عمان - معين درويش

عجائب سلطنة عُمان لا مثيل لها. فهذه البلاد لا تزال تُبهر كل زائرٍ يطأ تراب أرضها، وتكشف عاماً بعد عام أسرار جديدة عن جمالها المتفرد، فطبيعتها الجبلية المهيبة، وتركيبتها القَبَلية المتماسكة، وتمسّك أهلها بالعادات العربية الأصيلة، كلها تجعل منها حالة فريدة لا تشبه غيرها.كما إن شعبها متجانس ومتآلف، يعيش في قرًى مترابطة لا يُغادرها أهلها بسهولة، محافظين على جوارهم وصلاتهم، يعيشون ببساطة وسعادة وطيبة لا حدود لها.

وفي ولاية نزوى، وتحديداً في الجبل الأخضر، تقع قرية صغيرة تُدعى السوجرة؛ عمرها نصف قرن من الزمن، على ارتفاع يزيد عن 2000 متر، وهي قرية منحوتة في قلب الجبال، وكان المتسلقون والمغامرون الذين يبلغونها بعد عناء هم الشاهد الوحيد على وجودها، وفي عام 2003، تحوّلت الأيقونة إلى حقيقة تُدهش كل من سمع بها، وبدأت الزيارات تتوالى، وتكشّف جمال القرية الخفي.

ومع مرور الوقت ارتفع صدى هذه الجوهرة المحجوبة، ورغم الطريق الوعر الذي يقود إليها، أصبحت وجهة يُقبل عليها كل من عرفها أو سمع بها، فقد خطف سحرها قلوب الزوار، حتى تم افتتاح أول نُزلٍ فيها عام 2016 ليستمتع الناس بالإقامة والاستجمام وسط هذا العالم الجبلي الساكن. وما زالت الأمتعة -حتى يومنا هذا- تُنقل عبر حبل طويل يصل بين طريق السيارات والقرية، وكأنها تتشبث بخصوصيتها وتاريخها.

ومع وصول الإنترنت عام 2017، ازداد الإقبال عليها بشكل لافت، وبلغت الحجوزات في عام 2022 أكثر من 500 حجز للإقامة في نُزل صغيرة مبنية من الحجارة والطين، وافتُتح فيها مقهى ومطعم، لتصبح السوجرة اليوم معلماً يجذب الزوار من كل مكان، يبحثون فيها عن هدوء الطبيعة ورائحة الجبل وطعم قهوة يزداد لذة بسحر المكان لا بمذاقها وحده.

هذا السحر الذي انكشف في أعماق الجبل الأخضر ما هو إلا شاهد واحد على روعة السلطنة التي لا تزال تخفي الكثير من أسرارها.