«لو نجا أبو مالك، فإن تجربته ببرنامج صدام حسين كانت ستجعل تهديد تنظيم داعش الكيماوية والبيولوجية أعلى.. أمر مرعب التفكير في ما سيحدث لو استخدم التنظيم أسلحة كيماوية بدلاً من البنادق والقنابل في واحدة من هجماته على أوروبا».
هذا الكلام لجورج كوبلينتز خبير الأسلحة الكيماوية بجامعة جورج ميسون، متحدثاً عن ضابط عراقي خبير بالأسلحة الكيماوية، عمل مع «داعش» عدة أشهر، وكان قريباً من توفير كمية هائلة من الأسلحة الكيماوية، لو لم يتم قتله بغارة أميركية.
القصة استعرضها جوبي واريك، في تقرير أعده لصحيفة واشنطن بوست، واستعان فيه بتقرير استخباراتي أعدته المخابرات الكردية.
يقول واريك إن «داعش» فكر باستخدام أسلحة كيماوية ضد أوروبا، ولتحقيق هذا المسعى، عقد الزعيم السابق للتنظيم أبو بكر البغدادي - الذي كان أتباعه يسيطرون على المدن في سوريا والعراق - اجتماعاً صيف 2014 مع عدد من القادة والخبراء، كان بينهم رجل قصير لا يتعدى طوله خمسة أقدام، أُفرج عنه قبل فترة قصيرة من سجون الأميركيين والعراقيين، اسمه صالح السبعاوي.
قبل ذلك، كان السبعاوي ضابطاً معروفاً، حيث درس الهندسة في روسيا، وساعد مرة رئيس النظام العراقي البائد صدام حسين على بناء ترسانة من الأسلحة الكيماوية.
طلب البغدادي مقابلة السبعاوي (52 عاماً)، وأراد عرض وظيفة عليه، وقبل السبعاوي. وبدأت عملية إنتاج ترسانة أسلحة كيماوية وبيولوجية لم يحصل عليها أي تنظيم إرهابي من قبل، وكان من المتوقع خلال ستة أشهر حصول «داعش» على قدرات إنتاج غاز الخردل وقنابل ومقذوفات صاروخية معبأة بالكلور.
ويقول المسؤولون الأكراد إن سبعاوي ربما كان على معرفة بالبغدادي أثناء السجن، إلا أن التنظيم اهتم بالجنرال السابق وخبرته بعد سيطرته على الموصل عام 2014.
ذهب متحمّساً
يكشف ملف سبعاوي أنه ذهب متحمسا للعمل مع «داعش»، خلافاً لأكاديميين وخبراء عراقيين، قالوا إنهم أجبروا على العمل مع التنظيم. وبدأ العمل من وادي عقاب، وهي منطقة صناعية قريبة من الموصل.
وعام 2014 جنّد التنظيم كل المختبرات والمخازن لتوفير أجهزة لصناعة كل أنواع الأسلحة. وذهب الجهاديون إلى كل مدرسة ومصنع وعيادة طبية وجردوها من أي جهاز نافع.
وفي تقرير أميركي، العام الماضي، عرض التنظيم استخدام السجناء العراقيين في عمليات اختبار الأسلحة التي يصنعها سبعاوي.
وعندما اكتشف المسؤولون في واشنطن خطط التنظيم لاستخدام الأسلحة الكيماوية، شعروا بالرعب وزاد خوفهم عندما اكتشفوا أن التنظيم يخطط لإنتاج كميات كبيرة للتصدير إلى الجماعات الإرهابية في الخارج، فالسبعاوي - الذي عُرف داخل التنظيم باسم أبي مالك - كانت لديه خطة أوسع، هي إنتاج أسلحة دمار شامل لاستخدامها في العراق والخارج.
وعلم المسؤولون الأميركيون - من خلال التنصّت الإلكتروني - بخطط سبعاوي لإنتاج أسلحة كيماوية، من خلال مادة البولتونيوم ورايسين.
وقال مسؤول أميركي: «كانوا يتطلعون تحديدا نحو أوروبا الغربية. نعرف أنهم كانوا مهتمين بالقواعد العسكرية الأميركية في القارة وفي أي مكان آخر. وكانوا سيبدؤون بالهدف الأسهل».
وتم وضع سبعاوي في خريف 2014 تحت رقابة مستمرة من قبل وحدات العمليات الخاصة، وبدعم من القوات الكردية.
وجرت مراقبة تحركاته اليومية من مختبره في جامعة الموصل إلى محل إقامته في حي الميثاق، البعيد ستة أميال عن الجامعة.
وفي يناير 2015 كان سبعاوي يقود سيارته برفقة ابنه، غير عارف بالرقابة، وانطلق صاروخ من مسيرة على الأرجح وقتل الراكبين.
وتبع ذلك غارات أخرى استهدفت شبكات تابعة للتنظيم وبحلول 2016 تم تدمير كل منشآت إنتاج الأسلحة الكيماوية المعروفة، مع أن عدداً من المتعاونين مع سبعاوي نجوا ولا يزالون على قيد الحياة.
أول ذكر
كان أول ذكر لسبعاوي - الذي عرف أيضاً بأمير الأسلحة الكيماوية - في بيان للبنتاغون عام 2015 حيث تحدث عن مقتل خبير مواد كيماوية اسمه أبو مالك. ولم يعرف أحد عن خبرة سبعاوي في تقديم أسلحة، يمكن للتنظيم توطيد مكتسباته في العراق وسوريا من خلالها.
واستخدام التنظيم كميات قليلة من المواد الكيماوية ضد القوات العراقية والكردية ليس جديداً، فقد استخدم السلاح الكيماوي حتى تم تحرير الموصل.
وحاولت عدة جماعات إرهابية مثل «القاعدة» البحث عن طرق لإنتاج المواد الكيماوية، إلا أن تجنيد «داعش» للسبعاوي كان حالة نادرة، في ضوء خبرته العملية في إنتاج الأسلحة الكيماوية.
ما قبل التنظيم
حسب ملفه الذي أعده الأكراد، انضم السبعاوي بعد الغزو الأميركي عام 2003 إلى تنظيم القاعدة، ثم اعتقل عام 2005 حيث بقي لدى الأميركيين في سجن عراقي مدة سبعة أعوام.
وكجنرال سابق احتفظ بعلاقات سياسية وأمنية جعلته قادراً على الخروج من السجن عام 2012، في الوقت المناسب الذي بدأ تنظيمه السابق باستعادة قوته وباسم جديد وهو «داعش».
عمل سبعاوي في مؤسسة المثنى التي كانت قاعدة إنتاج الأسلحة الكيماوية في عهد صدام حسين، وعمل في المؤسسة عام 1989 عندما كان عمره 28 عاماً.
وكمهندس كيماوي، تدرب في العراق والاتحاد السوفييتي السابق، وظل في المؤسسة حتى وقف عملياتها بعد حرب الخليج عام 1991.
وفي ذروة إنتاج المؤسسة كانت قادرة على إنتاج 500 طن من غاز الخردل وعوامل أخرى مثل غاز الأعصاب والسارين وتابون وفي إكس.
وعمل سبعاوي في مجال غاز الخردل خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمله بالمؤسسة. وبعد تفكيك برنامج الأسلحة الكيماوية وجد سبعاوي أن خدماته لم تعد مطلوبة، وظل في الجيش حيث رُفّع لمرتبة جنرال، ولم يتخلّص من مشاعر السخط لخسارة البرامج الكيماوية العراقية التي فككها مفتشو الأمم المتحدة.
هذا الكلام لجورج كوبلينتز خبير الأسلحة الكيماوية بجامعة جورج ميسون، متحدثاً عن ضابط عراقي خبير بالأسلحة الكيماوية، عمل مع «داعش» عدة أشهر، وكان قريباً من توفير كمية هائلة من الأسلحة الكيماوية، لو لم يتم قتله بغارة أميركية.
القصة استعرضها جوبي واريك، في تقرير أعده لصحيفة واشنطن بوست، واستعان فيه بتقرير استخباراتي أعدته المخابرات الكردية.
يقول واريك إن «داعش» فكر باستخدام أسلحة كيماوية ضد أوروبا، ولتحقيق هذا المسعى، عقد الزعيم السابق للتنظيم أبو بكر البغدادي - الذي كان أتباعه يسيطرون على المدن في سوريا والعراق - اجتماعاً صيف 2014 مع عدد من القادة والخبراء، كان بينهم رجل قصير لا يتعدى طوله خمسة أقدام، أُفرج عنه قبل فترة قصيرة من سجون الأميركيين والعراقيين، اسمه صالح السبعاوي.
قبل ذلك، كان السبعاوي ضابطاً معروفاً، حيث درس الهندسة في روسيا، وساعد مرة رئيس النظام العراقي البائد صدام حسين على بناء ترسانة من الأسلحة الكيماوية.
طلب البغدادي مقابلة السبعاوي (52 عاماً)، وأراد عرض وظيفة عليه، وقبل السبعاوي. وبدأت عملية إنتاج ترسانة أسلحة كيماوية وبيولوجية لم يحصل عليها أي تنظيم إرهابي من قبل، وكان من المتوقع خلال ستة أشهر حصول «داعش» على قدرات إنتاج غاز الخردل وقنابل ومقذوفات صاروخية معبأة بالكلور.
ويقول المسؤولون الأكراد إن سبعاوي ربما كان على معرفة بالبغدادي أثناء السجن، إلا أن التنظيم اهتم بالجنرال السابق وخبرته بعد سيطرته على الموصل عام 2014.
ذهب متحمّساً
يكشف ملف سبعاوي أنه ذهب متحمسا للعمل مع «داعش»، خلافاً لأكاديميين وخبراء عراقيين، قالوا إنهم أجبروا على العمل مع التنظيم. وبدأ العمل من وادي عقاب، وهي منطقة صناعية قريبة من الموصل.
وعام 2014 جنّد التنظيم كل المختبرات والمخازن لتوفير أجهزة لصناعة كل أنواع الأسلحة. وذهب الجهاديون إلى كل مدرسة ومصنع وعيادة طبية وجردوها من أي جهاز نافع.
وفي تقرير أميركي، العام الماضي، عرض التنظيم استخدام السجناء العراقيين في عمليات اختبار الأسلحة التي يصنعها سبعاوي.
وعندما اكتشف المسؤولون في واشنطن خطط التنظيم لاستخدام الأسلحة الكيماوية، شعروا بالرعب وزاد خوفهم عندما اكتشفوا أن التنظيم يخطط لإنتاج كميات كبيرة للتصدير إلى الجماعات الإرهابية في الخارج، فالسبعاوي - الذي عُرف داخل التنظيم باسم أبي مالك - كانت لديه خطة أوسع، هي إنتاج أسلحة دمار شامل لاستخدامها في العراق والخارج.
وعلم المسؤولون الأميركيون - من خلال التنصّت الإلكتروني - بخطط سبعاوي لإنتاج أسلحة كيماوية، من خلال مادة البولتونيوم ورايسين.
وقال مسؤول أميركي: «كانوا يتطلعون تحديدا نحو أوروبا الغربية. نعرف أنهم كانوا مهتمين بالقواعد العسكرية الأميركية في القارة وفي أي مكان آخر. وكانوا سيبدؤون بالهدف الأسهل».
وتم وضع سبعاوي في خريف 2014 تحت رقابة مستمرة من قبل وحدات العمليات الخاصة، وبدعم من القوات الكردية.
وجرت مراقبة تحركاته اليومية من مختبره في جامعة الموصل إلى محل إقامته في حي الميثاق، البعيد ستة أميال عن الجامعة.
وفي يناير 2015 كان سبعاوي يقود سيارته برفقة ابنه، غير عارف بالرقابة، وانطلق صاروخ من مسيرة على الأرجح وقتل الراكبين.
وتبع ذلك غارات أخرى استهدفت شبكات تابعة للتنظيم وبحلول 2016 تم تدمير كل منشآت إنتاج الأسلحة الكيماوية المعروفة، مع أن عدداً من المتعاونين مع سبعاوي نجوا ولا يزالون على قيد الحياة.
أول ذكر
كان أول ذكر لسبعاوي - الذي عرف أيضاً بأمير الأسلحة الكيماوية - في بيان للبنتاغون عام 2015 حيث تحدث عن مقتل خبير مواد كيماوية اسمه أبو مالك. ولم يعرف أحد عن خبرة سبعاوي في تقديم أسلحة، يمكن للتنظيم توطيد مكتسباته في العراق وسوريا من خلالها.
واستخدام التنظيم كميات قليلة من المواد الكيماوية ضد القوات العراقية والكردية ليس جديداً، فقد استخدم السلاح الكيماوي حتى تم تحرير الموصل.
وحاولت عدة جماعات إرهابية مثل «القاعدة» البحث عن طرق لإنتاج المواد الكيماوية، إلا أن تجنيد «داعش» للسبعاوي كان حالة نادرة، في ضوء خبرته العملية في إنتاج الأسلحة الكيماوية.
ما قبل التنظيم
حسب ملفه الذي أعده الأكراد، انضم السبعاوي بعد الغزو الأميركي عام 2003 إلى تنظيم القاعدة، ثم اعتقل عام 2005 حيث بقي لدى الأميركيين في سجن عراقي مدة سبعة أعوام.
وكجنرال سابق احتفظ بعلاقات سياسية وأمنية جعلته قادراً على الخروج من السجن عام 2012، في الوقت المناسب الذي بدأ تنظيمه السابق باستعادة قوته وباسم جديد وهو «داعش».
عمل سبعاوي في مؤسسة المثنى التي كانت قاعدة إنتاج الأسلحة الكيماوية في عهد صدام حسين، وعمل في المؤسسة عام 1989 عندما كان عمره 28 عاماً.
وكمهندس كيماوي، تدرب في العراق والاتحاد السوفييتي السابق، وظل في المؤسسة حتى وقف عملياتها بعد حرب الخليج عام 1991.
وفي ذروة إنتاج المؤسسة كانت قادرة على إنتاج 500 طن من غاز الخردل وعوامل أخرى مثل غاز الأعصاب والسارين وتابون وفي إكس.
وعمل سبعاوي في مجال غاز الخردل خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمله بالمؤسسة. وبعد تفكيك برنامج الأسلحة الكيماوية وجد سبعاوي أن خدماته لم تعد مطلوبة، وظل في الجيش حيث رُفّع لمرتبة جنرال، ولم يتخلّص من مشاعر السخط لخسارة البرامج الكيماوية العراقية التي فككها مفتشو الأمم المتحدة.