يعيش أكثر من ألف فلسطيني في خوف، من احتمال طردهم من أرضهم وبيوتهم في أي وقت، بعد أن رفضت المحكمة العليا الصهيونية التماسا ضد طردهم من جزء ريفي من الضفة الغربية المحتلة في منطقة خصصها الكيان الصهيوني لإجراء تدريبات عسكرية.

مناورات قانونية غير حاسمة

فبعد نحو 20 عاماً من المناورات القانونية غير الحاسمة، أصدرت المحكمة العليا قرارها في وقت متأخر يوم الأربعاء 4 مايو، لتمهد الطريق أمام هدم ثماني قرى صغيرة في منطقة صخرية قاحلة بالقرب من الخليل، يعرفها الفلسطينيون باسم مسافر يطا والصهاينة باسم جنوب تلال الخليل.

قالت المحكمة في حكمها إنها وجدت أن السكان الفلسطينيين، الذين احتفظوا بنمط حياة تطور في المنطقة لأجيال كثيرة ويكسبون عيشهم من الزراعة والرعي، لم يكونوا مقيمين بشكل دائم في المنطقة عندما بدأ جيش الاحتلال الصهيوني إعلانها منطقة تدريب على إطلاق النار في الثمانينات.

انتهاك القانون الدولي

ويقول سكان مسافر يطا وجماعات حقوقية الصهيونية، إن العديد من العائلات الفلسطينية كانت تقيم بشكل دائم في مساحة 7400 فدان منذ ما قبل الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية عام 1967، وإن طردها سيشكل انتهاكا للقانون الدولي.

وقال محمود أبو صبحا، أحد سكان قرية الفخيت في مسافر يطا، «والله الخبر زي ما بقولوا نزل علينا زي الصاعقة، يعني ما كناش نتوقع أصلا خبر زي هيك، وهذا خبر ظالم لها الناس، يهجروهم من أرضهم، طول عمرهم عايشين فيها هان».

وأضاف، «يعني هاذ احنا تربينا فيها وعشنا فيها، ويعني مصدر رزقنا هان، ويعني مصدر رزق الناس كلها على تربية الأغنام والزراعة، فش بديل ثاني مثلاً بدك تروح، يعني بتقدرش مثلاً تروح تعيش بغنم في وسط المدينة».

وتابع، قائلاً «أبوي الله يرحمه مواليد الـ ٤٩ يعني كان يخرفنا ويقول أمه جابته في المنطقة هاي، ها، يعني من قبل ما تحتلنا الصهاينة، اللي بتدعي إنها هاي المنطقة لها».

وتساءلت وضحة الحج، وهي في الستين من عمرها ومن سكان الفخيت في مسافر يطا أيضاً، قائلة «يعني وين نروح، يعني فش لنا مجال يهما مروح في من مرة من مرة، ملناش يعني لا جلدة هيك ولا جلدة هيك، باقولك يعني وأنت قد البنت هاذي يمكن أمي جابتني هان، وإحنا في ها البلاد هاي، يعني فش لنا مجال بالمرة، دايما محطوطين هان، صيف شتا مغروسين هان».

وقالت المحكمة، إن الباب لا يزال مفتوحا أمام القرويين للاتفاق مع الجيش على استخدام أجزاء من الأرض للأغراض الزراعية وحثت الجانبين على السعي للتوصل إلى تسوية.

ويؤكد الفلسطينيون سكان منطقة مسافر يطا أنهم لن يغادروا أرضهم وبيوتهم.

ومن هؤلاء علي الجبارين، أحد سكان جنباً في مسافر يطا، الذي قال لتلفزيون رويترز «أنا يعني صرت لاجئ في الـ ٦٧ وها الحين يعني كمان أصير لاجئ في العشرينات».

«الخبر فجع الجميع، فجع يعني السكان كلهم، فجع الناس، مكناش نتوقع من هذا الخبر ولا كنا نتوقع من هذا الشي ومن هذه محكمة عدل عليا، يعني كيف بيحكموا على أرض لها أوراق ولها ثبوتية، وهذه الأرض لها ثبوتية يعني مش من اليوم في الماضي، فيه عندنا أوراق ثابتة، فيه حتى في بريطانيا، في تركيا، وفيه ورق ثبوتات في الـ ٥٤ أبو عمر اللي هو وقت الأردن موجود معانا إثباتات في أرضنا وإحنا ما أخلينا المنطقة كانوا يحاولوا يخلونا لكن لا ما بنخليش».

وأضاف الجبارين، «حتى لو أعطوني هدية في روابي، هذي روابي عندي ولا شي، أنا ما بحبها، أنا بحب مغارة جنبا بس، مغارة جنبا وأرضي، فيه لي زيتون في جنبا، فيه لي زرع قمح وغنماتي، أنا عايش في هذه المنطقة وما بدي أطلع من منطقتي، انولدت فيها».

وقالت سميحة الجبارين، من سكان جنباً في مسافر يطا، «طبعا بسكنوا ليش، بيجوا الجيش يدربوه، هيهم يبقوا يدربوا في التدريب، في الزيتون، في الأقرن، وأنا قاعده مطرحي، يمكن يقوموني من شان يدربوا، الله أعلم».

عواقب غير مسبوقة

وقالت جمعية حقوق المواطن في الكيان الصهيوني، التي قدمت مع سكان مسافر يطا التماسا ضد الطرد، إن الحكم سيكون له «عواقب غير مسبوقة».

وأضافت الجمعية في بيان، أن «المحكمة العليا سمحت رسميا بترك عائلات بأكملها، بأطفالها وكبار السن فيها، دون سقف فوق رؤوسهم».