* خادم الحرمين الشريفين: خدمة ضيوف الرحمن الشرف الأكبر لنا

* منى تستقبل ضيوف الرحمن مهللين مكبرين لرمي جمرة العقبة

الدمام - عصام حسان، (وكالات)

شارك نحو 2.4 مليون حاج مسلم منذ فجر الثلاثاء، أول أيام عيد الأضحى، في رمي جمرة العقبة الكبرى في منى رمزا لرفض غواية الشيطان، في أخر شعيرة من شعائر الحج.

وأقبل حجاج بيت الله الحرام جماعات وأفراداً إلى مشعر منى راجلين وركباناً مع إشراقه صباح الثلاثاء العاشر من شهر ذي الحجة، مهللين مكبرين تملؤ قلوبهم الفرحة والسرور، بعد أن منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، وقد أدوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم باتوا ليلتهم في "مزدلفة" تحفهم عناية الله تعالى ورعايته، وهم يعيشون الأجواء الإيمانية وسط خدمات متكاملة تحيطهم من كل جانب، يقوم عليها إخوان لهم من أبناء هذه البلاد الطاهرة الذين نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن والحرمين الشريفين والأمة الإسلامية في كل مكان بقيادة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده، وجميع المعنيين الذين يحرصون ويوجهون دائماً على تقديم أعلى مستوى من الخدمات لراحة الحجاج لكي يؤدوا مناسكهم في أمن وطمأنينة.

وقد نجحت بفضل الله تعالى الخطط التي وضعتها القطاعات المعنية بالحج هذا العام، ثم بمتابعة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية.

وفور وصول الحجاج إلى مشعر منى شرعوا برمي جمرة العقبة، اتباعاً لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومن ثم يطوفون بالبيت العتيق ويؤدون نسكي الحلق أو التقصير والنحر.

ويأتي رمي الجمرات تذكيراً بعداوة الشيطان الذي اعترض نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل في هذه الأماكن، فيعرفون بذلك عداوته ويحذرون منه.

وبعد أن يفرغ الحجاج من رمي جمرة العقبة يشرع لهم في هذا اليوم أعمال النحر حيث يبدأون بنحر هديهم، ثم بحلق رؤوسهم، ثم الطواف بالبيت العتيق والسعي بين الصفا والمروة.

بعد ذلك يستمر الحجاج في إكمال مناسكهم فيبقون أيام التشريق في منى يذكرون الله كثيرا ويشكرونه أن منّ عليهم بالحج، ويكملون رمي الجمرات الثلاث يبدؤون بالصغرى ثم الوسطى فالكبرى كل منها بسبع حصيات.

وقد سجلت نجاح مراحل تنقل الحجاج بين المشاعر وتميزها بالانسيابية رغم كثرة المركبات إلا أن الطرق الفسيحة ووسائل النقل الحديثة ومنها قطار المشاعر الذي أسهم في نجاح الخطة المرورية التي يقوم عليها رجال أكفاء من الأمن العام والمرور وقوى الأمن الداخلي والحرس الوطني يساندهم في ذلك أفراد الكشافة الذين واصلوا الليل بالنهار لتنظيم حركة السير وإرشاد الحجاج وتأمين سلامتهم فيما كانت الطائرات العمودية تتابع حركة النفرة موجهة من خلال غرفة العمليات ومركز القيادة والسيطرة لمواقع الكثافة على الطرق كافة للعمل على فك الاختناقات المرورية وتسهيل حركة مواكب الحجيج.

وقد عاش الحجيج في نفرتهم الهدوء والسكينة، تحفهم عنايته سبحانه وتعالى ثم جهود وحرص وتنسيق بين العديد من القطاعات التي التزمت الخطط المرسومة لتحركات الحجيج بين المشاعر المقدسة ووفرت الخدمات الصحية والتموينية والغذائية وكذا الاتصالات والمياه والكهرباء إلى جانب انتشار مراكز الدفاع المدني على الطرقات وداخل المشاعر.

ووقت الرمي المحدد هو من فجر يوم عيد الأضحى إلى فجر اليوم التالي، ولكن السنة أن يكون الرمي ما بين طلوع الشمس الى الزوال.

وتوجه الحجاج الذين رددوا التلبية والتكبير تحت الشمس الحارقة في منى، إلى جمرة العقبة الكبرى.

وبعد الفراغ من رمي جمرة العقبة الكبرى يتولى الحاج ذبح الهدي ثم يحلق شعر رأسه أو يقصره.

وترمز الأضحية إلى مستوى عال من الايمان وتعود، بحسب الموروث الديني، إلى استعداد النبي إبراهيم للتضحية بابنه إسماعيل وذبحه تلبية لأمر رباني شكل اختباراً لدرجة إيمانه، ثم استبداله في اللحظة الأخيرة بكبش يذبح بديلاً عنه بعد نجاح إبراهيم في الاختبار.

وفي حين يتولى قسم من الحجاج ذبح الأضاحي في مكة ومنى، يقوم قسم آخر بدلاً من الذبح بشراء وصل بقيمة نحو مئة دولار يخصص لشراء أضحية يوزع لحمها لاحقاً على الفقراء.

وبعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير والتحلل الأول يتوجه الحاج إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج ثم يرجع الحاج بعد ذلك إلى منى ليبيت بها أيام التشريق التي يقوم فيها الحاج برمي الجمرات الثلاث.

ويشكل رمي الحجاج سبع حصوات على شاخص يجسد غواية الشيطان، أحد أكثر شعائر الحج دقة. وكان رمي الجمرات والتدافع الذي قد يصاحبه أدى في مواسم سابقة إلى حوادث مميتة بين الحشد المليوني للحجاج.

وأحضر الحجاج الحصى من مزدلفة التي نفروا إليها مساء الإثنين بعد وقوفهم على صعيد جبل عرفة لأداء الركن الأعظم من الحج.

وأحضرت مي خليفة "37 عاماً" وهي مصرية مقيمة في الرياض الحصى في كيس صغير، وتقول أنها ليست خائفة من الازدحام.

وقالت "هذا أول حج لي ان شاء الله. الرحلة ممتعة جدا رغم التعب والمشقة".

وعلى الرغم من الازدحام والحوادث السابقة فإنها تؤكد "لا يوجد خوف أو أي شيء. بالعكس نحن في حماية الله".

وانتشر عدد كبير من عناصر الأمن لإرشاد الحجاج إلى موقع جمرة العقبة الكبرى. بينما سعى آخرون لحث حجاج انتهوا من أداء مناسكهم على المغادرة لإفساح المجال أمام غيرهم من الحجاج.

وجاء السوداني محمد عثمان "28 عاماً" لرمي الجمرات مؤكداً "الحمد الله لن يحدث تدافع أو ازدحام في الحج هذا العام".

وتابع "بعد الجمرات سنذهب إلى الحرم للقيام بطواف الإفاضة" متابعاً "لا يمكنني وصف الشعور".

ويؤكد معين الدين أحمد "35 عاماً" الذي قدم من بنغلادش "أشعر بشعور جيد على الرغم من درجات الحرارة المرتفعة" التي تجاوزت الأربعين درجة مئوية.

ويرى أن "الحكومة السعودية قامت بالاهتمام بكل هذا. هناك الكثير من الأمن والكثير من الانضباط".

وقد انتشر عشرات آلاف عناصر الأمن من بينهم الشرطة والدفاع المدني، في الحج، بحسب السلطات السعودية.

وزار خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود منى الثلاثاء وشوهد على شاشة التلفزيون الحكومي وهو يراقب الحجاج من نافذة بناية مرتفعة.

وأكد خادم الحرمين الشريفين، أن الشرف الأكبر للبلاد هو خدمة ضيوف الرحمن، داعياً الله أن يديم الخير والسلام على الأمة وسائر البلاد.

وكتب الملك سلمان على حسابه في موقع "تويتر" إن "الشرف الأكبر الذي أكرم الله به بلادنا هو خدمتها لضيوف الرحمن، ومع عيد الأضحى المبارك، أدعوه سبحانه أن يتمم للحجاج حجهم، وأن يديم الخير والسلام على أمتنا وسائر البلاد".

وقد ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة بهذه المناسبة قال فيها "أهنئكم وجميع المواطنين وحجاج بيت الله الحرام بعيد الأضحى المبارك، سائلاً المولى سبحانه أن يعيده على الجميع بالخير والبركة".

وتابع "شرّف الله سبحانه هذه البلادَ المباركة بخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والزوار، وتوفير أسباب أداء نسكهم بطمأنينة ويسر، ولم يزل بذل الغالي والنفيس في سبيل خدمتهم والسهر على راحتهم مصدر فخر لبلادنا منذ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- وستواصل أداءَ هذا الواجب بعون من الله وتوفيقه".

وأضاف "إخواني وأبنائي العسكريين إن حجاج بيت الله الحرام والعالم كله يشاهد ويلمس ما تبذلونه من جهود وما تقدمونه من خدمات لحجاج بيت الله الحرام، وهو واجب عليكم وشرف لكم تنالون به الأجر بإذن الله".

وأكد "أن التضحيات الكبيرة التي يقدمها منسوبو القطاعات العسكرية، دفاعاً عن حياض الوطن وحماية مقدساته ومقدراته هي محل فخرنا واعتزازنا".

وقال "نحن وفي هذا اليوم المبارك نتذكر شهداءنا وأبطالنا الذين بذلوا أرواحَهم في سبيل دينهم وحماية وطنهم، ونسأل الله أن يتغمّدَهم برحمته الواسعة، وأن يمنّ على المصابينَ بالشفاء العاجل".

وبدأ أكثر من مليوني حاج، الثلاثاء، رمي جمرات العقبة في مشعر منى، ونحر الهدي، في أول أيام عيد الأضحى المبارك، وذلك عقب نفرتهم من عرفات إلى مزدلفة، بعد أن قضوا فيه ليلتهم.

واستعدت قوات الأمن السعودية منذ ساعة مبكرة، ونشرت عشرات آلاف الجنود والضباط لخدمة ضيوف الرحمن.

واستقبل الحرم المكي جموع المؤدين لصلاة العيد وطواف الإفاضة، فيما أكد قائد قوات أمن الحج الفريق أول ركن خالد الحربي جاهزية منشأة الجمرات لاستقبال الحجاج عبر منظومة أمنية مكونة من الأمن العام، ومن قوات الطوارئ الخاصة الموكلة لها إدارة وتنظيم حركة الحشود في منشأة الجمرات.

ويترافق الحج عادة مع تدابير أمنية مشددة. وعاد الإيرانيون إلى مكة العام الماضي. وقال أمير مكة خالد الفيصل إن عدد الحجاج من إيران بلغ 86 ألفاً.

كما أشار إلى وصول 300 حاج قطري عبر الكويت لأداء المناسك.