انهارت المحادثات الرامية لإنهاء الحرب في غزة، والتي تعد الأطول منذ اندلاع الصراع في أكتوبر 2023، بعدما أعلنت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سحب فريقها التفاوضي من العاصمة القطرية الدوحة. وقال مكتب نتنياهو إن القرار جاء بعد دراسة رد حركة حماس الأخير على المقترحات المطروحة، مشيرًا إلى أنه تم استدعاء الفريق إلى إسرائيل لمواصلة المشاورات.

الضغوط الدولية، ساهمت في استئناف جولة المفاوضات الأخيرة، إذ اعتبر البيت الأبيض أن إنهاء الحرب بات ضرورة ملحة، لا سيما بعد ما رآه البعض "نجاحًا" في الهجوم الإسرائيلي على إيران في يونيو الماضي. ورغم الأمل الذي خلقته هذه المبادرة، فإن العقبات بقيت كبيرة، حيث برزت خلافات حادة بين الطرفين حول شروط وقف إطلاق النار، خصوصًا مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة بعد التهدئة، وآلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى السكان المنهكين.

في الجانب الإنساني، تتدهور الأوضاع بشكل متسارع، مع تحذيرات منظمات إغاثة من تفشي المجاعة ووقوع حالات إغماء وانهيار في الشوارع نتيجة الجوع ونقص المياه. في ظل هذا المشهد القاتم، تتصاعد الضغوط على القيادات السياسية من الداخل والخارج، إذ تستعد تل أبيب لمظاهرة ضخمة تطالب بوقف الحرب وضمان الإفراج عن الرهائن المتبقين لدى حماس، ويُعتقد أن عددهم حوالي 20 رهينة ما زالوا على قيد الحياة.

وعلى الرغم من تصريحات بعض المصادر الإسرائيلية التي أكدت أن المفاوضات لم تصل إلى طريق مسدود بالكامل، إلا أن أجواء التشاؤم تسيطر على المشهد. مصادر مقربة من المفاوضات كشفت أن حماس تصر على الحصول على ضمانات مكتوبة بألا تستأنف إسرائيل القتال بعد انتهاء فترة وقف إطلاق النار المقترحة، والتي تمتد لـ60 يومًا، رغم ما قدمته واشنطن من تطمينات. كما أورد موقع "أكسيوس" أن الحركة تطالب بالإفراج عن 2000 أسير فلسطيني، من بينهم 200 محكومين بالسجن المؤبد، مقابل إطلاق الرهائن، وهو مطلب وصفه المسؤولون الإسرائيليون بأنه "غير مقبول" لكنه "غير نهائي".

يرى مراقبون أن نتنياهو يجد نفسه محاصرًا بضغوط من وزراء قوميين متطرفين في حكومته يطالبون بالسيطرة الكاملة على غزة، بما في ذلك بناء مستوطنات يهودية هناك، بينما تشير تقارير إلى أن قيادات عسكرية إسرائيلية حذّرته من أن استمرار الحرب لم يعد ذا جدوى استراتيجية واضحة، وأن التكاليف السياسية والعسكرية باتت أعلى من المكاسب.