أبوظبي - (أ ف ب): بعد 10 سنوات من انطلاق المشروع، فتح متحف اللوفر أبوظبي في العاصمة الإماراتية أبوابه مساء الأربعاء، حاملا راية الصرح التاريخي الشهير للمرة الأولى خارج بلده الأم فرنسا، ورسالة تسامح في منطقة تعصف بها الأزمات.

وشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في افتتاح المتحف الذي صممه المهندس جان نوفيل على جزيرة السعديات، على أن تفتح الأبواب أمام الجمهور السبت المقبل في إطار مراسم تستمر حتى 14 نوفمبر الحالي.

وجال الرئيس الفرنسي وزوجته بريجيت والشيخ محمد في أروقة المتحف لنحو ساعة برفقة نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الحكومة الإماراتية حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والعاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس والرئيس الأفغاني أشرف غني ومسؤولين من دول أخرى.

وقبيل الافتتاح، كتب الشيخ محمد بن زايد على حسابه في تويتر "موعدنا بإذن الله مع افتتاح صرح حضاري عالمي، إضافة معرفية جديدة يمثلها لوفر أبوظبي بما يجمع تحت سقفه من تراث إنساني متعدد الثقافات".

ونشرت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية الأربعاء مقابلة مع الرئيس الفرنسي قال فيها إن افتتاح متحف اللوفر أبوظبي يمثل "نقطة تحول حاسمة" في الدور الذي تلعبه دولة الإمارات "باعتبارها ملتقى حقيقياً للثقافات في المنطقة".

وقال بحسب التصريحات التي نشرت بالعربية "ترتبط فرنسا والإمارات العربية المتحدة بأكثر ما يميز البشرية على مستوى عالمي، ألا وهي المُثل الإنسانية العُليا. فهنا تتجاور كل الأزمنة وكل الأماكن في وقت يتغذى فيه الإرهاب على الانقسامات بين الشرق والغرب، وأيضاً داخل العالم الإسلامي".

ويتألف المتحف الذي استوحى نوفيل الفن المعماري العربي لتصميمه من 55 مبنى أبيض اللون.

تعلو هذا "المتحف المدينة" قبة ضخمة قطرها 180 مترا مرصعة بالنجوم تدخل أشعة الشمس من خلالها عبر فتحات تذكر بانسياب النور من بين الأوراق المسننة لسعف أشجار النخيل.

ويبدو المتحف أشبه بحي مصغر من مدينة البندقية الإيطالية حيث تتجاور المياه مع عماراته الموزعة في منطقة رملية تقع قرب البحر.

ويقول جان لوك مارتينيز رئيس متحف اللوفر في باريس الذي يقوم بزيارة إلى أبوظبي بالمناسبة إن المتحف مصمم "من أجل الانفتاح على الآخرين.. وتفهم التنوع.. في عالم متعدد الأقطاب".

ويضيف أن متحف اللوفر في أبوظبي "متحف عالمي هو الأول من نوعه في العالم العربي".

وهو يعرض بتقنية عالية المواضيع العالمية ويركز على التفاعلات المشتركة بين الحضارات، بدلا من التصنيف المتبع عادة بتسلسل الحضارات.

وفي أول أجنحته، غرفة هادئة عرضت فيها نسخة من القرآن تعود إلى القرن التاسع عشر، كتبت بماء الذهب على مخطوطات زرقاء، وإلى جانبها نسخة من التوراة من اليمن، وإنجيل من القرن الثالث عشر.

وتتصدر أعمال المتحف بلا منازع، بنظر المنظمين، لوحة "الحدّادة الجميلة" لليوناردو دا فينشي وهي معارة من متحف اللوفر في باريس. وسيعرض المتحف 300 قطعة معارة بينها "بونابرت عابرا الألب" لجان لوي دافيد من فرساي و"رسم ذاتي" لفنسنت فان غوخ من متحف أورساي.

والمتحف ثمرة اتفاق وقع في 2007 بين أبوظبي وباريس بقيمة مليار يورو ويمتد على 30 عاماً وتوفر في إطاره فرنسا خبرتها وتعير أعمالا فنية وتنظم معارض موقتة.

ويشمل العقد استخدام علامة "لو لوفر" كملكية فكرية والتي قدرت قيمتها وحدها بـ 400 مليون يورو.

ويتوقع المتحف استقبال نحو 5 الاف زائر في الايام الأولى بعيد افتتاحه أمام الجمهور، بحسب ما يفيد محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي.

ومن المجموعة الدائمة في الإمارات، سيكون عند الافتتاح 235 قطعة من بينها لوحة "البوهيمي" لإدوار مانيه. ومن بين القطع الـ 28 المعارة من مؤسسات في الشرق الأوسط تمثال نصفي ضخم برأسين يعود إلى ما قبل 8 آلاف سنة من هيئة الآثار في الأردن.

واتخذت السلطات إجراءات استثنائية لضمان الأمن وحماية القطع المعروضة إذ تتجاوز الحرارة الأربعين درجة مئوية خلال أشهر الصيف.

واللوفر أبوظبي هو واحد من ثلاثة متاحف من المقرر إقامتها في أبوظبي، إلى جانب غوغنهايم والشيخ زايد، في مؤشر إلى الأهمية التي توليها السلطات لتطوير السياحة الثقافية.

إلى جانب افتتاح اللوفر، من المفترض أن يجري ماكرون الذي يقوم بأول زيارة رسمية إلى أبوظبي منذ انتخابه في مايو الماضي، محادثات سياسية مع مسؤولين في الإمارات ويتفقد الجنود الفرنسيين المنتشرين في البلد "الإستراتيجي".

من المقرر أن يقوم ماكرون بزيارة إلى دبي ويختتم أعمال منتدى اقتصادي قبل أن يغادر البلاد مساء الخميس.