حمدي عبدالعزيز


«للجمال عنوان» تضع بصمتها على الخارطة السياحية العالمية


يعتبر الاستثمار المستدام في التراث والثقافة والفنون للمساهمة في التنمية الاقتصادية من الأولويات الرئيسية لرؤية عمان 2040، وغالباً ما تروج سلطنة عمان لنفسها كوجهة سياحية بشعار «للجمال عنوان»، وتشير التطورات والإحصاءات خلال حكم جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى أن هذا العنوان بدأ في وضع بصمته على الخريطة العالمية، حيث تقدم السلطنة تجربة سياحية فريدة وجاذبة تجمع بين الحداثة والتراث الثقافي العريق والمناظر الطبيعية الخلابة والضيافة الكريمة، وكل هذا في وقت باتت عمان على الطريق الصحيح لجذب 11 مليون سائح سنوياً بحلول 2040.

وارتفع عدد السياح الدوليين لعمان بمعدل 172% وفقاً لمنظمة السياحة العالمية في ظل عودة النمو لحركة السفر والسياحة العالمية في عام 2022، وجاءت السلطنة في المركز الـ 7 عالمياً كإحدى وجهات السفر السياحية لعام 2022 بناءً على تقييم الخبراء من حيث الوجهات والأماكن السياحية والمغامرات التي تجذب السياح بحسب تصنيف موقع «لونلي بلانيت» الأسترالي.

وترصد بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تأثير نشاط السياحة خلال 2023، حيث ارتفع عدد الزوار إلى سلطنة عمان من 3 مليون زائر في عام 2022 ليصل إلى 4 مليون زائر عام 2023، وبلغ عدد زوار السفن السياحية في عام 2023 نحو 323.2 ألف زائر، مما أدى إلى ارتفاع إنفاق السياحة الوافدة من 548.4 مليون ريال عماني في عام 2022 إلى 631.5 مليون ريال عماني في عام 2023.

وارتفعت مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 2.4٪ عام 2022 إلى 2.6٪ في عام 2023، وزادت القيمة المضافة المباشرة للقطاع بنحو 7.8 بالمائة خلال عام 2023 لتسجل نحو 1.1 مليار ريال عماني، مقارنة بنحو مليار ريال عماني في عام 2022.

وذكر تقرير صادر عن شركة BMI إحدى شركات Fitch Solutions أن عدد الوافدين إلى سلطنة عمان زاد بنسبة 24.7٪ على أساس سنوي عام 2024 ليصل إلى إجمالي 5.3 مليون، متوقعاً أن عدد الوافدين عام 2024 سيكون رقماً قياسياً جديداً، بناءً على الذروة التاريخية الأخيرة التي بلغت 4 ملايين زائر في عام 2023. وأرجعت الشركة هذه الزيادة إلى عوامل جذب متعددة مثل: الجهود الدبلوماسية والترويج السياحي، والمناخ والمناظر الطبيعية والعدد المتزايد من مناطق الجذب السياحي وكرم الضيافة للشعب العماني.

وتتوقع BMI أن عمان ستحقق مسار نمو الوافدين المتوقع على المدى المتوسط 2024-2028، بمتوسط سنوي قدره 20.4٪ على أساس سنوي بين عامي 2024 و2028، ليصل إلى 10.8 مليون سائح في عام 2028، وستكون الزيادة في عدد الوافدين على المدى المتوسط مدفوعة بأسواق المصدر الرئيسية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، وأسواق آسيا والمحيط الهادئ والأسواق الأوروبية.

وتسعى الاستراتيجية السياحية 2016- 2040، إلى أن تصل إلى نسبة إنجاز عالية، ومن ذلك توفير 500 ألف فرصة عمل يحظى العمانيون بنسبة 75% من تلك الفرص، وزيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي ما بين 6% إلى 10%، وجذب أكثر من 11 مليون سائح دولي ومحلي، وبالتأكيد تتضمن الاستراتيجية مجموعة كبيرة من المشاريع والبرامج التي تبذل حكومة السلطنة جهودها من أجل استكمالها.

كما تهدف الجهود الدبلوماسية والحكومية إلى وضع عمان على الطريق الصحيح لتحقيق الهدف طويل الأجل المتمثل في جذب 11 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2040، وهو هدف رئيسي لاستراتيجية رؤية عمان 2040، وتركز الاستراتيجية على مناطق الجذب السياحي في السلطنة بالإضافة إلى موروثها الثقافي والتراثي لتقديم عُمان كوجهة سياحية لا بد من زيارتها للعالم.

ويدعم ذلك مجموعة من التشريعات الداعمة للسياحة بما في ذلك تسهيل متطلبات الحصول على تأشيرة الدخول، ومنظومة من المبادرات التي يقودها المستثمرون، وتمكين المجتمعات المحلية، واستراتيجية تسويق مدروسة، ومكونات تراثية وثقافية ذات أصالة لا تقبل المساومة.

وتؤكد الفعاليات الثقافية والسياحية التي تُنظم في مختلف المحافظات جاذبية سلطنة عُمان وقدرتها على استقطاب الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم، وتعمل وزارة التراث والسياحة على تشجيع المحافظة على الإرث العُماني المتنوع والغني، والاستفادة من المقومات الثقافية والتراثية والطبيعية الفريدة من نوعها لتنشيط الحركة السياحية، وهو ما يتوافق مع رؤية «عُمان 2040».

وتوجد مواقع سياحية مختلفة في سلطنة عُمان ينصح السائحون بزيارتها منها محافظة مسقط التي تزخر بالعديد من الحصون والمتاحف والمزارات كجامع السلطان قابوس الأكبر ودار الأوبرا السلطانية وسوق مطرح وغيرها، وولاية بهلاء بمحافظة الداخلية المصنّفة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي وتشتهر بصناعة الفخار وغيرها من المصنوعات اليدوية، ومدينة نزوى التي تتضمن العديد من القلاع والمساجد والأفلاج والأسواق. كما ينصح بزيارة محافظة مسندم التي تحوي مشهداً بديعاً لقمم الجبال المحاطة بالبحر، ورحلات على القوارب الخشبية لمشاهدة الدلافين والحيتان ورحلات الغوص، وزيارة الجبل الأخضر الذي يتميز بطقس معتدل في فصل الصيف، إلى جانب جبل شمس الذي يكوّن أعلى قمة جبلية في سلطنة عُمان، بالإضافة إلى مشاهدة الرمال في محافظتي جنوب وشمال الشرقية التي توجد بها الكثبان الرملية الممتدُّ بعضها بارتفاع يصل إلى 100 متر.

كما تعد محافظة ظفار أحد أفضل الوجهات السياحية في سلطنة عُمان خلال موسم الصيف، وتزخر بتنوع كبير في الأودية والأماكن التي يمكن زيارتها، إضافةً إلى مواقع أثرية عديدة.

ويضاف إلى هذه المواقع وغيرها، سياحة المغامرات التي بدأت تزدهر في السلطنة، ومن أكثر المواقع جذباً للمهتمين بهذا النوع من السياحة جبال الحجر الشرقي وجبال الحجر الغربي وبعض المواقع الأخرى بمختلف المحافظات التي أصبحت مكاناً مناسباً لممارسة أنشطة سياحة المغامرات بعمان أضف إلى ذلك بعض المواقع بمحافظة ظفار، وتعمل وزارة التراث والسياحة بالتعاون مع عدد من الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص على تطوير هذه السياحة حيث نظمت خلال العام 2022 النسخة الأولى من «ملتقى عمان للسياحة» المخصص لسياحة المغامرات، والذي هدف إلى إبراز دور الموارد الطبيعية التي تنفرد بها سلطنة عمان.

وإضافة إلى الاستثمارات الكبيرة التي يتم ضخها في قطاع السياحة في عُمان، والوجهات الجديدة النابضة بالحياة قيد التطوير لتُضاف إلى الوجهات القائمة في جميع أنحاء السلطنة، نجد أن كلمة السر التي تكمل الخطط الحكومية والجهود الدبلوماسية، الإنسان العماني نفسه الذي يبتكر مشاريع ومواقع سياحية إضافية وحديثة Man-made attractions تجعل من كل محافظة عمانية قبلة للزائرين من داخل السلطنة وخارجها.