اتهمت وزارة الإعلام الفلسطينية السلطات الإسرائيلية بسرقة أعضاء جثامين الشهداء المحتجزين لديها، وهي السياسة التي تتبعها تل أبيب منذ عام 1948 في ما يُعرف بمقابر الأرقام.وبحسب تقرير رسمي نشرته الوزارة فإن السلطات الإسرائيلية يحتجز جثامين 105 شهداء في الثلاجات بجانب 256 شهيدًا في مقابر الأرقام، من بينهم 9 أطفال و3 شهيدات و8 أسرى أمضوا مددًا مختلفة في سجون الاحتلال.ويرفض الاحتلال إعطاء معلومات عن أماكن احتجاز أغلب الجثامين، بل والأخطر من ذلك ما يُتداول عن استغلال إسرائيل لتلك الجثامين وسرقة أعضائها واستخدامها في معالجة مرضى إسرائيليين، وفق التقرير.وخلال السنوات الماضية نُشر العديد من الصور لشهداء احتُفظ بجثامينهم في ثلاجات، وبعد تسليم تلك الجثامين ظهر واضحًا أنها تفتقد بعض الأعضاء، إذ تكون مخيّطة بشكل يوحي أنه جرى شقّها.وأنشئ ما يُعرف بـ (بنك الجلد الإسرائيلي) عام 1985 لعلاج الجنود الإسرائيليين الذين أصيبوا بحروق، بعد أن أفتى مجلس الحاخامات الرئيسي بمشروعيته، وأثبت هذا (البنك) جدواه خلال الانتفاضة الثانية في إنقاذ حياة كثير من الإسرائيليين -على حساب جلود الشهداء الفلسطينيين- الذين ارتقوا أثناء الهجمات المستمرة والحروب، وفقًا لمصادر طبية إسرائيلية متخصصة بعلاج الحروق.وارتقى منذ بداية شهر أبريل/نيسان الجاري 16 شهيدًا وشهيدة في الضفة الغربية والداخل المحتل احتجز الجيش الإسرائيلي جثامين 7 شهداء منهم، ليصل عدد جثامين الشهداء المحتجزة منذ بداية العام الحالي إلى 13 شهيدًا من بينهم 3 شهداء من الداخل الفلسطيني المحتل، وفق بيانات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء.وترتكب سلطات الاحتلال جريمة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين منذ بداية احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1948، ويشكّل احتجاز الجثامين جريمة أخرى بعد قتلهم العمد وإعدامهم خارج إطار القانون.وتتخذ السلطات الإسرائيلية الاحتجاز وسيلة لابتزاز أهالي الشهداء الذين يعيشون في قلق وخوف ولهفة أمل اللقاء الأخير. ووفقًا لمعطيات تداولتها الصحافة الإسرائيلية، فإن تلك المقابر تفتقد الحد الأدنى من المواصفات التي تصلح لدفن الأموات، حتى إن بعضها ربما يكون قد أزيل تمامًا من الوجود بفعل انجرافات التربة.كما أن الطريقة التي يتم بها التعامل مع جثامين الشهداء تبدو مهينة، إذ يتم في أغلب الأحيان طمر الشهيد بالرمال والطين دون وضع عازل إسمنتي، كما يُدفن أحيانًا أكثر من شهيد في حفرة واحدة، وربما تضم الحفر شهداء من الرجال والنساء، وفق تقرير وزارة الإعلام الفلسطينية.وخلال السنوات الأخيرة كُشف عن أربع مقابر تقع داخل أراضي عام 1948 -وفق باحثين فلسطينيين- وهي: مقبرة (جسر بنات يعقوب) التي تقع داخل منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا، وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قُتلوا في حرب 1982 وما بعد ذلك، وتضم قرابة 500 قبر.والمقبرة الثانية هي (بير المكسور) وتقع في منطقة عسكرية مغلقة أيضًا بين أريحا وغور الأردن، ويحيط بها جدار وبوابة حديدية معلق عليها لافتة كبيرة كُتب عليها بالعبرية “مقبرة لضحايا العدو” ويوجد فيها أكثر من 100 قبر. والمقبرة الثالثة هي (ريفيديم) في غور الأردن، والرابعة مقبرة (شحيطة) في قرية وادي الحمام شمال طبرية.وفي عام 2008 أوقفت السلطات الإسرائيلية هذه السياسة ولكنها عادت إلى ممارستها كآلية ضبط وعقاب للفلسطينيين، بقرار من الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2015.وبينما كان جيش الاحتلال يُفرج عن جثامين شهداء الضفة الغربية بسهولة أكبر وضمن تقييدات أقل نسبيًا، كانت الشرطة الإسرائيلية تفرض شروطًا قاسية على تسليم الجثامين من حملة الهوية المقدسية مثل اشتراط الدفن الفوري بعد تسلّم الجثمان وتسليمه بعد منتصف الليل وبحضور عدد قليل جدًا من الأقارب ودفع كفالة مالية تصل إلى 6 آلاف دولار.وفي سبتمبر/أيلول 2019 أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارًا يجيز للقائد العسكري احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين ودفنهم مؤقتًا لغرض استخدامهم كأوراق تفاوضية مستقبلًا.وفي ديسمبر/كانون الأول 2021 أقر وزير الدفاع بيني غانتس سياسة عدم تسليم جثامين منفذي العمليات الفدائية بغض النظر عن نتائج العملية أو عن الانتماء الفصائلي للشهيد، ليسارع أعضاء في الكنيست بالدفع لتشريع قانون يخوّل شرطة الاحتلال احتجاز جثامين الشهداء، وخصوصًا في غياب أي أساس قانوني إسرائيلي يعطي الشرطة تلك الصلاحية.ويُعد استمرار احتجاز إسرائيل لجثامين الشهداء وعدم الكشف عن أماكن المفقودين مخالفة واضحة لمعاهدة لاهاي لسنة 1907 التي تتعلق بقوانين الحروب وأعرافها، ومخالفة أيضًا لاتفاقية جنيف الأولى في البند 15 و17 التي تلزم الدولة المحتلة بتسليم جثامين الشهداء لذويهم ودفنهم مع المحافظة على كرامتهم حسب معتقداتهم الدينية قدر الإمكان.