دبي - (العربية نت): نشر المؤلفان كريستيان شينو من "إذاعة فرنسا الدولية" وجورج مالبرونو من صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، الحسابات المفصلة لمنظمة قطرية غير حكومية، تدعى مؤسسة قطر الخيرية "كيو سي"، والتي مهمتها الرئيسة مساعدة المجتمعات المسلمة في أوروبا، وذلك في كتاب عنوانه "أوراق قطرية".
الكتاب يعج بوثائق، لعدد لا يحصى من المشاريع "المساجد والمدارس والجمعيات وغيرها" على الأراضي الفرنسية بتمويل مباشر من هذه المنظمة القطرية غير الحكومية.
كتاب المؤلفين christian chesnot and georges malbrunot ينشر أدلة دامغة عن أموال مؤسسة قطر الخيرية التي ترسل إلى العديد من المساجد والدور الثقافية والجمعيات الدينية في أوروبا وتحديداً في فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، ألمانيا، سويسرا، النرويج ودول البلقان بما فيها صربيا.
وتكشف أرقام عام 2016 أن مؤسسة قطر الخيرية "كيو سي" مولت 140 مشروعاً في أوروبا وكندا وأستراليا بما يزيد مجموعه على 72 مليون يورو.
إيطاليا هي أعلى المستهدفين بأكثر من 23 مليون دولار، وفرنسا على الأقل 14مليون، وإسبانيا 7 ملايين، وألمانيا 5 ملايين، والمملكة المتحدة 4 ملايين.
ويتم التمويل القطري من خلال ترتيبات مالية معقدة، وهي ليست بالضرورة غير قانونية ولكن تبقى مبهمة لإخفاء الهدف الحقيقي.
معظم الجمعيات التي سئلت أنكرت تلقي أموال من دول أجنبية حتى أظهر لهم الصحافيون وثائق التحويلات.
وعلى الرغم من تصريحات السلطات القطرية أن QC تمول أساساً من قبل الأفراد إلا أن المؤلفين كريستيان شينو وجورج مالبرونو نشرا قائمة أهم الجهات المانحة: - الديوان الأميري - الشيخ جاسم بن سعود بن عبد الرحمن آل ثاني - الشيخ خالد بن حمد بن عبد الله آل ثاني - الشيخ سعود جاسم أحمد آل ثاني - المكتب الخاص للأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني.
وبالتالي، وخلافاً لما قالته المصادر القريبة من قصر الإليزيه، فإن هناك أدلة على تمويل جمعية "كيو سي" والجمعيات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
ومعظم هذه الجمعيات تنشر فكر الإخوان المسلمين الذي يدعو إلى خلق مجتمع مواز تحكمه القوانين الدينية المتطرفة.
ويكشف الكتاب أن المساجد والمدارس ومراكز تحفيظ القرآن وأيضاً مراكز طبية تسهم جميعها في هدف تعزيز الهوية الإخوانية عند المواطنين الأوروبيين وتدريب جيل جديد على كيفية العيش والزواج والعلاقة الزوجية وتربية أبنائهم، والاسترشاد بشخصيات مثل يوسف آلقرضاوي وطارق رمضان.
ويهدف برنامج "الغيث" الذي تموله مؤسسة قطر الخيرية إلى نشر الثقافة الإخوانية في أوروبا والعالم، ويرأسه أحمد الحمادي.
وينشر المؤلفان في الكتاب مذكرة من أجهزة الاستخبارات الفرنسية تعود إلى عام 2008 تبين أن البرنامج القطري مرتبط بجماعات راديكالية وقام بحملة لجمع التبرعات للجماعات الشيشانية وأخرى تتبع القرضاوي.
ووقت صدور المذكرة، كان مدير الشؤون القانونية في سفارة قطر في باريس يتمتع بمركز دبلوماسي.
ونشر الصحافيان رسائل تثبت أن خمسة ملايين يورو تم إرسالها إلى مسجد في مدينة "ليل" شمال فرنسا ومذكرة من المخابرات الفرنسية عن أموال قطرية مرسلة إلى UOIF من قبل قطر الخيرية.
وفي نفس المذكرة، توصي دائرة الاستخبارات السلطات الفرنسية بالتحقيق في النوايا الحقيقية للقطريين وراء نشاطاتها.
ولم يتخذ أي إجراء بشأن ذلك، لأن نيكولا ساركوزي كان وزيراً للداخلية آنذاك، وكما قال مؤلفا الكتاب: "بدأ شهر العسل بينه وبين الشيخ حمد".
كما تسبب ساركوزي في طرد رئيس أكاديمية ليون لأنه عارض طلب فتح مدرسة في المدينة، بتمويل جزئي من مؤسسة قطر الخيرية.
وقامت "Tracfin " - وهي دائرة فرنسية ترصد التدفقات المالية لمكافحة الاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب- بالتحقيق في حسابات طارق رمضان ممثل الإخوان المسلمين في فرنسا، على خلفية اتهامه بـ"الاغتصاب والاعتداء الجنسي والعنف والتهديدات بالقتل بحق العديد من النساء".
واكتشفت أن مؤسسة قطر تدفع له راتباً شهرياً قدره 35 ألف يورو في عام 2017.
وقالت إنه نقل نحو 600 ألف من حسابه في قطر، إلى حسابه في فرنسا.
ويضيف أصحاب البلاغ أنه حتى أثناء احتجازه عندما كان يعمل في جامعة أوكسفورد ظل يدفع له راتباً قدره أربعة آلاف جنيه إسترليني.
ويتساءل المؤلفان: هل قطر هي من تدفع رواتب قادة الفرع الفرنسي لجماعة الإخوان المسلمين بصورة مباشرة؟
جمعت Tracfin بعض المعلومات المثيرة للاهتمام للغاية بشأن طارق رمضان، وقد تمكنّا من الوصول إلى تحقيق Tracfin في الحسابات البنكية لطارق رمضان، وهو الآن قيد الإقامة الجبرية في فرنسا، بعد إن قضى ثمانية أشهر في السجن.
ولإكمال عملية الاستحواذ على عقار في فرنسا، 28 يوليو 2017، قام طارق رمضان بإعادة أموال شخصية قادمة من قطر بمبلغ 590.000 يورو إلى حساب بنكي شخصي.
ومع زوجته، إيزابيل موريسيت، طارق رمضان قام بشراء شقتين في باريس، بمبلغ 670.000 يورو.
وأثناء التحقيق، حددت Tracfin حسابين مصرفيين في فرنسا تم افتتاحهما باسم طارق رمضان.
وخلال الفترة من 1 يناير 2017 إلى 5 فبراير 2018، بعد ثلاثة أيام من اعتقاله، سجل حسابه ما لا يقل عن 729.910 يورو كمصروفات و 778.269 يورو كإيداعات.
من أين تأتي كل هذه الأموال؟ تم إيداع ما مقداره 590.000 يورو في 1 يونيو 2017، و 35.000 في 2 أكتوبر، من حساب بنكي مقره في قطر، باسم طارق رمضان، الذي تقوم مؤسسة قطر بإيداع رواتبه كمستشار لمؤسسة قطر، 35000 يورو شهريًا.
وتأتي بقية إيراداتها من العديد من دور النشر "Seuil، Presses du Châtelet" بمبلغ 58768 يورو، والمنظمات الدولية أو الدينية "بما في ذلك رابطة مسلمي سويسرا" بمبلغ 19000 يورو، وجمعية قضية عادلة "Juste Cause" التي تتخذ من Roubaix مقرًا لها بمقدار 6000 يورو، التي ومن أحد أهدافها دعم المرأة المسلمة التي تواجه التمييز وعليها دفع رسوم المحكمة، كما نقرأ ذلك على موقع رمضان.
باختصار، بفضل مكافآت قطر المريحة للغاية، يمتلك طارق رمضان ما يكفي لدفع رسوم محاميه التي وصلت منذ عام إلى حوالي 500.000 يورو.
ومن أهم المؤسسات التي تمولها المؤسسة الخيرية القطرية في فرنسا مؤسسة "نفور" المدرسة الدينية في مدينة ليل الفرنسية التي يرأسها عمار لطفر رئيس مؤسسة موسولمان الفرنسية.
ووفقا للوثائق، فإن جمعية "كيو سي" QC أرسلت ما لا يقل عن ثلاثة ملايين يورو لمدرسة ابن رشد بين 2011 و 2014.
وللمدرسة أيضا اتفاقية مع الدولة الفرنسية تشارك في تمويلها مثل جميع المدارس الخاصة الأخرى في البلد.
وتبين الوثائق التي ينشرها الكتاب، أن مؤسسة قطر الخيرية قامت بتمويل المركز الإسلامي في الشمال في فيلنوف داك "CIV" وثانوية ابن رشد في مدينة لِيل، وهي أول مدرسة إسلامية بموجب عقد شراكة مع الدولة الفرنسية تأسست في عام 2003، وتحمل اسم ابن رشد الفيلسوف المسلم المستنير.
وتبلغ قيمة المساعدات القطرية للمنطقة 4.6 مليون يورو، منها ما لا يقل عن 1.2 مليون لمركز CIV و3 ملايين للمدرسة الثانوية.
وهذا الثاني أكبر استثمار للمنظمة غير الحكومية القطرية في فرنسا لم يكن محض الصدفة.
إذ يُعتبر الشمال بالفعل - مع بوردو – مهد الاتحاد السابق للمنظمات الإسلامية في فرنسا UOIF. وهو المكان الذي نجد فيه كبار مسؤوليه التنفيذيين، الذين قَدِمَ غالبيتهم من المغرب قبل ثلاثين عامًا للدراسة: عمار لصفر، نافذة مسلمي فرنسا، وحسن إيكويوسن، المجنِّد، الذي يعظ بالكلام الجميل في المساجد المرتبطة بالإخوان المسلمين في نانت، ومولوز، ومُدن أخرى.
وتتصل قطر الخيرية بطبيعة الحال بهذا الثلاثي الذي يضاف إليه محمد كغاط، مدرس الرياضيات في مدرسة ابن رشد الثانوية، وأحمد ميكتار، إمام بالمركز الإسلامي في فيلنوف داسك.
ووفقاً لمخلوف مامش، تكمن خصوصية ابن رشد في الدروس التعليمية الاختيارية في التربية الإسلامية "ساعتان في الأسبوع" وفي اللغة العربية، المقدمة كلغة ثانية، والباقي من البرنامج هو ذات ما هو في القطاع الحكومي.
والمدرسة مفتوحة للطلاب غير المسلمين. ولا يتم فيها الفصل بين الصبيان والبنات، لا في الصف الرياضي ولا في المقصف.
في عام 2015، استقال أستاذ الفلسفة، سفيان زيتوني، بعد أن أبلغ الإدارة عن تجاوزات في معاداة السامية.
ويجيب مخلوف مامش على ذلك: "إن اتهام المدرسة بمعاداة السامية أمرٌ لا يمت للحقيقة بصلة، وليس من روح ابن رشد".
لدينا ميشيل سوسان كمستشار تعليمي، وهو يهودي من شمال أفريقيا، ويراقب هذه المسائل.
والقول بأن هناك طلاباً تأخذهم الحماسة يحدث في جميع المؤسسات التعليمية. وسبق أن أبلغنا مركز المقاطعة ببعض حالات تطرف الطلاب.
على الرغم من هذا النفي، ما زال يُشتبه بأستاذ الفلسفة، سفيان مزياني، في تغذية خطابات غامضة.
ففي فبراير 2015، انتهت عملية التفتيش التي طلبتها مدرسة ابن رشد بالاشتراك مع رئاسة التعليم، بالتأكيد على أن المدرسة تحترم شروط عقدها "إجمالاً"، إلا أنها دعت إلى توضيح مكان رجال الدين، من خلال إزالة الغموض بين تدريس الفلسفة ودروس الأخلاقيات الدينية الاختيارية.
وفي وقت مبكر من عام 2011، دعا بعض النواب إلى إنشاء لجنة للتحقيق في الجمعية لكن عبثا وبدون تنفيذ.
وتمول الجمعية أيضاً المعهد الأوروبي للعلوم humaines "المركز الأوروبي للعلوم الإنسانية" وهو كلية دراسات إسلامية تدرب الأئمة.
ووفقاً لخبراء، يميل المعهد إلى تعليم الإسلام ليس كمجموعة من القيم الدينية بل كمجموعة من المعايير القضائية.
وبعبارة أخرى، يدرس الشريعة بالمعنى المدني والسياسي، وأحد خريجي المعهد، توماس بارنوين هو جهادي مخضرم محتجز الآن من قبل الأكراد في سوريا.
أما في سويسرا فتمول مؤسسة قطر الخيرية، متحف الحضارات الإسلامية الذي ترأسه نادية كارموس، وقد تلقى حوالي 1.4 مليون فرنك سويسري في عامي 2011 و2013، ويمكنك العثور على كتب من تأليف الإخوان المسلمين مثل حسن البنا، والقرضاوي، وسيد قطب، وطارق رمضان في مكتبة المتحف.
وترأس نادية كارموس أيضاً المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، وهي زوجة محمد كارموس الذي نقل خمسين ألف يورو نقداً من مؤسسة قطر الخيرية إلى المعهد، وهو مصنف من قبل جهاز الاستخبارات الفرنسي كمتطرف.
وتقول الشرطة الاتحادية السويسرية إنهم لا يستطيعون التحقيق في تمويل الجمعيات في الاتحاد باستثناء قضايا الإرهاب، لأن وضعها "له قدسية دينية".
ويذكر المؤلفان وثيقة تسمى "المشروع"، وجدتها السلطات السويسرية في منزل قديم لأحد قادة الأخوان، يوسف ندا، وصفته بأنه "وزير المالية للإخوان المسلمين".
وتدعو الوثيقة المعنونة "نحو استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية" إلى ضرورة "إنشاء دولة دينية إلى جانب بذل جهود تدريجية للسيطرة على مراكز السلطة المحلية من خلال مؤسساتها"، وتعني مراكز الطاقة السلطات المحلية "النواب ورؤساء البلديات والجهات الحكومية... إلخ" وهذه الأهداف مشابهة جدا لتوصيات قطر الخيرية كما هو موثق في الكتاب.
بحلول عام 2015 أصبحت إيطاليا التي فيها 1.8 مليون مسلم أول المستفيدين من الاستثمارات الإخوانية القطرية في أوروبا بأكثر من 50 مليون يورو.
وتمول هذه الأموال من خلال الاتحاد الأوروبي التابع لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي "unione delle comunità islamiche d'italia".
ومول المجلس مشاريع في جميع أنحاء إيطاليا أهمها مسجد في كاتانيا "2.3 مليون يورو" ومركز الجودة في روما "4 ملايين يورو".
وقام رئيس بلدية ليغا نورد بإغلاق مشروع قيمته 10 ملايين يورو لبناء مركز في سيستو سان جيوفاني، في ضواحي ميلانو، وكان مستعداً لدفع 1.2 مليون يورو من أجله.
ويكتب المؤلفان أن أنشطة قطر في ألمانيا قد ازدادت مؤخراً ويمكن تطويرها أكثر كما هو الحال في فرنسا.
ونشرت في الكتاب رسالة من وزارة الخارجية القطرية تطلب فيها دعم مشروع في أوفينباخ.
لكن برلين كانت أقوى مدافع أوروبي عن قطر منذ المقاطعة، وفي المقابل وعد الشيخ تميم باستثمار 10 مليارات يورو.
يقول رئيس خدمة حماية الدستور في دوسلدورف إنهم لاحظوا مؤخراً أن "جماعة الإخوان تكثف أنشطتهم... وتحاول تقسيم المجتمع".
وحصل الإخوان في ألمانيا على دعم قوي من فئات في الجالية التركية وتحديداً من Millî Görüs.
ويشرح الكتاب أنه بعد مقاطعة قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر أصبح أصعب بكثير على الجمعيات الإخوانية الحصول على تمويلات مالية من قطر الخيرية.
وتم إغلاق مقر مؤسسة قطر الخيرية في لندن وغادر رئيسها أيوب عبد القين.
ثم تم تغيير اسم المؤسسة الخيرية إلى صندوق الرحيق ولايزال صندوق الرحيق هذا يمول من مؤسسة قطر الخيرية بالدوحة.
وفي ديسمبر 2018 يظهر أنه قام بنقل 27.7 مليون جنيه من كيبيك إلى صندوق الرحيق الذي استولى على معظم أنشطة قطر الخيرية في المملكة المتحدة دون الإشارة إلى قطر أو الإخوان.
وفي الختام، يشدد المؤلفان على أن أهداف الجماعة هي نفس أهداف أمير قطر، لنشر وتعزيز إسلام الإخوان في أوروبا بتمويل من مؤسسة قطر الخيرية، وذلك "أن قطر تشترك في نفس العداوة مع الإخوان ضد أطراف مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر.
ويقول مسؤول المخابرات الفرنسية في الكتاب أن لدى قطر علاقات صلبة في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا بفضل جماعة الإخوان وبفعل تحالفها مع تركيا.
وفي فرنسا استفادت قطر كثيراً خلال رئاسة نيكولا ساركوزي لكنها أقل ثقة الآن.
ويشير مؤلفا الكتاب إلى إصرار إيمانويل ماكرون عندما كان حاضراً في الدوحة في عام 2017 طوال الاجتماع بالحديث بشأن تمويل الإرهاب.
ووفقاً للمؤلفين فإنه في أول مكالمة هاتفية مع ماكرون قال للشيخ تميم: "أنا موافق على الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا وقطر، ولكن في المقابل يجب ألا يكون هناك أي تمويل دون علمي، وسوف تشارك قطر في مبادرات لمكافحة تمويل الإرهاب".
تميم وافق، وخلص الباحثان إلى الاستنتاج: "بعد تحقيقنا لدينا سبب للشك في أن أمير قطر احترم وعده".
{{ article.visit_count }}
الكتاب يعج بوثائق، لعدد لا يحصى من المشاريع "المساجد والمدارس والجمعيات وغيرها" على الأراضي الفرنسية بتمويل مباشر من هذه المنظمة القطرية غير الحكومية.
كتاب المؤلفين christian chesnot and georges malbrunot ينشر أدلة دامغة عن أموال مؤسسة قطر الخيرية التي ترسل إلى العديد من المساجد والدور الثقافية والجمعيات الدينية في أوروبا وتحديداً في فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، ألمانيا، سويسرا، النرويج ودول البلقان بما فيها صربيا.
وتكشف أرقام عام 2016 أن مؤسسة قطر الخيرية "كيو سي" مولت 140 مشروعاً في أوروبا وكندا وأستراليا بما يزيد مجموعه على 72 مليون يورو.
إيطاليا هي أعلى المستهدفين بأكثر من 23 مليون دولار، وفرنسا على الأقل 14مليون، وإسبانيا 7 ملايين، وألمانيا 5 ملايين، والمملكة المتحدة 4 ملايين.
ويتم التمويل القطري من خلال ترتيبات مالية معقدة، وهي ليست بالضرورة غير قانونية ولكن تبقى مبهمة لإخفاء الهدف الحقيقي.
معظم الجمعيات التي سئلت أنكرت تلقي أموال من دول أجنبية حتى أظهر لهم الصحافيون وثائق التحويلات.
وعلى الرغم من تصريحات السلطات القطرية أن QC تمول أساساً من قبل الأفراد إلا أن المؤلفين كريستيان شينو وجورج مالبرونو نشرا قائمة أهم الجهات المانحة: - الديوان الأميري - الشيخ جاسم بن سعود بن عبد الرحمن آل ثاني - الشيخ خالد بن حمد بن عبد الله آل ثاني - الشيخ سعود جاسم أحمد آل ثاني - المكتب الخاص للأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني.
وبالتالي، وخلافاً لما قالته المصادر القريبة من قصر الإليزيه، فإن هناك أدلة على تمويل جمعية "كيو سي" والجمعيات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
ومعظم هذه الجمعيات تنشر فكر الإخوان المسلمين الذي يدعو إلى خلق مجتمع مواز تحكمه القوانين الدينية المتطرفة.
ويكشف الكتاب أن المساجد والمدارس ومراكز تحفيظ القرآن وأيضاً مراكز طبية تسهم جميعها في هدف تعزيز الهوية الإخوانية عند المواطنين الأوروبيين وتدريب جيل جديد على كيفية العيش والزواج والعلاقة الزوجية وتربية أبنائهم، والاسترشاد بشخصيات مثل يوسف آلقرضاوي وطارق رمضان.
ويهدف برنامج "الغيث" الذي تموله مؤسسة قطر الخيرية إلى نشر الثقافة الإخوانية في أوروبا والعالم، ويرأسه أحمد الحمادي.
وينشر المؤلفان في الكتاب مذكرة من أجهزة الاستخبارات الفرنسية تعود إلى عام 2008 تبين أن البرنامج القطري مرتبط بجماعات راديكالية وقام بحملة لجمع التبرعات للجماعات الشيشانية وأخرى تتبع القرضاوي.
ووقت صدور المذكرة، كان مدير الشؤون القانونية في سفارة قطر في باريس يتمتع بمركز دبلوماسي.
ونشر الصحافيان رسائل تثبت أن خمسة ملايين يورو تم إرسالها إلى مسجد في مدينة "ليل" شمال فرنسا ومذكرة من المخابرات الفرنسية عن أموال قطرية مرسلة إلى UOIF من قبل قطر الخيرية.
وفي نفس المذكرة، توصي دائرة الاستخبارات السلطات الفرنسية بالتحقيق في النوايا الحقيقية للقطريين وراء نشاطاتها.
ولم يتخذ أي إجراء بشأن ذلك، لأن نيكولا ساركوزي كان وزيراً للداخلية آنذاك، وكما قال مؤلفا الكتاب: "بدأ شهر العسل بينه وبين الشيخ حمد".
كما تسبب ساركوزي في طرد رئيس أكاديمية ليون لأنه عارض طلب فتح مدرسة في المدينة، بتمويل جزئي من مؤسسة قطر الخيرية.
وقامت "Tracfin " - وهي دائرة فرنسية ترصد التدفقات المالية لمكافحة الاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب- بالتحقيق في حسابات طارق رمضان ممثل الإخوان المسلمين في فرنسا، على خلفية اتهامه بـ"الاغتصاب والاعتداء الجنسي والعنف والتهديدات بالقتل بحق العديد من النساء".
واكتشفت أن مؤسسة قطر تدفع له راتباً شهرياً قدره 35 ألف يورو في عام 2017.
وقالت إنه نقل نحو 600 ألف من حسابه في قطر، إلى حسابه في فرنسا.
ويضيف أصحاب البلاغ أنه حتى أثناء احتجازه عندما كان يعمل في جامعة أوكسفورد ظل يدفع له راتباً قدره أربعة آلاف جنيه إسترليني.
ويتساءل المؤلفان: هل قطر هي من تدفع رواتب قادة الفرع الفرنسي لجماعة الإخوان المسلمين بصورة مباشرة؟
جمعت Tracfin بعض المعلومات المثيرة للاهتمام للغاية بشأن طارق رمضان، وقد تمكنّا من الوصول إلى تحقيق Tracfin في الحسابات البنكية لطارق رمضان، وهو الآن قيد الإقامة الجبرية في فرنسا، بعد إن قضى ثمانية أشهر في السجن.
ولإكمال عملية الاستحواذ على عقار في فرنسا، 28 يوليو 2017، قام طارق رمضان بإعادة أموال شخصية قادمة من قطر بمبلغ 590.000 يورو إلى حساب بنكي شخصي.
ومع زوجته، إيزابيل موريسيت، طارق رمضان قام بشراء شقتين في باريس، بمبلغ 670.000 يورو.
وأثناء التحقيق، حددت Tracfin حسابين مصرفيين في فرنسا تم افتتاحهما باسم طارق رمضان.
وخلال الفترة من 1 يناير 2017 إلى 5 فبراير 2018، بعد ثلاثة أيام من اعتقاله، سجل حسابه ما لا يقل عن 729.910 يورو كمصروفات و 778.269 يورو كإيداعات.
من أين تأتي كل هذه الأموال؟ تم إيداع ما مقداره 590.000 يورو في 1 يونيو 2017، و 35.000 في 2 أكتوبر، من حساب بنكي مقره في قطر، باسم طارق رمضان، الذي تقوم مؤسسة قطر بإيداع رواتبه كمستشار لمؤسسة قطر، 35000 يورو شهريًا.
وتأتي بقية إيراداتها من العديد من دور النشر "Seuil، Presses du Châtelet" بمبلغ 58768 يورو، والمنظمات الدولية أو الدينية "بما في ذلك رابطة مسلمي سويسرا" بمبلغ 19000 يورو، وجمعية قضية عادلة "Juste Cause" التي تتخذ من Roubaix مقرًا لها بمقدار 6000 يورو، التي ومن أحد أهدافها دعم المرأة المسلمة التي تواجه التمييز وعليها دفع رسوم المحكمة، كما نقرأ ذلك على موقع رمضان.
باختصار، بفضل مكافآت قطر المريحة للغاية، يمتلك طارق رمضان ما يكفي لدفع رسوم محاميه التي وصلت منذ عام إلى حوالي 500.000 يورو.
ومن أهم المؤسسات التي تمولها المؤسسة الخيرية القطرية في فرنسا مؤسسة "نفور" المدرسة الدينية في مدينة ليل الفرنسية التي يرأسها عمار لطفر رئيس مؤسسة موسولمان الفرنسية.
ووفقا للوثائق، فإن جمعية "كيو سي" QC أرسلت ما لا يقل عن ثلاثة ملايين يورو لمدرسة ابن رشد بين 2011 و 2014.
وللمدرسة أيضا اتفاقية مع الدولة الفرنسية تشارك في تمويلها مثل جميع المدارس الخاصة الأخرى في البلد.
وتبين الوثائق التي ينشرها الكتاب، أن مؤسسة قطر الخيرية قامت بتمويل المركز الإسلامي في الشمال في فيلنوف داك "CIV" وثانوية ابن رشد في مدينة لِيل، وهي أول مدرسة إسلامية بموجب عقد شراكة مع الدولة الفرنسية تأسست في عام 2003، وتحمل اسم ابن رشد الفيلسوف المسلم المستنير.
وتبلغ قيمة المساعدات القطرية للمنطقة 4.6 مليون يورو، منها ما لا يقل عن 1.2 مليون لمركز CIV و3 ملايين للمدرسة الثانوية.
وهذا الثاني أكبر استثمار للمنظمة غير الحكومية القطرية في فرنسا لم يكن محض الصدفة.
إذ يُعتبر الشمال بالفعل - مع بوردو – مهد الاتحاد السابق للمنظمات الإسلامية في فرنسا UOIF. وهو المكان الذي نجد فيه كبار مسؤوليه التنفيذيين، الذين قَدِمَ غالبيتهم من المغرب قبل ثلاثين عامًا للدراسة: عمار لصفر، نافذة مسلمي فرنسا، وحسن إيكويوسن، المجنِّد، الذي يعظ بالكلام الجميل في المساجد المرتبطة بالإخوان المسلمين في نانت، ومولوز، ومُدن أخرى.
وتتصل قطر الخيرية بطبيعة الحال بهذا الثلاثي الذي يضاف إليه محمد كغاط، مدرس الرياضيات في مدرسة ابن رشد الثانوية، وأحمد ميكتار، إمام بالمركز الإسلامي في فيلنوف داسك.
ووفقاً لمخلوف مامش، تكمن خصوصية ابن رشد في الدروس التعليمية الاختيارية في التربية الإسلامية "ساعتان في الأسبوع" وفي اللغة العربية، المقدمة كلغة ثانية، والباقي من البرنامج هو ذات ما هو في القطاع الحكومي.
والمدرسة مفتوحة للطلاب غير المسلمين. ولا يتم فيها الفصل بين الصبيان والبنات، لا في الصف الرياضي ولا في المقصف.
في عام 2015، استقال أستاذ الفلسفة، سفيان زيتوني، بعد أن أبلغ الإدارة عن تجاوزات في معاداة السامية.
ويجيب مخلوف مامش على ذلك: "إن اتهام المدرسة بمعاداة السامية أمرٌ لا يمت للحقيقة بصلة، وليس من روح ابن رشد".
لدينا ميشيل سوسان كمستشار تعليمي، وهو يهودي من شمال أفريقيا، ويراقب هذه المسائل.
والقول بأن هناك طلاباً تأخذهم الحماسة يحدث في جميع المؤسسات التعليمية. وسبق أن أبلغنا مركز المقاطعة ببعض حالات تطرف الطلاب.
على الرغم من هذا النفي، ما زال يُشتبه بأستاذ الفلسفة، سفيان مزياني، في تغذية خطابات غامضة.
ففي فبراير 2015، انتهت عملية التفتيش التي طلبتها مدرسة ابن رشد بالاشتراك مع رئاسة التعليم، بالتأكيد على أن المدرسة تحترم شروط عقدها "إجمالاً"، إلا أنها دعت إلى توضيح مكان رجال الدين، من خلال إزالة الغموض بين تدريس الفلسفة ودروس الأخلاقيات الدينية الاختيارية.
وفي وقت مبكر من عام 2011، دعا بعض النواب إلى إنشاء لجنة للتحقيق في الجمعية لكن عبثا وبدون تنفيذ.
وتمول الجمعية أيضاً المعهد الأوروبي للعلوم humaines "المركز الأوروبي للعلوم الإنسانية" وهو كلية دراسات إسلامية تدرب الأئمة.
ووفقاً لخبراء، يميل المعهد إلى تعليم الإسلام ليس كمجموعة من القيم الدينية بل كمجموعة من المعايير القضائية.
وبعبارة أخرى، يدرس الشريعة بالمعنى المدني والسياسي، وأحد خريجي المعهد، توماس بارنوين هو جهادي مخضرم محتجز الآن من قبل الأكراد في سوريا.
أما في سويسرا فتمول مؤسسة قطر الخيرية، متحف الحضارات الإسلامية الذي ترأسه نادية كارموس، وقد تلقى حوالي 1.4 مليون فرنك سويسري في عامي 2011 و2013، ويمكنك العثور على كتب من تأليف الإخوان المسلمين مثل حسن البنا، والقرضاوي، وسيد قطب، وطارق رمضان في مكتبة المتحف.
وترأس نادية كارموس أيضاً المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، وهي زوجة محمد كارموس الذي نقل خمسين ألف يورو نقداً من مؤسسة قطر الخيرية إلى المعهد، وهو مصنف من قبل جهاز الاستخبارات الفرنسي كمتطرف.
وتقول الشرطة الاتحادية السويسرية إنهم لا يستطيعون التحقيق في تمويل الجمعيات في الاتحاد باستثناء قضايا الإرهاب، لأن وضعها "له قدسية دينية".
ويذكر المؤلفان وثيقة تسمى "المشروع"، وجدتها السلطات السويسرية في منزل قديم لأحد قادة الأخوان، يوسف ندا، وصفته بأنه "وزير المالية للإخوان المسلمين".
وتدعو الوثيقة المعنونة "نحو استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية" إلى ضرورة "إنشاء دولة دينية إلى جانب بذل جهود تدريجية للسيطرة على مراكز السلطة المحلية من خلال مؤسساتها"، وتعني مراكز الطاقة السلطات المحلية "النواب ورؤساء البلديات والجهات الحكومية... إلخ" وهذه الأهداف مشابهة جدا لتوصيات قطر الخيرية كما هو موثق في الكتاب.
بحلول عام 2015 أصبحت إيطاليا التي فيها 1.8 مليون مسلم أول المستفيدين من الاستثمارات الإخوانية القطرية في أوروبا بأكثر من 50 مليون يورو.
وتمول هذه الأموال من خلال الاتحاد الأوروبي التابع لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي "unione delle comunità islamiche d'italia".
ومول المجلس مشاريع في جميع أنحاء إيطاليا أهمها مسجد في كاتانيا "2.3 مليون يورو" ومركز الجودة في روما "4 ملايين يورو".
وقام رئيس بلدية ليغا نورد بإغلاق مشروع قيمته 10 ملايين يورو لبناء مركز في سيستو سان جيوفاني، في ضواحي ميلانو، وكان مستعداً لدفع 1.2 مليون يورو من أجله.
ويكتب المؤلفان أن أنشطة قطر في ألمانيا قد ازدادت مؤخراً ويمكن تطويرها أكثر كما هو الحال في فرنسا.
ونشرت في الكتاب رسالة من وزارة الخارجية القطرية تطلب فيها دعم مشروع في أوفينباخ.
لكن برلين كانت أقوى مدافع أوروبي عن قطر منذ المقاطعة، وفي المقابل وعد الشيخ تميم باستثمار 10 مليارات يورو.
يقول رئيس خدمة حماية الدستور في دوسلدورف إنهم لاحظوا مؤخراً أن "جماعة الإخوان تكثف أنشطتهم... وتحاول تقسيم المجتمع".
وحصل الإخوان في ألمانيا على دعم قوي من فئات في الجالية التركية وتحديداً من Millî Görüs.
ويشرح الكتاب أنه بعد مقاطعة قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر أصبح أصعب بكثير على الجمعيات الإخوانية الحصول على تمويلات مالية من قطر الخيرية.
وتم إغلاق مقر مؤسسة قطر الخيرية في لندن وغادر رئيسها أيوب عبد القين.
ثم تم تغيير اسم المؤسسة الخيرية إلى صندوق الرحيق ولايزال صندوق الرحيق هذا يمول من مؤسسة قطر الخيرية بالدوحة.
وفي ديسمبر 2018 يظهر أنه قام بنقل 27.7 مليون جنيه من كيبيك إلى صندوق الرحيق الذي استولى على معظم أنشطة قطر الخيرية في المملكة المتحدة دون الإشارة إلى قطر أو الإخوان.
وفي الختام، يشدد المؤلفان على أن أهداف الجماعة هي نفس أهداف أمير قطر، لنشر وتعزيز إسلام الإخوان في أوروبا بتمويل من مؤسسة قطر الخيرية، وذلك "أن قطر تشترك في نفس العداوة مع الإخوان ضد أطراف مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر.
ويقول مسؤول المخابرات الفرنسية في الكتاب أن لدى قطر علاقات صلبة في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا بفضل جماعة الإخوان وبفعل تحالفها مع تركيا.
وفي فرنسا استفادت قطر كثيراً خلال رئاسة نيكولا ساركوزي لكنها أقل ثقة الآن.
ويشير مؤلفا الكتاب إلى إصرار إيمانويل ماكرون عندما كان حاضراً في الدوحة في عام 2017 طوال الاجتماع بالحديث بشأن تمويل الإرهاب.
ووفقاً للمؤلفين فإنه في أول مكالمة هاتفية مع ماكرون قال للشيخ تميم: "أنا موافق على الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا وقطر، ولكن في المقابل يجب ألا يكون هناك أي تمويل دون علمي، وسوف تشارك قطر في مبادرات لمكافحة تمويل الإرهاب".
تميم وافق، وخلص الباحثان إلى الاستنتاج: "بعد تحقيقنا لدينا سبب للشك في أن أمير قطر احترم وعده".