الامارات اليوم

سبع سنوات كاملة استغرقتها الدوائر القضائية المختلفة لحسم قضية احتيال إلكتروني، نفذها صاحب شركة في دبي يحمل جنسية دولة خليجية، إذ اخترق مراسلات إلكترونية بين شركتين أخريين، إحداهما في الشارقة والأخرى في السعودية، وتوصل إلى فحوى العلاقة التجارية الطويلة بينهما، وبعث برسالة من بريد إلكتروني مشابه كلياً لبريد موظفة بالشركة الأولى، يطلب من الشركة الثانية مبالغ مستحقة تقدر بنحو أربعة ملايين و370 ألف درهم، وأدرج رقم حساب مختلف لشركته، بدعوى أنه قام بتغيير الحساب، فانطلت الخدعة على الشركة الموجودة في السعودية، وحولت إلى شركته الأموال، ثم اكتشفت لاحقاً أنها كانت ضحية عملية احتيال متقنة.

وبدأت بعدها رحلة تقاضٍ طويلة في محاكم الشارقة، بدأت بالمحكمة الابتدائية التي قضت بإدانة المتهم، وحكمت عليه بالحبس عاماً وألزمته برد المبلغ، كما قضت بغرامة 250 ألف درهم إضافية على شركته، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم ذاته، لكن المتهم طعن بدفوع مختلفة أمام المحكمة الاتحادية، التي قضت بنقض الحكم، وأمرت بإحالة القضية مجدداً إلى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة، ليبدأ فصل جديد استمر نحو خمس سنوات.

وحسب ملف الدعوى، بدأت الواقعة في شهر فبراير من عام 2013، حين قامت الشركة المتهمة وصاحبها بتقليد البريد الإلكتروني لشركة تسويق في الدولة، لها معاملات تجارية على مدار 14 عاماً مع الشركة المجني عليها في السعودية، وبعث برسائل إلكترونية إلى الشركة الأخيرة، يطالبهم فيها بمستحقات مالية مدينة بها للشركة الأولى، واستطاع خداع المجني عليها، وحملها على تحويل مبالغ مالية على دفعات بلغت أربعة ملايين و370 ألف درهم، ثم تبين بعد فترة أن تلك المبالغ لم تصل إلى حساب الشركة المعنية، بل حولت إلى حساب شركة المتهم.

وقال شريك بالشركة المجني عليها، في تحقيقات النيابة العامة، إن ثمة علاقة تجارية تمتد على مدار 14 عاماً مع شركة في دبي تتولى شراء الأجهزة لصالحهم، لذا لم يشك موظفوه في صحة البريد الإلكتروني الذي وصلهم، لأنه تضمن تفاصيل تجارية، فتم تحويل النقود إلى رقم الحساب الجديد الذي ورد في رسالة الشركة المحتالة، لافتاً إلى أن المتهم قلد «إيميل» موظفة معنية بالتعامل مع شركته، لكن على خادم إلكتروني آخر.

وأوضح أنه لا يعلم كيف توصل المتهم إلى بيانات الشركة الأخرى، ومواعيد الدفعات المستحقة لها، والبريد الإلكتروني للموظفة المعنية بالتنسيق بين الشركتين، واسمها، مطالباً برد الأموال.

من جهته، أدلى المتهم صاحب الشركة المدان بروايتين مختلفتين في شهاداته أمام القضاء، فمرة ذكر أن النقود التي حولت إلى حسابها مقابل تعامل تجاري مع شركة مقرها الولايات المتحدة الأميركية، والتحويلات تأتي عن طريق الشركة المجني عليها في السعودية.

وفي رواية أخرى، أفاد بأن تلك الأموال أودعت في حساب شركته بناء على معاملات تجارية مع شخص آسيوي، وأن البنك أخبره بأن النقود حولت إلى حسابه بالخطأ من الشركة السعودية، وأبدى استعداده لردها وإيداعها في خزينة المحكمة إذا صدر حكم لصالح الشركة السعودية، لكنه لم يلتزم بذلك.

من جهته، أكد وكيل الشركة المجني عليها، المحامي بدر عبدالله خميس، في مذكرته الختامية، توافر القصد الجنائي لجريمة الاحتيال لدى المتهم بتقليد بريد الشركة الأولى الموجودة في الدولة، واتخاذ اسم كاذب، وتحويل المبلغ على أربع دفعات إلى حساب شركته، دون أن يكون لديه أي معاملات تجارية مع الشركة المجني عليها.

من جهتها، حسمت محكمة استئناف الشارقة الاتحادية النزاع الطويل، وقضت برفض استئناف المتهم، وتأييد الحكم بحبسه عاماً، وإلزامه مع شركته برد الأموال المختلسة، وتغريم شركته 250 ألف درهم.