اختارت قطر طيلة السنوات الماضية أن تهدر أموالاً طائلة على تمويل ودعم الإرهاب والجماعات المتشددة، عوضاً عن تخصيص هذه المليارات لمساعدة دول عربية وإقامة مشاريع تنموية في المنطقة.
وتشير عدة تقارير إلى أن حجم التمويل القطري "المبدئي" للإرهاب بلغ نحو 65 مليار دولار منذ عام 2010 حتى 2015، وهو مبلغ هائل، كان كفيلاً بإضافة مدارس ومستشفيات للمواطن القطري أو حتى توفيره للمواطنين نقداً.
كما كان يمكن أن يغير هذا المبلغ الضخم، واقع دول وحياة شعوب عربية فقيرة، لو أحسن استغلاله، فما الذي كان يمكن أن تفعله قطر بهذا المبلغ الخيالي إذا لم تنفقه على الإرهاب، وكان يمكن أن يحقق لها مكانة إيجابية حقيقية؟
التعليم
على مستوى التعليم في الوطن العربي الذي يضم 22 دولة، فإن هذه المليارات كانت كفيلة ببناء 65 ألف مدرسة، تكلفة كل منها مليون دولار.
ويعني ذلك، أن تحظى كل دولة عربية بـ 2954 مدرسة جديدة، تساهم في دعم مسيرة التعليم وهي القضية الأولى والأهم من أجل تطوير المجتمعات العربية خاصة تلك التي تعاني من نقص في الإمكانيات.
وبالنظر إلى تفاوت الإمكانيات المادية من دولة لأخرى، فإن هذه المليارات كانت ستركز أكثر على الدول الأكثر احتياجاً، مما يعني أنها بكل بساطة تستطيع إحداث طفرة تعليمية في نصف الدول العربية على الأقل.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة " اليونسكو" عام 2014، فإن نحو 43% من الأطفال في الدول العربية يفتقرون إلى المبادئ الأساسية للتعليم سواء كانواً في المدارس أو خارجها.
الصحة
أما إذا وجه مبلغ 65 مليار دولار إلى القطاع الصحي، لتم بناء 1300 مستشفى جديد بتكلفة 50 مليون دولار لكل منها.
وإذا قسمت هذه المستشفيات على 22 دولة عربية، لأصبح نصيب كل منها 59 مستشفى متطورة.
ويكفي مبلغ 50 مليون دولار لتجهيز مستشفى على أعلى مستوى من حيث البناء والأجهزة الطبية، والمعامل الطبية.
وتعاني بلدان عربية عدة من نقص تام في المشافي الطبية المؤهلة وتدهور في القطاع الصحي.
وزاد الامر سوءاً بتعرض دول مثل اليمن وليبيا وسوريا إلى حروب مدمرة، ساهم فيها الإنفاق القطري على الإرهاب بدور كبير في خروج قطاعاتها الصحية من الخدمة.
الصناعة
تعد الصناعة هي القاطرة الرئيسية ومعيار تقدم أي بلد، وتحتاج الدول العربية إلى اقتحام صناعات نوعية من أجل زيادة قدرتها على التصدير والمنافسة في الأسواق وتوفير فرص عمل تقضي على الأرقام المخيفة لأعداد العاطلين.
ويستطيع مبلغ 65 مليار دولار المهدر من قطر على الجماعات المتطرفة والإرهابية، أن يبني 650 مصنعاً، تكلفة الواحد منها 100 مليون دولار، أي مصانع ضخمة في قطاعات الصناعات الثقيلة أو الأجهزة الإلكترونية أو الصناعات التحويلية.
ويعني ذلك تشغيل مئات الآلاف من العاطلين عن العمل في مختلف الدول العربية التي سيبلغ نصيب كل منها 29 مصنعاً كبيراً.
الزراعة
يحتاج استصلاح وزراعة مساحة تصل إلى مليون ونصف المليون فدان إلى نحو 10 مليارات دولار، مما يعني أن إنفاق 65 مليار دولار على قطاع الزراعة في الدول العربية جميعاً كافياً لزراعة 15 مليون فدان جديد.
وتشمل هذه التكلفة أيضاً إنشاء معاهد زراعية بحثية متخصصة، مما يعني بكل بساطة الوصول لاكتفاء كامل في الغذاء لكافة الدول العربية والتصدير إلى دول العالم.
والزراعة من الأنشطة كثيفة العمالة، وهو ما يعني توفير فرص عمل لملايين الشباب العربي، وهي الطريقة الأنجح في حمايتهم من التطرف الذي يتغذى على الفقر والجهل.
على مواطني قطر
من حق كل دولة أن تتمتع وحدها بخيراتها، لذا إذا أراد النظام القطري توزيع 65 مليار دولار على مواطنيه فقط، لكان نصيب كل مواطن 200 ألف دولار، أي 750 ألف ريال قطري.
وبالنظر لهذه الحسابات البسيطة، فإن مبلغ الـ65 مليار دولار كان كفيلاً بأن يقضي على فقر وبطالة وجهل ومرض ملايين المواطنين العرب، لذا يبرز تساؤل: ألم يكن هذا الوجه من الإنفاق أجدى وأنفع للدول العربية وللشعب القطري نفسه .. بدلاً من انفاقه على تدمير دول وقتل شعوب؟.