مع تقدمه بالحرب الأهلية الصينية ونجاحه في إقصاء قوات الكومينتانغ (Kuomintang) بقيادة تشيانغ كاي تشيك نحو تايوان، أعلن الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ مطلع أكتوبر 1949 عن قيام جمهورية الصين الشعبية على أراضي الصين القارية المعروفة أيضاً ببر الصين الرئيسي. ومع إعلان قيام جمهوريته، اتجه ماو تسي تونغ لبسط نفوذه وسيادته على البلاد. وأملاً في تحقيق مبتغاه، أمر الأخير ببدء حملة ضد من وصفهم بأعداء الثورة.

حسب العديد من المؤرخين الصينيين، واجه ماو تسي تونغ مصاعب عديدة في فرض سيطرته على البلاد خلال الأشهر الأولى التي تلت قيام جمهورية الصين الشعبية. فبناءً على تصريحات المسؤولين الشيوعيين، شهدت البلاد المئات من حركات التمرد التي قُمعت بالحديد والنار. وقد أدى ذلك لبداية حملة أمنية شرسة، ضد من وصفوا بالعملاء وببقايا تشيانغ كاي تشيك، أسفرت عن إعدام ما لا يقل عن 40 ألف شخص.

ومع الإعلان عن قيام أتباع القوميين بتدمير الآلاف من البنايات الحكومية وسرقة مئات الآلاف من رؤوس الماشية، أمرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني خلال اجتماعها في شهر مارس 1950 بالاستعداد للبدء بعملية واسعة النطاق ضد حركات الثورة المضادة بمختلف أرجاء جمهورية الصين الشعبية.

بادئ الأمر، تردد ماو تسي تونغ في الموافقة على مشروع الحملة ضد من وصفوا بأعداء الثورة. لكن مع بداية الحرب الكورية خلال شهر يونيو 1950 وتهافت المقاتلين الصينيين للمشاركة بها، أيد الزعيم الشيوعي الصيني فكرة التخلص من أعدائه السياسيين والأشخاص الذين شكك في ولائهم للكومينتانغ.

وتماماً كما حصل خلال فترة التطهير الكبير الستاليني بثلاثينيات القرن الماضي بالاتحاد السوفيتي، حدد ماو تسي تونغ أعداد الأشخاص الذين وجب التخلص منهم بكل منطقة. فعلى حسب تصريحات ماو تسي تونغ، تواجد بين سكان كل منطقة صينية 1% من أعداء الثورة. وبكل منطقة، طالب الزعيم الشيوعي الصيني بإعدام 0.1% من السكان المصنفين كخونة خطيرين على مستقبل البلاد. ولبلوغ هذه النسب التي حددها ماو تسي تونغ، لجأت السلطات الصينية في الغالب لاعتقال وإعدام الأشخاص حال تشكيكها في توجهاتهم السياسية.

هكذا ساهمت اليابان في ازدهار تايوان

يوم 21 فبراير 1951، أصدرت السلطات الصينية نظاماً لتحديد التهم ضد المعتقلين في انتظار اعدامهم. وقد تضمن هذا النظام الجديد تهماً تراوحت بين التعاون مع الإمبريالية والرشوة والفساد الإداري والتحريض على الثورة والتجسس والخيانة وتخريب ممتلكات الدولة.

وأسفرت هذه الحملة التي قادها ماو تسي تونغ ما بين عامي 1950 و1953 عن اعتقال 2.5 مليون صيني، أُعدم منهم 712 ألفاً بينما أُرسل البقية نحو مراكز الاعتقال والعمل القسري. وإضافةً لهؤلاء وضِع حوالي 1.5 مليون صيني آخر تحت رقابة أمنية مشددة.

وعقب الحملة الأولى التي قادها ضد من وصفهم بالبورجوازيين وأصحاب الأراضي الأثرياء، ساهمت هذه الحملة ما بين عامي 1950 و1953 في فتح الطريق للعديد من الحملات الأخرى ضد المعارضين السياسيين بالصين. وقد جاءت أسوأ هذه الحملات أثناء فترة الثورة الثقافية التي قُتل خلالها ملايين الصينيين.