الإمارات اليوم

بات العرب على بعد يوم واحد من الوصول إلى المريخ لأول مرة في التاريخ، بعد اقتراب «مسبار الأمل» من الدخول إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر، ضمن أول مهمة عربية لاستكشاف الكواكب تقودها دولة الإمارات.

ويصل «مسبار الأمل» غداً الثلاثاء إلى مدار الالتقاط حول كوكب المريخ، بعدما سافر في الفضاء العميق بمتوسط سرعة يبلغ 121 ألف كيلومتر في الساعة، طوال نحو سبعة أشهر، منذ انطلاقه من قاعدة تاناغاشيما الفضائية في اليابان في الـ20 من يوليو 2020، قاطعاً نحو 493 مليون كيلومتر.

وسيكون هناك بث حي للحدث عند الساعة السابعة مساءً بتوقيت الإمارات "السادسة بتوقيت البحرين"، تنقله محطات التلفزيون ومواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، من خلال الرابط الخاص بالحدث

https://www.emiratesmarsmission.ae/live

وينتظر «مسبار الأمل» عند دخوله إلى مدار الالتقاط حول المريخ غداً، واحداً من أصعب التحديات التي مر بها منذ ولادته كفكرة في الخلوة الوزارية لحكومة دولة الإمارات عام 2014، قبل أن تتبلور الفكرة إلى خطة استراتيجية ومشروع علمي عملاق ذي أهداف غير مسبوقة في تاريخ البشرية، تحت اسم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.

ويتلخص هذا التحدي الأصعب في أن المسبار المنطلق في الفضاء بسرعة 121 ألف كيلومتر في الساعة عليه أن يقوم ذاتياً بإبطاء سرعته إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة فقط، وذلك خلال 27 دقيقة تعرف باسم «الـ27 دقيقة العمياء»، باستخدام محركات الدفع العكسي الستة «دلتا في» المزود بها المسبار.

وخلال هذه الدقائق الحرجة سيكون الاتصال متأخراً بمركز التحكم في المحطة الأرضية بالخوانيج في دبي، وعليه أن يقوم بهذه العملية ذاتياً، كما عليه أن يقوم وحده أيضاً بالتغلب على ما قد يواجهه من تحديات أثناء هذه الدقائق التي ستحدد مصير سبع سنوات قضاها فريق المشروع في العمل بدأب ومثابرة في تصميم وتطوير وبناء وبرمجة المسبار، حتى يكون جاهزاً لمجابهة هذا التحدي وتخطي هذه الدقائق الـ27 العمياء، كما فعل مع ما واجهه طوال رحلته المريخية من تحديات.

وتزداد صعوبة هذه المرحلة في كون الاتصال سيكون متأخراً بين مركز التحكم والمسبار، ومن هنا جاءت تسمية هذه الدقائق الـ27 بـ«العمياء»، حيث إن المسبار وبلا تدخل بشري سيعالج تحدياته كافة في هذه الفترة بطريقة ذاتية، وفي حال وجود أي أعطال فنية في أكثر من اثنين من محركات الدفع العكسية التي يستخدمها المسبار في عملية إبطاء سرعته، سيتسبب ذلك في أن يتيه المسبار في الفضاء العميق أو يتحطم وفي كلتا الحالتين لا يمكن استرجاعه.

وفي حال نجاح وصول الإمارات إلى كوكب المريخ من المحاولة الأولى، ستكون الدولة حققت إنجازاً عالمياً يفوق نسبة نجاح الوصول إلى مدار الكوكب الأحمر، والتي لا تتعدى تاريخياً 50%.

وتتجه أنظار الملايين في دولة الإمارات والوطن العربي والعالم الإسلامي والمجتمع العلمي حول العالم إلى «مسبار الأمل»، ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، الذي تفصله ساعات معدودة عن تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق في تاريخ المنطقة، وذلك وسط حالة من الترقب والانتظار لمصير هذه المهمة التي تحمل معها آمال وطموحات شعوب أكثر من 56 دولة عربية وإسلامية في الوصول لأول مرة إلى مدار الكوكب الأحمر.

دبي تصل الأرض بالمريخ

فور دخول «مسبار الأمل» إلى مدار الالتقاط، ونجاح فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في الاتصال مع المسبار عن طريق مركز التحكم الأرضي في الخوانيج، ستكون دبي نقطة اتصال بين كوكبي الأرض والمريخ على مدار سنة مريخية كاملة تمتد إلى 687 يوماً بحسابات الأرض، ويواصل الفريق إرسال الأوامر وتلقي الإحداثيات من المسبار حتى وصوله بأمان إلى المدار العلمي ثم إلى المرحلة العلمية، وبعد التأكد من أن كل الأمور تسير وفقاً لما خطط له الفريق، سيكون التواصل مع المسبار مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، ومدة كل نافذة اتصال من ست إلى ثماني ساعات يومياً، علماً بأن التأخر في الاتصال نظراً لبعد المسافة يراوح ما بين 11 و22 دقيقة، وذلك لإرسال الأوامر إلى المسبار وأجهزته العلمية، ولاستقبال البيانات العلمية التي يجمعها.

رؤية وطموح القيادة

أكدت وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء سارة بنت يوسف الأميري، أن نجاح «مسبار الأمل» في الوصول إلى مدار المريخ - حال تخطيه ما ينتظره من تحديات - سيكون إنجازاً عربياً وإماراتياً غير مسبوق، حيث إنه محط آمال مئات الملايين من 56 دولة (عربية وإسلامية). وهو مشروع طموح لتسجيل حضور علمي وبحثي عربي وعالمي مشرّف في مجال استكشاف الكواكب، ترجمة لرؤية وتوجيهات وطموحات قيادة الدولة.

وقالت إن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» نجح بامتياز في نشر ثقافة الأمل واللامستحيل بين أبناء وبنات دولة الإمارات، حتى أصبحت فكراً وعملاً ومسيرة.

وأوضحت أنه رغم الرحلات الفضائية الأربع التي تمكنت من الوصول إلى الكوكب الأحمر، قبل «مسبار الأمل»، وكذلك الدراسات التي تم إجراؤها حول المريخ، إلا أن البشرية مازالت لا تعرف إلا القليل عنه، خصوصاً في ما يتعلق بمناخه، ومن هنا تبرز الأهمية العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.