من السماء، بدت غزة كأنها أنقاض حضارة قديمة، كُشف عنها بعد قرون من الظلام. كتل خرسانية وجدران محطمة، أحياء تغطيها الحفر، وطرقات تنتهي بلا وجهة. مدن بأكملها مُحيت، لا بسبب زلزال أو فيضان، بل نتيجة حملة عسكرية إسرائيلية دمرت كل شيء.
رحلة نادرة فوق منطقة مغلقة
في سابقة نادرة، رافق فريق صحيفة "الغارديان" البريطانية طائرة عسكرية أردنية خلال عملية إسقاط مساعدات فوق غزة. منذ 7 أكتوبر، مُنع الصحفيون الأجانب من دخول القطاع، ما جعل هذه الرحلة فرصة نادرة لمراقبة الوضع من الجو.
من فوق الأنقاض: غياب الحياة ووجود الموت
على ارتفاع 600 متر تقريبًا، ظهرت آثار القصف على أحياء غزة: مبانٍ مسحوقة، شوارع محفورة بالقذائف، ومناطق سكنية سُويت بالأرض. عبر عدسة مقربة فقط، أمكن رصد مجموعة صغيرة من الأشخاص وسط الخراب، كأنهم الحياة الوحيدة الباقية في هذا المشهد.
المساعدات تتساقط من السماء
بعد ساعة ونصف من التحليق، اقتربت الطائرة من مخيم النصيرات، وانزلقت منها 3 أطنان من المساعدات محمولة على مظلات. رغم الأهمية الرمزية لهذه الإمدادات، إلا أن حجمها لا يكفي، حسب منظمات الإغاثة، التي تؤكد أن الجوع ينتشر سريعًا، وأن الإسقاطات الجوية لا تعادل ما يمكن نقله برًا.
خسائر بشرية مؤلمة
مرّت الطائرة فوق دير البلح، حيث استشهدت الطفلة المؤثرة ياقين حماد (11 عامًا) أثناء سقيها الزهور. ثم مرت بالقرب من خان يونس، حيث دُمّر منزل الطبيبة علاء النجار، واستشهد زوجها وتسعة من أطفالها. هذه القصص تُمثّل جانبًا من الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون.
غزة: شريط أرضٍ صغير لمأساة هائلة
من الجو، بدت غزة أصغر من أن تكون ساحة لحرب بهذه الدموية. ورغم صغر مساحتها، إلا أن أكثر من 60 ألف شخص استشهدوا في الغارات الإسرائيلية، وآلاف آخرون ما زالوا تحت الأنقاض.
رفح... النهاية المفتوحة للدمار
عند اقتراب الطائرة من الأفق الجنوبي، يشير جندي إلى رفح، المدينة المدمرة حيث استشهد المئات بحثًا عن الطعام. على بُعد كيلومترات قليلة، قُصف موكب إسعاف فلسطيني في مارس، واستشهد فيه 15 من المسعفين.
سؤال عالق: ماذا تبقى ليدمر؟
عند الهبوط في قاعدة الملك عبدالله الثاني، ظلّ سؤال يتردد بين الصحفيين: متى سنرى غزة مجددًا؟ وهل بقي شيء ليدمر بعد كل هذا الخراب؟