* قرقاش: بلاد العرب غدت ساحة لتدخل الجوار الإقليمي والنفوذ الإيراني والتركي والإسرائيلي
دبي – صبرى محمود
تواصلت الأربعاء فعاليات مؤتمر "فكر 16" المنعقد تحت عنوان "تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار" أعماله في دبي لليوم الثاني على التوالي، بمشاركة عشرين خبيراً من أرجاء الوطن العربي في جلسات عمل بحثت موضوع جذور الفوضى وأسبابها ومظاهرها ونتائجها.
وركزت جلسات المؤتمر خلال اليومين الماضيين في مضمونها على الأسباب المختلفة للفوضى، والتي تمحورت حول "الفقر والتفاوت والبطالة" و"اختلال العمل السياسي"، و"التدخلات الخارجية"، و"التطرف والإرهاب".
وتناولت جلسة بعنوان "التطرف والإرهاب"، العوامل التي أدت إلى ظهورهما وانتشارهما وتداعياتهما الاجتماعية والأمنية والسياسية، وتضمنت مداخلات للدكتور والباحث حسن مَدن من البحرين، وسفير جمهورية السودان لدى المملكة الأردنية الهاشمية ودولة فلسطين والأمين العام الأسبق لمنتدى الفكر العربي في عمان الدكتور الصادق بخيت الفقيه، وأستاذ الفلسفة في جامعة الملك الحسن الثاني في المغرب الدكتور عبد الإله بلقزيز، ومؤسس ورئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر، والأستاذة في جامعة منوبة في تونس الدكتورة والباحثة آمال قرامي.
ظاهرة العنف
ورأى الدكتور حسن مدن أن ظاهرة العنف تجتاح عالمنا العربي، ويبلغ حد الحرب الأهلية في بعضها، مشدداً على أن هذا السيناريو يهدد بلداناً أخرى، تعاني مواجهات واحتقانات أمنية وسياسية حادة. ورأى أن ثمة ترابطاً وثيقاً بين العنف السياسي والاجتماعي والثقافي. وشدد على أن التعصب هو موقف فكري وسياسي مبني على تعبئة نفسية خاطئة. وأكد أن الدعوة إلى التسامح والاعتدال، هي واجب يقع على عاتق الجميع مهما تعددت تلاوينهم الفكرية، لمواجهة الهاوية التي تندفع إليها مجتمعاتنا، داعياً إلى ردّ الاعتبار للعمل الإصلاحي الإسلامي والتنويري، ونبذ التطرف والتعصب، وتعلم القدرة على التعايش مع الأفكار الأخرى.
واعتبر الدكتور الصادق الفقيه أن التطرف والإرهاب ليسا مجرد قنابل وإطلاق نار وقتل جماعي، بل مشكلة مفاهيم وسلوك، عازياً عدم اتّفاق الجميع على تعريف موحّد للإرهاب إلى ما يصفه بـ"النفاق السياسي".
ورأى الدكتور عبد الإله بلقزيز أن مفهومي التطرف والإرهاب، ليس بينهما تلك الصلة التي نتخيل أنها موجودة بل هناك صلة اتصال وانفصال بينهما. واعتبر أن الغلو في التفكير لا يرتب حكماً التعبير عنه مادياً وقتالياً وبشكل مسلح، وأنّ أسباب الإرهاب أوسع مدى من تلك التي تولد التطرف. ولفت بلقزيز إلى أنه عند تناول العوامل التي تؤدي إلى التطرف، علينا تجنب النظرة التي تختزل منظومة العوامل في عاملٍ واحد، وهذه العوامل قد تكون اقتصادية أو سياسية أو ثقافية.
وقال الدكتور عبدالعزيز بن صقر إن الفوضى في المنطقة العربية ظهرت منذ حوادث ما يسمى بثورات الربيع العربي، لكنها كانت موضوعة في سيناريوهات مسبقة تقع ضمن توجهات السياسة الأمريكية. ودعا إلى ضرورة الحفاظ على ما تبقّى من دول المنطقة والحيلولة دون الزج بها في أتون الفوضى، وتفعيل العمل الجماعي العربي المشترك، وتفعيل دور جامعة الدول العربية.
وتناولت جلسة "اختلال آليات العمل السياسي" العوامل السياسية وتقصير المؤسسات المعنية في التعبير عن المطالب الشعبية وضعف المشاركة العامّة فيها.
كان المؤتمر الذي تنظمه مؤسّسة الفكر العربي قد انطلق صباح الثلاثاء بحضور نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، ورئيس مؤسسة الفكر العربي، الأمير خالد الفيصل، وحشد كبير من المفكرين والسياسين العرب.
السيولة والتنافس
وألقى أحمد أبو الغيط كلمة أكد فيها أن النظام العالمي يمر بحالة غير مسبوقة من السيولة والتنافس الذي يقترب من الصراع بين اللاعبين الرئيسين، وهو تطور يؤدي إلى انعدام اليقين على التفاعلات والعلاقات الدولية كافة.
3 تيارات تتصارع في المنطقة
كما ألقى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، د.أنور بن محمد قرقاش، كلمة اكد فيها إن هنالك 3 تيارات تتصارع حول الاستقرار في المنطقة وهي محور إيراني بعده توسعي ونفسه طائفي ويلعب دوراً رئيساً في الملفات العربية، والثاني تركي بدعم من الإخوان وقطر بخطاب ديني، والثالث وهو الذي اختارته الإمارات محور عربي وسطي أعمدته الأساسية في مصر والسعودية. وأوضح أن الوسطية والاعتدال تعني الحاجة للتصدي للفكر المتطرف الذي لعب دوراً في هدم أسس الاستقرار، واستغل عباءة الدين لأغراض سياسية.
وأضاف "التجديد والتحديث في المملكة العربية السعودية، يعتبر أبرز تطورات الساحة الآن ويجب الالتفات له، لأنه صوت الاعتدال وهو المخزون الديني الكبير، وهو رؤية لجيل جديد من العرب تجاه المستقبل".
وتابع ان "دولة الإمارات العربية المتحدة اختارت أن تكون ضمن محور عربي وسطي أركانه السعودية ومصر، في الوقت الذي تتصارع فيه 3 محاور في العالم العربي حول مساعي الاستقرار وعدمه"، معرباً عن أسفه "لتحييد الأطراف السورية والعربية عن المشاركة في صناعة مستقبل أفضل للشعب السوري"، مشيراً إلى أن "الجروح عميقة في سوريا والخيارات العسكرية ليست الضماد المناسب لها"، ولفت إلى أن "التجديد والتحديث في المملكة العربية السعودية أبرز التطورات في الساحة الآن".
وقال "في ظل ضعف النظام العربي الذي شهدنها خلال العقدين الماضيين، غدت بلاد العرب ساحة لتدخل الجوار الإقليمي والنفوذ سواء الإيراني أو التركي أو الإسرائيلي".
وأكد قرقاش، أن "مجلس التعاون لدول الخليج العربية باق، لأن نجاحه ليس سياسياً فقط بل خلق سوقاً مشتركاً ضخماً سهل التبادل التجاري بطريقة مذهلة، وهو باق، لأن هناك مصلحة للشعوب الخليجية تتغلب على الخلافات السياسية".
وأوضح أن "مواجهة التطرف معركة أساسية مازلنا نخوضها وهي لم تنته بعد، لكن هنالك وضوح في الرؤية أكثر من ذي قبل".
وأردف "النظام الإيراني استغل الطائفية لتعزيز نفوذه في منطقتنا العربية"، لافتاً إلى أننا "تعلمنا مما يعرف بالربيع العربي وفوضاه وتدميره، وثمنه الباهظ أن التطور التدريجي هو السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار".
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، إن "الضعف العربي أدى إلى تدخلات من دول الجوار مثل "تركيا وإيران وإسرائيل"، وبات تأثير إيران واضحاً في بعض الدول".
التدخلات الخارجية
وتناولت جلسة "التدخلات الخارجية" الدور التركي والإيراني في النزاعات العربية من خلال سعيهما للتدخل في الشؤون الداخلية العربية، فضلاً عن دور الكيان الصهيوني في استغلال وضع المنطقة من خلال توسيع دائرة الاستيطان والسيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورأى الدكتور مصطفى البرغوثي أن ما يحكم الصراعات والاتفاقات في عصرنا الحاضر هي المصالح، معتبراً أن المواجهة مع إسرائيل هي الأخطر بين الدول الإقليمية والدول العظمى "الصين، الولايات المتحدة، روسيا"، على اعتبار أن طموحاتها لا تقتصر على فلسطين، مؤكداً أنها تستفيد من الخلافات العربية العربية، ولا تريد حلاً وسطاً مع العرب بل تطبيعاً كاملاً من دون مقابل.
ودعا البرغوثي الدول العربية إلى رفض ما يقوم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من دعم للاستيطان وتشريعه وتغذية التوترات التي زادت منذ اعتلى سدة الرئاسة الأمريكية. كما دعا إلى دعم المقاومة الشعبية والتكامل بين الفلسطينيين، الذين أدركوا أن المراهنة على حل من خلال الولايات المتحدة لن يتحقق.
ورأى الدكتور ناصيف حتي أن هناك قوتين جارتين للنظام الإقليمي العربي "إيران وتركيا"، استيقظ لديهما الدور الإمبراطوري، فقررا العودة إليه بعناوين واستراتيجيات مختلفة. وأكد أن النظرة العقائدية والاستراتيجية لديهما، أسهمت في تلك العودة الجديدة، معللاً ذلك بوجود فوضى إقليمية تعيشها المنطقة، لافتاً إلى أن المنطقة العربية تعيش منذ عشريتها الأولى، حالةً من الفراغ أدت إلى انتشار الإسلام السياسي "تنظيماً وفكراً وثقافة" في مدارسه المختلفة على حساب العروبة السياسية، مما أسهم في شرعنة تلك القوتين.
وتحدث الدكتور محمد الشيخ بيدالله في مداخلته عن مدى إمكانية مقاربة الفوضى وما يقع الآن أمام أعيننا من دون العودة إلى اتفاق سايكس بيكو، ومؤتمر برلين لتقسيم أفريقيا، ومؤتمر الصخيرات لتقسيم المغرب، ووعد بلفور المشؤوم. وأكد أن تفاعلات هذه الأحداث وتداعياتها المدمرة لم تنتهِ بعد، فهي زعزعت الهويات، وكسرت النفسيات والسيكولوجيات عند كثيرٍ من الشعوب، وتولد عنها في الجانب الآخر، الإنسان الغربي المنتصر حضارياً والمعتز بانتصاره إلى حد التعالي.
وأوضحت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي أن التدخلات الإيرانية والتركية في النزاعات العربية، ستكون من الملفات الأساسية التي ستناقشها القمة العربية التاسعة والعشرون التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية في 15 الشهر الجاري في الظهران.
ورأت الكتبي أن هذا التدخل يعكس تزايد الأخطار التي يتعرض لها الأمن القومي العربي، فهناك تدخلات إقليمية تستهدف النَيل من أمن الدول العربية واستقرارها، تأتي من قبل إيران وإسرائيل وتركيا، ومن الأهمية بمكان، ومن أجل مواجهة هذه التدخلات والتحديات، العمل على استعادة كل ثقلٍ عربي ممكن.
وتحدث محمد بن صقر السلمي عن تدخل دول الجوار العربي وتأجيج الصراعات العربية، واعتبر أن إيران تأتي على رأس دول الجوار المؤججة للصراعات الداخلية العربية. ورأى أن إيران تقوم بدورٍ أساسي في الصراع السوري الداخلي، وتزكي التباعد السني الشيعي بين الفصائل العراقية، وتصدع البنية الوطنية اللبنانية عبر سياسات حزب الله التابع لها.
وتحدث الدكتور نبيل العربي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عن خطورة الإرهاب العشوائي الذي تعانيه المنطقة العربية، مستشهداً بقولٍ لبن غوريون مفاده أن "قوة إسرائيل ليست فحسب بأسلحتها بل بالفوضى في الدول العربية". ولفت إلى أن إسرائيل رفضت المبادرة العربية في عام 2002، وهي تعتمد سياسة الاستفادة من الوقت. وختم بالقول إن المطلوب اليوم هو الحكم الرشيد في الدول العربية.
الفقر والتفاوت والبطالة
وناقشت الجلسة الثانية بعنوان "الفقر والتفاوت والبطالة"، الأسباب الاقتصادية التي تخلق البيئة المؤاتية للفوضى والاضطراب وقضايا الفقر والحرمان النسبي، والبطالة وانخفاض مستويات المعيشة والتفاوتات الاقتصادية.
دبي – صبرى محمود
تواصلت الأربعاء فعاليات مؤتمر "فكر 16" المنعقد تحت عنوان "تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار" أعماله في دبي لليوم الثاني على التوالي، بمشاركة عشرين خبيراً من أرجاء الوطن العربي في جلسات عمل بحثت موضوع جذور الفوضى وأسبابها ومظاهرها ونتائجها.
وركزت جلسات المؤتمر خلال اليومين الماضيين في مضمونها على الأسباب المختلفة للفوضى، والتي تمحورت حول "الفقر والتفاوت والبطالة" و"اختلال العمل السياسي"، و"التدخلات الخارجية"، و"التطرف والإرهاب".
وتناولت جلسة بعنوان "التطرف والإرهاب"، العوامل التي أدت إلى ظهورهما وانتشارهما وتداعياتهما الاجتماعية والأمنية والسياسية، وتضمنت مداخلات للدكتور والباحث حسن مَدن من البحرين، وسفير جمهورية السودان لدى المملكة الأردنية الهاشمية ودولة فلسطين والأمين العام الأسبق لمنتدى الفكر العربي في عمان الدكتور الصادق بخيت الفقيه، وأستاذ الفلسفة في جامعة الملك الحسن الثاني في المغرب الدكتور عبد الإله بلقزيز، ومؤسس ورئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر، والأستاذة في جامعة منوبة في تونس الدكتورة والباحثة آمال قرامي.
ظاهرة العنف
ورأى الدكتور حسن مدن أن ظاهرة العنف تجتاح عالمنا العربي، ويبلغ حد الحرب الأهلية في بعضها، مشدداً على أن هذا السيناريو يهدد بلداناً أخرى، تعاني مواجهات واحتقانات أمنية وسياسية حادة. ورأى أن ثمة ترابطاً وثيقاً بين العنف السياسي والاجتماعي والثقافي. وشدد على أن التعصب هو موقف فكري وسياسي مبني على تعبئة نفسية خاطئة. وأكد أن الدعوة إلى التسامح والاعتدال، هي واجب يقع على عاتق الجميع مهما تعددت تلاوينهم الفكرية، لمواجهة الهاوية التي تندفع إليها مجتمعاتنا، داعياً إلى ردّ الاعتبار للعمل الإصلاحي الإسلامي والتنويري، ونبذ التطرف والتعصب، وتعلم القدرة على التعايش مع الأفكار الأخرى.
واعتبر الدكتور الصادق الفقيه أن التطرف والإرهاب ليسا مجرد قنابل وإطلاق نار وقتل جماعي، بل مشكلة مفاهيم وسلوك، عازياً عدم اتّفاق الجميع على تعريف موحّد للإرهاب إلى ما يصفه بـ"النفاق السياسي".
ورأى الدكتور عبد الإله بلقزيز أن مفهومي التطرف والإرهاب، ليس بينهما تلك الصلة التي نتخيل أنها موجودة بل هناك صلة اتصال وانفصال بينهما. واعتبر أن الغلو في التفكير لا يرتب حكماً التعبير عنه مادياً وقتالياً وبشكل مسلح، وأنّ أسباب الإرهاب أوسع مدى من تلك التي تولد التطرف. ولفت بلقزيز إلى أنه عند تناول العوامل التي تؤدي إلى التطرف، علينا تجنب النظرة التي تختزل منظومة العوامل في عاملٍ واحد، وهذه العوامل قد تكون اقتصادية أو سياسية أو ثقافية.
وقال الدكتور عبدالعزيز بن صقر إن الفوضى في المنطقة العربية ظهرت منذ حوادث ما يسمى بثورات الربيع العربي، لكنها كانت موضوعة في سيناريوهات مسبقة تقع ضمن توجهات السياسة الأمريكية. ودعا إلى ضرورة الحفاظ على ما تبقّى من دول المنطقة والحيلولة دون الزج بها في أتون الفوضى، وتفعيل العمل الجماعي العربي المشترك، وتفعيل دور جامعة الدول العربية.
وتناولت جلسة "اختلال آليات العمل السياسي" العوامل السياسية وتقصير المؤسسات المعنية في التعبير عن المطالب الشعبية وضعف المشاركة العامّة فيها.
كان المؤتمر الذي تنظمه مؤسّسة الفكر العربي قد انطلق صباح الثلاثاء بحضور نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، ورئيس مؤسسة الفكر العربي، الأمير خالد الفيصل، وحشد كبير من المفكرين والسياسين العرب.
السيولة والتنافس
وألقى أحمد أبو الغيط كلمة أكد فيها أن النظام العالمي يمر بحالة غير مسبوقة من السيولة والتنافس الذي يقترب من الصراع بين اللاعبين الرئيسين، وهو تطور يؤدي إلى انعدام اليقين على التفاعلات والعلاقات الدولية كافة.
3 تيارات تتصارع في المنطقة
كما ألقى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، د.أنور بن محمد قرقاش، كلمة اكد فيها إن هنالك 3 تيارات تتصارع حول الاستقرار في المنطقة وهي محور إيراني بعده توسعي ونفسه طائفي ويلعب دوراً رئيساً في الملفات العربية، والثاني تركي بدعم من الإخوان وقطر بخطاب ديني، والثالث وهو الذي اختارته الإمارات محور عربي وسطي أعمدته الأساسية في مصر والسعودية. وأوضح أن الوسطية والاعتدال تعني الحاجة للتصدي للفكر المتطرف الذي لعب دوراً في هدم أسس الاستقرار، واستغل عباءة الدين لأغراض سياسية.
وأضاف "التجديد والتحديث في المملكة العربية السعودية، يعتبر أبرز تطورات الساحة الآن ويجب الالتفات له، لأنه صوت الاعتدال وهو المخزون الديني الكبير، وهو رؤية لجيل جديد من العرب تجاه المستقبل".
وتابع ان "دولة الإمارات العربية المتحدة اختارت أن تكون ضمن محور عربي وسطي أركانه السعودية ومصر، في الوقت الذي تتصارع فيه 3 محاور في العالم العربي حول مساعي الاستقرار وعدمه"، معرباً عن أسفه "لتحييد الأطراف السورية والعربية عن المشاركة في صناعة مستقبل أفضل للشعب السوري"، مشيراً إلى أن "الجروح عميقة في سوريا والخيارات العسكرية ليست الضماد المناسب لها"، ولفت إلى أن "التجديد والتحديث في المملكة العربية السعودية أبرز التطورات في الساحة الآن".
وقال "في ظل ضعف النظام العربي الذي شهدنها خلال العقدين الماضيين، غدت بلاد العرب ساحة لتدخل الجوار الإقليمي والنفوذ سواء الإيراني أو التركي أو الإسرائيلي".
وأكد قرقاش، أن "مجلس التعاون لدول الخليج العربية باق، لأن نجاحه ليس سياسياً فقط بل خلق سوقاً مشتركاً ضخماً سهل التبادل التجاري بطريقة مذهلة، وهو باق، لأن هناك مصلحة للشعوب الخليجية تتغلب على الخلافات السياسية".
وأوضح أن "مواجهة التطرف معركة أساسية مازلنا نخوضها وهي لم تنته بعد، لكن هنالك وضوح في الرؤية أكثر من ذي قبل".
وأردف "النظام الإيراني استغل الطائفية لتعزيز نفوذه في منطقتنا العربية"، لافتاً إلى أننا "تعلمنا مما يعرف بالربيع العربي وفوضاه وتدميره، وثمنه الباهظ أن التطور التدريجي هو السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار".
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، إن "الضعف العربي أدى إلى تدخلات من دول الجوار مثل "تركيا وإيران وإسرائيل"، وبات تأثير إيران واضحاً في بعض الدول".
التدخلات الخارجية
وتناولت جلسة "التدخلات الخارجية" الدور التركي والإيراني في النزاعات العربية من خلال سعيهما للتدخل في الشؤون الداخلية العربية، فضلاً عن دور الكيان الصهيوني في استغلال وضع المنطقة من خلال توسيع دائرة الاستيطان والسيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورأى الدكتور مصطفى البرغوثي أن ما يحكم الصراعات والاتفاقات في عصرنا الحاضر هي المصالح، معتبراً أن المواجهة مع إسرائيل هي الأخطر بين الدول الإقليمية والدول العظمى "الصين، الولايات المتحدة، روسيا"، على اعتبار أن طموحاتها لا تقتصر على فلسطين، مؤكداً أنها تستفيد من الخلافات العربية العربية، ولا تريد حلاً وسطاً مع العرب بل تطبيعاً كاملاً من دون مقابل.
ودعا البرغوثي الدول العربية إلى رفض ما يقوم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من دعم للاستيطان وتشريعه وتغذية التوترات التي زادت منذ اعتلى سدة الرئاسة الأمريكية. كما دعا إلى دعم المقاومة الشعبية والتكامل بين الفلسطينيين، الذين أدركوا أن المراهنة على حل من خلال الولايات المتحدة لن يتحقق.
ورأى الدكتور ناصيف حتي أن هناك قوتين جارتين للنظام الإقليمي العربي "إيران وتركيا"، استيقظ لديهما الدور الإمبراطوري، فقررا العودة إليه بعناوين واستراتيجيات مختلفة. وأكد أن النظرة العقائدية والاستراتيجية لديهما، أسهمت في تلك العودة الجديدة، معللاً ذلك بوجود فوضى إقليمية تعيشها المنطقة، لافتاً إلى أن المنطقة العربية تعيش منذ عشريتها الأولى، حالةً من الفراغ أدت إلى انتشار الإسلام السياسي "تنظيماً وفكراً وثقافة" في مدارسه المختلفة على حساب العروبة السياسية، مما أسهم في شرعنة تلك القوتين.
وتحدث الدكتور محمد الشيخ بيدالله في مداخلته عن مدى إمكانية مقاربة الفوضى وما يقع الآن أمام أعيننا من دون العودة إلى اتفاق سايكس بيكو، ومؤتمر برلين لتقسيم أفريقيا، ومؤتمر الصخيرات لتقسيم المغرب، ووعد بلفور المشؤوم. وأكد أن تفاعلات هذه الأحداث وتداعياتها المدمرة لم تنتهِ بعد، فهي زعزعت الهويات، وكسرت النفسيات والسيكولوجيات عند كثيرٍ من الشعوب، وتولد عنها في الجانب الآخر، الإنسان الغربي المنتصر حضارياً والمعتز بانتصاره إلى حد التعالي.
وأوضحت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي أن التدخلات الإيرانية والتركية في النزاعات العربية، ستكون من الملفات الأساسية التي ستناقشها القمة العربية التاسعة والعشرون التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية في 15 الشهر الجاري في الظهران.
ورأت الكتبي أن هذا التدخل يعكس تزايد الأخطار التي يتعرض لها الأمن القومي العربي، فهناك تدخلات إقليمية تستهدف النَيل من أمن الدول العربية واستقرارها، تأتي من قبل إيران وإسرائيل وتركيا، ومن الأهمية بمكان، ومن أجل مواجهة هذه التدخلات والتحديات، العمل على استعادة كل ثقلٍ عربي ممكن.
وتحدث محمد بن صقر السلمي عن تدخل دول الجوار العربي وتأجيج الصراعات العربية، واعتبر أن إيران تأتي على رأس دول الجوار المؤججة للصراعات الداخلية العربية. ورأى أن إيران تقوم بدورٍ أساسي في الصراع السوري الداخلي، وتزكي التباعد السني الشيعي بين الفصائل العراقية، وتصدع البنية الوطنية اللبنانية عبر سياسات حزب الله التابع لها.
وتحدث الدكتور نبيل العربي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عن خطورة الإرهاب العشوائي الذي تعانيه المنطقة العربية، مستشهداً بقولٍ لبن غوريون مفاده أن "قوة إسرائيل ليست فحسب بأسلحتها بل بالفوضى في الدول العربية". ولفت إلى أن إسرائيل رفضت المبادرة العربية في عام 2002، وهي تعتمد سياسة الاستفادة من الوقت. وختم بالقول إن المطلوب اليوم هو الحكم الرشيد في الدول العربية.
الفقر والتفاوت والبطالة
وناقشت الجلسة الثانية بعنوان "الفقر والتفاوت والبطالة"، الأسباب الاقتصادية التي تخلق البيئة المؤاتية للفوضى والاضطراب وقضايا الفقر والحرمان النسبي، والبطالة وانخفاض مستويات المعيشة والتفاوتات الاقتصادية.