وليد صبري

ترتبط مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية بعلاقات تاريخية وطيدة لأكثر من مائتي عام، فيما يمتد التكوين الديمغرافي بين المملكتين عبر عقود، في حين يجسد السيف الأجرب عمق العلاقات الوطيدة بين المملكتين على مدار 140 عاماً.

وفي هذا الصدد، تشارك مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، أفراحها بيومها الوطني، حيث تتسم العلاقات بين المملكتين، بكونها علاقات تاريخية، تقوم على التواصل والود والمحبة، بين حكومتي وشعبي البلدين، وتشهد تطوراً مستمراً على كل المستويات، انطلاقاً من الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بينهما تجاه مختلف القضايا، وروابط الأخوة ووشائج القربى والمصاهرة والنسب ووحدة الدم والمصير والهدف المشترك الذي يجمع الشعبين الشقيقين، فضلاً عن جوارهما الجغرافي، وعضويتهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية.

وفي هذا الصدد، يؤكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى، وخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حرصهما المشترك على توسيع آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين، والارتقاء بها في شتى المجالات والميادين.

وتضرب العلاقات البحرينية السعودية بجذورها في أعماق التاريخ، وتتنوع هذه العلاقات وتتشعب لتشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأسرية.

وتظهر متانة العلاقات بين البلدين، في تشارك قيادتيهما وشعبيهما الأفراح والأحزان، ووقوفهما إلى جانب بعضهما البعض في الملمات والمحن، تأكيداً للروابط المتجذرة بين الشعبين الشقيقين.

وتجمع البحرين والسعودية علاقة قديمة وخاصة، ويعود الترابط إلى القرب الجغرافي بين البلدين، ويمكن بسهولة ملاحظة تشعب العوائل السعودية في البحرين وبالعكس. كما أن الترابط القبلي موجود منذ قديم الزمان، وكثير من المواطنين البحرينيين مقيمون بالسعودية، والعكس صحيح، وهناك أعداد كبيرة من طلبة البحرين يدرسون في جامعات سعودية، وطلبة سعوديون مسجلون في جامعات بحرينية.

وقد أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، في مناسبات عدة حرصت البحرين على توطيد هذه العلاقات وفتح مجالات أوسع للتعاون سواء في الإطار الثنائي أو على مستوى مجلس التعاون، خاصة أن البلدين تربطهما علاقات نسب وقربى تفسر التلاحم الاجتماعي والثقافي والأسري.

على الصعيد السياسي تشهد العلاقات بين البلدين قدراً كبيراً من التنسيق في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية التي يتم تداولها في مؤتمرات قمم مجلس التعاون وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة، وغيرها من المحافل الدولية، حيث يتبنى البلدان رؤية موحدة تجاه القضايا الإقليمية والدولية فضلاً عن التعاون في مجالات العمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، من خلال تشكيل لجنة عليا، لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

ويبرز التكامل السياسي الدبلوماسي بين البحرين والسعودية خليجياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، حيث من الجدير بالذكر أن المملكتين عضوتان في مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية، والأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن "إعادة الأمل"، والتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، والتحالف العسكري الإسلامي.

وتعتبر البحرين والسعودية أن احترام المواثيق الدولية، وقواعد حسن الجوار، وسيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية ضرورة لا غنى عنها لإحلال الأمن والسلم الدوليين، مما أكسبهما سمعة طيبة في المحافل الإقليمية والدولية، ويتبنى البلدان رؤية موحدة ودبلوماسية منسجمة ومتوافقة تجاه المواقف من القضايا الإقليمية والدولية.

وكان من أبرز دلائل رغبة الشعبين في مزيد من التلاحم، موافقة الشعبين لمقترح المملكة العربية السعودية، بشأن تحول مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد خليجي كامل. وقد سجل التاريخ في مارس 2011، وقفة سعودية خالدة مع البحرين في مواجهة مخططات الفتنة التي أرادت السوء للمملكة، حينما، بدأت طلائع قوات "درع الجزيرة" المشتركة، بمشاركة القوات السعودية، بالوصول إلى مملكة البحرين نظراً لما شهدته من أحداث مؤسفة تزعزع الأمن وتروع الآمنين من المواطنين والمقيمين، وانطلاقاً من مبدأ وحدة المصير وترابط أمن دول مجلس التعاون فيما أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وبينهم السعودية وقوفهم بقوة إلى جانب البحرين، كما أطلقوا صندوقاً تنموياً للبحرين بقيمة 10 مليارات دولار.

وفيما يتعلق بالتعاون العسكري، يمكن التأكيد على التنسيق العسكري الكامل بين المملكتين في مجالات الدفاع والأمن ومكافحة الإرهاب. وقد وقعت البحرين والسعودية اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وحقق العمل الخليجي المشترك في المجال العسكري نقلة نوعية حيث حددت الاتفاقية العديد من مرتكزات التعاون العسكري ومنطلقاته وأسسه وأولياته.

وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، تعد السعودية الشريك الأول للبحرين اقتصادياً، كما أن السعودية تعد الأولى عربياً من حيث التدفقات والاستثمارات المباشرة في البحرين، فيما تشير تقارير إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد شهد نمواً بنسبة 51 % خلال 8 سنوات، ما بين 3 إلى 10 مليارات دولار.

كما شهدت السنوات الماضية زيادة الاستثمارات السعودية في البحرين إلى نحو 7 %، فضلاً عن تعزيز انتقال رؤوس الأموال بين البلدين بافتتاح جسر الملك فهد عام 1986، حيث ثلث الصادرات البحرينية غير النفطية تنقل إلى السوق السعودية عبر الجسر. وينتظر الشعبان إطلاق مشروع جسر الملك حمد الجديد، بعد إقراره مؤخراً، بما يسهم في زيادة التلاحم والود الأخوي بين الشعبين، وزيادة المشاريع الاقتصادية بين الدولتين، ما يعود بمنافع اقتصادية كبيرة على الجانبين. وفي مارس 2017، وقعت المملكة مع الصندوق السعودي للتنمية 9 عقود تمويل لمشاريع خدمية وبنية تحتية تصل قيمتها إلى 489 مليون دولار، لإقامة عدد من المشاريع الحيوية في البحرين، وغير ذلك العديد من أوجه التعاون الذي يشمل جميع المجالات.

ويبرز التعاون الخدماتي بين المملكتين في تنفيذ مشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية، التي تبرع لها جلالة الملك بقطعة أرض مساحتها مليون متر مربع.

في الوقت ذاته، يعد التعاون الثقافي متشعباً ويغطي المجالات الفنية والأدبية والتراثية والإعلامية لعل أبرزها مشاركة البحرين في مهرجان الجنادرية.