الحرس الثوري يسيطر على مفاصل ايران العسكرية والاقتصادية
- الحرس الثوري ينافس رجال الدين في السلطة ويحاول فتح علاقات مع الدول الأخرى
- الاحتجاجات الشعبية اندلعت بدأت في مشهد انتشرت في 80 مدينة إيرانية
..
أبوظبي – صبري محمود:
أكدت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات الحرس الثوري يزداد سطوة مع سيطرته على كل مفاصل البلاد العسكرية والاقتصادية والمالية والإعلامية، فضلاً عن حالة التمدد في سياسات النظام الإقليمية.
وأوضحت - في ختام ندوة نظمها مركز الإمارات للسياسات بعنوان إيران المأزومة: الأسباب، والسياقات، والمآلات، بحضور عدد من الخبراء والباحثين والمتخصصين في الشؤون الإيرانية -
وأضافت ان "الحرس الثوري" يعتبر الخليفة الفعلي لخامنئي وإن مما يبعث على التشاؤم من حدوث أي تحول إيجابي وأن أياً من المرشحين المعروفين لخلافة خامنئي ليس أقل تشدداً من خامنئي نفسه بشأن السياسات الداخلية أو الخارجية.
وتحدث في الندوة الباحثون سلطان النعيمي وحسن العمري وألكس فاتنكا وعادل السالمي ومحمد الزغول الخبراء في الشؤون الإيرانية. وتناولت المناقشات الأزمات المزمنة والاضطرابات المركبة في إيران، والقوى المتصارعة والمصالح المتضاربة والرؤى المتناقضة في إيران.
وأكد الخبراء أنه بعد مرور 40 عاماً على ما يسمي بالثورة الإسلامية، لازالت هناك العديد من الأزمات التي تواجه النظام الإيراني، وأشاروا إلى أن الثورة الإيرانية لم تخدم الشعب الإيراني لا في الداخل ولا في الخارج.
وأشاروا إلى أن النظام الإيراني يهرب من أزمته بمفاقمتها عبر "تصدير الثورة"، وأن ما حدث في الاحتجاجات الأخيرة يتعدى الوضع الاقتصادي إلى رفض لنمط معيشي كامل، وأن النظام الإيراني لم يخدم الإسلام، بل عمل على تسليح المليشيات في المنطقة العربية.
وأكد المشاركون في الندوة تضخم دور الحرس الثوري في إيران حتى بات ينافس رجال الدين في حيازة السلطة. أنه يحاول فتح علاقات مع الدول الأخرى وهو ما يؤكد التناقض في السياسة الخارجية.
واعتبر الخبراء أن القائد الجديد سيكون في موقع مريح لتوسيع نفوذ إيران السياسي-الديني في الخارج، وهذا الانتقال السياسي سوف يؤثر على الشرق الأوسط بأكمله، وخاصة دول الخليج العربية.
وأضافوا ان النظام الإيراني يعاني من الازدواجية في التعامل مع الملفات الإقليمية، وجرى تحييد مؤسسات الحكومة المعنية بإدارة العلاقات الدولية والدبلوماسية، مثل وزارة الخارجية، الأمر الذي خلق فراغاً ، ولتجاوزه جرى تفعيل دور المستشارين ضمن مكتب القائد الأعلى "مثل ولايتي"، ودور قيادة الأركان.
وأكد الخبراء أن الاحتجاجات الشعبية الإيرانية اندلعت في 28 ديسمبر الماضي بدأت في مدينة مشهد انتشرت بسرعة إلى أكثر من 80 مدينة وبلدة في مختلف أنحاء إيران.
قمعِ المظاهرات
وأشار الخبراء إلى أن المظاهرات التي اندلعت في إيران كانت منطلقاتها سياسية وليست اقتصادية. وأوضحوا أنه بالرغم من أن النظام نجح في قمع المظاهرات، إلا أن ما قام به هو تأجيل المشكلة. وأن احتمالات تجدد الاحتجاجات قائمة، وستتعمق وضعية الأزمة في إيران.
وأكد المشاركون ان الاحتجاجات انطلقت من هموم ومطالب اقتصادية ومعيشية، إلا أن المتظاهرينَ والمتظاهرات سرعان ما وجّهوا غضبهم وانتقادهم إلى النظام الحاكم وسياساته التي أدت إلى إفقار الشعب وتبديد ثروته على التدخلات الخارجية، فرفعوا شعار "لا غزة ولا لبنان، روحي فداءٌ لإيران".
وأشاروا إلى ان المظاهرات الأخيرة لا تنبئ فقط عن تآكل شرعية النظام، وتفاقم الأزمات الهيكلية الداخلية، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بل الأهم أنها تدلل على إخفاق "النموذج الإيراني"، وهو الإخفاق الذي يظهره سعي كثير من الإيرانيين إلى الهجرة إلى الخارج.
واضافوا أن المظاهرات الإيرانية تدفعنا إلى إعادة التفكير بمدى استقرار النظام الإيراني، وأن اندلاع المظاهرات بشكل عفوي ومفاجئ، وامتدادها إلى مختلف أنحاء البلاد في أيام قليلة أكبر دليل على أن الاستقرار الظاهر على السطح لا يعبر عن حقيقة الرفض والسخط في داخل الإيراني.
وأشاروا إلى أن تتالي الاحتجاجات في السنوات الأخيرة بدءاً من احتجاجات الحركة الطلابية عام 1999، فالحركة الخضراء عام 2009، ثم الاحتجاجات الأخيرة في أواخر 2017 ومطالع عام 2018، يجعلنا نتساءل عن مدى تأثير هذه الاحتجاجات، سواء في تعديل النظام أو تغييره.
الدرس التاريخي
وأكدوا الخبراء ان الدرس التاريخي الذي نستخلصه من الاضطرابات السياسية والثورات، أنه لا يمكنُ للقمع والاستبداد، وفشل الحوكمة، الاستمرار إلى ما لا نهاية.
وأضافوا أن مقاربة الشأن الإيراني الداخلي لا تزال في الأغلب تفتقر إلى الفهم العميق والدقيق، ولا جدال في أن سياسةَ غلق الحدود، بنوعيها المادي والافتراضي، التي يفرضها النظام الإيراني تسهم في تعويق التوصل إلى مثل هذا الفهم، كما إن تركيز جل التغطيات على السياسات الخارجية للنظام الإيراني ونشاطه التوسعي قلل من الاهتمام بإيران الداخل.