الوطن - "مكة المكرمة - خاص": ثلاثة مشاريع كبرى تتأهب مكة المكرمة للدخول عبرها إلى عصر جديد، تدخل بموجبها منظومة النقل مرحلة مخالفة لما كان متبع طوال تاريخ المدينة المقدسة، لتستبدل النقل بالسيارات والباصات بمختلف أحجامها إلى القطارات الكهربائية الحديثة، التي ستشكل واجهة حضارية للمملكة العربية السعودية أمام الحجاج والمعتمرين وزوار مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلن عن نهاية زحام السير التي ظلت ملازمة لمواسم الحج والعمرة.
الثلاثاء 16 أكتوبر كان يوماً فارقاً، مؤذناً ببداية صفحة جديدة من تاريخ النقل بوصول أول رحلة لقطار الحرمين إلى مكة المكرمة في رحلة تجريبية قادماً من مدينة جدة، عقب استكمال الخط الواصل بين المدينتين، ضمن المنظومة المتكاملة للربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مروراً بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، مخفضا تلك المسافة من أكثر من أربع ساعات إلى نحو 150 دقيقة.
على المدخل الرئيس لمدينة مكة المكرمة، كان الاستقبال حافلاً بقدوم أول قطار بمحطة حي الرصيفة التي تم تشييدها على مساحة تزيد على 503 آلاف متر مربع، وتبعد عن الحرم المكي الشريف نحو أربعة كيلومترات، وهي إحدى خمس محطات للركاب يتضمنها مشروع قطار الحرمين السريع في كل من المدينة المنورة، مدينة جدة، مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
ويعد مشروع قطار الحرمين السريع من أضخم مشاريع النقل العام في منطقة الشرق الأوسط، حيث يمتد بطول 450 كيلو متراً، ويتكون من خط حديدي كهربائي مزدوج يربط بين المدينتين المقدستين "مكة المكرمة والمدينة المنورة"، مروراً بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، لخدمة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والمواطنين والمقيمين، إذ يقطع المسافة بينهما بسرعة 300 كلم في الساعة.
الطاقة الاستيعابية للمشروع – بحسب المسؤولين – تصل إلى 60 مليون راكب سنوياً، وسيتم تشغيل 35 قطاراً بسعة 417 مقعداً للقطار الواحد، وتم تجهيزها بأفضل وسائل الراحة وفق أحدث نظم النقل العالمية، من شأنها أن تحيل منظومة النقل التقليدية إلى التقاعد، والتي وفرت في عام 2016 نحو 733 ألف مقعد في 16 ألف حافلة، أدارتها 23 شركة لنقل الحجاج.
ووفقا لرئيس هيئة النقل العام رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في السعودية الدكتور رميح بن محمد الرميح فإن أول رحلة لقطار الحرمين إلى محطة الرصيفة بمكة جاءت للتأكد من تناغم كافة أجزاء المشروع وكفاءة وسلامة الأداء قبل انطلاق التشغيل الرسمي خلال الأشهر المقبلة.
منظومة القطارات المتمثلة في قطار الحرمين، قطار المشاعر، ومترو مكة من شأنها تخفيف الضغط على العاصمة المقدسة وتيسير الانتقال، وتقليل التلوث الناجم عن محركات المركبات، فضلا عن فوائد اقتصادية واجتماعية عديدة.
ويعد مشروع شبكة القطارات "المترو" والحافلات الذي أقرّ تنفيذها مجلس الوزراء بتكلفة نحو 62 مليار ريال، ينفذ على ثلاث مراحل، ليغطي مدينة مكة المكرّمة بالكامل.
وتبدأ نقطة انطلاق القطار "ب" من منطقة الجمرات في مشعر منى، ويتجه غربا مروراً بشمال المسجد الحرام، ثم عبر طريق الملك عبد العزيز الموازي مروراً بمحطة قطار الحرمين السريع بالرصيفة وينتهي في طريق مكة جدة السريع غرب الطريق الدائري الثالث، بطول 11 كيلو متراً وبعدد 7 محطات.
فيما ينطلق خط القطار "ج" من طريق المدينة المنورة -مدخل مكة المكرمة الشمالي- شمال مسجد التنعيم، ويتجه جنوبًا حتى يصل المنطقة المركزية غرب المسجد الحرام، ثم يتجه جنوبًا خلف وقف الملك عبد العزيز ثم إلى شارع العزيزية العام، ومنه إلى طريق الطائف -الكر- حتى يصل إلى جامعة أم القرى بطول 33 كيلو متراً وبعدد 15 محطة.
ويأتي تنفيذ مشروع النقل العام للقطارات والحافلات في مدينة مكة المكرمة وفقاً للخطة التي أقرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، مشتملاً على منظومة للقطارات والحافلات، التي من أهم ملامحها، إنشاء شبكة قطارات ''مترو'' ومخطط للحافلات يتكامل مع شبكة القطارات.
ويشتمل المشروع أيضا على شبكات حافلات سريعة، بإجمالي أطوال 60 كيلومتراً، وإجمالي عدد المحطات 60 محطة، وكذلك شبكات حافلات محلية بأطوال تبلغ 65 كيلومتراً وعدد محطات يبلغ 87 محطة، إضافة إلى شبكة حافلات مغذية لمحطات القطارات ومحطات الحافلات السريعة، يراوح طول الخط الواحد بين 5 إلى 10 كيلومترات.
أما قطار المشاعر الذي يعمل بكامل طاقته الاستيعابية حالياً فيعمل على نقل نصف مليون حاج خلال 6 ساعات فقط من عرفات إلى مزدلفة، وهي عملية تفويج تعد ضمن أضخم عمليات التفويج في العالم، ويربط القطار مشعر منى بمزدلفة وعرفات مروراً بالجمرات، كما يهدف إلى تقليص الاعتماد على الحافلات في التنقل بين المشاعر، إذ أنه أسهم في الاستغناء عن استخدام أكثر من 30 ألف حافلة، كما يهدف إلى رفع مستوى الأمان أثناء عملية التنقل بين المشاعر.
ويمر القطار بثلاث محطات مختلفة في مشعر عرفات، وينتقل بعدها ليمر بثلاث محطات أخرى في مزدلفة، وبعد ذلك يتوقف في المحطة الأولى في أول مشعر منى، ثم وسطه، بينما تكون محطته الأخيرة عند الدور الرابع في منشأة جسر الجمرات.
ويتميز القطار بقربه من المستخدمين له على طول الخط على مسافة 300 متر من الجانبين، وهو خط مزدوج مرتفع عن الأرض وكذلك المحطات، كما يراعي القطار جغرافية الأرض وعدم المساس بمجاري السيول والأودية، ويوفر المشروع أيضاً ساحتين للانتظار في كل محطة تستوعب الواحدة منها ثلاثة آلاف حاج، وساحة انتظار ثالثة أسفل المحطة لتفويج الحجاج تباعاً، كما أن هذه الساحات مزودة جميعها بوسائل للسلامة، وأخرى لتلطيف الجو.