الرياض - (العربية نت): "مزرعة الحيوانات" إحدى كلاسيكيات الأعمال الأدبية العالمية في القرن العشرين، وهي للروائي العالمي الإنجليزي "جورج أورويل"، وفي الرواية استحضار لأشهر مزرعة في قطر، ليس بسبب زخم إنتاجها في السوق القطري، بل لأنها كانت وكراً ضخماً يأوي في داخلها العشرات من الإرهابيين المطلوبين دولياً.

المفارقة أن مالك المزرعة هو وزير الداخلية، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف القطري عبد الله بن خالد آل ثاني "مدرج على قوائم الإرهاب الأمريكية والرباعية العربية لمكافحة الإرهاب"، أحد أقطاب الأسرة الحاكمة، وقريب وصديق لأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني.

أخبار هذه المزرعة وصاحبها لم تنقطع، وما زالت متداولة من خلال أشهر ضيف من ضيوفها وهو الذي هندس تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وأدلى بتصريحات مؤخراً عن استعداده بالتعاون يشهد ضد السعودية في الدعاوى المرفوعة من عائلات ضحايا 11 سبتمبر، وذلك بعد مضي 17 عاماً، من اعتقاله في معسكر "غوانتنامو"، واستكمال التحقيقات معه.

عودة إلى الرواية الأدبية، والتي اختار كاتبها استخدام شخصيات رمزية من "الحيوانات"، وهو نمط من الأعمال الأدبية الرمزية والقديمة، ليسقطها على أحداث ما قبل عهد "ستالين" وخلاله، ممثلة الثورة الروسية وما بعدها.

لكننا في المزرعة القطرية لوزير الداخلية السابق، لا نجد الأمر على هذا النحو، فالشخصيات فيها ليست رمزية، كما والآية فيها تنقلب، بحيث يصبح مالك المزرعة وسكان المزرعة يتبارون في التخطيط للشر وتنفيذه.

"العربية.نت" تستعرض تفاصيل جديدة غير متداولة عن هذه المزرعة، التي جاءت على لسان الكثير من المسؤولين الغربيين في أجهزة الاستخبارات العالمية، فما هي هذه المزرعة؟ وماذا جرى فيها؟ وأين تقع؟ وماذا نتج عنها؟

اسمها مزرعة "الوعب" ويملكها "عبد الله بن خالد آل ثاني" وهو وزير الأوقاف والشؤون الدينية القطرية، ووزير الداخلية السابق، الذي عرف عنه اهتمامه بالزراعة والقنص وامتلاك الحيوانات.

وتقع مزرعة "الوعب" في شمال قطر تحديدا في منطقة "الغويرية"، وهي أكبر مزارع قطر، والتي تمتد على مساحة تقدر بـ18 كيلومتراً مربعاً، وكانت بدأت مزرعة الحيوانات "الوعب" كمشروع استثماري منذ العام 1998، وتحوي مصلى كبيراً يتولى الإمامة فيه العراقي والحاصل على الجنسية القطرية "هاشم محمد علي المشهداني"، الذي كان رئيس قسم توجيه الأئمة والخطباء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من 1998 وحتى 2000، ورئيساً لقسم الشؤون الأسرية في إدارة الدعوة من عام 2000 وحتى 2001، وخطيب بجامع الريان الكبير.

وحسب حديث صقر المهندي، مدير العلاقات العامة، لمزرعة الوعب، والذي جاء ضمن مقابلة في برنامج "إنتاج قطر" لقناة "الريان"، في 2017، فهي تحوي على مسطحات خضراء واسعة، وأنواع مختلفة من "الحيوانات"، كالبط والأوز والبقر والأغنام والخيل والغزلان والإبل والكلاب والسلق العربي والصقور والتماسيح، وكذلك تعمل المزرعة على إنتاج البيض والحليب والأجبان والعسل، وبيعه في الأسواق القطرية في شركات الوعب كذلك الاستثمار في لحومها.

وتحوي المزرعة ما مجمله 9 بحيرات، تسبح فيها أنواع مختلفة من البط والأوز، الفرنسي منها والإنجليزي والكندي، لتستثمر المزرعة بلحومها وبيضها، إلى جانب تربية العصافير والحمام البري السنغالي لأكثر من 13 نوعاً، والحمام الزاجل، وإلى جانب ذلك كله، قصر سكني يقيم فيه وزير الداخلية والأوقاف عبد الله بن خالد آل ثاني المدرج على قوائم الإرهاب.

كذلك تضم مزرعة الحيوانات لعبد الله بن خالد آل ثاني، سلالات مختلفة من الأغنام، من بينها السلالة الشامية "السورية"، إضافة إلى تربية الأبقار لإنتاج الألبان ومشتقاته، وتشمل الأبقار الهولندية، والأوروبية يصل عددها 1500 رأس.

وهناك إنتاج الهجن الذي حاز على اهتمام كبير من مالك المزرعة، لتعزيز موروث الآباء والأجداد، بحسب مدير العلاقات العامة لمزرعة "الوعب"، حيث تمتلك "الوعب" نحو 700 رأس من أنواع متعددة منا المجاهيم والمغتير والعمانيات، إلى جانب تربية الخيل العربي، والمشاركة فيه بالمسابقات المحلية والدولية.

هذا عن الشق الطبيعي والمتوقع عن المزرعة، لكن النشاط الذي لفت المسؤولين الأمنيين، أنها كانت الموقع الذي استحضر فيه رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة ومهندس تفجيرات 11 سبتمبر "خالد شيخ محمد"، مع قيادات القاعدة العمليات الإرهابية التي استهدفت مصالح أميركية وعربية منذ العام 1992.

على غرار هذا التنوع من عالم الحيوانات، كان هناك بالمقابل تنوع آخر مختلف بدأ مالك مزرعة "الوعب" عبد الله بن خالد آل ثاني، في إدارته منذ مطلع التسعينات، وهذه المرة لتجمع بشري من جنسيات مختلفة وخاصة من الأفغان العرب، مستعيداً في "مزرعته" مـشهد "بيشاور" زمن قصة "الجهاد الأفغاني"، ولتكون مقراً للنشاط والتجنيد وقبلة لـ"الأصوليين والمتطرفين".

فوفقاً لتقرير تابع لوزارة الخزانة الأمريكية، فقد استضاف عبد الله بن خليفة آل ثاني في مزرعة الحيوانات "الوعب"، 100 من المتطرفين من تنظيم القاعدة، وبحسب "روبرت بير" ضابط الاستخبارات الأمريكي سابقاً، نقلاً عن مسؤول قطري سابق، فقد أدار خالد شيخ محمد خلية لتنظيم القاعدة مع شوقي الإسلامبولي في قطر.

كما وكان من بين ضيوف مزرعة "الوعب" القطرية، زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن نفسه، الذي حل ضيفاً على مالك المزرعة، عبد الله بن خالد آل ثاني مرتين ما بين العام 1996-2000، وفقاً لما أذاعته قناة ABC NEWS الإخبارية في 2 يوليو 2003، وتقارير استخباراتية تم تسريبها.

وبحسب ما ورد من تقارير للاستخبارات الأمريكية كان من بين ضيوف وسكان "المزرعة" أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الحالي، ومحمد عاطف، المعروف باسم "أبو حفص المصري"، القائد العسكري لتنظيم القاعدة، وصهر أسامة بن لادن، والذي قتل في غارة جوية في 2016 بالقرب من العاصمة الأفغانية كابول.

خالد شيخ محمد رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة، كما وصف نفسه في لقاء معه أجرته قناة الجزيرة "بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، والذي تعقبه عملاء أمريكيون إلى إيطاليا ومصر وسنغافورة والأردن وتايلند والفلبين وقطر، ووضعت الولايات المتحدة على رأسه 25 مليون دولار، بحسب المسؤول الأمريكي كان "أحد سكان المزرعة آنذاك".

ولد خالد شيخ محمد في مدينة الكويت، لأبوين باكستانيين، من منطقة بلوشستان، والتحق خالد شيخ محمد بجماعة الإخوان المسلمين، وذلك من خلال شقيقه الأكبر "زاهد شيخ" الذي كان قيادياً في جماعة الإخوان المسلمين منذ التحاقه بجامعة الكويت في 1980.

سافر خالد شيخ محمد إلى الولايات المتحدة، للدراسة في إحدى جامعات ولاية نورث كارولاينا، وتخرج فيها بشهادة في الهندسة الكهربائية.

في عام 1987 حط خالد شيخ محمد رحاله في أفغانستان؛ للمشاركة في القتال ضد القوات السوفيتية، وتدرب هناك مع المقاتلين الأفغان التابعين لعبد رسول سياف، زعيم "تنظيم الاتحاد الإسلامي"، قبل أن يلتحق بالعمل لدى عبد الله عزام، واعتقلته السلطات الأمريكية في مارس 2003.

استقر مسؤول العمليات لتنظيم القاعدة "خالد شيخ" بقطر منذ العام 1992 وحتى العام 1996، بدعوة من عبد الله بن خالد آل ثاني، أثناء توليه منصب وزير الشؤون الدينية في قطر، وبقي ضيفاً ورفيقاً لوزير الشؤون الدينية طوال تلك السنوات وما تلاها، و"عاملاً" في مزرعة الحيوانات "الوعب"، التي يمتلكها آل ثاني منذ ذلك الوقت، مع منحه وظيفة "صورية" أخرى كمهندس مشاريع حكومية في مصلحة المياه والكهرباء.

ووفقاً لتحقيق مطول نشرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" في 22 ديسمبر 2002، عن "خالد شيخ محمد"، شارك في إعداده 3 كتاب، نقلت عن مسؤول أمريكي: "عبدالله بن خالد لديه مزرعة خارج الدوحة، كانت لديه هواية زراعة الملفوف وتربية البط، لذلك لديه هذه المزرعة وكان لديه دائماً الكثير من الناس حوله، كان المنزل دائماً مكتظا بهم، والكثير من العرب الأفغان العاطلين عن العمل.. كان هناك دائماً هؤلاء الرجال يتسكعون في الجوار، وربما زوجين من الكلاشينكوف في الزاوية".

إلا أنه وفي غضون إقامة رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة في مزرعة وزير الشؤون الدينية القطري، لم تقتصر مهام خالد شيخ، كما سيتضح من خلال نتائج لجنة أحداث 11 سبتمبر، على زراعة الملفوف وتربية البط، وإنما كان في واقع الأمر يشرف على قادة القاعدة الكبار الذين قادوا هجمات القاعدة على مصالح الولايات المتحدة والعمليات الإرهابية التي وقعت في السعودية.

حصل ضابط الاستخبارات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط لـ21 عاما "روبرت بيير" على معلومات هامة عن علاقة عبد الله بن خالد آل ثاني بـ"خالد شيخ"، وذلك في لقاء له مع حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني، قائد الشرطة، ووزير الاقتصاد في قطر، سابقاً، "أزيح عن منصبه واختطف من بيروت في 1999 وحكم عليه في 2001 بالسجن 6 سنوات"، في لقاء معه في 1998، معلومات أكد فيها إقامة خالد شيخ محمد في قطر، في مزرعة عبد الله بن خالد آل ثاني حتى عام 1996.

وأضاف "روبرت بيير"، ضابط الاستخبارات السابق والكاتب السايسي في صحيفة "التايمز" و"وول ستريت جرنال" و"واشنطن بوست"، والمحلل الأمني لـقناة "سي إن إن"، في كتابه "النوم مع الشيطان": "أدار رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة خالد شيخ محمد خلية للقاعدة في قطر مع محمد الإسلامبولي "شقيق خالد الإسلامبولي قاتل السادات، والمقيم حالياً في تركيا"، وكان على علاقة برمزي يوسف مدبر تفجير مركز التجارة العالمي في 1993 ويخططوا لاختطاف طائرات تجارية "عملية إرهابية لتفجير الطائرات في سماء الولايات المتحدة عرفت بعملية بوجينكا"".

وخلال إقامة خالد شيخ محمد في مزرعة الوعب بحدود العام 1995، سافر إلى البوسنة لدعم عناصر تنظيم القاعدة وتقديم الدعم المالي لهم، والذي تكفل بنفقات رحلته وزير الداخلية والأوقاف القطري عبد الله بن خالد آل ثاني، قبل أن يعود إلى قطر، ويسافر مرة أخرى إلى مانيلا بالفلبين، وبحسب ما ثبت لدى المحققين من أن "خالد شيخ محمد" كان يزور مراراً شقة "رمزي يوسف" في مانيلا، حيث كانت القنابل الخاصة بمؤامرة بوجينكا.

وأثناء إقامة "خالد شيخ محمد" في قطر في العام 1995، تلقى اتصالاً هاتفياً من ابن شقيقته "رمزي يوسف" واسمه الحقيقي عبد الباسط البلوشي، بينما كان في حجز الولايات المتحدة، بعد اعتقاله في باكستان فبراير 1995، لتنفيذ تفجيرات مركز التجارة العالمي في فبراير 1993 في مدينة نيويورك، وإعداده لعمليات إرهابية متعددة اتخذ من الفلبين قاعدة له، منها التخطيط باغتيال البابا يوحنا بولس في يناير 1995 أثناء جولته في الفلبين، والتخطيط لتفجير طائرات أمريكية عرفت باسم "أوبلان بوجينكا" والتي تعني بالعربية "عملية الدوي الكبير".

وذلك بوضع 5 إرهابيين متفجرات على متن 12 طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة، مع توقف مجدول في شرق وجنوب آسيا، ليعمد الإرهابيون بوضع المتفجرات في كل طائرة، قبل مغادرتها في محطة التوقف المؤقتة.

وتوضيح ذلك جاء في كتاب الصحافي البريطاني سيمون ريفييه، الخبير بشؤون القاعدة، ومعد لوثائقيات على قناة BBC البريطانية، والذي كان بعنوان "رمزي يوسف وأسامة بن لادن ومستقبل الإرهاب" الصادر في أكتوبر 1999، مؤكداً فيه أنه بعد انتقال رمزي يوسف من باكستان إلى تايلند للالتقاء بشريكه الذي جنده "اشتياق باركر"، وتسليمه حقيبتان لوضعهما على طائرة يونايتد ايرلاينز، إلا أن تراجع رفيقه بالمطار وعدم أدائه المهمة، دفع رمزي يوسف إلى البحث عن خطة ثانية، كانت بالاتصال بصديق له في قطر، لديه الاستعداد بحمل الحقائب عبر رحلة متوجهة من لندن إلى الولايات المتحدة، ويوضح الكاتب البريطاني: "لم يوضح ما اسم صديقه في قطر، إلا أن والده أكد أنه دبلوماسي كبير وأحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، وكانت خطة رمزي يوسف الاستفادة من حصانة دبلوماسية لأحد الشخصيات الرسمية لعدم تفتيش الحقائب".

وتضيف إلى ذلك "يليسا بويل ماهلي"، عميلة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لمدة 16 عاماً، حتى العام 2002، في لقاء أجري معها في صحيفة "الغارديان" 31 مارس 2005، وفي كتابها "الإنكار والخداع: وجهات نظر من داخل الـCIA"، الصادر في العام 2003، أن مكتب التحقيقات الفدرالي علم بتنقل خالد شيخ محمد وإقامته في قطر، خلال انتقاله من السودان إلى قطر، وقالت إن "المخابرات المركزية كانت على علم بتورط خالد شيخ محمد في العملية الإرهابية "بوجينكا" في الفلبين، وفي تفجير مركز التجارة العالمي 1993".

وأضافت، أنه بحلول أكتوبر 1995 كان مكتب التحقيقات الفيدرالي يتعقب خالد شيخ محمد في مبنى سكني محدد في قطر، وباستخدام تكنولوجيا مراقبة فائقة الدقة، تم التأكد من وجوده في المبنى".

كان تأكد المخابرات الأمريكية من حجم خطورة "خالد شيخ محمد" بعد القبض على ابن شقيقته" رمزي يوسف"، وذلك من خلال ما تم الاطلاع عليه من رسائل على جهاز "الكمبويتر" المحمول، الخاص به، كانت موقعة من "خالد شيخ وبوجينكا"، واكتشف المحققون أيضاً أن خالد شيخ زار مراراً شقة يوسف في مانيلا في الفلبين، حيث كان يتم تصنيع المتفجرات الخاصة بالعملية الإرهابية لتفجير الطائرات.

جاء ذلك في كتاب الصحافي الأمريكي ومراسل صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" "تيري ماكديموت" بعنوان "الجنود المثاليون: المختطفون في أحداث 11 سبتمبر: من هم، لماذا فعلوا ذلك؟" والصادر في مايو 2005.

وأضاف فيه، "وجد عملاء المخابرات المركزية، أن يوسف رمزي كانت لديه أرقام فاكس وأرقام هواتف متعددة لخاله "خالد شيخ محمد" كانت مخزنة باسم "خالد الدوحة"، ووفقاً للصحافي الأمريكي وما أورده في كتابه: "لاحظت السلطات الأمريكية أن يوسف رمزي كان يتصل على أحد هذه الأرقام في قطر ويطلب التحدث إلى خالد".

عمد مكتب التحقيقات الفيدرالي في العام 1996 إلى توجيه تهم رسمية لخالد شيخ محمد، بضلوعه في العمليات الإرهابية منذ العام 1993، تمهيداً للقبض عليه من مكان إقامته في "مزرعة الوعب" بقطر، إلا أنه سرعان ما تم تهريب خالد شيخ إلى أفغانستان بتسهيلات منحها عبد الله بن خالد آل ثاني.

وبحسب صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" وما نشر في 22 ديسمبر 2002، فقد التقى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي لويس.ج. فريه مع مسؤولين قطريين لطلب القبض عليه، إلا أن أشهراً مضت دون الموافقة على ذلك، رغم الاعتراف القطري بوجوده لديهم، ونقلاً عن مسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، أبلغت قطر الولايات المتحدة بأنها تخشى أن يكون محمد يصنع عبوة ناسفة، وقالوا أيضاً إنه يمتلك أكثر من 20 جواز سفر مختلفاً، ورغم ذلك أخروا منح الإذن للولايات المتحدة للقبض عليه"، وفقاً لما جاء في الصحيفة الأمريكية.

وبعد استبعاد جهاز المخابرات القيام بعملية عسكرية للإغارة على مكان سكنه واختطافه، تجنباً للتداعيات السياسية، بعد اجتماع عقد في واشنطن بمطلع العام 1996، أرسل مدير مكتب التحقيقات الأمريكي لويس فريه خطاباً إلى حكومة قطر لطلب الإذن بالقبض عليه.

إلا أنه وبحسب "ريتشارد كلارك" المنسق الوطني للأمن ومكافحة الإرهاب بإدارتي الرئيسين الأمريكيين كلينتون وبوش، أنه وفي غضون ساعات من اجتماع سفير أمريكا مع أمير قطر السابق، "حمد بن خليفة" وطلب القبض على خالد شيخ محمد لبضع ساعات، اختفى شيخ عن الأنظار تماماً، وفي مدينة الدوحة الصغيرة لم يستطع أي شخص إيجاده".

ونشر المنسق الوطني للأمن ومكافحة الإرهاب"، مقالاً في صحيفة "نيويورك ديلي نيوز"، تحدث فيه عما وصفه بإيواء قطر واحداً من أخطر الإرهابيين في العالم، وحمايته وحرمان أجهزة الأمن الأمريكية من القبض عليه.

وقال المسؤول الأمريكي، "الحقيقة الواضحة أن قطر وفرت فعلياً ملاذاً لقادة وجماعات إرهابية، وهذا الأمر ليس جديداً، بل هو مستمر منذ 20 عاماً"، وتابع قائلاً: "أحد أبرز من قدمت لهم الدوحة الحماية هو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد".

بالمقابل أضاف جاك كلونان، كبير محققي الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي في نيويورك، سابقاً، في لقاء أجرته معه شبكة ABC NEWS الإخبارية، في فبراير 2003 والذي يعمل فيها حالياً كمستشار "تتبع مكتب التحقيقات الفيدرالي محمد، بموجب لائحة اتهام بالإرهاب، إلى العاصمة القطرية الدوحة، وكنا على بعد ساعات من القبض عليه".

وقال كلونان، الذي كان عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي المتابع للقضية: "إن طائرة تنفيذية حكومية مجهزة تجهيزاً خاصاً، مزودة بنوافذ معتمة، كانت تقف إلى جانب محمد"، وبحسب كلونان فإن محمد أبلغ بعد فترة وجيزة من إبلاغ المسؤولين القطريين بالخطة وتوجهوا إلى المطار.

بعد خروج المسؤول العملياتي الأول لتنظيم القاعدة "خالد شيخ محمد" من قطر مغادراً مزرعة "الوعب" في مطلع العام 1996، ظل اسمه مرتبطاً لدى الأجهزة الأمنية بعدد من العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة، من بينها عملية تفجير المدمرة الأمريكية يو إس إس "كول"، والتنسيق لعملية اختطاف الطائرات وتنفيذ هجمات 11 سبتمبر.

فبحسب تقرير لقناة الـCNN في أغسطس 2002، ونقلاً عن مسؤولين أمريكيين، عقد 10 من قيادات تنظيم القاعدة في مدينة كوالالمبور العاصمة الماليزية قمة سرية أطلق عليها "القمة الماليزية" حضرها كل من: "نواف الحازمي، خالد المحضار، خالد شيخ محمد، خالد العطاش، وعبد الرحيم الناشري، يزيد سفط، رمزي بن الشيبة، أبو البراء التعزي".

ووفقاً لما كشف عنه مسؤولون أمريكيون لوسائل الإعلام، وما تضمنته قوائم وزارة الخزانة الأمريكية للإرهاب، فلم تقتصر معرفة وزير الأوقاف ووزير الداخلية القطري عبد الله بن خالد آل ثاني، بمهندس تفجيرات 11 سبتمبر "خالد شيخ محمد"، وإنما كذلك، بأحد عناصر تنظيم القاعدة وهو أحمد حكمت شاكر، موظف في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف القطرية، والذي كان على علاقة باثنين من منفذي هجمات 11 سبتمبر وهما: حمزة الغامدي الذي طار على متن الخطوط الجوية المتحدة، الرحلة 175، والتي ضربت البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي، وخالد المحضار الذي كان على متن طائرة الخطوط الجوية الأمريكية والتي ضربت البنتاغون.

مع ذلك كله لم تكن لقصة خالد شيخ محمد مع "مزرعة الحيوانات" في الوعب، شمال العاصمة القطرية، الدوحة، أن تنتهي، فبحسب ما نشرته صحيفة الـ "نيويورك تايمز" في 6 فبراير 2003، ونقلاً عن مسؤولين سعوديين، فإن خالد شيخ محمد، عاد إلى قطر، في أواخر العام 2001، أي بعد تنفيذ هجمات 11 سبتمبر، ومكث فيها أسبوعين.