العربية.نت

في حين أن الكثير منا على دراية بمرض السكري من النوعين 1 و2، فربما لا تكون قد صادفت مصطلح "السكري من النوع 3" من قبل.

بداية، يجب عدم الخلط بين "السكري من النوع 3" وبين السكري من النوع 3c، الذي يُعد مرضًا آخر مختلفا تمامًا. ولكن يرتبط "السكري من النوع 3" بمقاومة الأنسولين في الدماغ، وفقا لما نشره موقع Live Science.

إن تشخيص المريض بمقاومة الأنسولين يعني عمومًا أنه إما مصاب بمرض السكري أو مصاب بداء السكري من النوع 2. لكن يرجح العلماء أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى افتقار الخلايا العصبية في الدماغ للجلوكوز، وهو أمر ضروري لوظيفة مناسبة، بما يمكن أن يؤدي إلى أعراض مرض الزهايمر.

وفي حين أن داء السكري من النوع 3 حالة صحية غير معترف بها رسميًا، فقد تقدمت دكتورة سوزان دي لا مونتي ودكتور جاك واندز من جامعة براون في عام 2008 باقتراح بأن مرض الزهايمر يمكن تسميته "داء السكري من النوع 3" نظرًا لارتباطه القوي بمقاومة الأنسولين.

ويمكن أن تكون مقاومة الأنسولين سببًا رئيسيًا للخرف، حيث يساهم نقص التمثيل الغذائي للجلوكوز في الدماغ في ظهور أعراض مثل فقدان الذاكرة وانخفاض في مهارات الحكم والاستدلال.

إن داء السكري من النوع 3 ليس مصطلحًا معترفًا به طبيًا وليس شيئًا يستخدمه الأطباء لأغراض التشخيص. ولكن ربما تلعب مقاومة الأنسولين وانخفاض إشارات الأنسولين في الدماغ دورًا في تطور مرض الزهايمر. ناهيك عن أن خطر الإصابة بمرض الزهايمر أعلى بشكل ملحوظ لدى المصابين بداء السكري من النوع 2. على هذا النحو، تم استخدام مصطلح "مرض السكري من النوع 3" بالعامية من قبل البعض في هذا المجال لتوضيح هذه الصلات.

وربطت دراسة، نشرتها دورية لانسيت لطب الأعصاب، مرض السكري بتدهور صحة الدماغ وتشير إلى أن العلاجات التي تعيد وظيفة الأنسولين الدماغي يمكن أن تقدم فوائد علاجية لمن يعانون من مرض الزهايمر.

ويوضح دكتور ويليام فراي، متخصص في أبحاث مرض الزهايمر، أن المرض يسبب تدهورًا إدراكيًا لدى المرضى، موضحًا أن "مرض الزهايمر هو مرض تنكسي في الدماغ يمثل أكثر من 60% من حالات الخرف. ويميزه فقدان الذاكرة، وخاصة الذكريات قصيرة المدى أو الحديثة، والتدهور المعرفي والتغيرات في السلوك، والتي تزداد جميعها سوءًا بمرور الوقت".

ويضيف دكتور طارق محمود، وهو طبيب ومدير طبي في كونسيبتو دايغنوستيكس أن "السكري من النوع 3 يختلف عن داء السكري من النوع 1 و2، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل كبير بسبب مشاكل في هرمون يسمى الأنسولين. يفترض بعض العلماء أن عدم انتظام الأنسولين في الدماغ يسبب الخرف ويستخدمون داء السكري من النوع 3 كمصطلح لوصف مرض الزهايمر، الذي يعد حالة عصبية تقدمية وهي السبب الأكثر شيوعًا للخرف".

الأعراض والتشخيص

يوضح دكتور محمود أنه في حين أن "داء السكري من النوع 3" ليس تشخيصًا رسميًا ، يمكن للأطباء تشخيص مرض الزهايمر، الذي يؤثر على وظائف المخ المتعددة تدريجيًا على مدار سنوات عديدة، قائلًا: إنه "عادة ما تكون المشكلات البسيطة في الذاكرة هي العلامة الأولى. ويمكن أن تشمل الأعراض الأكثر تحديدًا الارتباك وصعوبة التخطيط والارتباك والضياع وتغيرات الشخصية".

وتشمل الأعراض المبكرة إلى المعتدلة لمرض الزهايمر ما يلي:

• قلة الحكم

• فقدان الذاكرة

• ارتباك

• الهياج / القلق

• مشاكل القراءة والكتابة والأرقام

• صعوبة التعرف على العائلة والأصدقاء

• أفكار مشوشة.

وتتطور الأعراض عادة إلى درجة لا يستطيع المرضى معها الابتلاع، ويفقدون السيطرة على الأمعاء ويموتون في النهاية، حيث يموت مريض الزهايمر بعد المعاناة من الالتهاب الرئوي التنفسي، لأن الطعام أو السوائل تنتقل إلى الرئتين بدلاً من الهواء بسبب مشاكل البلع.

ويقول دكتور فراي إن أفضل تشخيص لمرض الزهايمر يتم بمعرفة طبيب أعصاب على دراية باضطرابات الذاكرة التنكسية العصبية، مشيرًا إلى أن "إجراءات التشخيص تشمل أخذ التاريخ الكامل للمريض واختبارات الدم وتصوير الدماغ والاختبار العصبي النفسي، وما إلى ذلك للمساعدة في استبعاد الاضطرابات الأخرى التي يمكن أن تؤدي للمعاناة من أعراض مشابهة إلى حد ما".

تشير مراجعة علمية لمقاومة الأنسولين في دورية Frontiers in Neuroscience إلى أن الأنسولين يربط العديد من الحالات معًا، مثل السمنة والخرف ومرض السكري، ويوصي بالاستخدام المحتمل للأدوية المضادة لمرض السكري لعلاج الخرف. كما تستكشف المراجعة الصلة بين الخرف والحمل التفاضلي العالي، وهو ما يعني العبء الناجم عن الإجهاد وأحداث الحياة والتحديات البيئية الأخرى.

يشرح دكتور محمود أنه في حين أن العلم غير واضح بشأن السبب المحدد لمرض الزهايمر، إلا أنه ربما تلعب مجموعة من العوامل دورًا في ذلك، إذ إنه "من المُعتقد على نطاق واسع أنها تغييرات عصبية منطقية مرتبطة بالتقدم في العمر، جنبًا إلى جنب مع العوامل الجينية والبيئية ونمط الحياة".

ويوضح دكتور محمود أن "العمر هو أهم عامل خطر معروف للإصابة بمرض الزهايمر بسبب، من بين أمور أخرى، ضمور، أي فقدان أنسجة، في أجزاء من الدماغ، مما يعني أنه يمكن أن يحدث تقلص في المخ أو يصبح ضعيفًا أو يُفقد تمامًا".

لكن دكتور فراي يوضح أن الشيخوخة العامة ليست عامل الخطر الوحيد المرتبط بتطور مرض الزهايمر، موضحًا أن "الشيخوخة هي عامل الخطر الرئيسي لمرض الزهايمر، لكن لا يعد مرض الزهايمر جزءًا طبيعيًا من الشيخوخة. يمكن أن يؤدي التاريخ العائلي للإصابة بمرض الزهايمر والتغيرات الجينية أيضًا إلى زيادة المخاطر، ولكن يمكن للأفراد الذين لا يوجد لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض أن يصابوا بمرض الزهايمر. ويمكن أن يؤدي وجود تاريخ من إصابات الدماغ الرضية المعتدلة إلى زيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر بشكل كبير.

ويضاعف داء السكري من النوع 2 خطر الإصابة بمرض الزهايمر، استنادًا إلى حقيقة أنه في كل من مرض السكري ومرض الزهايمر، يوجد نقص في إشارات الأنسولين".

فقدان طاقة خلايا المخ

ويشرح دكتور فراي قائلًا إنه في مرض الزهايمر يحدث نقص في إشارات الأنسولين في الدماغ ويؤدي إلى فقدان طاقة خلايا الدماغ، وبالتالي تصبح بدون إشارات كافية من الأنسولين، فلا يتم نقل سكر الدم إلى خلايا الدماغ، موضحًا أن "فقدان طاقة خلايا الدماغ يعني أن الدماغ لم يعد قادرًا على القيام بوظائف الذاكرة والوظائف المعرفية بشكل طبيعي، كما أنه لا يستطيع إنتاج أجزاء خلايا الدماغ اللازمة لتحل محل تلك التي تتآكل بمرور الوقت مما يؤدي إلى تدهور الدماغ نفسه".

ويقول دكتور فراي إن أنماط الحياة غير الصحية، بما يشمل قلة ممارسة التمارين الرياضية وسوء التغذية وقلة النوم، من المحتمل أن تزيد أيضًا من خطر الإصابة بمرض الزهايمر.

علاج عن طريق الأنف

كانت أبحاث دكتور فراي رائدة في مجال مقاومة الأنسولين ومرض الزهايمر. في العام الجاري، حيث أصدر مراجعة علمية بالتعاون مع إنديرا راو وزملائه في دورية Pharmaceuticals، يؤكد فيها أن مناطق الدماغ حيث يكون امتصاص السكر في الدم واستقلابه ناقصًا لدى المصابين بمرض الزهايمر ويشرح أن العلاج بالأنسولين داخل الأنف يمكن أن يساعد في نقص استقلاب الجلوكوز الدماغي، وهي خاصية موجودة بشكل شائع في المصابين بمرض الزهايمر وباركنسون واضطرابات التنكس العصبي الأخرى.

ويقول دكتور فراي: إنه "نظرًا لأن إشارات الأنسولين غير الكافية تساهم في فقدان طاقة خلايا الدماغ لدى الأفراد المصابين بمرض الزهايمر، فقد اقترحت لأول مرة استخدام الأنسولين داخل الأنف كعلاج لمرض الزهايمر منذ حوالي 22 عامًا. يستهدف تعاطي الأنسولين داخل الأنف الوصول إلى الدماغ على طول الأعصاب المسؤولة عن الرائحة دون تغيير مستويات الأنسولين أو السكر في الدم".

ولكن بينما أظهرت التجارب السريرية أن الأنسولين غير الجراحي داخل الأنف يزيد من طاقة خلايا الدماغ ويحسن الذاكرة لدى البالغين الأصحاء العاديين، وكذلك أولئك الذين يعانون من ضعف إدراكي خفيف أو مرض الزهايمر، فإنه يحتاج إلى مزيد من التطوير والاختبار لإثبات سلامته وفعاليته بشكل كافٍ من قبل يمكن النظر فيه للحصول على موافقة الجهات التنظيمية وإتاحته.

تشير مراجعة علمية في دورية Alzheimer إلى أن التأمل يمكن أن يساعد في الوقاية من مرض الزهايمر، لأنه يقلل من الحمل التفاضلي، والذي ارتبط بتطور العديد من الاضطرابات المعرفية. ثبت أن 12 دقيقة فقط من تأمل Kirtan Kriya يوميًا تُحسن جودة النوم وتقلل من الاكتئاب والقلق وتنظم الجينات وجينات الجهاز المناعي، بالإضافة إلى تحسين مستويات الأنسولين والجينات المنظمة للغلوكوز.

يقول دكتور محمود إن "العيش بأسلوب حياة صحي يمكن أن يؤدي إلى تقليل المخاطر، ولكن من المستحيل التغلب على التغيرات العصبية والعوامل الوراثية المرتبطة بالعمر. تم ربط أمراض القلب والأوعية الدموية بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر، لذا فإن تناول نظام غذائي متوازن، والتأكد من ممارسة التمارين الرياضية لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا، والإقلاع عن التدخين كلها أمور تستحق العناء".

حمية البحر المتوسط

تحتوي خطة النظام الغذائي وخطة الوجبات النباتية لمدة 7 أيام على الكثير من الأفكار للمساعدة على تناول نظام غذائي أكثر توازناً.

يوافق دكتور فراي على أن الحياة الصحية العامة هي إجراء حكيم في العمل على تجنب مرض الزهايمر، موصيًا بأن "الحفاظ على نمط حياة صحي، بما يشمل النشاط البدني المنتظم وتجنب إصابة الرأس من خلال ارتداء حزام الأمان أثناء قيادة أو ارتياد المركبات وارتداء خوذة أثناء ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي والحفاظ على النشاط الاجتماعي، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر".