أكد رئيس الجمعية العربية للدراسات العربية والاستراتيجية بالقاهرة، وأحد مؤسسي جهاز المخابرات القطرية محمود منصور، أن حمد بن جاسم، كان يعمل لصالح أمريكا في المنطقة العربية، ويتقاضى راتباً مميزاً من الولايات المتحدة، وأن واشنطن قامت بتعليمه اللغة الإنجليزية، لضمان سهولة التعامل معه، بالإضافة إلى الرشى التي كان يحصل عليها.

وأوضح أن حمد بن جاسم يستخدم الأسرة الحاكمة، في تخريب الأمة العربية، متابعاً: لم أكن أتوقع انحراف المخابرات القطرية التي ساعدت أنا في تأسيسها لهذا الحد.

وبحسب كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة المصري السابق، فإن بن جاسم عليه العديد من علامات الاستفهام وكان له دور خفي في بسط النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.

وتحدث مسؤول ليبي سابق، رفض الإفصاح عن هويته، لـ"البيان" أن العقيد الراحل معمر القذافي كان يتحدث في مجالسه المضيقة عن "حمد بن جاسم الذي ينقل جميع المعلومات لواشنطن وتل أبيب"، لافتاً إلى أن "بن جاسم مرتبط باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وهو يعمل مع أجهزة المخابرات، وعادة ما ينقل كل ما يدور في اجتماعات الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي إلى تلك الأجهزة، ولذلك فإن أغلب المسؤولين العرب كانوا يتحلون بالكثير من الحذر عند الحديث معه".

وأضاف المسؤول السابق، أن القذافي كان يتحدث أمام حمد بن جاسم بما يريد إبلاغه للإدارة الأمريكية، حيث كان على ثقة بأن بن جاسم يشعر بسعادة قصوى بعد أن يجد في أي لقاء ما يمكن أن ينقله مباشرة إلى المخابرات الأمريكية والإسرائيلية.

وأوضح أن بن جاسم كان لا يرى حرجاً في الحديث أمام القذافي عن علاقاته بالمخابرات الأجنبية، وعن التقارير التي يقدمها لها عن الأوضاع في دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية، وبرز ذلك واضحاً في التسجيل الصوتي المسرب، عندما كان بن جاسم يؤكد للقذافي أنه تحدث مع المخابرات البريطانية عن مخطط تقسيم المملكة العربية السعودية، وكذلك عما كان يسمعه من المخابرات الأمريكية.

وتشير مصادر دبلوماسية عربية، إلى أن اجتماعات الجامعة العربية كانت مكشوفة للجميع بما في ذلك الجلسات المغلقة، حتى إن أحد الوزراء قال ذات مرة: "لماذا تعقدون جلسة مغلقة إذا كان فيها حمد بن جاسم".

واعتمد بن جاسم على قناة "الجزيرة" كمصيدة للأخبار التي يسارع بنقلها إلى واشنطن وتل أبيب، فالقناة التي تدعي الحياد والنزاهة وحرية التعبير تخضع بالكامل لجهاز المخابرات القطرية الذي كان تحت الإشراف المباشر لحمد بن جاسم، وتشير التقارير الإعلامية إلى بعض النماذج الدالة على تورط "الجزيرة" وبن جاسم في التعاون المباشر مع المخابرات الأجنبية، فلقاء عبر برنامج "سري للغاية" الذي كان يقدمه الإعلامي المصري يسري فودة، كان كفيلا بإيقاع العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر عام 2001 خالد شيخ محمد الذي ظهر إلى جانب مساعد مهم جداً له هو رمزي بن الشيبة وهما مغطيا الوجه ليرويا ما سمياه بـ"الطريق إلى غزوتي واشنطن ومانهاتن" في إشارة إلى استهداف برجي مركز التجارة العالمي، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، إذ بعد أيام قليلة جداً من بث البرنامج على القناة القطرية كانت قوات من المخابرات الباكستانية تحاصر مخبأ شيخ محمد وبن الشيبة في إحدى قرى إسلام أباد، وتقوم لاحقا بتسليمهما للولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرتهما صيداً ثميناً جداً.

كما يتحدث المراقبون عن حادثة استهداف القائد العام السابق لحماس عبدالعزيز الرنتيسي، الذي كان قد وثق بطاقم الجزيرة في قطاع غزة، وحدد لهم موعداً لإعطائهم مقابلة بعد أيام طويلة من تواريه عن الأنظار، إثر انتخاب حماس له قائداً عاماً خلفاً للأب الروحي للحركة أحمد ياسين الذي استشهد بصاروخ إسرائيلي في مارس 2003، وبعد 25 يوما ظلت الجزيرة تلح خلالها على المقربين من الرنتيسي لإجراء حوار مطول له، فما كان منه إلا أن وافق تحت الإلحاح ليحدد لهم موعداً مبدئياً في منزله الذي لم يكن قد وفد إليه منذ اغتيال ياسين، ولكن بعد إنهاء تصوير المقابلة مع الجزيرة، وما إن همّ بالمغادرة حتى بادرته الصواريخ الإسرائيلية التي قتلته بشكل فوري.

ويبدو أن الأمر ذاته، حصل مع وزير داخلية حماس سعيد صيام الذي كان متخفياً عن الأنظار إلى أن أقنعته "الجزيرة" بإجراء حوار معه، وبعد تسجيل المقابلة، استهدفت إسرائيل مخبأه في 15 يناير 2009، ليعلن عن اغتياله.