صنعاء - سرمد عبدالسلام

ينظر كثير من المراقبين والمحللين السياسيين والعسكريين لتاريخ 26 مارس 2015، بوصفه نقطة تحول مفصلية، ليس في اليمن فحسب وإنما في المنطقة العربية بأسرها، بعدما قررت المملكة العربية السعودية تشكيل تحالف عربي لدعم الشرعية في اليمن، وللوقوف عسكرياً بوجه المشروع الإيراني التخريبي في المنطقة، مشيرين الى ان ""تحالف الشرعية" بقيادة السعودية يحطم طموحات إيران باليمن".

لم يكن قد مضى حينها سوى شهرين فقط على تولي خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود مقاليد الحكم في المملكة خلفاً للعاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، مدشناً فترة حكمه بأشجع قرار في التاريخ العربي المعاصر كما يقول مراقبون، والذي انتقل بموجبه الصراع العربي الإيراني إلى مرحلة كسر العظم باعلان عاصفة الحزم، بعدما تمادى نظام الملالي وأذيالهم في المنطقة بفجاجة بالغة، حد الوصول إلى تهديد الأمن القومي العربي الذي تمثل السعودية عمقه الإستراتيجي وقلبه النابض.

ومنذاك التاريخ لعب التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية عبر "عاصفة الحزم" ومن ثم "إعادة الأمل" دوراً كبيراً في الحد من الخطر الإيراني الذي كاد ان يلتهم اليمن من منطلق يقيني راسخ بمسؤولياتها الدينية والأخلاقية والإنسانية والقومية تجاه شعب عزيز وبلد جار يمثل منبع العروبة وبوابتها الجنوبية بحسب تصريحات المسؤولين السعوديين.

يقول عبدالباري محمد وهو عضو في التكتل المدني لدعم الشرعية أن "التاريخ العربي خلال العقود الأربعة الماضية كان حافلاً بالكثير من الإنتكاسات وخيبات الأمل، غير أن الموقف السعودي الشجاع بتشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية ونصرة الشعب اليمني شكل بارقة أمل جديدة في توحيد الأمة العربية وإعادة الإعتبار لها".

وأعتبر في تصريح لـ "الوطن"، أن "شجاعة الملك سلمان بن عبدالعزيز بإتخاذ ذلك القرار الحازم الذي يعد إنعطافة مهمة في التاريخ اليمني، والعربي عموماً، بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها طموحات إيران في ضم العاصمة العربية الرابعة لأحضانها كما تبجح قادتهم، وخلع اليمن من جلده العربي الذي حاولت الميليشيات إستبداله بعباءة الملالي لجعله تابعاً لنظام الولي الفقيه في طهران".

ويخوض تحالف عسكري عربي، تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حرباً طوت قبل أيام عامها الرابع، ضد ميليشيا الحوثي الإنقلابية، الذراع الإيرانية في اليمن، بهدف إعادة الشرعية اليمنية ونصرة الشعب المظلوم.

"لا أحد كان بوسعه التكهن بشكل دقيق عن المآل أو حجم الكارثة التي كانت ستحل بالبلد فيما لو نجحت ايران باستكمال مخططها التخريبي عبر مليشياتها الحوثية دونما تدخل من التحالف العربي"، على حد قول الناشط الإعلامي اليمني صادق محمد.

وأضاف في حديثه لـ "الوطن"، "لكن الشئ الأكيد هو أن التحالف العربي بقيادة السعودية نجح منذ تدخله عام 2015 بمساعدة الحكومة الشرعية في إستعادة مايقارب 80 % من مساحة اليمن بعدما أوشكت مليشيات الحوثي الإيرانية على ابتلاعها وتحويلها الى ولاية فارسية".

وبموازة المعارك العسكرية، تخوض السعودية حرباً أخرى لاتقل أهمية ولكنها ذات أبعاد إنسانية محضة، تلعب فيها دور الإطفائي، لإخماد الحرائق التي يحاول الحوثيون إشعالها على كافة الأصعدة الإنسانية والإفتصادية والسياسية والأمنية والأخلاقية أيضاً.

ويشكل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية رأس الحربة الأول في هذه المعركة المهمة، من خلال الدور الإنساني الكبير الذي يضطلع به في اليمن إبتداء من مشروعات الأمن الغذائي مروراً بالصحة والتعليم والإيواء والإصحاح البيئي، وانتهاء بالحالات الطارئة مثل الكوارث الطبيعية وغيرها.

وبحسب تأكيدات مسؤولي المركز، فقد بلغ اجمالي قيمة المساعدات المقدمة من مركز الملك سلمان الى اليمن منذ 2015 وحتى نهاية العام الماضي 11.18 مليار دولار، موزعة على المشاريع الإنمائية والمساعدات الحكومية الثنائية ودعم البنك المركزي اليمني بالإضافة للأعمال الإغاثية.

من جانب اخر كان إسهام المملكة العربية السعودية مثمرا في مجال نزع الألغام التي زرعتها الميليشيات، وذلك عبر إطلاق المشروع السعودي لنزع الألغام "مسام" ، بعد أن قام الحوثيون بتفخيخ الأرض اليمنية بأكثر من مليون لغم في البر والبحر، وهذا الرقم يفوق بأضعاف ما تم زراعته خلال الحرب العالمية الثانية.