جمهور محب للفن ومتخصصون في الدراما، جمعتهم جلسة "من الورق إلى الشاشة" في قاعة "ملتقى 2"، ضمن فعاليات الدورة الـ 40 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، ناقشت كيفية تحويل النص إلى الشاشة، واختلاف الكتابة إلى القارئ عن الكتابة إلى المشاهد، شارك فيها كل من كاتب السيناريو المصري مدحت العدل، والفنان والمنتج الإماراتي أحمد الجسمي، والفنان الإماراتي الدكتور حبيب غلوم، وأدارها الإعلامي ياسر النيادي.

تحدث المشاركون في هذا اللقاء عن أزمة الكتابة إلى الشاشة، وتغيرات أذواق الجمهور وما تريده القنوات التلفزيونية، مؤكدين أن منصات العرض الرقمية الجديدة حددت الكثير من الشروط، دون أن يغفلوا حرقة الفنان في عالمنا العربي، وتقيده بالكثير من المحاذير والعوائق المؤثرة على الإبداع.

مدحت العدل أوضح أن السيناريو هو ديباجة للمشهد البصري، ونقل المكتوب إلى صورة مرئية، وبيّن أن "أعظم ما يمكن أن يفعله الكاتب هو أن يسلي القارئ" كما قال ديستوفيسكي، وذلك وفق إيقاع يجعله متعلقاً بالعمل الدرامي أو السينمائي.

وأكد العدل وجود أزمة في الكتابة، معتبراً السيناريو علم بحد ذاته، وقال: "إن نجيب محفوظ على قدره الكبير تعلم هذا العلم حين أراد الكتابة إلى السينما"، مقدما أمثلة على صعوبة نقل بعض الأعمال الأدبية إلى الدراما،

واستشهد بتجربة نقل رواية "واحة الغروب"، وهي رواية ذات عوالم تأملية، حيث يرى وفق نظره أنها لم توفق بصرياً في تقريب المحتوى.

وتحدث العدل عن أهمية التسويق في إبراز العمل، مؤكداً أن ثمة أعمال وإبداعات ونصوص في منتهى الجودة لكنها لم تحظى بتسليط الضوء عليها، كما ثمة تجارب متقنة وخالدة في الذاكرة، مثل رائعة أسامة أنور عكاشة «ليالي الحلمية»، التي استطاع فيها الكاتب تقديم منتج متكامل ونال نجاحاً واسعاً، ومازال هذا العمل رائداً، إضافة إلى تجارب عربية أخرى، كتجربة «ملوك الطوائف»، وهو مسلسل تلفزيوني تاريخي سوري، من تأليف وليد سيف، إضافة إلى تجارب مغاربية ينقصها التسويق، مشيراً إلى ضرورة التكامل العربي في الصناعات الإبداعية والفن، لتشكيل محتوى ووجدان يربي الذوق العام، وهذه هي مسؤولية الفنانين والدول.

الفنان والمنتج أحمد الجسمي، تحدث عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير الكثير من الأمور، ومن ضمنها أذواق المتلقين، حيث جذبت هذه المنصات المشاهدين، ما يتطلب من صناع الدراما التفكير في تغيير آلياتهم لاستقطاب المشاهد أيضاً من أول مشهد، موضحاً أن المحور في كل عمل درامي أو سينمائي هو الحكاية وهي التي تفرض نفسها على المشاهد، ولا ضرورة للكثير من المبالغة، وعلى هذه الحكاية أو الحبكة أن تكون منطقية وواقعية وجاذبة وتناسب المكان والزمان.

وتساءل: كيف يمكن للكاتب أن يصوغ الحكاية بشكل درامي، وقال: "النصوص الجيدة تحتاج لكاتب متمكن، والمشاريع والأفكار كثيرة، أما العثور على نص يرضي غرور الفنان أو المنتج فتلك مسألة صعبة، فليست كل ملخصات العمل تعبر عن العمل، كما تؤثر أشياء أخرى على تسويق المنتج على الشاشة، كالاسم الكبير مثلاً والذي يضيف للعمل، ولا يعني بالضرورة أن نص العمل جيد".

الدكتور حبيب غلوم، أثار مجموعة من النقاط، موضحا أنها تعبر عن حرقته كفنان أمين على المجتمع، تتعلق بفرز واختيار الأعمال، مشيراً إلى وجود أزمة في معرفة المطلوب، ومؤكداً أن المتضرر الأول من هذا الأمر هو الفنان، إذ لا توجد استراتيجية للقنوات التلفزيونية بخصوص المطلوب بخصوص طبيعة الأعمال الدرامية، وفق رأيه.

وأوضح أنه لا يستثني الجمهور من هذه الأزمة، حيث يفرض الجمهور أحياناً أذواقاً بعيدة عن العمق، ما يجعل الفنان يعمل في مناخ غير صحي على مستوى الدراما، ولفت إلى أنه يجب أن تتوفر للفنان كافة الإمكانات ليبدع.