العين الاخباريةترتبط الأمطار بفصل الشتاء، ولكن مع تأثيرات "الاحتباس الحراري" بدأت تضرب وبقوة في فصل الصيف عدد من بلدان العالم.

ومؤخرا كانت السعودية والإمارات وعدد من دول الخليج والعالم على موعد معها، ففي المملكة العربية السعودية، أشارت وكالة الأنباء الرسمية "واس" إلى سقوط أمطار متفرقة من خفيفة إلى متوسطة الأربعاء على منطقة الباحة، وأوضحت أن الأمطار شملت أجزاء من محافظات عدة بينها بلجرشي، وبني حسن، والعقيق والمخواة والحجرة، والمراكز التابعة لها وعددًا من منتزهاتها.

وفي الإمارات تعرضت المناطق الشرقية بالدولة، إلى هطول أمطار تراوحت بين المتوسطة والغزيرة لفترات متفاوتة وأحيانا متقطعة، وكانت مصحوبة بالبرق والرعد، وسجلت أعلى كمية أمطار في ميناء الفجيرة بواقع 221.8 ملم وهي أعلى كمية أمطار سقطت على دولة الإمارات خلال شهر يوليو/تموز منذ 27 عاماً، والتي هطلت في خورفكان عام 1995 بواقع 175.6ملم.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة بوزارة الدفاع الإماراتية عن تنفيذها عملية "الأيدي الوفية" في دعمها للسلطات المدنية في إمارة الفجيرة التي تعرضت ليلة البارحة الأربعاء لمنخفض جوي، بحسب ما نشرته وزارة الدفاع الإماراتية عبر حسابها في موقع "تويتر".

فيما خلّفت الفيضانات التي شهدتها مناطق مختلفة باليمن إثر الأمطار الغزيرة المصحوبة بالرياح خسائر بشرية ومادية كبيرة، وتتبعت "العين الإخبارية" من مصادر محلية وإعلامية حصيلة غير نهائية لأعداد الضحايا في محافظات ذمار وشبوة وصنعاء وأبين والمحويت، حيث تجاوزت 34 وفاة وإصابة حتى مطلع الأسبوع الماضي.

وفي عُمان، قالت وكالة الأنباء العمانية، إن ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة شهدت، هطول أمطار تراوحت بين الغزيرة والمتوسطة، متأثرة بالحالة الجوية شملت نيابة الحوقين وحاجر بني عمر والقرية ووادي السحتن ووادي بني غافر ووادي بني هني، وأدى هطول الأمطار أدى إلى جريان عدد من الشعاب وأودية الحاجر وديسلي والحيملي والحوقين والقرية وبني غافر وبني هني.

وفي الكويت، أفادت أفادت وسائل إعلام محلية بأن قطاع الشؤون الهندسية في وزارة الصحة رفع حالة التأهب في بعض المناطق التي تكون محتملة التعرض لتساقط بعض الأمطار، وذلك يأتي في إطار الاستعدادات لمواجهة أي طارئ لاسيما في ظل الأمطار التي شهدتها بعض دول الجوار والتي تعتبر حدثا جوياً استثنائياً لهذا الوقت من العام.

وكانت الأرصاد الكويتية حذرت من أن هناك فرصاً لهطول أمطار رعدية متفرقة تبدأ يوم الجمعة وتزداد يوم السبت.

وفي السودان، أعلنت وزارة الري، أن منسوب نهر ستيت شرقي البلاد سجل ارتفاعاً غير مسبوق، داعية المواطنين أخذ الحيطة والحذر، وذكرت لجنة الفيضانات في وزارة الري أن "مناسيب نهر ستيت بمحطة حمداييت على الحدود الإثيوبية سجلت منسوباً غير مسبوق بلغ 13 متراً ما أدى لغمر المقاس تماماً"، ووجهت اللجنة في بيان نداء للمواطنين والمستخدمين لمياه نهر ستيت بأخذ التحوطات اللازمة.

وفي قطر، أعلنت هيئة الطيران المدني، الخميس ،عن استمرار هطول الأمطار التي شهدتها معظم مناطق الدولة حتى نهاية عطلة هذا الأسبوع، والتي كانت رعدية ومتفاوتة من منطقة إلى أخرى.

فيما لقي شخصان مصرعهما وأصيب 8 على الأقل جراء فيضانات وسيول ضربت مدينة "إمام زاده داود" الواقعة شمال غرب العاصمة الإيرانية طهران، وتسببت الفيضانات في انهيار أرضي وقطع للطرق وأضرار كبيرة في المباني السكنية والسيارات في الشوارع، وفقاً لما ذكره المدير العام لجمعية الهلال الأحمر في محافظة طهران شاهين فتحي.

ويحاول المنقذون جاهدين في جنوب غرب باكستان، الوصول إلى آلاف الأسر العالقة في قراهم بعدما ضربت أكثر الأمطار غزارة في التاريخ المسجل الدولة الواقعة بجنوب آسيا، ما زاد من المخاوف بشأن التغير المناخي.

وقال وزير داخلية إقليم بلوشستان زيا لانجو إنه جاري استخدام المروحيات العسكرية والقوارب في عمليات الإنقاذ للوصول إلى 50 ألف أسرة على الأقل تقطعت بهم السبل في مناطق نائية في إقليم بلوشستان بعدما تدمرت الطرق والجسور بسبب السيول.

وضربت الأمطار الموسمية لعدة أيام بلوشستان وكراتشي وهي أكبر مدينة جنوبية من حيث التعداد السكاني، حيث أغرقت الشوارع وسدت الطرقات وأجبرت الملايين على البحث عن أراض جافة.

ومطلع الشهر الحالي، غمرت المياه مساحات واسعة من مدينة سيدني الأسترالية، في الوقت الذي أدت في الأمطار الغزيرة التي هطلت على أكبر مدن أستراليا إلى فيضانات خطيرة في المناطق المنخفضة، مع تسجيل فيضانات بلغ ارتفاع منسوبها 1.5 متر في بعض الضواحي.

ومؤخرا تعرضت دول البلقان، وأجزاء من رومانيا وبلغاريا واليونان، لزخات رعدية من الأمطار على مناطق عِدة شمات السواحل والمناطق الداخلية، وجاءت الأمطار غزيرة مصحوبة بتساقط لزخات من البَرَد بأحجام كبيرة مما تسبب بتشكل السيول، إضافةً إلى ارتفاع منسوب المياه في الطرقات.

ظاهرة الاحتباس الحراري

وليس من تفسير يملكه الخبراء في تحليلهم لهذه الظاهره التي لم نعتدها سوى أنها من تداعيات التغير المناخي، وما ينتج عنه من ظاهرة الاحتباس الحراري.

وكانت دراسة لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبو ظبي والمركز الوطني للأرصاد الجوية (NCM) ، الموجود أيضا في عاصمة الإمارات العربية المتحدة ، قد أشارت إلى أن هذه الأحداث في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية "قد تكون أكثر تأثيرًا في عالم يزداد احترارًا".

وخلال الدراسة التي نشرت في أغسطس/آب من العام الماضي بدورية "أتموسفير ريسيرش"، نظر العلماء في أنظمة الحمل الحراري متوسطة الحجم (MCSs) ، وهو نمط الطقس الذي يتسبب بشكل شائع في الطقس القاسي في مارس أو أبريل، وقاموا بتحليل 95 من هؤلاء بين عامي 2000 و 2020 ، ووجدوا أنها ناجمة عن أنماط رياح معينة ورطوبة قادمة من بحر العرب أو الخليج العربي أو البحر الأحمر.

ونظروا في بيانات الرصد والسجلات من الأقمار الصناعية، على سبيل المثال، ووجدوا أن هذه الأحداث على دولة الإمارات استمرت لفترة أطول بمرور الوقت.

وقالت الدكتورة ديانا فرانسيس، مؤلفة الدراسة في تقرير نشره الموقع الرسمي لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: "نعتقد أن الاحترار العالمي وتغير المناخ مسؤولان على الأرجح عن زيادة مدة أنظمة الحمل الحراري متوسطة الحجم (MCSs) في منطقة الدراسة".

وقال الدكتور فرانسيس، الذي يرأس مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة، إن الغلاف الجوي الأكثر دفئًا يمكن أن يحمل المزيد من بخار الماء، مما يعني أن الأحداث المتطرفة تستمر لفترة أطول.

ويرتبط هذا بالتقرير الصادر مؤخرا عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي قال الدكتور فرانسيس إنه "حدد بوضوح أن هناك تكثيفا لدورة المياه العالمية بسبب زيادة الاحترار".

ويقول الدكتور فرانسيس، الذي حدد مؤخرًا أيضًا تعزيز نظام الطقس الدافئ فوق الإمارات العربية المتحدة: "نتوقع رؤية اتجاهات مماثلة في المستقبل مع زيادة إضافية محتملة في قوة أنظمة الحمل الحراري متوسطة الحجم (MCSs)، وما ينتج عن ذلك من كمية أكبر من الأمطار".

وفي حين أن الطقس المتطرف في العديد من البلدان يشكل فقط خطرا على الحياة والممتلكات، قال الدكتور فرانسيس إن الدول القاحلة مثل الإمارات، حيث تتلقى العديد من المناطق معدل أقل من 100 ملم من الأمطار كل عام، يجب أن تخطط أيضًا للاستفادة منها.

ويضيف: "يجب تضمين استراتيجيات تخزين مياه الأمطار وخطط تصريف المياه في المدن الكبرى في استراتيجيات التخطيط الحضري للبلاد لتجنب الأضرار الناجمة عن الفيضانات، والاستفادة من كمية الأمطار الهائلة".

ويتفق الدكتور مجدي علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، مع ما ذهبت إليه الدراسة، وشرح في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" كيف تتشكل ظاهرة الاحتباس الحراري، وكيف تؤدي إلى هطول الأمطار.

ويقول "علام" إن هناك خللا في التوازن بين كمية الإشعاع الشمسي الواصلة للأرض والمنعكسة منها، بسبب معدلات استهلاك الوقود الأحفورى المتزايدة والغازات التي تخلفها الأنشطة الصناعية، والتي خلقت غطاء يمتص الأشعة تحت الحمراء ويمنعها من الهروب نحو الفضاء الخارجي، مما يخل بمعادلة التوازن ويُسبب ذلك تسخينا تدريجيا للغلاف الجوي للأرض وسطحها، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة نسبة تبخر الماء من المحيطات والأنهار ، وهطول الأمطار العزيرة".

ويوضح علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء التابع للأمم المتحدة، أن زيادة درجة مئوية واحدة يؤدى إلى زياده بخار الماء فى الجو بمقدار 7% ما يتسبب في دخول كميات أكبر من المياه إلى الغلاف الجوى وهذه الظاهرة تؤدى الى هطول أمطار غزيرة وعنيفة.

وحدثت فيضانات غزيره في أوروبا يوليو الماضي، وأثرت هذه الفيضانات بدورها على العديد من أحواض الأنهار، وخاصة في المانيا ولوكسمبورغ وهولندا وبلجيكا وتركيا وبريطانيا والعديد من المدن الأوروبية الأخرى مثل لندن.