دبي - إبراهيم الرقيمي

استشرف سياسيون وخبراء خريطة موازين القوى العالمية المستقبلية، في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية المتسارعة، وما يشهده العالم من تبلور شكل جديد للعولمة بدأ يمثل توجهاً سائداً، يقوم على زيادة النمو في عولمة السلع والخدمات الرقمية مقابل تراجع حركة التجارة والمال بصورتها التقليدية.

جاء ذلك، ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمجالس المستقبل العالمية المنعقدة في دبي، حيث ركزت 4 مجالس من أصل 38 مجلساً تجتمع لبحث وتشكيل ملامح المستقبل، على التغييرات المتوقعة خلال السنوات المقبلة في كل من القارة الأوروبية وروسيا وشبه الجزيرة الكورية ومنطقة الشرق الأوسط، مع ما تشكل من معطيات وتطورات خلال الفترة الأخيرة على أكثر من صعيد.

وأكد المجتمعون أن التغيرات المتسارعة على مراكز النمو الاقتصادي العالمي، دفعت باتجاه تحول مناطق النفوذ الاقتصادي والسياسي تدريجيا بعيدًا عن مراكز القوة التقليدية إلى مناطق جديدة مثل الهند والصين وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، وما زالت تدفع باتجاه التغيير على تركيبة النظام العالمي إلى نموذج عالمي متعدد القوى.

مجلس مستقبل أوروبا

واستشرف مجلس مستقبل قارة أوروبا إمكانيات هذه المنطقة في تأكيد وزنها السياسي والاقتصادي في نظام عالمي متعدد الأقطاب تتزايد فيه القوى الجديدة وتتغير فيه صيغ العلاقات والتحالفات، وبحث المجتمعون سبل نجاح أوروبا في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، بالتوازي مع الحفاظ على استقرارها وتأكيد دورها القيادي العالمي.

واستعرض المجلس الحلول المتاحة لمواجهة هذه التحديات المستقبلية، بما في ذلك بناء رؤية اقتصادية شاملة طويلة المدى تسمح لأوروبا بالاستفادة بشكل أفضل من أصولها في الثورة الصناعية الرابعة، ممثلة بالنموذج الأوروبي للابتكار.

مجلس مستقبل روسيا

في سياق متصل، جمع مجلس مستقبل روسيا نخبة من الخبراء بهدف إعادة التفكير في مستقبل روسيا واستكشاف دورها المستقبلي في العالم، واستكشاف الإمكانات المستقبلية لروسيا من حيث اقتصادها ومجتمعها ومدى استعدادها للثورة الصناعية الرابعة.

واستعرض المشاركون في اجتماع المجلس أهم محركات التغيير المستقبلي في روسيا خلال السنوات المقبلة، وتأثيرها على التنمية في الدولة ـ والاحتمالات المستقبلية لروسيا، من حيث رؤيتها واستراتيجيتها الوطنية وطموحاتها المستقبلية العالمية.

مجلس مستقبل شبه الجزيرة الكورية

وضمن أعمال اجتماع مجلس مستقبل شبه الجزيرة الكورية، استعرض المجتمعون آليات العمل الكفيلة ببناء الثقة وترسيخ عملية السلام الجارية بين الجارين الجنوبي والشمالي، وتمهيد الطريق أمام اندماج جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية مستقبلا في الاقتصاد العالمي، وإنشاء روابط استراتيجية بين مبادرات التعاون الاقتصادي المختلفة حول شبه الجزيرة الكورية وجيرانها.

وركز الاجتماع على الفترة الانتقالية المفصلية التي تمر بها شبه الجزيرة الكورية حاليا، بعد فترة طويلة من توتر العلاقات بين الجارتين، لبحث إمكانيات حدوث تغيرات جذرية على المشهد الجغرافي الإقليمي، وما سيوفره ذلك من إمكانات التعاون الاقتصادي والازدهار المستقبلي للأطراف الفاعلة الرئيسية.

مجلس مستقبل الشرق الأوسط

على صعيد آخر، استعرض مجلس مستقبل منطقة الشرق الأوسط مجموعة من المقاربات الجديدة في مجالات الأمن والتعاون الاقتصادي المستقبلي في المنطقة في سياق عالم متعدد الأنظمة، وسط نظم مفاهيمية وقيمية متعددة آخذة بالتشكل بشكل متزايد، بتأثير مباشر من الموجة التكنولوجية التي تحملها الثورة الصناعية الرابعة.

وبحث المجتمعون التحديات التي تمر بها المنطقة من حيث استمرار حالة انعدام الاستقرار في عدد من الدول، والأسباب الاقتصادية والاجتماعية الكامنة وراءها، وناقشوا سبل التعامل مع الديناميكيات المعقدة المؤثرة في مستقبل المنطقة، في ظل تواصل التغيرات العميقة في الاقتصادات الأساسية فيها، والعلاقات المتغيرة.

وتعقد حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" الدورة الثالثة لاجتماعات مجالس المستقبل العالمية، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ويشارك فيها أكثر من 700 من العلماء ومستشرفي المستقبل والخبراء، ضمن 38 مجلساً تستشرف مستقبل القطاعات الحيوية لوضع حلول عملية لتحدياتها.