أول من سرد الدروع من حلقات هو نبي الله داود عليه السلام، وفي هذا قال الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، «سورة سبأ: الآيات 10 و11»، وقال سبحانه: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ)، «سورة الأنبياء: الآية 80"، حيث أوحى الله إليه بصناعتها من الحديد، ليحمي المقاتلين من أعدائهم، وقد جعل الله الحديد في يد داود ليّنا كالطين المبلول، ليتحكم به، ويشكِّله كيفما شاء، دون ضربه، أو تعريضه للنار، سأل الله أن يجعل له صنعة يقتات منها، فكانت هذه الصنعة هي صناعة الدروع من الحديد لتكون خفيفة ومتينة، وألانَ له الحديد، قال قتادة إن أول من صنع الدروع هو داود، حيث كانت من قبله عبارة عن صفائح، ولم يسبقه أحد إليها.

ومن فضل الله عليه، أن ألان له الحديد، ليعمل الدروع السابغات، وعلمه كيفية صنعته، بأن يقدره في السرد، يقدره حلقا ويصنعه، ثم يدخل بعضها ببعض، قال قتادة، حكي أن لقمان حضر داود عند أول درع عملها فجعل يتفكر فيها ولا يدري ما يريد ولم يسأله حتى فرغ منها ثم قام فلبسها وقال نعم جُنة الحرب هذه، فقال لقمان عند ذلك الصمت حكمة، وقليل فاعله.