استقر حجاج بيت الله الحرام اليوم الأحد الموافق للثامن من شهر ذي الحجة في مشعر منى لأداء أعمال يوم التروية وسط خدمات متكاملة وإجراءات احترازية مكثفة، استعدادا للوقوف على صعيد عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة.
وكشف الأمين العام للنقابة العامة للسيارات عبدالرحمن المعيوف لاتحاد وكالات أنباء منظمة التعاون الإسلامي (يونا) عن تصعيد نحو 40 ألف حاج إلى منى، مشيرا إلى أن التصعيد يكتمل مع ظهر اليوم الأحد، حيث سيتم تصعيد جميع الحجاج لهذا العام الذين يقدر عددهم 60 ألفا.
وأشار المعيوف إلى استخدام أكثر من 2000 حافلة في تصعيد الحجاج إلى منى، مبينا أن تصعيد الحجاج إلى عرفة سيبدأ في الساعة الخامسة فجرا بتوقيت مكة المكرمة في يوم التاسع من ذي الحجة.
واستقر الحجاج بمنى محرمين على اختلاف نسكهم - متمتعين وقارنين ومفردين - اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويستحب التوجه قبل الزوال - أي قبل الظهر - فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا للصلاة الرباعية وبدون جمع، ولا فرق في ذلك بين أهل مكة المكرمة وغيرهم، والسنة أن يبيت الحاج في منى يوم التروية.
ويستحب للحاج أن يتوجه إلى منى قبل وقت الزوال، ويكثر من التلبية، كما يستحب له أن يبيت بمنى ليلة عرفة، وعند طلوع الشمس يسير من منى إلى عرفات.
واستكملت الجهات الحكومية جميع الاستعدادات في مشعر منى وسط إجراءات احترازية لتمكين الحجاج من أداء مناسكهم بيسر وسهولة، وضمان سلامتهم.
وأنهت شركات حجاج الداخل وبإشراف مباشر من وزارة الحج والعمرة، إيواء الحجاج في 71 مخيما، وستة أبراج خصصت لاستقبال حجاج بيت الله الحرام لموسم حج هذا العام 1442هـ، وفق الإجراءات الاحترازية والاشتراطات والبروتوكولات الصحية الوقائية المعتمدة، حيث تم تسكين خمسة آلاف حاج في الأبراج، و55 ألف حاج في المخيمات، في يوم التروية وأيام التشريق.
وأكدت الوزارة وجود ضوابط وآليات لتنظيم عملية دخول الحجاج وخروجهم من المخيمات والأبراج، بهدف ضمان تطبيق إجراءات الفرز البصري والحراري أثناء وجودهم في مشعر "منى" يوم التروية وفق الإجراءات المتبعة لتحقيق سلامة الحجاج.
وحرصت الجهات الأمنية على تأمين جميع متطلبات السلامة واشتراطاتها في جميع مواقع وجود الحجاج في المشعر، من خلال دوريات للأمن والسلامة للمحافظة على أمن وراحة الحجاج وأماكن وجودهم على مدار الساعة.
كما تتمركز وحدات الدفاع المدني في جميع مواقع الحجاج بمشعر منى مزودة بالكوادر البشرية المؤهلة والآليات الحديثة، كما أن هناك قوة التدخل السريع في حالات الطوارئ.
وأكد قائد قوات الدفاع المدني بالحج اللواء الدكتور حمود الفرج، جاهزية جميع وحدات وفرق الدفاع المدني لأداء مهامها وفق ما ورد في خطة المديرية العامة للدفاع المدني، وجاهزية جميع الجهات المشاركة لتنفيذ مهامها وفق ما ورد في الخطة العامة للطوارئ بالحج لمواجهة أي مخاطر، لا سمح الله.
واستحدثت المملكة خلال الموسم الحالي عددا من التطبيقات التكنولوجية لتسهيل أداء المناسك، منها "بطاقة الحج الذكية" التي تم تصميمها لربط العمليات والخدمات المقدمة للحجاج، وتعمل البطاقة عبر تقنية اتصال المجال القريب "NFC" التي تسمح بقراءة البطاقة عن طريق أجهزة الخدمة الذاتية المتوفرة في المشاعر المقدسة، وتضم العديد من الخصائص والميزات كإرشاد الحجاج لسكنهم في المشاعر والتحكم بالدخول إلى المرافق المختلفة والحد من الحج غير النظامي.
كما اعتمدت وزارة الحج والعمرة في المملكة "الإسورة الإلكترونية" التي تظهر بقراءتها هوية الحاج وبياناته الرسمية كافة، كما تتيح متابعة وضعه الصحي والتدخل عند أي طارئ، إضافة إلى قابلية استخدامها لتوجيه الرسائل التوعوية للحجاج.
كما تم إطلاق نوعين من الروبوتات لخدمة قاصدي بيت الله الحرام، يتميز الروبوت الأول بكونه شخصي بالعمل بتقنية ثلاثية الأبعاد 3D، ومزود بشاشة وكاميرا وميكروفون، مع إمكانية التجول بين الحجاج والتحدث معهم، والإجابة عن استفساراتهم وتقديم التوجيه والاستشارة، أما الآخر "الروبوت الأمني"، فهو مخصص لمراقبة ومتابعة الالتزام بالتدابير الاحترازية والوقائية التي يجب اتباعها من قبل الحجاج والعاملين في بيت الله الحرام وفق البروتوكولات الصحية المعمول بها، إذ أن لديه قدرة قياس درجة حرارة الإنسان، وملاحظة الالتزام بارتداء الكمامة من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي المزود بها.
وأطلقت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عددا من التطبيقات الإلكترونية لخدمة زائري المسجد الحرام، منها "تطبيق الحرمين" الذي يمكن المستفيد من مشاهدة خطبة الجمعة والبث اليومي للصلوات عبر البث المباشر، وبأكثر من لغة عالمية ومعرفة مناسك وآداب الزيارة بشكل ميسر ومختصر يسهل التنقل في محتوياته، كما أطلقت أيضا تطبيق "المقصد" الذي يمكن من خلاله البحث عن أي موقع داخل المسجد الحرام، عبر نظام الملاحة الإلكتروني الذي يحدد موقع حامل الهاتف النقال لإرشاده إلى مقصده داخل المسجد، وخارجه بالربط بنظام التحديد العالمي (GPS).
ولضمان انتظام نقل الحجاج وفقا للمعايير والإجراءات المعتمدة، أطلقت النقابة العامة للسيارات تطبيق "منصة ضيف" الإلكتروني المرتبط بمركز معلومات النقل ومركز ذكاء الأعمال لتنفيذ عمليات التشغيل الميداني وتتبع الحافلات من خلال مركز القيادة والتحكم الذي يحتوي على شاشات المراقبة اللحظية للحركة.
وأكد أستاذ هندسة الحاسب الآلي في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الدكتور مازن الشمراني أن جميع الأمور التشغيلية في موسم الحج مبنية على المنظومة الرقمية المتكاملة لتنسيق الخدمات بين الجهات وضبط الجودة وجدولة تفويج الحجاج وإدارة رحلاتهم وفقا لنظام إدارة الحج الاستثنائي.
وقال الشمراني في تصريحات لـ"اتحاد وكالات أنباء منظمة التعاون الإسلامي (يونا)": إن المملكة انتقلت منذ سنوات من الحج الاعتيادي إلى الحج الذكي بما يعنيه ذلك من استخدام التطبيقات، والخرائط الذكية، وأنظمة المتابعة الرقمية، وبطاقة الحج الذكية.
ولفت الشمراني إلى أن دواعي الأمن والسلامة في ظل وجود فيروس كورونا أدت إلى تعزيز هذا الاتجاه نحو الحلول الذكية بحيث يتم ضمان عدم وجود أي حالات لتفشي الفيروس.
وأكد الشمراني أن متانة البنية التقنية وشبكات الاتصالات في المملكة كانت الأساس لهذا التقدم الكبير. لافتا إلى أن هذه الشبكات بنيت عليها أنظمة إلكترونية متقدمة للمساعدة في إدارة منظومة الحج.