أ ف ب
بدأت شركة "أورينت إكسبريس" في فرنسا المسؤولة عن تراث القطار الفاخر الذي كان ينقل المسافرين إلى القسطنطينية (إسطنبول)، تجديد عربات القطار بعد العثور عليها أخيراً، تمهيداً لاستئناف رحلاته عبر القارة الأوروبية في 2025.

وعثر أخيراً على عربات القطار الذي كان يسمى "قطار الشرق السريع" الفخمة المصنوعة وفق نمط الفن الزخرفي، على الحدود بين بولندا وبيلاروس، وتتولى مجموعة فنادق "أكور" الفرنسية المالكة لشركة "أورينت إكسبريس" مسؤولية المشروع.

وقال رئيس الشركة جيوم دو سان لاجيه بحماس: "لقد عادت الأسطورة"، في إشارة إلى اللقب الذي كان يطلق على القطار.

وأضاف لاجيه أن الشركة تعمل في البداية على تجديد 17 عربة تاريخية من قطار الشرق السريع، في نسخة متخيلة تستند بالكامل إلى ما كان عليه القطار، بالاعتماد على أسلوبي الفن المعاصر والزخرفي على السواء.

طابع تراثي وخدمات حديثة

لاجيه أشار إلى أنه "قد حان الوقت لتجديد هذه العربات"، مستدركاً: "وأكثر من ذلك، نرغب في صنع ديكور يصعب تحديد زمنه، ليكون نقطة تلاق بين الفن الزخرفي والأسلوب المعاصر".

وكلفت الشركة المهندس المعماري ماكسيم دانجاك بتنفيذ المشروع الذي سيتعين عليه من خلاله التوفيق بين الطابع التراثي للقطار والخدمات الحديثة بما يشمل الإنترنت اللاسلكي "واي فاي".

ووعد دانجاك بأن يثير التصميم تساؤلات لدى ركاب القطار بشأن ما إذا كانت المركبة مصنوعة عام 1930 أم في الهصر الحديث، مشيراً إلى أنه "سيتم إخفاء كل التقنيات، ولن يكون لديك شاشة تلفزيون في غرفتك".

وأشار دانجاك إلى أنه سيتم الكشف عن أولى العربات التي تم إسناد مهمة تجديدها إلى حرفيين فرنسيين، على هامش دورة الألعاب الأولمبية التي تقام في باريس عام 2024.

أما على صعيد إطلاق القطار تجارياً، فيتوقع سان لاجيه حدوث ذلك "أوائل عام 2025"، قائلاً: "ما هو مؤكد أن الانطلاق سيكون في باريس، وستكون إسطنبول جزءاً من الرحلة!".

مغامرة لم تكتمل

قطار الشرق السريع كان يربط بين باريس وإسطنبول واختفى عام 1977، وحينها أراد منظم الرحلات السياحية السويسري ألبرت جلات استمرار المغامرة من خلال نسخة من القطار عُرفت باسم Nostalgie-Istanbul-Orient-Express، لكن المغامرة انتهت إثر محاولة إطالة مسار الرحلة لتصل إلى طوكيو عن طريق السكك الحديدية العابرة لسيبيريا.

وسقط القطار في النسيان، إلى أن حدد موقعه المؤرخ آرثر ميتيتال عام 2015 في بولندا على الحدود مع بيلاروس وكانت عرباته في حالة جيدة بشكل لافت.

وقال ميتيتال لوكالة "فرانس برس" في عام 2019: "لا توجد أي علامات تعريف، والأضرار عليه طفيفة للغاية، حدثت سرقات لمواد نحاسية، لكن ألواح زجاج اللاليك التي يمكن إزالتها بسهولة، كانت سليمة".

وكانت الهيئة الوطنية للسكك الحديد في فرنسا، تملك آنذاك قطارات "أورينت إكسبرس" التي اشترت علامتها التجارية من الشركة الدولية لعربات النوم عام 1977، وبعد مفاوضات طويلة، انتهى الأمر بشرائها قطار منظم الرحلات السويسري "جلات".

في غضون ذلك، باعت الشركة 50% من "أورينت إكسبرس" لشركة "أكور" في عام 2017، ثم باعت ما تبقى من أسهم الشركة أخيراً إلى مجموعة الفنادق الشهيرة.

جناح رئاسي وحوض سباحة وحديقة

وجرى استكمال "قطار جلات" مع عربات أصلية أخرى من فترة ما بين الحربين العالميتين، ما يسمح للشركة بتجميع 12 "عربة أجنحة"، بما يشمل جناحاً رئاسياً مع حوض استحمام، وعربة للأطعمة وأخرى للمشروبات، وعربة وُصفت بأنها "حديقة شتوية"، إضافة إلى عربتين للخدمة.

تركيا التي كان يصل إليها القطار من باريس، أنشأت ما يمكن تسميته نسخة محلية من القطار الذي أطلقت عليه أيضاً "قطار الشرق السياحي السريع"، ويعتبر أقدم خطوط للسكك الحديدية وأطولها في البلاد، واستأنف القطار رحلاته في 15 ديسمبر 2021 بعد تعليقها بسبب تدابير جائحة كورونا.

وتعد رحلات القطار، الأطول في هيئة السكك الحديدية التركية، إذ يبلغ طول الرحلة 1310 كيلومترات، وتبدأ من العاصمة أنقرة وصولاً إلى ولاية قارص المحاذية للحدود مع أرمينيا، مروراً بـ 53 محطة توقف، وتستغرق الرحلة بين 25 و31 ساعة، وفق حساب "إيسترن إكسبريس" المشغلة للقطار على تويتر.

ويتكون القطار من 9 عربات بينها 6 مخصصة للنوم، ويتضمن مطعماً، ويتّسع لـ120 راكباً، وتبلغ قيمة التذكرة الفردية نحو 80 دولاراً والزوجية 100 دولار، ويُمنح أصحاب تذاكر الذهاب والإياب والمعلّمون، والعساكر، والصحفيون، والمجموعات التي تضم 12 شخصاً فأكثر، والمسافرون تحت سن 26 عاماً وفوق 60 عاماً، تخفيضاً بقيمة 20%، بحسب "إيسترن إكسبريس".