* السلطنة تحتفل بالعيد الوطني الحادي والخمسين
تحتفل سلطنة عُمان الـ 18 من نوفمبر بالعيد الوطني الحادي والخمسين للنهضة، وأبناؤها الكرام متسلحون بالإرادة والعزيمة والثبات للمحافظة على مكتسبات ومنجزات النهضة المباركة المتجددة وصونها بولاء راسخ لقائد مسيرتها المظفرة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق الذي أكد منذ تولّيه مقاليد الحكم في الـ 11 من يناير 2020 على سعيه لرفعة هذا البلد وإعلاء شأنه والارتقاء به إلى حياة أفضل.
إن دعوة جلالته أبناء هذه الأرض الطيبة إلى المشاركة الفاعلة وتقديم «كل ما يسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء» يعد مبدأ من مبادئ نهضة عُمان المتجددة وعهدها السعيد للوصول إلى «الغاية الوطنية العظمى»، لـ«تظل عُمان الغاية الأسمى في كل ما نقدم عليه وكل ما نسعى لتحقيقه» وهو ما ظهرت ملامحه على أرض الواقع من تحديث في التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل في مختلف المجالات.
وقد شهد مطلع العام الحالي صدور النظام الأساسي للدولة وفقًا للمرسوم السلطاني رقم 6/2021 ليكون ركنًا أساسًا لمواصلة الجهود وصياغة مستقبل أفضل لعُمان والعمانيين، وقاعدة رصينة لنهضتهم المتجددة، ويضم 98 مادة «داعمة لمؤسسات الدولة ويصون الوطن ويحافظ على أرضه ووحدته ونسيجه الاجتماعي وحمايةً لمقوِّماته الحضارية ويعزز الحقوق والواجبات والحريات العامة» ويرسخ آلية مستقرة لانتقال الحكم الذي سينعكس أثره إيجابًا في عدد من الجوانب مثل السياسية والاقتصادية بالإضافة إلى تأكيده على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة وإلزامية التعليم -حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي- «وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار» وهو ما ينسجم مع رؤية عُمان 2040.
ونظمت المواد من 5 إلى 11 من النظام الأساسي للدولة آلية من تؤول إليه ولاية الحكم في سلطنة عُمان بصورة أكثر وضوحاً وأكثر سلاسة حيث نصت المادة (5) على أن «نظام الحكم سلطاني وراثي في الذكور من ذرية السلطان تركي بن سعيد بن سلطان، وفقاً للأحكام الآتية:
تنتقل ولاية الحكم من السُّلطان إلى أكبر أبنائه سناً، ثم أكبر أبناء هذا الابن، وهكذا طبقة بعد طبقة، فإذا توفي الابن الأكبر قبل أن تنتقل إليه ولاية الحكم انتقلت إلى أكبر أبنائه، ولو كان للمتوفى إخوة وإذا لم يكن لمن له ولاية الحكم أبناء فتنتقل الولاية إلى أكبر إخوته، فإذا لم يكن له إخوة تنتقل إلى أكبر أبناء أكبر إخوته، وإذا لم يكن لأكبر إخوته ابن فإلى أكبر أبناء إخوته الآخرين، بحسب ترتيب سن الأخوة وإذا لم يكن لمن له ولاية الحكم إخوة أو أبناء إخوة تنتقل ولاية الحكم إلى الأعمام وأبنائهم على الترتيب المعين في البند (الثاني) من هذه المادة. ويشترط فيمن يتولى الحكم أن يكون مسلماً، عاقلاً، وابنا شرعياً لأبوين عمانيين مسلمين». كما نظمت المادة (6) «إنشاء مجلس للوصاية إذا انتقلت ولاية الحكم إلى من هو دون سن الحادية والعشرين، يمارس صلاحيات السُّلطان ويكون السلطان قد عينه بإرادة سامية» فإذا لم يكن قد عين مجلسا للوصاية قبل وفاته «قام مجلس العائلة المالكة بتعيين مجلس وصاية مشكّل من أحد إخوة السُّلطان واثنين من أبناء عمومته».
وأتاحت المادة الـ (7) تعيين وليٍّ للعهد بأمر سُلطاني وفقا لنص المادة (5) من النظام الأساسي للدولة ويحدّد الأمر السُّلطاني اختصاصاته، والمهام التي تسند إليه. و«يؤدي ولي العهد أمام السُّلطان، قبل ممارسة اختصاصاته أو المهام التي تسند إليه، اليمين المنصوص عليها في المادة (10) من النظام».
واستأثرت سلطنة عُمان بتجربة خاصة بها في العمل الشوري والديمقراطي قام بنيانه «على أسس ثابتة من واقع الحياة العُمانية» ومرّ بعدة مراحل وصولا إلى مجلس عُمان بغرفتيه الدولة والشورى وشهدت كل مرحلة من مراحله لبنات مختلفة من الأنظمة والقوانين حتى غدت سِمة بهدف ترسيخ منهج الشورى «بما يلبّي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطنين» وفي هذا الصدد أصدر حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- المرسوم السلطاني رقم 7/2021 بشأن قانون مجلس عُمان حوى 78 مادة منظّمة لعمل مجلسي الدولة والشورى.
ولقد أوجد فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، تبعات مختلفة في كل دول العالم سيما في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي وقد عملت سلطنة عُمان ممثلة في اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد على اتخاذ قرارات «وسطية» راعت فيه هذين الجانبين، وإجراءات احترازية ضمنت بشكل كبير سلامة المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة بالإضافة إلى التعاون والاستجابة المجتمعية وتوفير لقاحات معتمدة دوليًّا مضادة للفيروس وفق حملة وطنية للتحصين الأمر الذي انعكس إيجاباً في التعامل مع الجائحة على مستوى سلطنة عُمان وهو ما أكد عليه جلالتُه خلال ترؤسه اجتماع اللجنة العُليا في الـ 18 من أغسطس الماضي في قصر المعمورة العامر بولاية صلالة «إن هذا التحسّن ما كان ليتحقق لولا القرارات المناسبة التي اتُّخِذَت والجهود التي تبذلها جميع الجهات في سلطنة عُمان وعلى رأسها القطاع الصحّي، والشعور العالي بالمسؤولية الذي أبداه جميع أفراد المجتمع من خلال التزامهم بتلك القرارات وبما وضعته الجهات المعنيّة من ضوابط تصبّ مُجتمِعَةً في الحفاظ على الصحة العامة للأفراد وللمجتمع العُماني بأسره».
لقد أدت هذه القرارات والإجراءات المتخذة إلى تحسن مؤشرات الوضع الوبائي لفيروس كورونا في سلطنة عُمان من حيث تسجيل انخفاض كبير في حالات الوفيات ومعدلات الإصابات والمرقدين ونسبة الشفاء التي بلغت 98.5 بالمائة تساندها حملة وطنية للتطعيم شملت أغلب فئات المجتمع من مواطنين ومقيمين. كما أولت الحكومة اهتماماً بالآثار الاقتصادية التي أوجدتها الجائحة من خلال لجنة مُعالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا (كوفيد19) حيث اتخذت قرارات هدفت إلى التخفيف من آثار وتداعيات الجائحة على المؤسسات والشركات بمختلف مستوياتها من بينها إعفاءات من الغرامات لعدد من الخدمات للمؤسسات والشركات كافة وإعفاءات خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحاملي بطاقة ريادة الأعمال بالإضافة إلى حزمة من الإجراءات والحوافز للمقترضين الأفراد والمؤسسات من المصارف وشركات التمويل والتأجير التمويلي.
إن تخصيص سلطنة عُمان يومًا للشباب الذي يوافق الـ 26 من أكتوبر سنوياً يعكس اهتمام وحرص الحكومة بقيادة جلالةِ السُّلطان المعظم بهذه الفئة وإيماناً منه بدورهم في التنمية حيث أكد خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في أكتوبر الماضي، «على أهمية إيجاد آليات وقنوات اتصـال معهم لإيضاح الجهود المبذولة كافة لتلبية متطلبات مسيرة التنميـة فـي مختلـف القطاعـات، والاستماع إلـى تطلعـاتهم واحتياجـاتهم.. موجّهـا إلى قيـام المحافظين وبمشاركة الجهات المعنيـة بعقـد لقـاءات دورية مع الشباب لهذا الغرض ومناقشة الموضوعات التي تحظى باهتمـامـهم، والاستماع إلى آرائـهـم ووجهـات نظـرهم، بمـا يساعدهم على أداء دورهم المنشود في الإسهام بمسيرة البناء والتنمية الشاملة لهذا الوطن العزيز».
ولفت صاحبُ السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد في كلمة له خلال رعايته احتفال سلطنة عُمان بيوم الشباب العُماني في أكتوبر الماضي إلى أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب دشّنت البوابة الذكية التي زُوّدت بأحدثِ الإمكاناتِ التقنيةِ لتصبحَ الوجهةَ الأولى للموهوبين والفنانين في شتى القطاعات بهدف احتضان مواهب وإبداعاتِ الشباب. كما انعكس الاهتمام السامي لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم بهذه الفئة وترجمة للحرص المتواصل الذي يوليه لملف تشغيل الشباب العماني ودعم أصحاب الأعمال العاملين لحسابهم الخاص، فقد تم إطلاق مجموعة جديدة من المبادرات التشغيليّة في شهر مايو الماضي في «ظل ظروف المرحلة الراهنة المتعلقة بتداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية والتي أفرزت انكماشاً في أسواق العمل، إضافة إلى التأثيرات الناتجة عن انتشار جائحة كورونا» وذلك في إطار تنفيذ خطة توفير ما يزيد على (32) ألف فرصة عمل هذا العام.
كما أن ترؤس جلالته اجتماع اللجنة الإشرافية للبرنامج الوطني للتشغيل في الـ 5 من يوليو الماضي له دلالة عميقة أن هذا الملف يُعدّ من أهم الأولويات الوطنيّة حيث بارك خلال ترؤسه مجلس الوزراء في الـ 15 من يونيو الماضي هذا البرنامج الذي يهدف إلى «إيجاد حلول مستدامة لتوفير وظائف في كافة قطاعات الدولة وشركات القطاع الخاص وتحليل البيانات الخاصة بالباحثين عن عمل حتى دخولهم إلى سوق العمل».
كما أن المرأة العُمانية تمثل ركنًا مهمًّا في نهضة سلطنة عُمان المتجددة وقد أكد جلالةُ السُّلطان المعظم على حرصه على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها وهو من «الثوابت الوطنية».
وأشارت السّيدةُ الجليلةُ حرمُ جلالةِ السُّلطان المعظم في كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي في مارس الماضي إلى الجهود العظيمة التي تقوم بها المرأة في «عُمان، وفي كافة دول العالم في بناء وتنمية ودعم أسرهن ومجتمعاتهن، والإسهامات الفاعلة والمؤثرة في القضايا الإنسانية والعالمية».. وفي إطار هذا العطاء الذي تقوم به المرأة وجّهت السيدةُ الجليلةُ في يوم المرأة العُمانية الذي يوافق الـ 17 من أكتوبر سنويًّا تحيةَ شكرٍ وتقديرٍ «لكل امرأة تُعلي مبادئ الخير وقيم التسامح والمحبة والعطاء، وتُسهم في بناء هذا الوطن العزيز انطلاقًا من موقعها وواجباتها الاجتماعية والوطنية والإنسانية في مختلف الميادين».
واحتفاءً بيومها السنوي في أكتوبر الماضي أصدر صاحبُ السّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب قراراً وزارياً بإشهارِ نادي المرأة العُمانيّة للرياضة والإبداع الثقافي، ترجمةً للأسس التي تتبنّاها سلطنة عُمان في مجال تمكين المرأة في شتّى المجالات التنمويّة وتحفيزاً لدورها في المجالات الرياضيّة والثقافيّة.
لقد حبا الله هذه الأرض الطيبة وأبناءها المخلصين نِعماً شتّى من بينها التآخي والتآزر والتلاحم وظهر ذلك جلياً من خلال اللحمة الوطنية المساندة للجهود التي بذلتها حكومةُ جلالةِ السُّلطان المعظم ممثلة في اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة للتعامل مع الآثار الناجمة عن الحالة المدارية «شاهين» في أكتوبر الماضي بالإضافة إلى الاستجابة السريعة من عاهل البلاد المفدى الذي أمر بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية، بهدف توفير جميع أشكال الدعم والمساعدة اللازمة للتخفيف من حِدة التأثيرات عليهم في أسرع وقت ممكن. كما أكّد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم في أكتوبر الماضي «على أنَّ عودةَ الحياةِ العامةِ إلى وضعِهَا الطبيعي، وتوفيرِ متطلباتِ الحياةِ الأساسيةِ للمتضررين، هي أولويةٌ أولى لدينا».. موجهًا اللجنة الوزارية التي «تَحظى بإشرافِنَا المباشر، لمتابعةِ أعمالِهَا وإنجازاتِهَا» لتوفير المساعدةِ في أسرعِ وقتٍ.
إن الأمم لا تقوم نهضتها إلا بالعِلم وهو مبدأ آمن به العمانيون منذ انطلاق نهضتهم المباركة قبل 50 عامًا حيث أكد قائد نهضة عُمان المتجدّدة حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق على أن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف مستوياته سيكون في «سُلم الأولويات الوطنية» من خلال توفير البيئة الداعمة والمحفّزة للبحث العلمي والابتكار وهو ما نلمسه اليوم من تخصيص وزارة معنية بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وإنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بفروعها في محافظات سلطنة عُمان وصدور نظامها في يونيو الماضي بالإضافة إلى ما أقره مجلس الوزراء في الشهر ذاته بإنشاء فرع من الجامعة بمحافظة مسندم تضم عدداً من التخصصات في إطار الاهتمام السامي بشأن تطوير المحافظة وتحقيق تنمية شاملة مستدامة، وإنشاء كلية الدقم في سبتمبر الماضي ومقرها محافظة الوسطى في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تخضع للقوانين واللوائح والقرارات المنظمة للجامعات والكليات الخاصة المعمول بها في سلطنة عُمان بالإضافة إلى المؤمل من الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 التي تتواكب مع رؤية عُمان 2040. كما أن التوجيهات السامية القاضية ببناء 6 مدارس بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالي 8 ملايين و850 ألف ريال عماني ستضاف إلى صروح العلم البالغ عددها 2430 مدرسة و11 جامعة حكومية وخاصة و18 كلية خاصة ستمكن أبناء وبنات سلطنة عُمان من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة. وتواصل سلطنة عُمان في نهضتها المتجدّدة اهتمامها البالغ بكل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة على المستويين المحلي والعالمي حيث أصدر حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق مرسومًا سلطانيًا في أغسطس الماضي بإنشاء محمية خور خرفوت الأثري بمحافظة ظفار لتضاف إلى المحميات الأخرى المتنوعة في سلطنة عُمان ليصبح عددها 21 محمية وهذا يؤكد اهتمام سلطنة عُمان بالبيئة من خلال رصيدها في هذا المجال المهم إضافة إلى مصادقتها عدداً من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة والتشريعات المنظمة على المستوى المحلي.
لقد أثّر انخفاض وتذبذب أسعار النفط والإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا المستجد على اقتصادات معظم دول العالم، وسلطنة عُمان ليست بمعزل عن هذه الآثار التي دفعتها إلى اتخاذ إجراءات وتدابير لمواجهتها من خلال خطة التوازن المالي متوسطة المدى
(2020-2023) حيث ترأس جلالتُه في أبريل الماضي اجتماع اللجنة الرئيسة للبرنامج الوطني للتوازن المالي بهدف متابعة تنفيذ البرنامج في عامه الثاني لخفض الدّين العام وضمان الاستدامة المالية.. مباركًا المبادرات التي تقدمت بها الجهات المعنية في إطار تطوير منظومة الحماية الاجتماعية في إطار متابعته الأوضاع المعيشية للمواطنين بما يضمن لهم استمرار مستوی العيش الكريم اللائق والتخفيف من تأثيرات هذه المرحلة التي تشهد تحديات مختلفة. وفي ظل هذه الأوضاع انطلقت الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) هذا العام وهي الخطّة التّنفيذية الأولى للرّؤية المستقبليّة «عُمان 2040» التي ترتكز على 4 محاور رئيسة تتفرع منها 14 أولويّة وطنيّة و88 هدفًا استراتيجياً و68 مؤشّراً لقياس الأداء.
وتسعى الخطة الخمسية العاشرة إلى تحقيق عددٍ من الأهداف من بينها «تحفيز النّشاط الاقتصادي وتطوير بيئة الاقتصاد الكلّي ورفع كفاءة إدارة الماليّة العامّة وتحقيق التوازن بين إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق العام خاصة الجاري منه وتبني سياسات ماليّة توسّعية منضبطة تحقّق معدّلات نموّ مستدامة وتطوير البنية الأساسيّة اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجيّة الكبرى ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر مع البناء على توقعات لأسعار النفط عند متوسط (48) دولاراً للبرميل خلال سنوات الخطة، وتدعيم مشاركة المحافظات في تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040».
لقد أثبتت المتغيرات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي خلال عهد النهضة المتجدّدة أن السياسة الخارجية لسلطنة عُمان ثابتة من خلال سعيها إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والإسهام الفاعل والحقيقي في حفظ السلم والأمن الدوليين والدعوة إلى تغليب المصلحة العامة عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها مصالحها وهو ما أكدت عليه سلطنة عمان أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر الماضي «في ظل القيادةِ الحكيمة لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم تواصلُ سلطنةُ عُمان الالتزامَ بالثوابتِ الأساسيةِ والمبادئ الرئيسة لسياستِها الخارجية التي تتجسّدُ في سياسة حُسنِ الجوار، وعدمِ التدخلِ في الشؤون الداخلية للغير، واحترامِ القوانينِ والأعراف الدولية، ودعمِ التعاونِ بين الدول وتعزيزِ فرصِ الحوارِ بينها، تعبيراً عن قناعتِنا بأنَّ حلَّ الخلافاتِ بروح الوفاقِ والتسامح إنّما هو سلوكٌ حضاريٌ يؤدي إلى نتائجَ أفضلَ وأدوم مما يمكنُ تحقيقُهُ عن طريق الصراع».
كما ظهر سعي سلطنة عُمان الدؤوب إلى الإسهام في خدمة قضايا السلام من خلال عدد من القضايا مثل تأييدها التطورات الإيجابية التي نتجت عن قمة العُلا التي عُقدت بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
إن «الأعياد الوطنية للأمم رمزٌ وعزّةٌ وكرامةٌ ووقفة تأمّل وأمل للماضي والمستقبل» ومؤسّس عُمان الحديثة ونهضتها المباركة السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- في وجدان كل عماني وعمانية الذين ما زالت ألسنتهم تلهج له بالدعاء وفاءً وعرفاناً لما بذله من صنيع حسن لهذه الأرض الطيبة وأبنائها المخلصين على مدى 50 عاماً، والمنجزات ماثلة للعيان في مختلف المجالات وما رسّخه من إيمان صادق وعلينا أن «نستمد من تجاربنا الماضية عزماً جديداً وتصميماً أكيداً على العمل متعاونين متكاتفين بكل ما لدينا من طاقات البذل والعطاء والتفاني في أداء الواجب»، «بما يمكننا من تذليل الصعاب والتغلّب على التحديات وإنجاز مهامنا الوطنية لخير عُمان وشعبها الأبيّ».
تحتفل سلطنة عُمان الـ 18 من نوفمبر بالعيد الوطني الحادي والخمسين للنهضة، وأبناؤها الكرام متسلحون بالإرادة والعزيمة والثبات للمحافظة على مكتسبات ومنجزات النهضة المباركة المتجددة وصونها بولاء راسخ لقائد مسيرتها المظفرة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق الذي أكد منذ تولّيه مقاليد الحكم في الـ 11 من يناير 2020 على سعيه لرفعة هذا البلد وإعلاء شأنه والارتقاء به إلى حياة أفضل.
إن دعوة جلالته أبناء هذه الأرض الطيبة إلى المشاركة الفاعلة وتقديم «كل ما يسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء» يعد مبدأ من مبادئ نهضة عُمان المتجددة وعهدها السعيد للوصول إلى «الغاية الوطنية العظمى»، لـ«تظل عُمان الغاية الأسمى في كل ما نقدم عليه وكل ما نسعى لتحقيقه» وهو ما ظهرت ملامحه على أرض الواقع من تحديث في التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل في مختلف المجالات.
وقد شهد مطلع العام الحالي صدور النظام الأساسي للدولة وفقًا للمرسوم السلطاني رقم 6/2021 ليكون ركنًا أساسًا لمواصلة الجهود وصياغة مستقبل أفضل لعُمان والعمانيين، وقاعدة رصينة لنهضتهم المتجددة، ويضم 98 مادة «داعمة لمؤسسات الدولة ويصون الوطن ويحافظ على أرضه ووحدته ونسيجه الاجتماعي وحمايةً لمقوِّماته الحضارية ويعزز الحقوق والواجبات والحريات العامة» ويرسخ آلية مستقرة لانتقال الحكم الذي سينعكس أثره إيجابًا في عدد من الجوانب مثل السياسية والاقتصادية بالإضافة إلى تأكيده على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة وإلزامية التعليم -حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي- «وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار» وهو ما ينسجم مع رؤية عُمان 2040.
ونظمت المواد من 5 إلى 11 من النظام الأساسي للدولة آلية من تؤول إليه ولاية الحكم في سلطنة عُمان بصورة أكثر وضوحاً وأكثر سلاسة حيث نصت المادة (5) على أن «نظام الحكم سلطاني وراثي في الذكور من ذرية السلطان تركي بن سعيد بن سلطان، وفقاً للأحكام الآتية:
تنتقل ولاية الحكم من السُّلطان إلى أكبر أبنائه سناً، ثم أكبر أبناء هذا الابن، وهكذا طبقة بعد طبقة، فإذا توفي الابن الأكبر قبل أن تنتقل إليه ولاية الحكم انتقلت إلى أكبر أبنائه، ولو كان للمتوفى إخوة وإذا لم يكن لمن له ولاية الحكم أبناء فتنتقل الولاية إلى أكبر إخوته، فإذا لم يكن له إخوة تنتقل إلى أكبر أبناء أكبر إخوته، وإذا لم يكن لأكبر إخوته ابن فإلى أكبر أبناء إخوته الآخرين، بحسب ترتيب سن الأخوة وإذا لم يكن لمن له ولاية الحكم إخوة أو أبناء إخوة تنتقل ولاية الحكم إلى الأعمام وأبنائهم على الترتيب المعين في البند (الثاني) من هذه المادة. ويشترط فيمن يتولى الحكم أن يكون مسلماً، عاقلاً، وابنا شرعياً لأبوين عمانيين مسلمين». كما نظمت المادة (6) «إنشاء مجلس للوصاية إذا انتقلت ولاية الحكم إلى من هو دون سن الحادية والعشرين، يمارس صلاحيات السُّلطان ويكون السلطان قد عينه بإرادة سامية» فإذا لم يكن قد عين مجلسا للوصاية قبل وفاته «قام مجلس العائلة المالكة بتعيين مجلس وصاية مشكّل من أحد إخوة السُّلطان واثنين من أبناء عمومته».
وأتاحت المادة الـ (7) تعيين وليٍّ للعهد بأمر سُلطاني وفقا لنص المادة (5) من النظام الأساسي للدولة ويحدّد الأمر السُّلطاني اختصاصاته، والمهام التي تسند إليه. و«يؤدي ولي العهد أمام السُّلطان، قبل ممارسة اختصاصاته أو المهام التي تسند إليه، اليمين المنصوص عليها في المادة (10) من النظام».
واستأثرت سلطنة عُمان بتجربة خاصة بها في العمل الشوري والديمقراطي قام بنيانه «على أسس ثابتة من واقع الحياة العُمانية» ومرّ بعدة مراحل وصولا إلى مجلس عُمان بغرفتيه الدولة والشورى وشهدت كل مرحلة من مراحله لبنات مختلفة من الأنظمة والقوانين حتى غدت سِمة بهدف ترسيخ منهج الشورى «بما يلبّي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطنين» وفي هذا الصدد أصدر حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- المرسوم السلطاني رقم 7/2021 بشأن قانون مجلس عُمان حوى 78 مادة منظّمة لعمل مجلسي الدولة والشورى.
ولقد أوجد فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، تبعات مختلفة في كل دول العالم سيما في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي وقد عملت سلطنة عُمان ممثلة في اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد على اتخاذ قرارات «وسطية» راعت فيه هذين الجانبين، وإجراءات احترازية ضمنت بشكل كبير سلامة المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة بالإضافة إلى التعاون والاستجابة المجتمعية وتوفير لقاحات معتمدة دوليًّا مضادة للفيروس وفق حملة وطنية للتحصين الأمر الذي انعكس إيجاباً في التعامل مع الجائحة على مستوى سلطنة عُمان وهو ما أكد عليه جلالتُه خلال ترؤسه اجتماع اللجنة العُليا في الـ 18 من أغسطس الماضي في قصر المعمورة العامر بولاية صلالة «إن هذا التحسّن ما كان ليتحقق لولا القرارات المناسبة التي اتُّخِذَت والجهود التي تبذلها جميع الجهات في سلطنة عُمان وعلى رأسها القطاع الصحّي، والشعور العالي بالمسؤولية الذي أبداه جميع أفراد المجتمع من خلال التزامهم بتلك القرارات وبما وضعته الجهات المعنيّة من ضوابط تصبّ مُجتمِعَةً في الحفاظ على الصحة العامة للأفراد وللمجتمع العُماني بأسره».
لقد أدت هذه القرارات والإجراءات المتخذة إلى تحسن مؤشرات الوضع الوبائي لفيروس كورونا في سلطنة عُمان من حيث تسجيل انخفاض كبير في حالات الوفيات ومعدلات الإصابات والمرقدين ونسبة الشفاء التي بلغت 98.5 بالمائة تساندها حملة وطنية للتطعيم شملت أغلب فئات المجتمع من مواطنين ومقيمين. كما أولت الحكومة اهتماماً بالآثار الاقتصادية التي أوجدتها الجائحة من خلال لجنة مُعالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا (كوفيد19) حيث اتخذت قرارات هدفت إلى التخفيف من آثار وتداعيات الجائحة على المؤسسات والشركات بمختلف مستوياتها من بينها إعفاءات من الغرامات لعدد من الخدمات للمؤسسات والشركات كافة وإعفاءات خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحاملي بطاقة ريادة الأعمال بالإضافة إلى حزمة من الإجراءات والحوافز للمقترضين الأفراد والمؤسسات من المصارف وشركات التمويل والتأجير التمويلي.
إن تخصيص سلطنة عُمان يومًا للشباب الذي يوافق الـ 26 من أكتوبر سنوياً يعكس اهتمام وحرص الحكومة بقيادة جلالةِ السُّلطان المعظم بهذه الفئة وإيماناً منه بدورهم في التنمية حيث أكد خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في أكتوبر الماضي، «على أهمية إيجاد آليات وقنوات اتصـال معهم لإيضاح الجهود المبذولة كافة لتلبية متطلبات مسيرة التنميـة فـي مختلـف القطاعـات، والاستماع إلـى تطلعـاتهم واحتياجـاتهم.. موجّهـا إلى قيـام المحافظين وبمشاركة الجهات المعنيـة بعقـد لقـاءات دورية مع الشباب لهذا الغرض ومناقشة الموضوعات التي تحظى باهتمـامـهم، والاستماع إلى آرائـهـم ووجهـات نظـرهم، بمـا يساعدهم على أداء دورهم المنشود في الإسهام بمسيرة البناء والتنمية الشاملة لهذا الوطن العزيز».
ولفت صاحبُ السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد في كلمة له خلال رعايته احتفال سلطنة عُمان بيوم الشباب العُماني في أكتوبر الماضي إلى أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب دشّنت البوابة الذكية التي زُوّدت بأحدثِ الإمكاناتِ التقنيةِ لتصبحَ الوجهةَ الأولى للموهوبين والفنانين في شتى القطاعات بهدف احتضان مواهب وإبداعاتِ الشباب. كما انعكس الاهتمام السامي لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم بهذه الفئة وترجمة للحرص المتواصل الذي يوليه لملف تشغيل الشباب العماني ودعم أصحاب الأعمال العاملين لحسابهم الخاص، فقد تم إطلاق مجموعة جديدة من المبادرات التشغيليّة في شهر مايو الماضي في «ظل ظروف المرحلة الراهنة المتعلقة بتداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية والتي أفرزت انكماشاً في أسواق العمل، إضافة إلى التأثيرات الناتجة عن انتشار جائحة كورونا» وذلك في إطار تنفيذ خطة توفير ما يزيد على (32) ألف فرصة عمل هذا العام.
كما أن ترؤس جلالته اجتماع اللجنة الإشرافية للبرنامج الوطني للتشغيل في الـ 5 من يوليو الماضي له دلالة عميقة أن هذا الملف يُعدّ من أهم الأولويات الوطنيّة حيث بارك خلال ترؤسه مجلس الوزراء في الـ 15 من يونيو الماضي هذا البرنامج الذي يهدف إلى «إيجاد حلول مستدامة لتوفير وظائف في كافة قطاعات الدولة وشركات القطاع الخاص وتحليل البيانات الخاصة بالباحثين عن عمل حتى دخولهم إلى سوق العمل».
كما أن المرأة العُمانية تمثل ركنًا مهمًّا في نهضة سلطنة عُمان المتجددة وقد أكد جلالةُ السُّلطان المعظم على حرصه على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها وهو من «الثوابت الوطنية».
وأشارت السّيدةُ الجليلةُ حرمُ جلالةِ السُّلطان المعظم في كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي في مارس الماضي إلى الجهود العظيمة التي تقوم بها المرأة في «عُمان، وفي كافة دول العالم في بناء وتنمية ودعم أسرهن ومجتمعاتهن، والإسهامات الفاعلة والمؤثرة في القضايا الإنسانية والعالمية».. وفي إطار هذا العطاء الذي تقوم به المرأة وجّهت السيدةُ الجليلةُ في يوم المرأة العُمانية الذي يوافق الـ 17 من أكتوبر سنويًّا تحيةَ شكرٍ وتقديرٍ «لكل امرأة تُعلي مبادئ الخير وقيم التسامح والمحبة والعطاء، وتُسهم في بناء هذا الوطن العزيز انطلاقًا من موقعها وواجباتها الاجتماعية والوطنية والإنسانية في مختلف الميادين».
واحتفاءً بيومها السنوي في أكتوبر الماضي أصدر صاحبُ السّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب قراراً وزارياً بإشهارِ نادي المرأة العُمانيّة للرياضة والإبداع الثقافي، ترجمةً للأسس التي تتبنّاها سلطنة عُمان في مجال تمكين المرأة في شتّى المجالات التنمويّة وتحفيزاً لدورها في المجالات الرياضيّة والثقافيّة.
لقد حبا الله هذه الأرض الطيبة وأبناءها المخلصين نِعماً شتّى من بينها التآخي والتآزر والتلاحم وظهر ذلك جلياً من خلال اللحمة الوطنية المساندة للجهود التي بذلتها حكومةُ جلالةِ السُّلطان المعظم ممثلة في اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة للتعامل مع الآثار الناجمة عن الحالة المدارية «شاهين» في أكتوبر الماضي بالإضافة إلى الاستجابة السريعة من عاهل البلاد المفدى الذي أمر بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية، بهدف توفير جميع أشكال الدعم والمساعدة اللازمة للتخفيف من حِدة التأثيرات عليهم في أسرع وقت ممكن. كما أكّد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم في أكتوبر الماضي «على أنَّ عودةَ الحياةِ العامةِ إلى وضعِهَا الطبيعي، وتوفيرِ متطلباتِ الحياةِ الأساسيةِ للمتضررين، هي أولويةٌ أولى لدينا».. موجهًا اللجنة الوزارية التي «تَحظى بإشرافِنَا المباشر، لمتابعةِ أعمالِهَا وإنجازاتِهَا» لتوفير المساعدةِ في أسرعِ وقتٍ.
إن الأمم لا تقوم نهضتها إلا بالعِلم وهو مبدأ آمن به العمانيون منذ انطلاق نهضتهم المباركة قبل 50 عامًا حيث أكد قائد نهضة عُمان المتجدّدة حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق على أن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف مستوياته سيكون في «سُلم الأولويات الوطنية» من خلال توفير البيئة الداعمة والمحفّزة للبحث العلمي والابتكار وهو ما نلمسه اليوم من تخصيص وزارة معنية بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وإنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بفروعها في محافظات سلطنة عُمان وصدور نظامها في يونيو الماضي بالإضافة إلى ما أقره مجلس الوزراء في الشهر ذاته بإنشاء فرع من الجامعة بمحافظة مسندم تضم عدداً من التخصصات في إطار الاهتمام السامي بشأن تطوير المحافظة وتحقيق تنمية شاملة مستدامة، وإنشاء كلية الدقم في سبتمبر الماضي ومقرها محافظة الوسطى في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تخضع للقوانين واللوائح والقرارات المنظمة للجامعات والكليات الخاصة المعمول بها في سلطنة عُمان بالإضافة إلى المؤمل من الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 التي تتواكب مع رؤية عُمان 2040. كما أن التوجيهات السامية القاضية ببناء 6 مدارس بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالي 8 ملايين و850 ألف ريال عماني ستضاف إلى صروح العلم البالغ عددها 2430 مدرسة و11 جامعة حكومية وخاصة و18 كلية خاصة ستمكن أبناء وبنات سلطنة عُمان من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة. وتواصل سلطنة عُمان في نهضتها المتجدّدة اهتمامها البالغ بكل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة على المستويين المحلي والعالمي حيث أصدر حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق مرسومًا سلطانيًا في أغسطس الماضي بإنشاء محمية خور خرفوت الأثري بمحافظة ظفار لتضاف إلى المحميات الأخرى المتنوعة في سلطنة عُمان ليصبح عددها 21 محمية وهذا يؤكد اهتمام سلطنة عُمان بالبيئة من خلال رصيدها في هذا المجال المهم إضافة إلى مصادقتها عدداً من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة والتشريعات المنظمة على المستوى المحلي.
لقد أثّر انخفاض وتذبذب أسعار النفط والإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا المستجد على اقتصادات معظم دول العالم، وسلطنة عُمان ليست بمعزل عن هذه الآثار التي دفعتها إلى اتخاذ إجراءات وتدابير لمواجهتها من خلال خطة التوازن المالي متوسطة المدى
(2020-2023) حيث ترأس جلالتُه في أبريل الماضي اجتماع اللجنة الرئيسة للبرنامج الوطني للتوازن المالي بهدف متابعة تنفيذ البرنامج في عامه الثاني لخفض الدّين العام وضمان الاستدامة المالية.. مباركًا المبادرات التي تقدمت بها الجهات المعنية في إطار تطوير منظومة الحماية الاجتماعية في إطار متابعته الأوضاع المعيشية للمواطنين بما يضمن لهم استمرار مستوی العيش الكريم اللائق والتخفيف من تأثيرات هذه المرحلة التي تشهد تحديات مختلفة. وفي ظل هذه الأوضاع انطلقت الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) هذا العام وهي الخطّة التّنفيذية الأولى للرّؤية المستقبليّة «عُمان 2040» التي ترتكز على 4 محاور رئيسة تتفرع منها 14 أولويّة وطنيّة و88 هدفًا استراتيجياً و68 مؤشّراً لقياس الأداء.
وتسعى الخطة الخمسية العاشرة إلى تحقيق عددٍ من الأهداف من بينها «تحفيز النّشاط الاقتصادي وتطوير بيئة الاقتصاد الكلّي ورفع كفاءة إدارة الماليّة العامّة وتحقيق التوازن بين إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق العام خاصة الجاري منه وتبني سياسات ماليّة توسّعية منضبطة تحقّق معدّلات نموّ مستدامة وتطوير البنية الأساسيّة اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجيّة الكبرى ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر مع البناء على توقعات لأسعار النفط عند متوسط (48) دولاراً للبرميل خلال سنوات الخطة، وتدعيم مشاركة المحافظات في تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040».
لقد أثبتت المتغيرات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي خلال عهد النهضة المتجدّدة أن السياسة الخارجية لسلطنة عُمان ثابتة من خلال سعيها إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والإسهام الفاعل والحقيقي في حفظ السلم والأمن الدوليين والدعوة إلى تغليب المصلحة العامة عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها مصالحها وهو ما أكدت عليه سلطنة عمان أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر الماضي «في ظل القيادةِ الحكيمة لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم تواصلُ سلطنةُ عُمان الالتزامَ بالثوابتِ الأساسيةِ والمبادئ الرئيسة لسياستِها الخارجية التي تتجسّدُ في سياسة حُسنِ الجوار، وعدمِ التدخلِ في الشؤون الداخلية للغير، واحترامِ القوانينِ والأعراف الدولية، ودعمِ التعاونِ بين الدول وتعزيزِ فرصِ الحوارِ بينها، تعبيراً عن قناعتِنا بأنَّ حلَّ الخلافاتِ بروح الوفاقِ والتسامح إنّما هو سلوكٌ حضاريٌ يؤدي إلى نتائجَ أفضلَ وأدوم مما يمكنُ تحقيقُهُ عن طريق الصراع».
كما ظهر سعي سلطنة عُمان الدؤوب إلى الإسهام في خدمة قضايا السلام من خلال عدد من القضايا مثل تأييدها التطورات الإيجابية التي نتجت عن قمة العُلا التي عُقدت بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
إن «الأعياد الوطنية للأمم رمزٌ وعزّةٌ وكرامةٌ ووقفة تأمّل وأمل للماضي والمستقبل» ومؤسّس عُمان الحديثة ونهضتها المباركة السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- في وجدان كل عماني وعمانية الذين ما زالت ألسنتهم تلهج له بالدعاء وفاءً وعرفاناً لما بذله من صنيع حسن لهذه الأرض الطيبة وأبنائها المخلصين على مدى 50 عاماً، والمنجزات ماثلة للعيان في مختلف المجالات وما رسّخه من إيمان صادق وعلينا أن «نستمد من تجاربنا الماضية عزماً جديداً وتصميماً أكيداً على العمل متعاونين متكاتفين بكل ما لدينا من طاقات البذل والعطاء والتفاني في أداء الواجب»، «بما يمكننا من تذليل الصعاب والتغلّب على التحديات وإنجاز مهامنا الوطنية لخير عُمان وشعبها الأبيّ».