخل في الشأن الداخلي العراقي. وكان السبهان قد تسلم مهام منصبه كأول سفير للسعودية في العراق بعد 25 عاماً من القطيعة في ديسمبر عام 2015.