* قائد "الحزم والعزم" يشدد على محاربة الفساد والمفسدين
* رسم ملامح الدولة الجديدة بأنظمة حديثة ومؤسسية
* الإعلان عن عدة مشروعات كبرى "القدية والبحر الأحمر ونيوم"
* تمكين المرأة من نيل حقوقها وتوسيع قاعدة المشاركة في التنمية الوطنية وصناعة القرار
* خادم الحرمين أصدر قراراً تاريخياً يسمح للنساء بقيادة السيارة
* إطلاق "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" لإنقاذ اليمن من التدخلات الإيرانية
* التمسك بتحقيق السلام العادل والشامل للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية
الرياض - إبراهيم بوخالد
يجدد السعوديون هذه الأيام بيعتهم لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك الإنسانية والحزم، فبعد مرور ثلاثة أعوام، يحتفي الوطن والمواطنون والمقيمون فيها بهذه الذكرى بقلوب ملؤها الحب والأمن والاطمئنان والإنجاز والعطاء، في مجالات الحياة وصنوفها، فيرون عجلة التطور وتحديث أجهزة ومؤسسات الدولة تمضيان سوياً مع مواصلة تنفيذ المشروعات التعليمية والصحية والتنموية في مختلف أنحاء المملكة.
يكمل الملك سلمان بن عبدالعزيز الخميس، العام الثالث، ملكاً سابعاً للدولة السعودية الحديثة، وخلال هذه الفترة برهن الملك سلمان على نجاحه في رسم وإعلان دولة جديدة بأنظمة حديثة ومؤسسية، يديرها الجيل الثاني والثالث في منظومة الحكم في السعودية مع الحفاظ على نهج وامتداد الكيان الكبير الذي سار عليه ملوك الدولة بدءاً بالملك المؤسس عبدالعزيز، مروراً بالملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، الذين حققوا نجاحات وحضوراً خلال سنوات إدارتهم للبلاد تبعاً للظروف المحلية والإقليمية والدولية.
إصلاح ونهضة
لم يكن الملك سلمان بن عبد العزيز٬ الذي تولى مقاليد السلطة في السعودية٬ بعد رحيل الملك عبد الله بن عبدالعزيز٬ جديداً على المشهد السياسي في بلاده٬ فقد تدرج في مناصب إدارية عدة أثبت فيها أنه يملك صفة القيادة منذ سن مبكرة وهو ما جعل الكثيرون داخل السعودية وخارجها٬ يحاولون اختزال جوانب من أفكاره وشخصيته٬ على هيئة مقالات أو تقارير أو مواقف ينشرونها.
وإذا كانت عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، ومبادرة التحالف الإسلامي، هي صناعة الملك سلمان وممهورة باسمه ولا تحتاج إلى تفسير دلالاتها وأهدافها، انطلاقاً من أنها نخوة العروبة والإسلام للوقوف في وجوه الظلم، ومحاربة الإرهاب، والتطرف، ومحاولات تعطيل مسيرة النماء والبناء، ليس في السعودية فحسب، بل وفي العالمين العربي والإسلامي، وفي العالم المتمدن.
لم يغفل الملك سلمان بن عبدالعزيز، في ذروة الأحداث السياسية المتلاحقة، عن الملف الداخلي، حيث نشطت وتيرة الإصلاح في مختلف الجهات الحكومية، وكشفت القرارات، بجلاء طموحات الملك سلمان بالنهوض بالبلاد، حين صدرت العديد من الأوامر الملكية التي ساهمت في تحفيز الاقتصاد الداخلي، وتفعيل النظام المؤسساتي، والاعتماد على الذات، وتطوير مهارات القوى الوطنية في توفير معطيات التحفيز والتنافس في القطاع الخاص.
وأظهر خادم الحرمين الشريفين، منذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الحكم، عنايته بتطوير الخدمات الملموسة للمواطنين، وأبدى اهتماماً لافتاً بملف الإسكان، وحلحلة نقاطه الشائكة، وإحالة الأراضي الحكومية التي كانت في حوزة وزارة البلديات إلى وزارة الإسكان، وتبع ذلك القرار أيضاً فرض رسوم مالية ضد محتكري الأراضي البيضاء من أجل تحريرها من حالة الجمود، والإسراع في تطويرها وتشييد الضواحي والأحياء عليها لاستيعاب حاجة الملايين.
هيكلة المؤسسات
واعتمدت المملكة العربية السعودية خطة عريضة للتنمية تحت عنوان "رؤية المملكة 2030"، وذلك من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني وتحريره من الاعتماد على النفط مصدراً وحيداً للاقتصاد الوطني، وتمثل خارطة وأهداف المملكة في التنمية للسنوات القادمة، وتفتح الرؤية آفاقاً واعدةً لقطاع الأعمال وتعزيز الشراكات مع جميع الدول بفاعلية للدخول في الفرص الاقتصادية التي ستوفرها هذه الرؤية لتعزيز الشراكات في جميع مجالات التعاون.
وتحقيقاً لأهداف الرؤية، تم إنشاء وإعادة هيكلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة، كإنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وجهاز رئاسة أمن الدولة، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وتعديل اسم هيئة التحقيق والادعاء العام إلى "النيابة العامة" مع تعديل ارتباطها، إضافة إلى الاستمرار في تطوير مرفق القضاء، وإطلاق الاستراتيجية الجديدة لصندوق الاستثمارات العامة واستثماراته داخل المملكة وخارجها بهدف تنويع مصادر الدخل وتعزيز التنمية، وتحسين إيرادات الدولة وتقليص العجز في الموازنة العامة، وفي هذا السياق تم الإعلان عن عدة مشروعات كبرى حيوية وهامة ومن ذلك مشروعات "القدية، والبحر الأحمر، ونيوم".
وفي عهد الملك سلمان بن عبد العزيز صدرت الميزانية العامة التي فاقت جميع الميزانيات منذ تأسيس الدولة السعودية كأكبر ميزانية إنفاق في تاريخ المملكة بأسعار نفط متدنية مقارنة بالسنوات السابقة، والمقدرة بـ978 مليار ريال، مع عجز بـ195 ملياراً ريال.
محاربة الفساد
وطورت الدولة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، الاستثمار في الصناعات العسكرية والتحويلية والاستهلاكية لتقليل استيراد البضائع من خارج المملكة إضافة إلى التوسع في الخصخصة لتحقيق إيرادات جيدة ومستدامة ترفع الكفاءة وذلك من أجل تنويع الموارد وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين والمواطنات.
وقد حارب الملك سلمان بن عبد العزيز الفساد حيث قال إن "الفساد بكل أنواعه وأشكاله آفة خطيرة تقوض المجتمعات وتحول دون نهضتها وتنميتها وقد عزمنا بحول الله وقوته على مواجهته بعدل وحزم لتنعم بلادنا بإذن الله بالنهضة والتنمية التي يرجوها كل مواطن وفي هذا السياق جاء أمرنا بتشكيل لجنة عليا لقضايا الفساد برئاسة سمو ولي العهد ونحمد الله أن هؤلاء قلة قليلة وما بدر منهم لا ينال من نزاهة مواطني هذه البلاد الطاهرة الشرفاء من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال والموظفين والعاملين على كافة المستويات وفي مختلف مواقع المسؤولية في القطاعين العام والخاص وكذلك المقيمون بها من عاملين ومستثمرين الذين نعتز ونفخر بهم ونشد على أيديهم ونتمنى لهم التوفيق".
مساعدات وإغاثات
إنسانياً، أمر الملك سلمان بن عبد العزيز بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بغرض أن تمد المملكة كافة الدول في العالم وخاصةً اليمن بما تحتاجه من مساعدات وإغاثات، حيث يعيش اليمنيون حالة اقتصادية صعبة لذلك خصصت المملكة حوالي مليارات الريالات من أجلهم.
مشروعات توسعة الحرم
كما دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، 5 مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام في مكة المكرمة تشمل مبنى التوسعة والساحات والأنفاق وتدشين مشروع مبنى توسعة المسجد الحرام المكون من ثلاثة أدوار على مسطح بناء يبلغ 320 ألف متر مربع يستوعب 300 ألف مصل.
ولم يغفل خادم الحرمين الشريفين عن التعليم حيث اهتم الملك سلمان بالطلبة المبتعثين بالخارج وتولى الإنفاق على تعليمهم وذلك طبقاً للأمر الملكي الذي أصدره، كما إنه أصدر أمراً آخر ينص على أنه سيتولى نفقة علاج السعوديين المصابين بأمراض خطيرة ويتعالجون في الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال زياراته لعدد من الدول تفضل على جميع الطلاب المدارسين على حسابهم الخاص بإضافتهم إلى البعثات التعليمية في تلك البلاد.
تمكين المرأة
كما اهتم العاهل السعودي في تمكين المرأة السعودية من نيل حقوقها وتوسيع قاعدة المشاركة في التنمية الوطنية وصناعة القرار وفقاً للضوابط الشرعية فها هي تشغل ثلاثين مقعداً في عضوية مجلس الشورى وحازت على الثقة ناخبة ومنتخبة في الانتخابات البلدية وتقلدت مناصب سيادية في القطاعين العام والخاص وهي عضو فاعل في مسار التنمية الوطنية في جميع مجالاتها.
وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمراً سامياً بالسماح بإصدار رخص قيادة للسيارات للنساء في السعودية، واعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية في السعودية، بما فيها إصدار رخص القيادة، على الذكور والإناث، على حد سواء.
الانتصار للشرعية
مر العام الثالث من حكم خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بجملة من الأحداث الإقليمية، في طليعتها الانقلاب الحوثي على السلطة في اليمن، واستمرار التدخلات الإيرانية في المنطقة، وتفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا بعد التدخل الروسي، وتسوية إيران لملفها النووي مع الغرب، وانخفاض أسعار النفط، وواكبت السياسة السعودية جملة التحديات بعدة قرارات حاسمة، في مطلعها شن عاصفة الحزم بالتعاون مع تحالف خليجي وعربي، لتمكين الشرعية، وإعادة الأمور لنصابها في اليمن، ولقيت تلك العملية العسكرية صدى دولياً واسعاً، أشار إلى أن الرياض، بوسعها تدارك الأخطار، وعدم المساومة على أمنها الاستراتيجي، وأفشلت في الوقت ذاته، المخطط الإيراني، الذي يسعى لبث القلاقل في المنطقة، من خلال دعم المليشيات المذهبية وتزويدها بالسلاح، لخلق الاقتتال الداخلي والخارجي.
وفي الإطار السوري، تمسكت السعودية بقيادة خادم الحرمين بموقفها الداعم للشعب السوري، في وجه إرهاب نظام بشار الأسد، وساندت الحل الدولي للأزمة على أساس مبادئ مؤتمر جنيف 1، عبر تعيين هيئة انتقالية تدير الحكم في البلاد، لا تتضمن الأسد ونظامه، واستضافت المملكة مؤتمراً لكافة أطياف المعارضة السورية، التي من المقرر أن تعمل مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية،على الإسراع في إنهاء القضية وحسمها في أقرب وقت.
ولم تكترث السعودية، بالنهاية غير المتوقعة، لمفاوضات دول 5+1 مع إيران لتسوية ملفها النووي، والتي أفضت لاتفاق إطار، ينهي القضية، ويسمح برفع العقوبات الدولية عن طهران واستعادتها أموالها المجمدة في البنوك الدولية، حيث رحبت بالاتفاق شريطة أن يتغير سلوك إيران في المنطقة، وأن تفتح صفحة جديدة مع جيرانها، عنوانها عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلاد.
لكن شيئاً لم يتغير بعد الاتفاق، حيث انتقلت الممارسات الإيرانية في المنطقة خلال الآونة الأخيرة من خط التصريحات المسيئة لدول الجوار، إلى منحى أكثر خطورة يتمثل في تجنيد الخلايا الإرهابية ومدها بالأسلحة والمتفجرات، من أجل بث قلاقل جديدة تستهدف أمن الخليج العربي بشكل مباشر، وهو ما قلص لاحقاً أي فرصة يمكن أن تترشح للتقارب مع الخليج.
واستضافت الرياض خلال عهد خادم الحرمين الشريفين اجتماعات قادة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في قمتهم الرابعة بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ورحب المجتمعون بالحوار والتعاون القائم بين الإقليمين لتطوير شراكة إستراتيجية قائمة على المصلحة والاحترام المتبادل.
القضية الفلسطينية
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيس القمة قد ألقى كلمة خلال افتتاح القمة قال أكد فيها على إدراك الجميع الدور المهم الذي تقوم به التكتلات والتجمعات الإقليمية وإيماناً بحق الشعوب بالعيش في عالم مستقر ومزدهر خالٍ من مخاطر الإرهاب والأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، فقد تم التأكيد على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية الرامية لإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود سنة 1967، والتأكيد على ضرورة التواصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وفقاً لما جاء في بيان "جنيف 1" و"مؤتمر فينا"، وضرورة وأهمية إيجاد حل للأزمة اليمنية عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار 2216 ودعم عملية الحوار السياسي الجارية في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأعرب المجتمعون عن رفضهم لأي تدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية من قبل قوى خارجية انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة ومبدأ حسن الجوار وشددوا على أهمية احترام وحدة وسيادة واستقلال الدول وسلامتها الإقليمية وحل النزاعات بالطرق السلمية. ودعوا إيران للتجاوب مع طلب دولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر الثلاث "طنب الكبرى - طنب الصغرى - أبوموسى"، يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
دور مؤثر عالمياً
وتقوم المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز بدور مؤثر في المحافل الدولية من خلال الأمم المتحدة، والمنظمات الإسلامية والعربية ومجموعة العشرين خدمة لمصالحها ومصالح أشقائها، والوقوف مع الحق والعدل، كما استقبلت العديد من زعماء دول العالم وكبار المسؤولين في الدول الشقيقة والصديقة، فقد تمكنت المملكة خلال يومين من عقد ثلاث قمم سياسية متعددة الأطراف، وهي القمة "السعودية - الأمريكية"، وتم خلالها إعلان الرؤية الاسترتيجية المشتركة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، وتوقيع العديد من الاتفاقيات المهمة ،أما القمة الثانية فهي "قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية"، حيث اتفق القادة على محاربة الإرهاب بجميع أشكاله، والقمة الثالثة هي "القمة العربية - الإسلامية - الأمريكية"، بمشاركة العديد من قادة الدول العربية والإسلامية، وقد ركزت على الشراكة الوثيقة بين الدول العربية والإسلامية. وفي القمة السعودية الفلسطينية التي عقدت الأربعاء، في العاصمة الرياض جدد خادم الحرمين الشريفين خلال جلسة المباحثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس التأكيد على مواقف المملكة الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
* رسم ملامح الدولة الجديدة بأنظمة حديثة ومؤسسية
* الإعلان عن عدة مشروعات كبرى "القدية والبحر الأحمر ونيوم"
* تمكين المرأة من نيل حقوقها وتوسيع قاعدة المشاركة في التنمية الوطنية وصناعة القرار
* خادم الحرمين أصدر قراراً تاريخياً يسمح للنساء بقيادة السيارة
* إطلاق "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" لإنقاذ اليمن من التدخلات الإيرانية
* التمسك بتحقيق السلام العادل والشامل للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية
الرياض - إبراهيم بوخالد
يجدد السعوديون هذه الأيام بيعتهم لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك الإنسانية والحزم، فبعد مرور ثلاثة أعوام، يحتفي الوطن والمواطنون والمقيمون فيها بهذه الذكرى بقلوب ملؤها الحب والأمن والاطمئنان والإنجاز والعطاء، في مجالات الحياة وصنوفها، فيرون عجلة التطور وتحديث أجهزة ومؤسسات الدولة تمضيان سوياً مع مواصلة تنفيذ المشروعات التعليمية والصحية والتنموية في مختلف أنحاء المملكة.
يكمل الملك سلمان بن عبدالعزيز الخميس، العام الثالث، ملكاً سابعاً للدولة السعودية الحديثة، وخلال هذه الفترة برهن الملك سلمان على نجاحه في رسم وإعلان دولة جديدة بأنظمة حديثة ومؤسسية، يديرها الجيل الثاني والثالث في منظومة الحكم في السعودية مع الحفاظ على نهج وامتداد الكيان الكبير الذي سار عليه ملوك الدولة بدءاً بالملك المؤسس عبدالعزيز، مروراً بالملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، الذين حققوا نجاحات وحضوراً خلال سنوات إدارتهم للبلاد تبعاً للظروف المحلية والإقليمية والدولية.
إصلاح ونهضة
لم يكن الملك سلمان بن عبد العزيز٬ الذي تولى مقاليد السلطة في السعودية٬ بعد رحيل الملك عبد الله بن عبدالعزيز٬ جديداً على المشهد السياسي في بلاده٬ فقد تدرج في مناصب إدارية عدة أثبت فيها أنه يملك صفة القيادة منذ سن مبكرة وهو ما جعل الكثيرون داخل السعودية وخارجها٬ يحاولون اختزال جوانب من أفكاره وشخصيته٬ على هيئة مقالات أو تقارير أو مواقف ينشرونها.
وإذا كانت عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، ومبادرة التحالف الإسلامي، هي صناعة الملك سلمان وممهورة باسمه ولا تحتاج إلى تفسير دلالاتها وأهدافها، انطلاقاً من أنها نخوة العروبة والإسلام للوقوف في وجوه الظلم، ومحاربة الإرهاب، والتطرف، ومحاولات تعطيل مسيرة النماء والبناء، ليس في السعودية فحسب، بل وفي العالمين العربي والإسلامي، وفي العالم المتمدن.
لم يغفل الملك سلمان بن عبدالعزيز، في ذروة الأحداث السياسية المتلاحقة، عن الملف الداخلي، حيث نشطت وتيرة الإصلاح في مختلف الجهات الحكومية، وكشفت القرارات، بجلاء طموحات الملك سلمان بالنهوض بالبلاد، حين صدرت العديد من الأوامر الملكية التي ساهمت في تحفيز الاقتصاد الداخلي، وتفعيل النظام المؤسساتي، والاعتماد على الذات، وتطوير مهارات القوى الوطنية في توفير معطيات التحفيز والتنافس في القطاع الخاص.
وأظهر خادم الحرمين الشريفين، منذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الحكم، عنايته بتطوير الخدمات الملموسة للمواطنين، وأبدى اهتماماً لافتاً بملف الإسكان، وحلحلة نقاطه الشائكة، وإحالة الأراضي الحكومية التي كانت في حوزة وزارة البلديات إلى وزارة الإسكان، وتبع ذلك القرار أيضاً فرض رسوم مالية ضد محتكري الأراضي البيضاء من أجل تحريرها من حالة الجمود، والإسراع في تطويرها وتشييد الضواحي والأحياء عليها لاستيعاب حاجة الملايين.
هيكلة المؤسسات
واعتمدت المملكة العربية السعودية خطة عريضة للتنمية تحت عنوان "رؤية المملكة 2030"، وذلك من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني وتحريره من الاعتماد على النفط مصدراً وحيداً للاقتصاد الوطني، وتمثل خارطة وأهداف المملكة في التنمية للسنوات القادمة، وتفتح الرؤية آفاقاً واعدةً لقطاع الأعمال وتعزيز الشراكات مع جميع الدول بفاعلية للدخول في الفرص الاقتصادية التي ستوفرها هذه الرؤية لتعزيز الشراكات في جميع مجالات التعاون.
وتحقيقاً لأهداف الرؤية، تم إنشاء وإعادة هيكلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة، كإنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وجهاز رئاسة أمن الدولة، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وتعديل اسم هيئة التحقيق والادعاء العام إلى "النيابة العامة" مع تعديل ارتباطها، إضافة إلى الاستمرار في تطوير مرفق القضاء، وإطلاق الاستراتيجية الجديدة لصندوق الاستثمارات العامة واستثماراته داخل المملكة وخارجها بهدف تنويع مصادر الدخل وتعزيز التنمية، وتحسين إيرادات الدولة وتقليص العجز في الموازنة العامة، وفي هذا السياق تم الإعلان عن عدة مشروعات كبرى حيوية وهامة ومن ذلك مشروعات "القدية، والبحر الأحمر، ونيوم".
وفي عهد الملك سلمان بن عبد العزيز صدرت الميزانية العامة التي فاقت جميع الميزانيات منذ تأسيس الدولة السعودية كأكبر ميزانية إنفاق في تاريخ المملكة بأسعار نفط متدنية مقارنة بالسنوات السابقة، والمقدرة بـ978 مليار ريال، مع عجز بـ195 ملياراً ريال.
محاربة الفساد
وطورت الدولة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، الاستثمار في الصناعات العسكرية والتحويلية والاستهلاكية لتقليل استيراد البضائع من خارج المملكة إضافة إلى التوسع في الخصخصة لتحقيق إيرادات جيدة ومستدامة ترفع الكفاءة وذلك من أجل تنويع الموارد وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين والمواطنات.
وقد حارب الملك سلمان بن عبد العزيز الفساد حيث قال إن "الفساد بكل أنواعه وأشكاله آفة خطيرة تقوض المجتمعات وتحول دون نهضتها وتنميتها وقد عزمنا بحول الله وقوته على مواجهته بعدل وحزم لتنعم بلادنا بإذن الله بالنهضة والتنمية التي يرجوها كل مواطن وفي هذا السياق جاء أمرنا بتشكيل لجنة عليا لقضايا الفساد برئاسة سمو ولي العهد ونحمد الله أن هؤلاء قلة قليلة وما بدر منهم لا ينال من نزاهة مواطني هذه البلاد الطاهرة الشرفاء من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال والموظفين والعاملين على كافة المستويات وفي مختلف مواقع المسؤولية في القطاعين العام والخاص وكذلك المقيمون بها من عاملين ومستثمرين الذين نعتز ونفخر بهم ونشد على أيديهم ونتمنى لهم التوفيق".
مساعدات وإغاثات
إنسانياً، أمر الملك سلمان بن عبد العزيز بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بغرض أن تمد المملكة كافة الدول في العالم وخاصةً اليمن بما تحتاجه من مساعدات وإغاثات، حيث يعيش اليمنيون حالة اقتصادية صعبة لذلك خصصت المملكة حوالي مليارات الريالات من أجلهم.
مشروعات توسعة الحرم
كما دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، 5 مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام في مكة المكرمة تشمل مبنى التوسعة والساحات والأنفاق وتدشين مشروع مبنى توسعة المسجد الحرام المكون من ثلاثة أدوار على مسطح بناء يبلغ 320 ألف متر مربع يستوعب 300 ألف مصل.
ولم يغفل خادم الحرمين الشريفين عن التعليم حيث اهتم الملك سلمان بالطلبة المبتعثين بالخارج وتولى الإنفاق على تعليمهم وذلك طبقاً للأمر الملكي الذي أصدره، كما إنه أصدر أمراً آخر ينص على أنه سيتولى نفقة علاج السعوديين المصابين بأمراض خطيرة ويتعالجون في الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال زياراته لعدد من الدول تفضل على جميع الطلاب المدارسين على حسابهم الخاص بإضافتهم إلى البعثات التعليمية في تلك البلاد.
تمكين المرأة
كما اهتم العاهل السعودي في تمكين المرأة السعودية من نيل حقوقها وتوسيع قاعدة المشاركة في التنمية الوطنية وصناعة القرار وفقاً للضوابط الشرعية فها هي تشغل ثلاثين مقعداً في عضوية مجلس الشورى وحازت على الثقة ناخبة ومنتخبة في الانتخابات البلدية وتقلدت مناصب سيادية في القطاعين العام والخاص وهي عضو فاعل في مسار التنمية الوطنية في جميع مجالاتها.
وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمراً سامياً بالسماح بإصدار رخص قيادة للسيارات للنساء في السعودية، واعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية في السعودية، بما فيها إصدار رخص القيادة، على الذكور والإناث، على حد سواء.
الانتصار للشرعية
مر العام الثالث من حكم خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بجملة من الأحداث الإقليمية، في طليعتها الانقلاب الحوثي على السلطة في اليمن، واستمرار التدخلات الإيرانية في المنطقة، وتفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا بعد التدخل الروسي، وتسوية إيران لملفها النووي مع الغرب، وانخفاض أسعار النفط، وواكبت السياسة السعودية جملة التحديات بعدة قرارات حاسمة، في مطلعها شن عاصفة الحزم بالتعاون مع تحالف خليجي وعربي، لتمكين الشرعية، وإعادة الأمور لنصابها في اليمن، ولقيت تلك العملية العسكرية صدى دولياً واسعاً، أشار إلى أن الرياض، بوسعها تدارك الأخطار، وعدم المساومة على أمنها الاستراتيجي، وأفشلت في الوقت ذاته، المخطط الإيراني، الذي يسعى لبث القلاقل في المنطقة، من خلال دعم المليشيات المذهبية وتزويدها بالسلاح، لخلق الاقتتال الداخلي والخارجي.
وفي الإطار السوري، تمسكت السعودية بقيادة خادم الحرمين بموقفها الداعم للشعب السوري، في وجه إرهاب نظام بشار الأسد، وساندت الحل الدولي للأزمة على أساس مبادئ مؤتمر جنيف 1، عبر تعيين هيئة انتقالية تدير الحكم في البلاد، لا تتضمن الأسد ونظامه، واستضافت المملكة مؤتمراً لكافة أطياف المعارضة السورية، التي من المقرر أن تعمل مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية،على الإسراع في إنهاء القضية وحسمها في أقرب وقت.
ولم تكترث السعودية، بالنهاية غير المتوقعة، لمفاوضات دول 5+1 مع إيران لتسوية ملفها النووي، والتي أفضت لاتفاق إطار، ينهي القضية، ويسمح برفع العقوبات الدولية عن طهران واستعادتها أموالها المجمدة في البنوك الدولية، حيث رحبت بالاتفاق شريطة أن يتغير سلوك إيران في المنطقة، وأن تفتح صفحة جديدة مع جيرانها، عنوانها عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلاد.
لكن شيئاً لم يتغير بعد الاتفاق، حيث انتقلت الممارسات الإيرانية في المنطقة خلال الآونة الأخيرة من خط التصريحات المسيئة لدول الجوار، إلى منحى أكثر خطورة يتمثل في تجنيد الخلايا الإرهابية ومدها بالأسلحة والمتفجرات، من أجل بث قلاقل جديدة تستهدف أمن الخليج العربي بشكل مباشر، وهو ما قلص لاحقاً أي فرصة يمكن أن تترشح للتقارب مع الخليج.
واستضافت الرياض خلال عهد خادم الحرمين الشريفين اجتماعات قادة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في قمتهم الرابعة بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ورحب المجتمعون بالحوار والتعاون القائم بين الإقليمين لتطوير شراكة إستراتيجية قائمة على المصلحة والاحترام المتبادل.
القضية الفلسطينية
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيس القمة قد ألقى كلمة خلال افتتاح القمة قال أكد فيها على إدراك الجميع الدور المهم الذي تقوم به التكتلات والتجمعات الإقليمية وإيماناً بحق الشعوب بالعيش في عالم مستقر ومزدهر خالٍ من مخاطر الإرهاب والأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، فقد تم التأكيد على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية الرامية لإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود سنة 1967، والتأكيد على ضرورة التواصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وفقاً لما جاء في بيان "جنيف 1" و"مؤتمر فينا"، وضرورة وأهمية إيجاد حل للأزمة اليمنية عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار 2216 ودعم عملية الحوار السياسي الجارية في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأعرب المجتمعون عن رفضهم لأي تدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية من قبل قوى خارجية انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة ومبدأ حسن الجوار وشددوا على أهمية احترام وحدة وسيادة واستقلال الدول وسلامتها الإقليمية وحل النزاعات بالطرق السلمية. ودعوا إيران للتجاوب مع طلب دولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر الثلاث "طنب الكبرى - طنب الصغرى - أبوموسى"، يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
دور مؤثر عالمياً
وتقوم المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز بدور مؤثر في المحافل الدولية من خلال الأمم المتحدة، والمنظمات الإسلامية والعربية ومجموعة العشرين خدمة لمصالحها ومصالح أشقائها، والوقوف مع الحق والعدل، كما استقبلت العديد من زعماء دول العالم وكبار المسؤولين في الدول الشقيقة والصديقة، فقد تمكنت المملكة خلال يومين من عقد ثلاث قمم سياسية متعددة الأطراف، وهي القمة "السعودية - الأمريكية"، وتم خلالها إعلان الرؤية الاسترتيجية المشتركة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، وتوقيع العديد من الاتفاقيات المهمة ،أما القمة الثانية فهي "قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية"، حيث اتفق القادة على محاربة الإرهاب بجميع أشكاله، والقمة الثالثة هي "القمة العربية - الإسلامية - الأمريكية"، بمشاركة العديد من قادة الدول العربية والإسلامية، وقد ركزت على الشراكة الوثيقة بين الدول العربية والإسلامية. وفي القمة السعودية الفلسطينية التي عقدت الأربعاء، في العاصمة الرياض جدد خادم الحرمين الشريفين خلال جلسة المباحثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس التأكيد على مواقف المملكة الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.