منذ إنشاء الدولة في العام 1971 وإنشائها من بين أهم المؤسسات الدستورية في دولة الإمارات، جسّدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي مقومات المجتمع الإماراتي فكانت ولا تزال نافذته على العالم والعين الساهرة على مواطني الدولة في الخارج، يُنشر من خلالها فكر ورؤية القيادة الإماراتية، التي تؤكد على قيم الإخاء الإنساني، وتدعو دائما إلى رفع المعاناة عن الإنسان بصرف النظر عن جنسه أو دينه، مشددة على ضرورة تعميق قيم السلام العالمي وحل النزاعات بالحوار وبالطرق السلمية.

وتسير دولة الإمارات على مبدأ تعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في مختلف أرجاء المنطقة والعالم منذ قيامها في الثاني من ديسمبر من العام 1971، متخذةً من هذا المبدأ بعداً أساسياً في سياسة الإمارات العربية المتحدة الخارجية، وهو المبدأ الذي أرسى دعائمه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وتسير على خطاه القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله في التأكيد على هذا البعد وتعميقه وتطويره عبر مساهمات جليلة قامت بها دولة الإمارات على مختلف الصعد الإنسانية والسياسية والاقتصادية، مستلهمةً هذه السياسات من فكر وشيم وأخلاق حكام دولة الإمارات، التي تتسم بالسماحة وروح الإخاء والمحبة ومراعاة حكم الجوار .

وتشكل وزارة الخارجية والتعاون الدولي، عبر سفاراتها وإداراتها المختلفة وبعثاتها الدبلوماسية المنتشرة حول العالم، ومن خلال سفرائها وممثليها ودبلوماسيتها، صلة الوصل بين القيادة الرشيدة لدولة الإمارات وشعوب العالم بكافة أطيافه وتعمل على توطيد أواصر الصداقة والتعاون بينها وبين دول العالم على مختلف الصعد والمجالات السياسية والاقتصادية والثقافية حسب مبادئ قيادتها في تطوير قيم التنمية والحضارة الإنسانية، وتعزيز مقومات النهضة الاقتصادية والثقافية، وإرساء دعائم السلام والإخاء في العالم، مما أكسب المواطن الإماراتي الاحترام والتقدير أينما حل خارج الإمارات، وعزز مكانة الدولة على الساحتين الإقليمية والدولية .

الدبلوماسية الثقافية وبث القيم الإماراتية

تشمل الدبلوماسية الثقافية والعامة، على سبيل المثال لا الحصر، تبادل الأفكار والفن واللغة لغرض أكبر وهو خلق التفاهم بين الأمم والشعوب. كما يدعم الحوار والتعليم والتبادل الثقافي تطوير التعاون الدولي والازدهار العالمي.

وتأسست دولة الإمارات على قيم التسامح والسلام التي غرسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) وكانت استراتيجيته تقوم على إظهار الصداقة تجاه جميع الثقافات والشعوب، وتعزيز قيم الإسلام المعتدل والعمل من أجل تعاون متبادل في المنفعة مع جميع الدول لتحقيق الاستقرار العالمي.

وتنعكس اليوم رؤية المغفور له التاريخية في بناء دولة مزدهرة وقائمة على التسامح، حيث تستضيف دولة الإمارات أكثر من 200 جنسية، وهي موطن لأكثر من 40 كنيسة ومكان للعبادة، بالإضافة إلى العديد من مراكز التعليم والثقافة ذات المستوى العالمي، مثل جامعة السوربون أبوظبي، وجامعة نيويورك ومتحف اللوفر في أبوظبي. وهذا خير دليل على أن قيم التسامح والحرية الدينية والاحترام المتبادل التي دعمها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" متأصلة في جذور الشعب الإماراتي.

وقد تحققت الريادة الإماراتية في العمل الإنساني الدولي بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية مقارنة بالدخل القومي الإجمالي – حيث تبوأت المرتبة الأولى عالميا خلال الفترات 2013، 2014، 2016، 2017 ولا تزال الإمارات من ضمن أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية. واستفاد من هذه المساعدات الإماراتية خلال الخمس العقود الماضية أكثر من 196 دولة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة بعيدا عن أي تحيز سياسي.

في عام 2020، احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى في المنطقة والمرتبة 18 دوليًا في مؤشر القوة الناعمة العالمية. وهذا دليل على التزام الدولة المستمر بتوفير بيئة من الفرص والابتكار والتطوير والتسامح لجميع المواطنين والمقيمين والزوار وضمان علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والسلام مع المجتمع الدولي.

"ابنة الإمارات" شريكة في مسيرة تكلّلت بالإنجازات

سجلت دولة الإمارات خلال عامي 2020 و2021 إنجازات في مجالات عدة على المستوى الوطني كما على المستويين الإقليمي والدولي وكانت المرأة الإماراتية في المقدّمة، شريكة في مسيرة تنموية تحصد النجاحات بعزيمة لا تضاهى.

شكّلت المرأة الإماراتية جزءاً أصيلاً في أبرز الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات خلال الفترة الماضية، تشهد على حجم الحضور الفاعل الذي تسجله ابنة الإمارات في شتّى الميادين حيث برهنت على حجم القدرات والكفاءات التي باتت تؤهلها لتولي قيادة وإدارة أهم المشاريع الحيوية وأبرزها في قطاعات العلوم المتقدمة والفضاء والطاقة والصحة والتي تمثلت في وصول "مسبار الأمل" إلى مدار كوكب المريخ، وبداية التشغيل الناجح والآمن لأولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية، فضلاً عن نجاحها وريادتها في مجال جهود التصدي لفيروس كورونا المستجد محلياً وعالمياً.

شكّل دور المرأة الإماراتية منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" جزءاً لا يتجزأ من منظومة العمل الوطني، لتتضافر الجهود على المستويين الوطني والدولي من أجل احتواء تداعيات هذا الوباء. ومنذ بداية تفشّي وباء كورونا حول العالم، أثبتت المرأة الإماراتية دورها المتميز في صفوف خط الدفاع الأول وكان دورها محورياً في نجاح منظومة العمل عن بُعد، وبذلت قصارى الجهود في حماية ورعاية جميع أفراد أسرتها خلال هذه الأزمة. كما برز حضورها اللافت في ميدان العمل التطوعي منذ بداية انتشار الفيروس، فساهمت في تقديم الدعم والمساندة لجميع الفئات المتضررة.

تبوأت المرأة الإماراتية مكانة مميزة في مضمار العمل الدبلوماسي فساهمت بفاعلية في نسج شبكة العلاقات الواسعة للدولة وتعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية وكان لها دوراً جوهرياً في مثابرة وزارة الخارجية والتعاون الدولي منذ بداية تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم بترسيخ النهج الدبلوماسي الذي لطالما اعتمدته الدولة والقائم على التعاون مع جميع دول العالم ومدّ يد العون للمجتمعات التي تحتاج إلى الدعم والمساعدة، ضمن توطيد أواصر التعاون الدولي والمتعدد الأطراف وترسيخه في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم اليوم.

وتشغل المرأة الإماراتية حالياً مناصب دبلوماسية مختلفة في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، حيث تمثل نسبة السيدات الإماراتيات إلى الذكور من مواطني دولة الإمارات في الوزارة 42.5%. ويشمل السلك الدبلوماسي الإماراتي عشرة سيدات من بنات الإمارات كسفيرات بالإضافة إلى قنصل عام تمثّلن الدولة ووجهها الحضاري المشرق في الخارج.

ويؤكّد نهج وزارة الخارجية والتعاون الدولي في تمكين المرأة الإماراتية على رؤية القيادة الإماراتية الحكيمة بدعم وتمكين المرأة الإماراتية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الإماراتي، والعمل جنباً إلى جنب مع الرجل في رسم المستقبل.

وزارة الخارجية وتسخير التكنولوجيا في خدمة المتعاملين: التصديق الذكي ومستقبل ريادة الأعمال في دولة الإمارات

حرصت وزارة الخارجية والتعاون الدولي على تأسيس بنية تحتية رقمية متطورة لتوفير باقة من الخدمات الإلكترونية للمتعاملين عبر استثمارها للتقنيات المتطورة وتطويع التكنولوجيا لإنجاز المهام وتلبية المتطلبات اليومية للمتعاملين مع ضمان استمرارية الأعمال بكفاءة عالية.

وتماشياً مع الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة نحو المستقبل وتنفيذاً لتوجيهاتها، تقدّم وزارة الخارجية والتعاون الدولي خدمة التصديق عبر موقعها الرسمي وتطبيقها الذكي ضمن مشروع التحول الذكي بهدف توفير الخدمات للجمهور حيثما كانوا وعلى مدار الساعة.

على الرغم من التحديات التي يمر بها العالم إثر جائحة كوفيد-19 ومع افتتاح إكسبو 2020 في شهر أكتوبر 2021 ، توجّهت حكومة الإمارات نحو مزيد من الانفتاح على العالم وعودة الحياة الطبيعية واستقطاب أصحاب المواهب والأعمال ضمن قرارات استراتيجية تهدف إلى تمكين الدولة من رفع مكانتها في مؤشرات سهيل الأعمال خاصة بعد حلولها في المرتبة الأولى إقليمياً والرابعة عالمياً في مؤشر ريادة الأعمال بحسب التقرير الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال Global Entrepreneurship Monitor GEM – NECI عن سنة 2020 بالإضافة إلى مؤشرات أفضل الوجهات الآمنة للمواطنين والمقيمين على أرضها.

ساهمت المحفزات والتغيرات والتحديات المترتبة عليها، بالإضافة إلى استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية في تقديم خدمات رقمية متطورة بنسبة %100 تصل إلى المتعامل في أي مكان وعلى مدار الساعة مما حث وزارة الخارجية والتعاون الدولي على استكمال جهودها لرسم معالم جديدة لخدمة التصديقات المقدمة للمتعاملين من رواد الأعمال والشركات لتيسير مهامهم ورفع جودة الخدمة بما يتوافق مع متطلبات تلك الأعمال وذلك بالشراكة مع الهيئة الاتحادية للجمارك ووزارة المالية من أجل تعزيز الاقتصاد في الدولة.

وسيمر النظام المتوقع إطلاقه خلال العام 2022 بمرحلتين: الأولى ستربط نظام التصديق الذكي بأنظمة الهيئة الاتحادية للجمارك ودوائر الجمارك المحلية داخل الدولة، والثانية ستشمل الربط مع دوائر محلية وجهات حكومية أخرى داخل الدولة ونطمح إلى ربط جمركي موحد سيرتبط مع الجهات المختصة خارج الدولة، للمضي قدماً وجعل توجهات حكومة دولة الإمارات واقعاً ملموساً للمواطنين والمقيمين على أرض الدولة وخارجها.

تمثل العلوم والتكنولوجيا محوراً رئيسـياً في استراتيجية الوزارة للخمسـين سنة المقبلة ويهدف هذا المحور إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز فكري رائد في مجال العلوم والتكنولوجيا، وضمان قدرة دولة الإمارات على تأمين مختلف الموارد العلمية والتكنولوجية الابتكارية، وتأسـيس مكانة دولة الإمارات كواحدة من الدول الرائدة عالمياً في مجال الابتكار بما في ذلك علوم الفضاء، والذكاء الاصطناعي.

وفي إطار التحضيرات للخمسين سنة القادمة، تم تصنيف الوزارة بين أفضل الجهات الحكومية في الخدمات الرقمية في الحكومة الاتحادية وحصولها على المركز الثالث على مستوى 30 جهة حكومية، حيث جهدت فرق العمل على وضع الحلول اللازمة على المدى القصير وعلى المدى الطويل في سبيل تطوير خدمات وزارة الخارجية والتعاون الدولي والارتقاء بعمل المنظومة لتحقيق التميّز والرّيادة والكفاءة في خدمة وإسعاد متعاملي الوزارة من أفراد وشركات وجهات دبلوماسية واتحادية ومحلية.

الدبلوماسية الاقتصادية والتجارية

تهدف وزارة الخارجية والتعاون الدولي من خلال البعثات والسفارات وعلاقتها المتميزة مع دول العالم إلى جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعددة الأطراف.

وتشكل هذه الجهود جوهر الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات التي تدعم في نهاية المطاف الاحتياجات طويلة الأجل للدولة التي تم تسليط الضوء عليها في إطار "رؤية 2021" و"رؤية مئوية الإمارات لعام 2071".

تواصل دولة الإمارات العمل على خلق اقتصاد متنوع، مع الاستمرار في جني فوائد مواردها الطبيعية الوفيرة. وتلعب وزارة الخارجية والتعاون الدولي دوراً هاماً في ضمان استفادتها من الاتجاهات الاقتصادية العالمية من خلال تعزيز مكانة الدولة كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.

وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة هي ثاني قوة اقتصادية في العالم العربي، حيث يعزى نموها القوي والمستدام إلى السياحة والنقل والخدمات اللوجستية والمالية والعقارات والبنوك والطاقة المتجددة. وتتطلع دولة الإمارات إلى تحفيز اقتصادها في المستقبل، مع إعطاء الأولوية للاستثمار في التعليم وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والصحة والتصنيع.

تتمتع دولة الإمارات بسجل حافل في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال نظام الإعفاء الضريبي، وبنيتها التحتية المتطورة، وتذليل العوائق أمام إنشاء الأعمال التجارية. وتبرهن الدولة باستمرار عن تصميمها على توفير أفضل بيئة تنظيمية ممكنة للاستثمارات. كما أن القانون الاتحادي الصادر بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2018 يحفز الاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية بنسبة 100 في المائة للملكية الأجنبية. ويدعم هذا الإطار الجديد للاستثمارات تبني قيمة إقليمية وعالمية من خلال سلاسل الإنتاج التي تركز على الصناعات المتقدمة القيمة.

كما عملت دولة الإمارات على تسهيل الاستثمار الخارجي، من خلال إنشاء صناديق الأصول السيادية الناجحة. وقد أصبحت الدولة من خلال هذه الأصول مستثمراً رئيسياً في العديد من الدول حول العالم. ويتم الاستفادة من عائدات هذه الأموال في نمو الدولة، مع تخصيص جزء كبير منها لمشاريع في مجالات الطاقة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية والرعاية الصحية والطاقة المتجددة.

وتعمل وزارة الخارجية والتعاون الدولي على دعم الجهود الوطنية في توقيع اتفاقيات الازدواج الضريبي الثنائية ومعاهدات الاستثمار الثنائية (المعروفة أيضًا باسم اتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار). بينما تساعد وزارة الطيران المدني في توقيع اتفاقيات الطيران الثنائية، وهو أمر أساسي نظراً لحجم قطاع الطيران في الدولة.

برزت دولة الإمارات كمركز تجاري إقليمي وعالمي، لا سيما من خلال استثماراتها الكبيرة في البنية التحتية. ويعزز ذلك الموقع الجغرافي الفريد لدولة الإمارات بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، فضلاً عن كونها بوابة الشرق الأوسط.

وتعمل وزارة الخارجية والتعاون الدولي بشكل وثيق مع وكالات ترويج الاستثمار والقطاع الخاص وصناديق الثروة السيادية، ومجالس الأعمال، وغيرها من الجهات الاقتصادية الفاعلة لضمان تحقيق نتائج ناجحة من خلال الدبلوماسية الاقتصادية.

دبلوماسية العطاء الإنساني بلا حدود

تواصل الإمارات العربية المتحدة بقوة دورها كداعمٍ ومساهمٍ أساسي في الجهود العالمية الرامية لتلبية احتياجات الشعوب، والحد من الفقر، والقضاء على الجوع، وبناء مشاريع تنموية لكل من يحتاج إليها، وإقامة علاقات مع الدولة المتلقية والمانحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030. وهو دعمٌ لا تحكمه السياسة ولا تحدّه الجغرافيا أو العرق أو الدين، فهو يركز على تنمية الإنسان والإنسانية.

وانطلاقاً من هذه الرؤية، فإنّ المساعدات الخارجية الإماراتية قد بلغت مرحلة الريادة العالمية، والتي بدأت مع تصدر دولة الإمارات للمرتبة الأولى عالمياً في الأعوام، 2013، 2014، 2016، 2017 كأكبر دولة مانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية مقارنة بالدخل القومي الإجمالي محققة قفزة تاريخية في مجال منح المساعدات الخارجية الأمر الذي صعد بها من المركز الـ 19 في عام 2012 إلى المركز الأول في عام 2013. ولا تزال الدولة تحافظ على ترتيبها من ضمن أكبر الدول المانحة في العالم مقارنة بالدخل القومي الإجمالي.

وعلى مدى مسيرة امتدت خمسين عاماً عملت دولة الإمارات على تفعيل دورها الإنساني في الحد من الفقر على النطاق العالمي، ومساعدة الدول والمجتمعات المحتاجة، حتى أصبحت عنواناً للخير والعطاء، فقد تضاعفت المساعدات الخارجية الإماراتية لأكثر من 187 ضعفاً بقيمة إجمالية تجاوزت 322 مليار درهم إماراتي. وقد توزعت المساعدات إلى مساعدات تنموية بنسبة 91 في المئة، ومساعدات إنسانية بنسبة 7 في المئة، ومساعدات خيرية بنسبة 2 في المئة. وقد اتسعت الرقعة الجغرافية للمساعدات الإماراتية لتصل لأكثر من 196 دولة، ومنطقة جغرافية حول العالم، منها 50 دولة من الدول الأقل نمواً. وحصلت قارتي آسيا وأفريقيا على النصيب الأكبر من المساعدات الخارجية الإماراتية، كما وصل العدد الإجمالي للمستفيدين إلى حوالي مليار شخص، بينهم 767 مليوناً من النساء والأطفال.

فضلاً عن ذلك، ساهمت المساعدات الخارجية المقدمة التي قدّمتها الدولة في دعم الاستقرار الإقليمي، من خلال المساهمة في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان ودعم المشاريع التنموية.

وإلى جانب جهود الاستقرار، تركز المساعدات الإماراتية على الأمن الغذائي من خلال دعم تنفيذ العديد من المشاريع الزراعية المختلفة اعتماداً على خبرتها المتخصصة في استزراع الصحراء ودعم التنمية الريفية. وخلال السنوات الأخيرة كثّفت الدولة الاهتمام بالطاقة المتجددة، إذ قامت بتنفيذ عدة مبادرات، وعلى وجه التحديد في دول منطقة الكاريبي والمحيط الهادي، بهدف تحقيق خفض في تكاليف الطاقة وتوفير خيارات للطاقة النظيفة والمتجددة، بالإضافة إلى تحسين قدرة الدول الواقعة في تلك المناطق على مواجهة الكوارث الطبيعية.

فقدّمت الإمارات العربية المتحدة الدعم للحكومات الدول الشريكة ومجتمعاتها من خلال تلك المساعدات لتساندها في سعيها إلى تحقيق خططها الإنمائية، وتلبية أهداف التنمية المستدامة ذات الأولوية الخاصة بها، من خلال سياسة التركيز على برامج عالمية متخصصة في مجالات: النقل، والبنية التحتية الحضرية، وفاعلية الحكومة، والتعليم الجيد، وتمكين المرأة وحمايتها. وذلك عبر: بناء الشراكات الموجَّهة إلى التنمية، والمصممة لتسهم في خطة التنمية المستدامة لكل دولة نامية شريكة، واعتماد منهجيات مستدامة، وتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة والتركيز على النتائج.

ومن الأمثلة الساطعة في هذا المضمار، الجهود الإماراتية خلال جائحة كوفيد-19، سواء على الصعيد الصحي أو الدعم الإغاثي الإنساني الطبي، والتي أبرزت القدرات العالية التي تتمتّع بها الدولة، وحسن التخطيط والاستعداد.

منذ مطلع العام 2020 نتج عن جائحة نكوفيد-19 تبعات صحية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة على مستوى العالم، وكان لتلك الجائحة تأثير أشد على الدول النامية. لذا بادرت دولة الإمارات بالتحرك سريعاً لمساعدة الدول المتضررة في احتواء انتشار الفيروس، فأرسلت الدولة إمدادات ومستلزمات طبية ومستشفيات ميدانية إلى مئات الدول الشقيقة والصديقة لمساعدتها في مكافحة واحتواء تداعيات الجائحة. وقدمت دولة الإمارات منذ بداية تفشي الجائحة وحتى منتصف 2021، ما يزيد على 2300 طناً من المستلزمات والإمدادات الطبية إلى نحو 136 دولة. بالإضافة لإنشاء عدد من المستشفيات الميدانية باسم "مستشفيات الشيخ محمد بن زايد الميدانية" في عدد من الدولة وذلك لمساعدة الدول المستفيدة للتصدي لانتشار فيروس كورونا ومعالجة المصابين ومساعدات الأنظمة الصحية في هذه الدول.

ونحن نحتفل بـ 50 عاماً على تأسيس دولة الإمارات، لا بدّ أن ندرك أنّ قوة السياسة الخارجية لدولتنا هي حصيلة جهد تراكمي كبير.

ويعكس ما حقّقته الدبلوماسية الإماراتية من إنجازات ما تحظى به دولة الإمارات من احترام وتقدير على الصعيدين الإقليمي والدولي، والذي يؤكده وجود رؤية حكيمة ترتكز على الحكمة والتوازن والاعتدال والتعايش والسلام. كم تحرص دولتنا دائماً على المساهمة البناءة في جهود إيجاد حلول للمشاكل التي تواجهها المنطقة، إذ تعمل مع المجتمع الدولي وشركائها على نشر التسامح والتنمية والتعاون الإيجابي.

هذا التحرك الفاعل على الساحة الخارجية للدبلوماسية الإماراتية يحمل مجموعة من الدلالات المهمة. فهو يعبر عن موقع دولة الإمارات وما تتمتع به من ثقل وحضور كبيرين على الساحتين الإقليمية والدولية، وذلك بفضل السياسات الحكيمة التي تنتهجها قيادتها الرشيدة تجاه القضايا المختلفة.

دبلوماسية ما بعد الجائحة والطموح والأمل في المستقبل

وبينما نحتفل باليوبيل الذهبي، فإنّ المستقبل يؤكد أنّ دولة الإمارات ستمضي في الوقوف إلى جانب القضايا العادلة. فقد سعت دولة الإمارات دائماً إلى بناء الجسور ولعب دور إيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي. وعلى مدى السنوات المقبلة، ستعمل الدولة على تعزيز هذه الرؤية من خلال الاستمرار في القيام بدور إيجابي من خلال تعزيز التعاون، وحل الخلافات عبر الحوار والدبلوماسية والمشاركة البناءة.

وستستمر دولة الإمارات في دعم جهود المساهمة في كل جهد يخدم تحقيق هذا الهدف، فهي تقف دائماً إلى جانب أيّ تحرّك أو مبادرة تهدف إلى تحقيق التنمية والسلام والازدهار.

وستواصل دولة الإمارات تعزيز المصالح الاستراتيجية السياسية والاقتصادية من خلال دبلوماسية فعالة تدعم الاستقرار، والتنمية المستدامة، وتعزّز التعاون والتعايش.

وإيماناً من الوزارة بأهمية صوت الشباب، تم تخصيص مقعد دائم لمجلس شباب وزارة الخارجية والتعاون الدولي في اللجان وفرق العمل المختلفة في الوزارة، والتي تعمل بدورِها على تطوير وتعزيز جودة الحياة وخلق بيئة عمل إيجابية في وزارة الخارجية والتعاون الدولي.

تبنى مجلس شباب وزارة الخارجية والتعاون الدولي منذ تأسيسه شعار "دبلوماسية المستقبل، طموحٌ وأمل" حيث تتمثل رؤية المجلس بالعمل على إعداد جيل واعد من الدبلوماسيين الشباب المبتكرين والمبادرين، يساهمون في تحقيق رؤية وأجندة وزارة الخارجية والتعاون الدولي ويدعمون بذلك الأجندة الوطنية للشباب.

عمل المجلس منذ تأسيسه وعبر أجندته على تعزيز نمط حياة الشباب من خلال تشجيع تبني أسلوب الحياة الصحي، وتعزيز الصحة النفسية الجيدة، وتبني التفكير الإيجابي كقيمة أساسية، وبناء مهارات الحياة، فضلاً عن تنمية وتطوير المهارات والقدرات والكفاءات الخاصة بشباب الوزارة، وإظهار دور وجهود دولة الإمارات على الصعيدين الإقليمي والدولي في تمكين الشباب واحتضان طموحاتهم وآمالهم، والارتقاء بالعمل الدبلوماسي القائم على المعرفة والابتكار لتحقيق التميز في السياسة الخارجية.

وختامها، مسك بداية جديدة

ولعلّ افتتاح إكسبو 2020 دبي في اليوم الأول من أكتوبر 2021 هو مسك الختام لعقد شهد جهود جبّارة من فريق عمل وزارة الخارجية والتعاون الدولي جعلت من الحدث رمزاً لبداية الخمسين سنة القادمة فوضعها تحت عنوان الاستدامة. إذ لم يسبق أن استضافت نسخة من الحدث الدولي على مدار تاريخه هذا العدد الضخم من الدول وجمعت هذا الكم الهائل من الثقافات، للعمل معاً في سبيل تحقيق الكثير من الخير للكثير من الناس. واجتمع العالم في دولة الإمارات ليرسم مسار المستقبل وليصبح يداً واحدة فيصنع فارقاً في جودة الحياة للأجيال القادمة.