دبي - (العربية نت): نشر موقع "إفريقيا إنتلجنس" تحقيقاً يقول إن قطر تنهج سياسة أكثر هجومية بالتدخل في القارة الإفريقية، وأورد الموقع تفاصيل معدات عسكرية قدمتها الدوحة للدول القابعة على شريط الساحل الإفريقي.

وقد تولى هذه المغامرة شخصية مجهولة في الوسط السياسي هو صهر الشيخ تميم آل ثاني ومستشاره، عبدالهادي مانع الهاجري.

ويملك هذا الملياردير المغمور شركة "ستارك موتورز"، التي قامت بتحويل ناقلات إلى مركبات مصفحة، وقامت بتركيب نحو 24 ناقلة جنود، منحتها قطر إلى بوركينافاسو في الثامن من مايو. وتأتي بعد عمليات سابقة مشابهة، حيث تم منح 24 مركبة مماثلة إلى دولة مالي في ديسمبر 2018 ونحو 68 مركبة أخرى إلى الصومال في يناير 2019.

وهناك منحة قادمة مشابهة إلى دولة تشاد، في خطوة من برنامج دعمٍ شامل في مساعي قطر لتعزيز نشاطها الدبلوماسي والعسكري في إفريقيا.

ويبدو أن شركة "ستارك موتورز" قد تم إنشاؤها خصيصاً لسد حاجيات الجهود القطرية العسكرية الخاصة بإفريقيا.

فالشركة أسست على عجالة في 2017 بعد أن وجدت قطر نفسها مستبعدة من قوات الساحل الإفريقي على يد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ومن موقعها المنزوي، في المنطقة الصناعية، في حي الريان القطري جنوب غرب الدوحة، اختارت الشركة البساطة كوسيلةٍ لها في التسريع بعمليات الإنتاج بأقصر فترةٍ ممكنة.

وفي المنطقة البالغة مساحتها نحو 3000 متر مربع، تقوم الشركة القطرية بتحويل نحو 79 سيارة من طراز تويوتا لاند كروزر إلى ناقلات جنود خفيفة ومساحة تتسع لنحو 10 أشخاص. تسمى هذه المركبات المصفحة "ستورم"، هي معدة ومجهزة بمنصات أسلحة قادرة على حمل مدفع رشاش عيار 40 مل.

وبالرغم من مظهر المركبات الهجومي إلا أنها في الحقيقة، هي مجرد مركبات دفع رباعي مطورة. إذ إن نوع التصفيح للمركبات المدرعة الخاصة بالشركة "CEN/B6" قادر فقط على حماية المركبات من الذخائر الخفيفة، واتضح أنها ليست مهيأة للتصدي لأية هجمات قادمة من قاذفات صواريخ أو ألغام أو عبوات ناسفة.

بالنسبة للمركبات المعدلة من طراز 8 سلندر تيربو بمحرك يعمل على الديزل فإنها شبيهة بتلك المركبات من طراز هايلكس بيك أب التي تملكها الجماعات الإرهابية بالرغم من أن مركبات تويوتا القطرية المعدلة تزن زيادة طنٍ تقريباً. وهو من العيوب التي جعلت مركبات الستورم القطرية لا تملك أي حظوظ تجارية، وتستخدم فقط كهدايا ومنح من قطر للحلفاء في إفريقيا.

وفي كتالوجات الشركة، تدرج ستارك موتورز موديلين آخرين أكثر طموحاً من البقية: مركبة محمية ومقاومة للألغام لنقل الجنود بوجود هيكل خاص تمت صناعته خصيصاً، ويطلق عليها اسم "نوماد وثندر"، وحتى الآن، لم تغر هذه المركبات أي مشترين.

وترغب ستارك رفع قدراتها التقنية، فقامت الشركة بجلب مهندسين من منافستها شركة نمر للسيارات، التي تعتبر شركة راسخة ومعروفة في السوق.

وتعتبر شركة ستارك موتورز شركة فرعية تابعة لإشهار القابضة، التي يسيطر عليها، عبدالهادي مانع الهاجري أيضا.

والهاجري هو رجل أعمال، يبلغ من العمر 39 عاماً، ظهر اسمه في الصحافة عام 2015، عندما اشترى بـ 100 مليون دولار أغلى منزلٍ في إسطنبول بتركيا، والأهم من ذلك، كما تقول صحيفة "إفريقيا إنتلجنس" الرقمية، إنه يكلف ببعض الاتصالات الدبلوماسية.

وكانت الشركتان إشهار للخدمات الأمنية وشركة ستارك موتورز، من بين الرعاة الرئيسيين في معرض ميليبول الذي أقيم في قطر أكتوبر عام 2018 والذي تشارك فيه القوات القطرية بصورة كبيرة. وقد دعا وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الكثير من الوفود الإفريقية إلى الدوحة لحضور الحدث.

وقد تسلم الجنرال مصطفى درابو، في جيش دولة مالي، في ديسمبر المركبات المدرعة التي أرسلتها ستارك موتورز القطرية. وتم نقل المركبات البالغ عددها 24 مركبة من الدوحة على متن ثلاث طائرات بوينغ سي 17 تابعة للقوات الجوية القطرية. ونقلت بعض المركبات مباشرةً إلى وحدات المشاة التابعة للقوات المسلحة المالية المنتشرة في منطقة موبتي.

إلا أنه في 12 مارس، انفجرت واحدة من المركبات من طراز ستارك بواسطة لغم في ديالوب في شمال مالي أثناء قيامها بدورية ولقي الجنود الماليون الثلاثة حتفهم وكانوا على متنها. وأثار هذا الهجوم، الذي تسبب بتدمير المركبة بشكل كامل، انتقادات بين أوساط المستشارين الغربيين المتواجدين في منطقة الساحل حول جودة المعدات القطرية، حيث إن هذه المركبات استخدمت بناء على اعتقاد بأنها مصفحة ضد الألغام.

ومن المتوقع أن يتم نشر المركبات الأخرى التي أرسلت إلى بوركينا فاسو، في شمال البلاد حيث يتعرض الجيش البوركيني لهجوم مستمر من قبل الجماعات الإرهابية.

وتمثل عمليات تسليم هذه المعدات العسكرية، وإن كانت صغيرة الحجم نسبيا، نقطة تحول في الاستراتيجية القطرية المتبعة في منطقة الساحل الإفريقي.

هذا وتكبدت الدوحة خسائر كبيرة جراء دعمها للهجمات الفرنسية ضد معمر القذافي في عام 2011 وتحييدها لعدد من دول الساحل الإفريقي المقربة من النظام الليبي لمدة طويلة. ومنذ ذلك الوقت، فضلت الدوحة البقاء بمنأى عن التدخل في أي صراع إفريقي.

وتقول الصحيفة إن الدوحة أصبحت إلى حد ما جلية وواضحة في حالة النشاط الجديدة لمنافسة السعودية عندما قامت الأخيرة بدعم مجموعة الدول الخمس في الساحل بمبلغ 100 مليون يورو، لدواعٍ أمنية.

وقبل اتخاذ قرارها بإرسال مركباتها المدرعة إلى حلفائها في إفريقيا، حاولت قطر بدايةً أن يكون لها دور في تحالف مجموعة الدول الخمس في الساحل الذي شكله كلٌ من موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر عام 2014.

وفي عام 2017، قامت قطر بالتواصل مع فرنسا، بصفتها راعية تلك المبادرة، تطلب إشراكها في ذلك التحالف.

وتلك الضغوط تسببت في إحراج باريس بشكل كبير. في البداية أغلقت مجموعة الدول الخمس في الساحل أبوابها أمام قطر. لكن بفضل الوعود ثم عملية التسليم السريعة لمركبات قطر العسكرية، دخلت الدوحة وفتحت مراكز دبلوماسية لها في منطقة الساحل.

ووصل الحماس القطري إلى الصومال، إذ إنها أهدت 68 مركبة مصفحة من طراز ستارك في يناير إلى الصومال لتعزيز العلاقات مع الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو.

وأصبحت الصومال، الدولة الإفريقية الوحيدة المؤيدة بشكل علني لقطر.

أما في تشاد وهي دولة مهمة لدول مثل السودان وليبيا، فقد مرت علاقاتها بقطر بمرحلة من الاضطراب في الأشهر الأخيرة، فالمحادثات الآن جارية بشأن تسليم المركبات المدرعة. وقد زار محمد بن أحمد المسند، مستشار الأمن الوطني القطري ومبعوث الأمير تميم، مدينة أنجمينا عدة مرات في الأشهر الأخيرة.

وفي الوقت الذي تسعى السعودية ودول البحر الأحمر إلى بناء توافق أمني وعسكري في منطقتها يبدو أن قطر تحاول نسج شبكة معادية لها في إفريقيا وفي ليبيا خصوصا تنشط قطر بقوة هناك حيث تدعم الميلشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس ضد الجيش الوطني الليبي.