دبي - (العربية نت): فشلت الآلة الإعلامية وشركات العلاقات العامة المحلية والدولية في محاولات تنظيم حملات ناجحة لتحسين صورة الوضع المأساوي للعمالة الأجنبية في قطر، على الرغم من إنفاق مئات الملايين من الدولارات على هذه الحملات، والتي كان من الأجدى أن يتم توجيهها للإنفاق على خدمات للعمالة الأجنبية التي تمثل ركيزة أساسية في مختلف ضروب الأنشطة والأعمال في قطر، وكشف عدد من التقارير لكبريات الصحف العالمية بالإضافة إلى تقارير الهيئات المعنية بحقوق الإنسان وكان آخرها مقال كتبه أحد العمال الأجانب الذي تمكن من النجاة بنفسه، حالة البؤس والإهمال المريع الذي يتعرض لها العمال الأجانب هناك.
وفي موقع "Migrant Rights" المعني بحقوق العمالة الأجنبية والمهاجرين كتب نوح، والذي قام بإنهاء تعاقده في قطر، موضحًا أن المقال صادقًا وواقعيًا حيث كان يستلقي على الطبقة العليا من سرير بطابقين أثناء كتابته وتواجده في الدوحة.
ويصف نوح أنه كان يتقاسم غرفة نوم واحدة لا تزيد مساحتها عن 20 مترا مربعا مع 4 أشخاص آخرين، و6 خزانات معدنية وتشكيلة متنوعة من المتعلقات الشخصية التي، بسبب طبيعتها، لا يمكن أن تستوعبها الخزانات المعدنية. ولذلك كان يتم وضع بعضها تحت السرير، وبعضها أعلى الخزانات، فيما يحُشر الباقي في أي مكان يمكن أن يكون متاحًا بالغرفة الضيقة المزودة بجهاز تكييف هواء متهالك، يصدر ضجيجا أكثر مما يخفف من وطأة الحر القائظ.
ولتوضيح الوضع يشرح نوح أنه كان يضطر هو وجيرانه في الغرفة إلى النهوض بصعوبة والمرور عبر اثنين إلى ثلاثة من زملائه للوصول إلى حيث تتواجد خزانة ملابسه في الحيز الضيق المتبقي لكي يرتدي ملابسه استعدادًا للتوجه إلى العمل. ويشرح نوح أن عدد مقصورات الاستحمام 8 فقط بدورات المياه مخصصة لخدمة 72 عاملا يتجهون لأعمالهم في نفس الموعد تقريبًا.
ويستطرد نوح قائلًا: "إن الأمر المضحك حقاً فهو أننا نعمل لصالح شركة معينة، تابعة لمؤسسة قطر، وقد جاء بالفعل شخص من الشركة من أجل التفتيش على الوضع، ولدهشة الجميع اجتاز المكان الفحص، خاصة وأن كل من يعملون في مجالنا يسمعون أن مؤسسة قطر تتبع نظامًا صارمًا إلى آخر الدعاية الخاصة بنبل أهداف المؤسسة عندما يتعلق الأمر برفاهية الموظفين.
ويضيف نوح أنه على أي حال وبالرغم من المكان الـ"كئيب"، الذي كان يقيم فيه، إلا أن حاله كان يعتبر أفضل بكثير بالمقارنة مع المقيمين في المساكن العمالية، التي تغطي المنطقة الصناعية بالكامل، حيث يقيم ما بين 8 إلى 10 عمال داخل غرف أصغر حجما وفي أحوال صحية مؤسفة.
ويصف نوح مزيج المشاعر التي انتابته، مشيرًا إلى أنه في البداية كان لديه شعور بالاشمئزاز، مما رأته عينيه، وثانياً شعر بالأسف تجاه القاطنين هناك "المساكن العمالية"، وثالثاً شعر بتقدير الوضع الأفضل الذي يعيش فيه، ورابعاً شعر بالتشوش من الكيفية والسبب، الذي يؤدى إلى حدوث ذلك، وخامساً كان يملأه شعور بالغضب ثم غرق في شعور بالحزن.
ويوضح نوح أن تلك الخروقات لحقوق الإنسان والتي تضرب عرض الحائط بلوائح وقوانين العمل الدولية تتم تحت سمع وأبصار ودراية من السلطات القطرية. بل ويشير إلى أن هناك لوائح خاصة بمعايير سكن العمال في قطر، بما يشمل عدد الأسرة في الغرفة الواحدة وترتيبات النوم المشترك والتهوية ومساحات التخزين الشخصية ونسب مراحيض ومرافق الاستحمام المشتركة للأشخاص ما إلى ذلك. وأنه لا يتم الالتزام بأي بند في هذه اللوائح.
يضيف نوح أن الأمر كله يتمحور حول المال، حيث إن حشر الكثير من الأشخاص في مكان واحد هو إجراء أرخص بكثير من الامتثال للوائح. ووضع العدد المطلوب من الأشخاص في غرفة من شأنه أن يعني، أساساً تخصيص غرف أكثر بشكل عام، أي إنفاق المزيد من المال على المساحات الإضافية. ولذلك فكلما تم وضع أشخاص أكثر في الغرفة، كلما زاد حجم التوفير الذي تحققه الحكومة والمؤسسات والشركات القطرية.
وتنص لائحة تخطيط سكن العامل على أن تطبيق معايير مرافق سكن العمال في قطر هو مسؤولية وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. ولكن لا تطبق الوزارة نظام البلاغات مجهولة المصدر، والتي يمكن أن تسمح بحماية العامل من انتقام صاحب العمل. إن الخوف يعتبر سببا آخر لاستمرارية مخالفات الإقامة. فلا أحد يود أن يخاطر بوظيفته بالمبادرة بالشكوى. إن خسارة الدخل المنتظم بعد إنفاق المبالغ الطائلة من أجل الحصول على فرصة التوظيف تفوق أهميته ما يحققه التقدم بالشكوى. بل وربما في قطر سيكون من الأجدى للعمال الانصياع للوضع القائم واستلام أجورهم، والمقصود هنا هم المحظوظون، الذين يتسملون هذا الأجر بانتظام، إذ إن عدم دفع الأجور أو عدم الانتظام في دفع المرتبات كان ولايزال وضعًا قائمًا.
ويقول نوح إنه في الوقت، الذي بدأ فيه تدوين هذه التجربة منذ حوالي شهرين، كان هو و5 آخرين من زملائه يقيمون في غرفة واحدة. وبسبب "مخاطر" تفشي فيروس كورونا، تم نقلهم إلى فيلا معينة في مجمع سكني ليس بعيداً عن المنطقة الصناعية. ولكن تبين أنها خطوة للاستغلال التجاري أكثر منها محاولة لتطبيق الإجراءات الاحترازية، إذ تبين أن إغلاق المدخل من وإلى المعسكر العمالي السكني كان وشيكاً. بل وزاد الطين بلة، إذ تم توزيعهم للإقامة بواقع 8 إلى 10 أفراد لكل غرفة، وكان صغيرة وضيقة أيضًا، بل تم إغلاق المدخل الأمامي في الطابق الأرضي من المبني وتم تحويل غرفة المعيشة إلى منطقة للنوم بوضع 6 أسرة بطابقين ليصبح عدد من يقيمون في غرفة المعيشة 12 شخصاً، بعدد إجمالي 54 شخصا في المبنى، يستخدمون 4 دورات مياه فقط.
ويختتم نوح مقالته كاشفًا أنه لم يكن سلبيًا ولا متقاعسًا إذ إنه قام بإرسال عدد من رسائل البريد الإلكتروني تتضمن شكاوى إلى وزارة العمل، ولوزارة الداخلية القطرية أيضا. ويوضح نوح أنه توخى الكتابة بطريقة جيدة ومفصلة شارحًا كافة المخالفات، مرفقا روابط تتضمن المعايير المطلوبة، مع وضع علامات وإرشادات تساعد على الوصول إلى موقع السكن بسهولة.
{{ article.visit_count }}
وفي موقع "Migrant Rights" المعني بحقوق العمالة الأجنبية والمهاجرين كتب نوح، والذي قام بإنهاء تعاقده في قطر، موضحًا أن المقال صادقًا وواقعيًا حيث كان يستلقي على الطبقة العليا من سرير بطابقين أثناء كتابته وتواجده في الدوحة.
ويصف نوح أنه كان يتقاسم غرفة نوم واحدة لا تزيد مساحتها عن 20 مترا مربعا مع 4 أشخاص آخرين، و6 خزانات معدنية وتشكيلة متنوعة من المتعلقات الشخصية التي، بسبب طبيعتها، لا يمكن أن تستوعبها الخزانات المعدنية. ولذلك كان يتم وضع بعضها تحت السرير، وبعضها أعلى الخزانات، فيما يحُشر الباقي في أي مكان يمكن أن يكون متاحًا بالغرفة الضيقة المزودة بجهاز تكييف هواء متهالك، يصدر ضجيجا أكثر مما يخفف من وطأة الحر القائظ.
ولتوضيح الوضع يشرح نوح أنه كان يضطر هو وجيرانه في الغرفة إلى النهوض بصعوبة والمرور عبر اثنين إلى ثلاثة من زملائه للوصول إلى حيث تتواجد خزانة ملابسه في الحيز الضيق المتبقي لكي يرتدي ملابسه استعدادًا للتوجه إلى العمل. ويشرح نوح أن عدد مقصورات الاستحمام 8 فقط بدورات المياه مخصصة لخدمة 72 عاملا يتجهون لأعمالهم في نفس الموعد تقريبًا.
ويستطرد نوح قائلًا: "إن الأمر المضحك حقاً فهو أننا نعمل لصالح شركة معينة، تابعة لمؤسسة قطر، وقد جاء بالفعل شخص من الشركة من أجل التفتيش على الوضع، ولدهشة الجميع اجتاز المكان الفحص، خاصة وأن كل من يعملون في مجالنا يسمعون أن مؤسسة قطر تتبع نظامًا صارمًا إلى آخر الدعاية الخاصة بنبل أهداف المؤسسة عندما يتعلق الأمر برفاهية الموظفين.
ويضيف نوح أنه على أي حال وبالرغم من المكان الـ"كئيب"، الذي كان يقيم فيه، إلا أن حاله كان يعتبر أفضل بكثير بالمقارنة مع المقيمين في المساكن العمالية، التي تغطي المنطقة الصناعية بالكامل، حيث يقيم ما بين 8 إلى 10 عمال داخل غرف أصغر حجما وفي أحوال صحية مؤسفة.
ويصف نوح مزيج المشاعر التي انتابته، مشيرًا إلى أنه في البداية كان لديه شعور بالاشمئزاز، مما رأته عينيه، وثانياً شعر بالأسف تجاه القاطنين هناك "المساكن العمالية"، وثالثاً شعر بتقدير الوضع الأفضل الذي يعيش فيه، ورابعاً شعر بالتشوش من الكيفية والسبب، الذي يؤدى إلى حدوث ذلك، وخامساً كان يملأه شعور بالغضب ثم غرق في شعور بالحزن.
ويوضح نوح أن تلك الخروقات لحقوق الإنسان والتي تضرب عرض الحائط بلوائح وقوانين العمل الدولية تتم تحت سمع وأبصار ودراية من السلطات القطرية. بل ويشير إلى أن هناك لوائح خاصة بمعايير سكن العمال في قطر، بما يشمل عدد الأسرة في الغرفة الواحدة وترتيبات النوم المشترك والتهوية ومساحات التخزين الشخصية ونسب مراحيض ومرافق الاستحمام المشتركة للأشخاص ما إلى ذلك. وأنه لا يتم الالتزام بأي بند في هذه اللوائح.
يضيف نوح أن الأمر كله يتمحور حول المال، حيث إن حشر الكثير من الأشخاص في مكان واحد هو إجراء أرخص بكثير من الامتثال للوائح. ووضع العدد المطلوب من الأشخاص في غرفة من شأنه أن يعني، أساساً تخصيص غرف أكثر بشكل عام، أي إنفاق المزيد من المال على المساحات الإضافية. ولذلك فكلما تم وضع أشخاص أكثر في الغرفة، كلما زاد حجم التوفير الذي تحققه الحكومة والمؤسسات والشركات القطرية.
وتنص لائحة تخطيط سكن العامل على أن تطبيق معايير مرافق سكن العمال في قطر هو مسؤولية وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. ولكن لا تطبق الوزارة نظام البلاغات مجهولة المصدر، والتي يمكن أن تسمح بحماية العامل من انتقام صاحب العمل. إن الخوف يعتبر سببا آخر لاستمرارية مخالفات الإقامة. فلا أحد يود أن يخاطر بوظيفته بالمبادرة بالشكوى. إن خسارة الدخل المنتظم بعد إنفاق المبالغ الطائلة من أجل الحصول على فرصة التوظيف تفوق أهميته ما يحققه التقدم بالشكوى. بل وربما في قطر سيكون من الأجدى للعمال الانصياع للوضع القائم واستلام أجورهم، والمقصود هنا هم المحظوظون، الذين يتسملون هذا الأجر بانتظام، إذ إن عدم دفع الأجور أو عدم الانتظام في دفع المرتبات كان ولايزال وضعًا قائمًا.
ويقول نوح إنه في الوقت، الذي بدأ فيه تدوين هذه التجربة منذ حوالي شهرين، كان هو و5 آخرين من زملائه يقيمون في غرفة واحدة. وبسبب "مخاطر" تفشي فيروس كورونا، تم نقلهم إلى فيلا معينة في مجمع سكني ليس بعيداً عن المنطقة الصناعية. ولكن تبين أنها خطوة للاستغلال التجاري أكثر منها محاولة لتطبيق الإجراءات الاحترازية، إذ تبين أن إغلاق المدخل من وإلى المعسكر العمالي السكني كان وشيكاً. بل وزاد الطين بلة، إذ تم توزيعهم للإقامة بواقع 8 إلى 10 أفراد لكل غرفة، وكان صغيرة وضيقة أيضًا، بل تم إغلاق المدخل الأمامي في الطابق الأرضي من المبني وتم تحويل غرفة المعيشة إلى منطقة للنوم بوضع 6 أسرة بطابقين ليصبح عدد من يقيمون في غرفة المعيشة 12 شخصاً، بعدد إجمالي 54 شخصا في المبنى، يستخدمون 4 دورات مياه فقط.
ويختتم نوح مقالته كاشفًا أنه لم يكن سلبيًا ولا متقاعسًا إذ إنه قام بإرسال عدد من رسائل البريد الإلكتروني تتضمن شكاوى إلى وزارة العمل، ولوزارة الداخلية القطرية أيضا. ويوضح نوح أنه توخى الكتابة بطريقة جيدة ومفصلة شارحًا كافة المخالفات، مرفقا روابط تتضمن المعايير المطلوبة، مع وضع علامات وإرشادات تساعد على الوصول إلى موقع السكن بسهولة.