بي بي سي نيوز عربي
"لا آكل إلا الحلال ، ولا أشعر براحة ولا اطمئنان للطعام إلا إذا كانت عليه علامة حلال" هكذا حكت لي مروة عن أهم شروطها عندما تذهب لشراء احتياجاتها الغذائية.
وتقول مروة لبي بي سي "كل شيء في مطبخي حلال، حتى حلوى الأطفال والشيكولاته والألبان والأجبان، هذا ما يحب أن اقدمه لزوجي وابنتي البالغة من العمر 12 عاما".
مروة هاجرت من مصر قبل 15 عاما وتعيش مع أسرتها في هولندا، وهي واحدة من مئات الملايين حول العالم يعتمدون بشكل أساسي في مأكلهم ومشربهم على المنتجات الحلال. الأمر الذي جعل سوق المنتجات الحلال الأسرع نموا حول العالم.
وتؤكد مروة أن المنتجات الحلال متوفرة في كل المتاجر القريبة من منزلها، وفي سلاسل المتاجر الكبيرة المنتشرة في مناطق تجمع المسلمين والعرب في مختلف أنحاء البلاد، إذ يتم تخصيص ركن بعينه للمنتجات الحلال.
كما تنتشر محلات المغاربة والأتراك بشكل كبير في منطقتها، ما يمكنها من شراء منتجات حلال وأيضا أطعمة شبيهة بتلك التي كانت تشتريها في مصر.
"مياه ومواد تجميل حلال"
وبحسب تقرير حالة الاقتصاد الإسلامي العالمي 2020 الصادر عن مؤسسة دينار استاندرد التي تتخذ من دبي مقرا لها، فإن ما يعرف بالاقتصاد الحلال يشكل 3.7 % من إجمالي التجارة العالمية.
وتقدر القيمة السوقية لهذه المنتجات التى توصف بـ"الحلال" عالميا، بـ 2.2 تريليون دولار خلال عام 2019 ، حسبما يقول التقرير.
تجميل حلال
واتسعت المجالات التي تشملها التجارة الحلال لتضم إلى جانب اللحوم و الدواجن والألبان والأجبان الخالية من دهون الخنزير، والمياه المحفوظة في حاويات لم يتم تخزين كحوليات فيها، والحلويات التي لا تحتوي على غلاتين حيواني والفيتامينات غير المحتوية على دهون خنزير.
إلى جانب المأكولات والمشروبات اتسع سوق البضائع الحلال ليضم منتجات التجميل الحلال، وهي المنتجات التي لا يدخل فى تصنيعها أي دهون خنزير أو كحول.
أما السياحة الحلال التي تتوجه إلى أماكن فعادة ما تكون مؤهلة لاستقبال عائلات ملتزمة دينيا وتحديداً الفنادق والمنتجعات التي لا تسمح ببيع أو تقديم المشروبات الكحولية أو لحوم الخنزير، وكذلك التي تخصّص مسابح للنساء فقط دون اختلاط بين الجنسين، ولا توجد بها أندية ليلية أو صالات قمار. والأزياء الحلال، وهي الأزياء المحتشمة التي ترتديها المحجبات. كذلك سوق المعاملات المالية الحلال لتعاملات البنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات التمويل الإسلامي والشركات التي تعمل وفق النظم الإسلامية.
ويعد سوق الأطعمة والمشروبات الحلال الأكبر مقارنة ببقية المنتجات الحلال، وتستحوذ هذه المنتجات على نصيب الأسد من حجم الإنفاق العالمي على المنتجات الحلال.
ويُنفق على الأغذية والمشروبات الحلال حول العالم 1.17 تريليون دولار سنويا، بينما ينفق أقل من تريليون دولار على بقية المنتجات التى توصف بالحلال.
وتنفق مروة وأسرتها من 80 -90 يورو أسبوعيا على شراء المنتجات الحلال، أي ما يعادل نحو 86 - 96 دولارا. و رغم ذلك فهي تؤكد أن أسعار هذه المنتجات في متناول الأسر المسلمة وأنها تقريبا بنفس سعر المنتجات الأخرى "غير الحلال".
ومن إجمالي تجارة الأغذية حول العالم، تمثل تجارة الأغذية والمشروبات الحلال 30% ، أي أن ثلث الأطعمة تقريبا التى تباع حول العالم سواء في دول مسلمة أو غير مسلمة هي منتجات حلال.
وبحسب إحصاءات الاتحاد العالمي للأغذية الحلال الصادرة في أغسطس/ آب من عام 2017، بلغ عدد الذين استهلكوا أطعمة حلال ملياري شخص تقريباً حول العالم.
لكن المفارقة أن الدول العشر الأكثر تصديراً للمنتجات الحلال، هى دول غير مسلمة، وهي الهند والبرازيل والنمسا والولايات المتحدة والأرجنتين ونيوزيلندا وفرنسا وتايلاند والفلبين وسنغافورة.
وتبلغ حصة ما تنتجه تلك الدول من إجمالي سوق المنتجات الحلال حول العالم نحو 85%، فيما تبلغ حصة الدول المسلمة من إنتاج و بيع منتجات حلال15% فقط . وتأتي ماليزيا وإندونيسيا وتركيا في مقدمة الدول المسلمة المساهمة في الاقتصاد الحلال.وتحتل تركيا مكانة متميزة حيث يبلغ حجم صادراتها أكثر من 20 مليار دولار سنويا.
وتشكل شركات بيع المنتجات الحلال التركية التي تصدر لعدد من العواصم الأوروبية ما يُقارب الـ 15 % من إجمالي شركات إنتاج الغذاء في تركيا.
كعكة الحلال
ويقول د.كميل الساري أستاذ الاقتصاد في جامعة السوربون في باريس لبي بي سي إن سوق المنتجات الحلال قد شهد نموا عالميا خلال الـ 40 سنة الأخيرة ، فقبل ذلك لم تكن العواصم الأوروبية تشهد رواجا لمثل هذه المنتجات.
ويعزي الساري ذلك إلى"زيادة عدد السكان المسلمين في أوروبا خلال السنوات الأخيرة سواء كانوا نازحين من بلادهم بسبب الحروب أو مهاجرين اقتصاديين أو دارسين، إلى جانب التأثير الكبير للفقهاء والمشايخ على أفكار المسلمين بحيث أصبحوا حريصين للغاية على البحث عن المنتجات الحلال و إلا يكونوا قد ارتكبوا ذنبا، هو ما لم الحال قبل 50 عاما".
ويؤكد أنه خلال السنوات الأخيرة انتشرت الأفكار "الوهابية" والأفكار المرتبطة بالإسلام الظاهري في دول أوروبية عدة، فأصبح الحجاب والبحث عن المنتجات الحلال مسألة عادية وعليها إقبال غير مسبوق.
إلى جانب هذين السببين تشير الدراسات إلى أن المحرك الرئيسي لنمو سوق الحلال عالمياً يكمن أيضا في تطور اقتصادات الدول الإسلامية، وتزايد الطلب والإقبال على منتجات الحلال من أسواق جديدة في أوروبا واليابان والهند والصين.
وبتزايد الطلب بصورة كبيرة على المنتجات الحلال، إذ اتجهت سلاسل متاجر الغذاء العملاقة في معظم دول العالم لتوفير هذا النوع من المنتجات بهدف تحقيق تعزيز أرباحها باستقطاب الزبائن من المسلمين حول العالم.
وبالفعل، تتجه الشركات متعددة الجنسيات لبيع و توريد هذه المنتجات فمثلا وول مارت وكارفور تعد من كبار الموردين للمنتجات الحلال، كما أن شركات مثل نستله اقتحمت هذا المجال وأصبحت رائدة عالمية في إنتاج وتوريد الأغذية الحلال التي تستهدف المسلمين وغيرهم على حد سواء.
ووفقاً لتعاليم الديانتين الإسلامية واليهودية، فإن الحيوان المذبوح يجب أن يكون سليماً من الناحية الصحية، كما يجب إسالة دمه مع عدم استخدام الصعق الكهربائي أو التخدير قبل الذبح وهي الطرق المتبعة في معظم الدول الأوروبية.
"الحلال أطعم"
تمتلئ أرفف الطعام في أكبر المتاجر الغذائية في العاصمة البريطانية، لندن على سبيل المثال بمنتجات تحمل علامة حلال.
وفي واحد من أكبر المتاجر في وسط لندن، التقيت بأبو إبراهيم صاحب المتجر وقال لبي بي سي إن سوق المنتجات الحلال لا يقتصر على المسلمين فقط، "يأتي أجانب كثيرون يبحثون عن أطعمة حلال، وغالبا ما يفضلون طعم هذا النوع المنتجات، فاللحوم الحلال من وجهة نظر من يشترون مني تنضج أسرع وطعمها أفضل".
أبو إبراهيم، يعتمد على دواجن مذبوحة وفقا للشريعة الإسلامية في بريطانيا، لكنه يستورد اللحوم الحلال من هولندا ونيوزيلندا. ويؤكد أنها حلال 100% و يتم التأكد من الشهادات المرافقة لكل شحنة من اللحوم ، لكن هاتين الدولتين تشتهران باللحوم "شهية الطعم".
وتمنع معظم الدول الأوروبية ذبح الماشية وفقا للشريعة الإسلامية لأسباب تتعلق بحماية حقوق الحيوان، لكن يتم استيراد هذه المنتجات من دول أخرى وأحيانا يتم السماح في عدد معين من المذابح باتباع الشريعة الإسلامية في الذبح.
وينصّ القانون الأوروبي على وجوب تخدير الحيوان قبل ذبحه، مع استثناءات تتعلق بالذبح وفق قواعد دينية، غير أن هذا القانون يسمح للدول الأعضاء باعتماد قواعد تضمن حماية أكبر للحيوانات، مع الإشارة إلى أن المادة 205 من لائحة المعلومات حول المواد الغذائية في الاتحاد الأوروبي، تنصّ على وجوب ذكر الطريقة التي ذُبح بها الحيوان على جميع العبوّات، وبالتالي، فإن تلك المادة تراعي التباين في المعتقدات بشأن طريقة ذبح الحيوان.
كما أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي وقعت عليها جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تضمن الحرية الدينية، ورغم ذلك، فقد حظرت دول أخرى في الاتحاد الأوروبي كالدنمارك والسويد وسلوفينيا الذبح التقليدي، غير أنه لا زال يسمح بالذبح الحلال حسب الشرائع الدينية، في كل من: ألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا واليونان وإسبانيا وإستونيا وفنلندا وبولندا.
هل ما يحمل العلامة حلال فعلا؟
يقول كميل الساري إن هناك شكوكا في كون المنتجات التي تحمل علامة حلال والمنتشرة في السوق الأوروبية "حلال" بالفعل. فأنظمة الرقابة على الأغذية في الدول الأوروبية تراقب جودة الطعام، مطابقته للمواصفات ونظافته واتباعه لقواعد الحفاظ على الصحة والبيئة، لكن لا تراقب مطابقة هذه المنتجات للقواعد الإسلامية في الذبح أو غيره.
وتختلف أسعار المنتجات الحلال في العواصم الأوروبية وبعضها، ففي بريطانيا مثلا ترتفع أسعار المنتجات الحلال عن مثيلتها من غير الحلال بشكل ضئيل للغاية، أما في هولندا بحسب ما أكدته مروة تقريبا الأسعار واحدة، وففي فرنسا حيث يقيم الساري منذ 20 عاما تكون أسعار المنتجات الحلال أقل من المنتجات غير الحلال، إذ تستهدف هذه المنتجات الغالبية المسلمة وهي الطبقة الأفقر في معظم الدول الأوروبية.
وتوجه الانتقادات لسوق المنتجات الحلال باعتبارها تعبر عن وجود إسلامي متزايد في الشواع الأوروبية، وتشكل تغييرا ثقافيا في هذه المجتمعات ، كما أنها تشجع على ما يعتبر "انتهاكا لحقوق الحيوان" .
رغم ذلك تتوقع دراسة حديثة نشرتها وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، أن يواصل سوق المنتجات الحلال العالمي نموه ليصل إلى 10 تريليونات دولار خلال عام 2030 .
"لا آكل إلا الحلال ، ولا أشعر براحة ولا اطمئنان للطعام إلا إذا كانت عليه علامة حلال" هكذا حكت لي مروة عن أهم شروطها عندما تذهب لشراء احتياجاتها الغذائية.
وتقول مروة لبي بي سي "كل شيء في مطبخي حلال، حتى حلوى الأطفال والشيكولاته والألبان والأجبان، هذا ما يحب أن اقدمه لزوجي وابنتي البالغة من العمر 12 عاما".
مروة هاجرت من مصر قبل 15 عاما وتعيش مع أسرتها في هولندا، وهي واحدة من مئات الملايين حول العالم يعتمدون بشكل أساسي في مأكلهم ومشربهم على المنتجات الحلال. الأمر الذي جعل سوق المنتجات الحلال الأسرع نموا حول العالم.
وتؤكد مروة أن المنتجات الحلال متوفرة في كل المتاجر القريبة من منزلها، وفي سلاسل المتاجر الكبيرة المنتشرة في مناطق تجمع المسلمين والعرب في مختلف أنحاء البلاد، إذ يتم تخصيص ركن بعينه للمنتجات الحلال.
كما تنتشر محلات المغاربة والأتراك بشكل كبير في منطقتها، ما يمكنها من شراء منتجات حلال وأيضا أطعمة شبيهة بتلك التي كانت تشتريها في مصر.
"مياه ومواد تجميل حلال"
وبحسب تقرير حالة الاقتصاد الإسلامي العالمي 2020 الصادر عن مؤسسة دينار استاندرد التي تتخذ من دبي مقرا لها، فإن ما يعرف بالاقتصاد الحلال يشكل 3.7 % من إجمالي التجارة العالمية.
وتقدر القيمة السوقية لهذه المنتجات التى توصف بـ"الحلال" عالميا، بـ 2.2 تريليون دولار خلال عام 2019 ، حسبما يقول التقرير.
تجميل حلال
واتسعت المجالات التي تشملها التجارة الحلال لتضم إلى جانب اللحوم و الدواجن والألبان والأجبان الخالية من دهون الخنزير، والمياه المحفوظة في حاويات لم يتم تخزين كحوليات فيها، والحلويات التي لا تحتوي على غلاتين حيواني والفيتامينات غير المحتوية على دهون خنزير.
إلى جانب المأكولات والمشروبات اتسع سوق البضائع الحلال ليضم منتجات التجميل الحلال، وهي المنتجات التي لا يدخل فى تصنيعها أي دهون خنزير أو كحول.
أما السياحة الحلال التي تتوجه إلى أماكن فعادة ما تكون مؤهلة لاستقبال عائلات ملتزمة دينيا وتحديداً الفنادق والمنتجعات التي لا تسمح ببيع أو تقديم المشروبات الكحولية أو لحوم الخنزير، وكذلك التي تخصّص مسابح للنساء فقط دون اختلاط بين الجنسين، ولا توجد بها أندية ليلية أو صالات قمار. والأزياء الحلال، وهي الأزياء المحتشمة التي ترتديها المحجبات. كذلك سوق المعاملات المالية الحلال لتعاملات البنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات التمويل الإسلامي والشركات التي تعمل وفق النظم الإسلامية.
ويعد سوق الأطعمة والمشروبات الحلال الأكبر مقارنة ببقية المنتجات الحلال، وتستحوذ هذه المنتجات على نصيب الأسد من حجم الإنفاق العالمي على المنتجات الحلال.
ويُنفق على الأغذية والمشروبات الحلال حول العالم 1.17 تريليون دولار سنويا، بينما ينفق أقل من تريليون دولار على بقية المنتجات التى توصف بالحلال.
وتنفق مروة وأسرتها من 80 -90 يورو أسبوعيا على شراء المنتجات الحلال، أي ما يعادل نحو 86 - 96 دولارا. و رغم ذلك فهي تؤكد أن أسعار هذه المنتجات في متناول الأسر المسلمة وأنها تقريبا بنفس سعر المنتجات الأخرى "غير الحلال".
ومن إجمالي تجارة الأغذية حول العالم، تمثل تجارة الأغذية والمشروبات الحلال 30% ، أي أن ثلث الأطعمة تقريبا التى تباع حول العالم سواء في دول مسلمة أو غير مسلمة هي منتجات حلال.
وبحسب إحصاءات الاتحاد العالمي للأغذية الحلال الصادرة في أغسطس/ آب من عام 2017، بلغ عدد الذين استهلكوا أطعمة حلال ملياري شخص تقريباً حول العالم.
لكن المفارقة أن الدول العشر الأكثر تصديراً للمنتجات الحلال، هى دول غير مسلمة، وهي الهند والبرازيل والنمسا والولايات المتحدة والأرجنتين ونيوزيلندا وفرنسا وتايلاند والفلبين وسنغافورة.
وتبلغ حصة ما تنتجه تلك الدول من إجمالي سوق المنتجات الحلال حول العالم نحو 85%، فيما تبلغ حصة الدول المسلمة من إنتاج و بيع منتجات حلال15% فقط . وتأتي ماليزيا وإندونيسيا وتركيا في مقدمة الدول المسلمة المساهمة في الاقتصاد الحلال.وتحتل تركيا مكانة متميزة حيث يبلغ حجم صادراتها أكثر من 20 مليار دولار سنويا.
وتشكل شركات بيع المنتجات الحلال التركية التي تصدر لعدد من العواصم الأوروبية ما يُقارب الـ 15 % من إجمالي شركات إنتاج الغذاء في تركيا.
كعكة الحلال
ويقول د.كميل الساري أستاذ الاقتصاد في جامعة السوربون في باريس لبي بي سي إن سوق المنتجات الحلال قد شهد نموا عالميا خلال الـ 40 سنة الأخيرة ، فقبل ذلك لم تكن العواصم الأوروبية تشهد رواجا لمثل هذه المنتجات.
ويعزي الساري ذلك إلى"زيادة عدد السكان المسلمين في أوروبا خلال السنوات الأخيرة سواء كانوا نازحين من بلادهم بسبب الحروب أو مهاجرين اقتصاديين أو دارسين، إلى جانب التأثير الكبير للفقهاء والمشايخ على أفكار المسلمين بحيث أصبحوا حريصين للغاية على البحث عن المنتجات الحلال و إلا يكونوا قد ارتكبوا ذنبا، هو ما لم الحال قبل 50 عاما".
ويؤكد أنه خلال السنوات الأخيرة انتشرت الأفكار "الوهابية" والأفكار المرتبطة بالإسلام الظاهري في دول أوروبية عدة، فأصبح الحجاب والبحث عن المنتجات الحلال مسألة عادية وعليها إقبال غير مسبوق.
إلى جانب هذين السببين تشير الدراسات إلى أن المحرك الرئيسي لنمو سوق الحلال عالمياً يكمن أيضا في تطور اقتصادات الدول الإسلامية، وتزايد الطلب والإقبال على منتجات الحلال من أسواق جديدة في أوروبا واليابان والهند والصين.
وبتزايد الطلب بصورة كبيرة على المنتجات الحلال، إذ اتجهت سلاسل متاجر الغذاء العملاقة في معظم دول العالم لتوفير هذا النوع من المنتجات بهدف تحقيق تعزيز أرباحها باستقطاب الزبائن من المسلمين حول العالم.
وبالفعل، تتجه الشركات متعددة الجنسيات لبيع و توريد هذه المنتجات فمثلا وول مارت وكارفور تعد من كبار الموردين للمنتجات الحلال، كما أن شركات مثل نستله اقتحمت هذا المجال وأصبحت رائدة عالمية في إنتاج وتوريد الأغذية الحلال التي تستهدف المسلمين وغيرهم على حد سواء.
ووفقاً لتعاليم الديانتين الإسلامية واليهودية، فإن الحيوان المذبوح يجب أن يكون سليماً من الناحية الصحية، كما يجب إسالة دمه مع عدم استخدام الصعق الكهربائي أو التخدير قبل الذبح وهي الطرق المتبعة في معظم الدول الأوروبية.
"الحلال أطعم"
تمتلئ أرفف الطعام في أكبر المتاجر الغذائية في العاصمة البريطانية، لندن على سبيل المثال بمنتجات تحمل علامة حلال.
وفي واحد من أكبر المتاجر في وسط لندن، التقيت بأبو إبراهيم صاحب المتجر وقال لبي بي سي إن سوق المنتجات الحلال لا يقتصر على المسلمين فقط، "يأتي أجانب كثيرون يبحثون عن أطعمة حلال، وغالبا ما يفضلون طعم هذا النوع المنتجات، فاللحوم الحلال من وجهة نظر من يشترون مني تنضج أسرع وطعمها أفضل".
أبو إبراهيم، يعتمد على دواجن مذبوحة وفقا للشريعة الإسلامية في بريطانيا، لكنه يستورد اللحوم الحلال من هولندا ونيوزيلندا. ويؤكد أنها حلال 100% و يتم التأكد من الشهادات المرافقة لكل شحنة من اللحوم ، لكن هاتين الدولتين تشتهران باللحوم "شهية الطعم".
وتمنع معظم الدول الأوروبية ذبح الماشية وفقا للشريعة الإسلامية لأسباب تتعلق بحماية حقوق الحيوان، لكن يتم استيراد هذه المنتجات من دول أخرى وأحيانا يتم السماح في عدد معين من المذابح باتباع الشريعة الإسلامية في الذبح.
وينصّ القانون الأوروبي على وجوب تخدير الحيوان قبل ذبحه، مع استثناءات تتعلق بالذبح وفق قواعد دينية، غير أن هذا القانون يسمح للدول الأعضاء باعتماد قواعد تضمن حماية أكبر للحيوانات، مع الإشارة إلى أن المادة 205 من لائحة المعلومات حول المواد الغذائية في الاتحاد الأوروبي، تنصّ على وجوب ذكر الطريقة التي ذُبح بها الحيوان على جميع العبوّات، وبالتالي، فإن تلك المادة تراعي التباين في المعتقدات بشأن طريقة ذبح الحيوان.
كما أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي وقعت عليها جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تضمن الحرية الدينية، ورغم ذلك، فقد حظرت دول أخرى في الاتحاد الأوروبي كالدنمارك والسويد وسلوفينيا الذبح التقليدي، غير أنه لا زال يسمح بالذبح الحلال حسب الشرائع الدينية، في كل من: ألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا واليونان وإسبانيا وإستونيا وفنلندا وبولندا.
هل ما يحمل العلامة حلال فعلا؟
يقول كميل الساري إن هناك شكوكا في كون المنتجات التي تحمل علامة حلال والمنتشرة في السوق الأوروبية "حلال" بالفعل. فأنظمة الرقابة على الأغذية في الدول الأوروبية تراقب جودة الطعام، مطابقته للمواصفات ونظافته واتباعه لقواعد الحفاظ على الصحة والبيئة، لكن لا تراقب مطابقة هذه المنتجات للقواعد الإسلامية في الذبح أو غيره.
وتختلف أسعار المنتجات الحلال في العواصم الأوروبية وبعضها، ففي بريطانيا مثلا ترتفع أسعار المنتجات الحلال عن مثيلتها من غير الحلال بشكل ضئيل للغاية، أما في هولندا بحسب ما أكدته مروة تقريبا الأسعار واحدة، وففي فرنسا حيث يقيم الساري منذ 20 عاما تكون أسعار المنتجات الحلال أقل من المنتجات غير الحلال، إذ تستهدف هذه المنتجات الغالبية المسلمة وهي الطبقة الأفقر في معظم الدول الأوروبية.
وتوجه الانتقادات لسوق المنتجات الحلال باعتبارها تعبر عن وجود إسلامي متزايد في الشواع الأوروبية، وتشكل تغييرا ثقافيا في هذه المجتمعات ، كما أنها تشجع على ما يعتبر "انتهاكا لحقوق الحيوان" .
رغم ذلك تتوقع دراسة حديثة نشرتها وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، أن يواصل سوق المنتجات الحلال العالمي نموه ليصل إلى 10 تريليونات دولار خلال عام 2030 .