يدور التصور الشائع حول دموع البالغين كونها تعد ”تنفيسًا عاطفيًا“ عن مكنونهم، سواء في حالة الحزن أو الفرح، وهو التصور الذي نظر لأفكاره عالم النفس الشهير سيغموند فرويد، في أواخر القرن التاسع عشر.

لكن دراسة أجرتها جامعتا ”تيلبورغ“ في هولندا، و“بيتسبرغ“ في الولايات المتحدة الأمريكية، تؤكد أن هذه الأفكار ليست سوى ”أساطير“.

وأكدت الدراسة التي أجراها أستاذا الطب آد فينغرهوتس من جامعة ”تيلبورغ“، ولورين بيلسما من جامعة ”بيتسبرغ“، أن بكاء البالغين ليس ”تنفيسًا“، بل ”استدرارًا“ للعاطفة في الغالب، ولذا لا يؤثر إيجابًا على الإنسان إلا في حال الاستجابة له برحمة من المحيطين به، حسبما أورد موقع مجلة ”ديسكفر“.

وأشار كل من فينغرهوتس، وبيلسما، وزملاؤهما، إلى أن مشاهدة فيلم حزين محفز للبكاء، يزيد من الإحساس بالألم بدلًا من تقليله، حسبما أثبتت الدراسة.

وقال فينغرهوتس، إن ”دموع الباكين ليست دليلًا على تفريغ عاطفي بالضرورة، وإلا لكان لتقشير البصل أثر إيجابي على الحالة المزاجية“، مؤكدًا أن ”الدعم العاطفي هو الذي يُشعر الإنسان بالتحسن، وليس البكاء في حد ذاته“.

وشكك فريق البحث أيضًا في الاعتقاد السائد، بأن ”البكاء يخلص الدم من السموم وهرمونات التوتر“، مشيرًا إلى أنه ”لا دليل قاطع على هذه الفكرة“.

لكن هل يعني ذلك أنه لا فائدة لبكاء البالغين في ذاته كما هو الحال لدى الرضع؟

وتجيب بيلسما على ذلك بالقول: ”البكاء له تأثير ذاتي مفيد أحيانًا، إذ إنه يجبر صاحبه على التركيز على المشكلة المطروحة“، مضيفة: ”عندما تبكي على شيء ما، لا يمكنك تجنبه“.

ومع ذلك، لا يمكن القول إن بكاء البالغين يؤتي ثماره الإيجابية بمعيار واحد لدى جميع البشر، إذ تعد الفروق البيولوجية بين الجنسين عاملًا مؤثرًا فيه.

وأوضح فينغرهوتس في هذا الصدد، بأن ”التستوستيرون (هرمون الذكورة) يمنع البكاء، وإذا انخفضت مستوياته يصبح الشخص أكثر عاطفية“، ومن هنا يمكن فهم تواتر نتائج الدراسات الخاصة ببكاء الإناث والذكور على مر السنين، حيث تبكي النساء البالغات في المتوسط من مرتين إلى 5 مرات شهريًا، بينما يبكي الذكور مرة واحدة شهريًا.

وفي السياق ذاته، تشير ”بيلسما“ إلى أن عوامل أخرى ذات تأثير مهم على بكاء البالغين، مثل: العمر، والثقافة، والمعايير المجتمعية الخاصة بالحكم على طريقة التعبير عن العاطفة.

لكن بيلسما تنصح البالغين، عمومًا، بتفريغ انفعالاتهم وعواطفهم عبر البكاء، حتى ولو منفردين، لأن كبت المشاعر يمكن أن تكون له آثار نفسية سلبية.